الجرائم الاسرائيلية: كل شيء كان مباحاً في غزة

الحاخامين دفعوا باتجاه حرب دينية

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: تكشفت بشكل متزايد صورة مشينة لسلوك الجيش الاسرائيلي خلال حرب غزة الاخيرة، حيث اوضحت شهادات جديدة لجنود اسرائيليين ان القوات الاسرائيلية قامت بتخريب مسرف لمنازل فلسطينية، وقتل واذلال المدنيين علاوة على قواعد اشتباك فضفاضة اسفرت عن اعمال قتل جائرة طالت حتى النساء والاطفال.

ومازاد الامر حدة هو اعتراف قائد عسكري اسرائيلي بأن حاخامين في الجيش الاسرائيلي أبلغوا القوات المقاتلة في الهجوم على غزة انهم يخوضون (حربا دينية) ضد غير اليهود.

ونقلت صحيفة "هآرتس" تحت عنوان "إطلاق النار والبكاء" روايات لجنود قالوا إن الأوامر التي تلقوها "خالفت المنطق" وقواعد الاشتباك، وأوحت إليهم بأن "كل شيء كان ممكناً في قطاع غزة" المزدحم بالسكان، في حين تعهدت تل أبيب بالتحقيق في صحة هذه المزاعم، في حين حذر مسؤول من "سقوط أخلاقي حقيقي" للقوات الإسرائيلية.

وكانت الصحيفة قد بدأت بنشر الشهادات مؤخرا، ونقلت فيها عن قائد إحدى المجموعات العسكرية قوله: "لقد كان من المفترض بنا اقتحام أحد المنازل باستخدام مدرعتنا، ومن ثم إطلاق النار في الداخل."

وأضاف: "أنا اعتبر ذلك جريمة قتل.. لقد طُلب منا التنقل بين الطوابق وإطلاق النار على كل من نجده.. وقد سألت نفسي: أين المنطق في كل هذا؟"

وتابع: "لقد رأى قادتنا وجوب السماح بذلك باعتبار أن كل من ظل في مدينة غزة هو إرهابي ومدان، لأنه لم يستجب لطلب المغادرة، وهذا ما لم أفهمه، فمن جهة ليس بوسعهم (سكان غزة) الذهاب إلى أي مكان، ومن جهة فإنهم (القادة) يقولون لنا إن كل من لم يغادر يتحمل مسؤولية خطأه، وهذا أخافني قليلاً."

وذكرت هآرتس أن شهاداتها تستند إلى ما قاله عدد من الجنود الذين شاركوا في دورة تدريبية جرت في كريات ديفون بمعهد إسحاق رابين، بعد انتهاء معارك غزة، وقد قال داني زيمير، رئيس برنامج تدريب ما بعد الخدمة العسكرية، إنه لم يكن على علم بما سيدلي به الجنود، دون أن ينكر بأن ما سمعه "أصابه بالصدمة."

ونقلت الصحيفة أن زيمير رفع شهادات الجنود إلى قيادة أركان الجيش الإسرائيلي، محذراً من سقوط أخلاقي حقيقي في الجيش الإسرائيلي."

وقد رفض زيمير التعليق لـCNN بدعوى أنه يرفض التحدث للصحافة الأجنبية، غير أنه قال لإحدى شبكات التلفزة الإسرائيلية إن أخطر ما في القضية كان: "توفير أجواء لعناصر بعض الوحدات توحي بإمكانية القيام بكل ما يرغبون به حين يتعلق الأمر بمنازل الفلسطينيين وممتلكاتهم، وفي الحالات القصوى.. أرواحهم."

وبرز في الشهادات أيضاً قول أحد قادة الوحدات إن أحد الضباط طلب من جنوده الصعود على سطح منزل في غزة وإطلاق النار على امرأة طاعنة في السن كانت تمشي في الشارع على مسافة بعيدة، في حين قال جندي آخر إن هذه الخطوة يمكن تفهمها باعتبار أنه من الصعب تحديد عناصر حماس بين المدنيين، كما أن الحركة تستخدم بعض المدنيين للمراقبة.

بالمقابل، قال قائد آخر إنه احتج على أوامر القيادة بقصف منازل تعود لمدنيين دون إنذارهم، وبعدما تبدلت الأوامر واجه احتجاجات بين جنوده الذين قال بعضهم إن كل من في غزة "إرهابي."

وقال جندي آخر: "لن يقول القادة شيئاً لكن يمكن الخروج بانطباع مفاده أن الأمر غير منطقي، كأن تقوم بكتابة 'الموت للعرب' على الجدران أو تبصق على صورة تعود لعائلة لمجرد أن بوسعك القيام بذلك، أعتقد أن هذه هي الأمور الأساسية لتفهم كيف انحدرت أخلاقيات الجيش الإسرائيلي، وهذا ما سأذكره بشكل كبير."

وبحسب الصحيفة، فقد نفى الجنود الذين تحدثوا أي مشاركة مباشرة لهم في ممارسات ضد المدنيين، الأمر الذي رد عليه الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية، مارك ريجيف، بالقول إن المتحدثين نقلوا روايات سمعوها ويجب التحقيق فيها."وأضاف ريجيف: "نحن نأخذ هذه المزاعم على محمل الجد، وإذا ما ثبتت صحتها فستكون هناك عواقب مناسبة."

الحاخامين دفعوا باتجاه حرب دينية

ونقلت صحيفة هاارتس عن قائد عسكري قوله ان حاخامين في الجيش الاسرائيلي أبلغوا القوات المقاتلة في الهجوم على غزة في يناير كانون الثاني انهم يخوضون "حربا دينية" ضد غير اليهود.

وأضاف "رسالتهم كانت واضحة للغاية.. نحن الشعب اليهودي جئنا الى هذه الأرض بمعجزة وأعادنا الله الى هذه الأرض ونحتاج الآن لأن نقاتل حتى نطرد الأغيار الذين يتدخلون في فتحنا لهذه الأرض المقدسة."

ونشرت التقرير الذي جاء على لسان رام وهو اسم مُستعار لإخفاء هوية الجندي صحيفة هاأرتس ذات الإتجاه اليساري في اليوم الثاني من تقارير هزت الجيش الاسرائيلي.

وتسربت التصريحات من اجتماع عقد في 13 فبراير شباط لأفراد القوات المسلحة للحديث عن خبراتهم خلال الصراع في غزة. وتحدث بعض المحاربين القدامى وهم خريجو أكاديمية عسكرية تابعة لقوات الدفاع الاسرائيلية عن مقتل مدنيين وانطباعهم بأن ازدراء شديدا للفلسطينيين يسود صفوف القوات الاسرائيلية. وأكد رئيس الأكاديمية داني زامير ان التقارير التي نشرت صحيحة.

وفي مقتطفات مطولة في عدد نهاية الأسبوع نقلت الصحيفة عن رام قوله ان انطباعه عن العملية التي استمرت 22 يوما كان "الشعور بأنها مهمة تكاد تكون دينية".

وأضاف ان ذلك بدأ عندما جمع سارجنت متدين في وحدته "فصيلة كاملة من الجند ورأس الصلاة من أجل أولئك الذين سيخوضون المعركة." وتابع "وكذلك عندما كنا في الداخل أرسلوا الينا تلك الكتيبات المليئة بالمزامير.. انني أتذكر المنزل الذي كنت أقيم فيه لمدة أسبوع كان بامكاننا ان نملا غرفة بالمزامير التي أرسلوها."

وشعر الضابط انه كان هناك "فجوة ضخمة بين ما أرسلته ادارة التعليم بالجيش وبين ما ارسلته حاخامية قوات الدفاع الاسرائيلية.وأضاف ان إدارة التعليم وزعت منشورات حول تاريخ قتال اسرائيل في غزة من عام 1948 حتى الوقت الحالي.غير ان رسالة الحاخامية نقلت للكثير من الجنود الشعور بأن "تلك العملية هي حرب دينية".

وتحدث قائد فرقة من لواء جيفات الذي ينتمي اليه رام يدعى افيف عن بواعث قلقه بشأن أوامر تحطيم الابواب بعربات مدرعة واطلاق النار على أي شخص في الداخل.

وجرى تعديل القرار في وقت لاحق ليشمل "استخدام مكبرات صوت" حتى يتسنى للقوات المتقدمة ان تبلغ السكان ان لديهم خمس دقائق لكي يخرجوا أو يقتلوا.

وتابع افيف انه "كان هناك لحظة مزعجة للغاية" عندما أطلع رجاله على الأمر وتحداه أحدهم قائلا "نعم.. كل شخص في الداخل هو ارهابي انها حقيقة معروفة.."

ونقل عن افيف قوله "ثم انضم رفاقه (قائلين) نحتاج لان نقتل أي شخص يكون هناك نعم أي شخص في غزة هو إرهابي وكل الأمور الأخرى التي يملأون بها رؤوسنا في وسائل الاعلام."

خبراء يسعون لإجراء تحقيق في جرائم حرب اسرائيل بغزة

ودعت مجموعة من القضاة والمحققين البارزين الى اجراء تحقيق "فوري ومستقل وغير متحيز" في اتهامات بارتكاب جرائم حرب خلال حرب اسرائيل في غزة.

وفي رسالة الى الامين العام للامم المتحدة قال 16 شخصا وقعوا عليها من بينهم ريتشارد جولدستون كبير المدعين سابقا ليوغوسلافيا ورواندا والاسقف ديزموند توتو الحاصل على جائزة نوبل ان كلا من طرفي الصراع لديه مزاعم يتعين الرد عليها ولابد من المحاسبة.

وتقول الرسالة ان "مزاعم بارتكاب انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب ظهرت طوال احدث صراع في غزة تتعلق بسلوك وتصرفات كل من الجيش الاسرائيلي والجماعات الفلسطينية المسلحة. بحسب رويترز.

"بدون توضيح الحقائق بأسلوب موثوق به وموضوعي سيكون من الصعب على تلك المجتمعات التي تحملت الثمن الباهظ للعنف تجاوز الاثار الرهيبة للصراع."وسيقدم اجراء تحقيق فوري ومستقل وغير متحيز سجلا علنيا للانتهاكات الجسيمة للقانون الانساني الدولي التي ارتكبت ويوفر توصيات بشأن الطريقة التي يتعين بها محاسبة هؤلاء المسؤولين عن الجرائم."

وقالت جماعة فلسطينية لحقوق الانسان الاسبوع الماضي ان تحقيقا اجرته اظهر ان 1434 غزويا قتلوا خلال الصراع من بينهم 960 مدنيا و239 شرطيا و235 مقاتلا. ومن بين المدنيين القتلى 288 طفلا و121 امرأة.

وفي رد على تلك النتائج قال متحدث عسكري اسرائيلي ان الجيش "بذل كل الجهود لتقليل الضرر الذي يلحق بالسكان المدنيين الى الحد الادنى."

فريق دولي لتوثيق جرائم الحرب الإسرائيلية بغزة

وفي نفس السياق اختتم فريق مكلف بإعداد ملف قضائي ضد مسؤولين عسكريين وسياسيين في الحكومة الإسرائيلية، لاتهامهم بارتكاب "جرائم حرب" في قطاع غزة، اجتماعه بالعاصمة المغربية الرباط، في خطوة تمهد لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحكمة الدولية لمجرمي الحرب.

ويضم الفريق المكلف بإعداد ملف الدعوى ضد "مجرمي الحرب" الإسرائيليين، محامين وخبراء في القانون الجنائي الدولي وأطباء وناشطين حقوقيين، من المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والنرويج، بالإضافة إلى ناشطين فلسطينيين. بحسب سي ان ان.

وأكد عبد العزيز التويجري، مدير المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، التي استضافت اجتماعات الفريق، أن الاجتماع يمثل "خطوة أولى" لتفعيل التوصيات الصادرة عن المؤتمر الدولي حول "إسرائيل وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية"، الذي عقد بالرباط الشهر الماضي.

وجاء في بيان صدر عن المنظمة الإسلامية أن أعضاء الفريق عقدوا قبل ختام اجتماعهم، جلسة عمل رابعة، تركزت على "جمع عناصر ومكونات الملفات والوثائق المعدة، لرفع الدعوى القانونية بشأن الجرائم الجنائية الإسرائيلية المرتكبة في غزة."

كما استمع الفريق إلى ما وصفه البيان بـ"تقارير عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في غزة، قدمها ثلاثة أطباء كانوا شهود عيان على الحرب الإسرائيلية العدوانية على القطاع"، هم الدكتور عبد القادر طرفاي، والدكتور إيريك فوس، والدكتور محمد أبو عرب.

كما أكد مدير المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة عزمه "مواصلة العمل من أجل تقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى العدالة الدولية"، وفقاً لما نقل الموقع الالكتروني الرسمي للمنظمة، التي تتخذ من العاصمة المغربية مقراً لها.

وأضاف التويجري أن "الملاحقة القانونية لمقترفي هذه الجرائم ومحاسبتهم عليها، ستثبت للعالم مدى صدقية الشرعية الدولية وعدالتها، وستمنع هؤلاء المجرمين وأمثالهم من مواصلة ارتكاب المزيد من الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، الذي طالت معاناته واشتدت آلامه."

واعتبر أن تشكيل هذا الفريق يمثل "أداء للمسؤولية الجماعية على هذه الجرائم"، مشدداً على أن اللجنة "ملزمة بتقديم ملف الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، ضد المجرمين من المسؤولين الإسرائيليين العسكريين والمدنيين على السواء."

كما أوضح أن الاجتماع يعتبر "قيام بالواجب الأخلاقي والإنساني والحقوقي، تجاه الشعب الفلسطيني، الذي ارتكبت بحقه جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي يعاقب عليها القانون الدولي"، معتبراً أن المهمة المحددة للفريق "إنسانية حقوقية ثقافية فكرية" في المقام الأول، وليست سياسية بالمعنى المتداول للمهام السياسية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 25/آذار/2009 - 27/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م