لماذا هيل بدلا من كروكر؟!

الدبلوماسية الامريكية في العراق

جمال الخرسان

بعيد دخول الامريكان الى بغداد بدأت الدبلوماسية الامريكية تعمل بشكل دؤوب في العراق ابتداءا من الجنرال غارنر الذي عيّن حاكما عسكريا في العراق (21 نيسان 2003 ـ ايار 2003)  مرورا بالحاكم المدني بول بريمر الذي ادار الشؤون العراقية وفقا لقرارات الامم المتحدة في الفترة (ايار 2003 ـ حزيران 2005) ثم تلاه السفير الامريكي الافغاني الاصل المثير للجدل خليل زاد والذي جاء الى العراق في فترة عصيبة جدا (حزيران 2005 ـ اذار 2007)  بعدها جاء الدور الى المحنك كروكر والذي عاصر مرحلتي تدهور الامن واستقراره (اذار 2007 ـ اذار 2009) وصولا الى اخر العنقود وهو السفير الامريكي الجديد في العراق كريستوفر هيل الذي كان مساعدا لوزيرة الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ.

السفارة الامريكية في بغداد والتي تعد البعثة الدبلوماسية الاكبر في العالم كلّف بناؤها اكثر من مليار دولار واخذ بعين الاعتبار في بنائها الطراز العباسي القديم تلك السفارة تشهد بين الحين والاخر تحركات دبلوماسية مثيرة للاستفهام واخرها استبدال السفير الامريكي رايان كروكر الناجح جدا في اداء مهمته بسفير اخر لايقل شأنا عن الاول لكنه بكل تاكيد لايملك الخبرة الكافية لادارة ملفات الشرق الاوسط كما هو الحال مع كروكر الذي الذي يجيد اللغة العربية والفارسية كما انه خدم سفيرا لبلاده في كل من سورية ولبنان والكويت اضف الى ذلك انه كان عاملا في نهاية السبعينات مديرا للقسم الاقتصادي في دائرة المصالح الأميركية في العراق انذاك، هذا ناهيك عن مباشرته العمل في القنصلية الأميركية في مدينة خرمشر جنوب ايران عام 1972 ابّان حكم الشاه.

 فيما تبوأ كريستوفر هيل منصب السفير الامريكي في كل من كوريا الجنوبية وبولندا ومقدونيا وموفدا في كوسوفو، كما ان لديه خبرة في ادارة ازمات مثل البوسنة وكوسوفو وعمل خلال ادارة بوش في منصب كبير المفاوضين مع كوريا الشمالية حيث كان يدير المفاوضات مع الجانب الكوري بحضور اطراف دولية اخرى.

ومن خلال سيرته الذاتيه يتبيّن ان هيل  اقل خبرة في شؤون الشرق الاوسط والمنطقة التي تحيط بالعراق من نظيره كروكر لان هيل كان يعمل في شرق اسيا واوربا ومع ذلك قد فُضل الرجل على سابقه هذا التفضيل هل جاء نتيجة ترتيبات روتينية لمرحلة اوباما الذي يريدها ان تكون اكثر هدوءا كما يعتقد البعض؟!  ام ان هناك اسباب اخرى لاتخص العراق بقدرما تخص جيرانه واقصد هنا ايران وطبيعة التعامل مع الملف النووي الايراني باجراء جولات ماراثونية من الحوار المباشر بين البلدين عبر العراق وهنا ربما يلعب هيل الدور الاكبر في تجربة من هذا النوع مستفيدا من خبرته مع كوريا الشمالية ؟

هذه الاثارات لاتحتاج الى وقت طويل فملفات الشرق الاوسط ضاغطة جدا وايام معدودة ربما تجيب على هذا التساؤل، رغم ان الفرضية الثانية هي الارجح خصوصا بعدما فتحت قنوات الاتصال مع سوريا من قبل الجانب الامريكي وكذلك الاسرائيلي فلماذا لاتفتح مرة اخرى مع ايران التي يبدو ان ملفها النووي الايراني هو التحدي الاكبر للدبلوماسية الدولية بشكل عام وليست الامريكية فقط.

* كاتب عراقي

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 21/آذار/2009 - 23/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م