مستقبل حزب الله بين ترحيب بريطاني واشتراط أمريكي

سباق مكاسب بين المعارضة والفصائل المناهِضة لسوريا

شبكة النبأ: يُتوقع ان تكون الانتخابات البرلمانية اللبنانية سباقا متقارباً بين الفصائل المناهضة لسوريا وتحالف المعارضة وفي مقدمته حزب الله، ويُنظر الى هذه الانتخابات على انها المحطة السياسية الرئيسية التالية في البلاد التي عانت من انقسامات عميقة منذ اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري عام 2005.

بينما يفتح اقتراح بريطانيا الاخير في اجراء حوار مع حزب الله افقاً جديدا امام الحزب في محاولاته طرح رؤاه الخاصة بالنظام السياسي الداخلي وكذلك فيما يتعلق بدوره في تحديد مستوى الامن الاقليمي من خلال نوع التعامل مع اسرائيل... 

وفي اول تعليق لمسؤول بارز في حزب الله رحب الشيخ قاسم، بإعلان بريطانيا استعدادها لاجراء محادثات مع حزب الله قائلا "نحن نرحب بهذه المراجعة البريطانية وربما تكون هناك لقاءات في الايام القادمة. ليس هناك اي اجراء تنفيذي حتى هذه اللحظة لكن الاعلان البريطاني مؤشر على امكانية حصول مثل هذا اللقاء عندما يطلب احد الطرفين بشكل عادي وطبيعي."

وكان الوزير بوزارة الخارجية البريطانية بيل راميل قال الاسبوع الماضي ان الحكومة البريطانية غيرت موقفها لان حزب الله انضم الى حكومة وحدة وطنية في يوليو تموز الماضي بموجب اتفاق وضع نهاية لصراع سياسي اصاب البلاد بالشلل.

وقال الشيخ قاسم في مقابلة مع رويترز ان "حزب الله لم يغير موقفه الايجابي من الانفتاح على الدول الاوروبية المختلفة وله اتصالات واسعة وهناك عدد من وزراء الخارجية الاوروبيين عندما اتوا الى لبنان التقوا مع مسؤولين في حزب الله وكانت بريطانيا قد اتخذت موقفا من جهتها بعدم اللقاء مع حزب الله."واضاف "الان هناك مراجعة بريطانية لهذا الموقف بعد ان ادركوا تماما دور حزب الله في الساحة اللبنانية وحضوره الشعبي الوازن والمؤثر والفعال."

ومضى يقول "الى الان لا يوجد اتصال مباشر ولا يوجد طلب للقاء لكن نتوقع ان يحصل هذا الامر قريبا لانه بالاصل لم يكن هناك مانع من جهتنا اذا حصل اللقاء بشكل معلن وواضح وهذا الموقف البريطاني الان يسهل مثل هذا اللقاء."

وأرجع نائب الامين العام لحزب الله الموقف البريطاني الى وجود "متغيرات في المنطقة وفي العالم خاصة بعد سقوط (الرئيس الامريكي السابق جورج) بوش وسقوط اسلوبه ومنهجه السياسي المعتمد على القوة وفرض السلطة ومحاولة ارغام الاخرين لقبول السياسات الامريكية... نحن الان امام مرحلة جديدة على المستوى الدولي."

وأكد الشيخ قاسم ان حكومة الوحدة الوطنية المزمع تشكيلها بعد الانتخابات البرلمانية لن تتم مقاطعتها من قبل الغرب على غرار ما حصل مع حركة حماس عقب فوزها في الانتخابات الفلسطينية عام 2006.

وقال "ليس عندنا ادنى خشية بمقاطعة حكومة تربح فيها المعارضة لاننا من الان نلتقي مع مندوبين من دول اوروبية ومؤسسات دولية ويخبروننا بشكل واضح مواقف حكوماتهم ومنظماتهم بانهم سيتعاملون مع من ينجح حتى ولو نجحت المعارضة لان لبنان في حاجة للجميع."

ويتوقع ان تكون الانتخابات البرلمانية سباقا متقاربا بين الفصائل المناهضة لسوريا وتحالف المعارضة وفي مقدمته حزب الله. وينظر الى هذه الانتخابات على انها المحطة السياسية الرئيسية التالية في البلاد التي عانت من انقسامات عميقة منذ اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري عام 2005.

وقال الشيخ قاسم "انا اتوقع ان تكون هناك حكومة وحدة وطنية كائنا من كان الرابح او الخاسر في الاغلبية... ونتوقع ان تفوز المعارضة باغلبية تصل الى زيادة ثلاثة او اربعة عن المعدل الوسطي يعني حوالي 76 او 68 نائبا" من اصل 128 نائبا في البرلمان.

ولحزب الله 14 نائبا في البرلمان حاليا ويشارك في الحكومات المتعاقبة منذ العام 2005 وله وزير واحد في الحكومة الحالية ولكنه يتمتع مع حلفائه بصوت مؤثر يخوله المشاركة في اتخاذ القرارات المهمة.

بوادر استياء اميركي من قرار بريطانيا اجراء اتصالات مع حزب الله

وعبّر مسؤول اميركي كبير عن استياء من قرار بريطانيا بدء اتصالات على مستوى غير رفيع مع حزب الله الشيعي اللبناني مشيرا الى ان لندن اكتفت بابلاغ الادارة الجديدة بشكل غير مباشر.

وتتناقض هذه التصريحات مع ما اعلنته وزارة الخارجية الاميركية الاسبوع الماضي حين قالت انه تم ابلاغ مسؤولين اميركيين بهذا التحرك مسبقا بدون التعبير عن اي استياء اميركي رغم ان واشنطن غير مستعدة للقيام بالمثل.

وعبر المسؤول الاميركي الكبير الذي رفض الكشف عن اسمه وتحدث لمجموعة صحافيين في واشنطن عن استياء واضح ازاء القرار البريطاني.

وقال انه يرغب في ان يشرح البريطانيون له "الفرق بين الاجنحة السياسية والعسكرية والاجتماعية لحزب الله، لاننا لا نرى فرقا في القيادة الموحدة التي يرونها هم". بحسب فرانس برس.

وفي لندن، اعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند في 6 اذار/مارس ان بريطانيا سمحت باجراء اتصال غير رفيع المستوى مع الجناح السياسي لحزب الله للتاكيد على ضرورة نزع سلاح الميليشيات بموجب القرار 1701 الصادر عن مجلس الامن الدولي.

وصدر القرار 1701 لوقف المعارك بين اسرائيل وحزب الله في لبنان عام 2006 وينص كذلك على نزع سلاح الميليشيات في لبنان. وقد رحب حزب الله فورا بالقرار البريطاني.

وحين سئل المسؤول الاميركي حول ما اذا اجرت بريطانيا مشاورات مع واشنطن مسبقا قبل اعلان قرارها رد "يمكنني القول انه تم الابلاغ لكن عبر الادارة السابقة".وكان يشير الى ادارة الرئيس السابق جورج بوش. وقد خلفه باراك اوباما في الرئاسة في 20 كانون الثاني/يناير.

وعبر المسؤول الاميركي عن امتعاضه من انتشار صور القيادي في حزب الله عماد مغنيه في كل انحاء الضاحية الجنوبية لبيروت حيث معقل حزب الله. واغتيل مغنيه في 12 شباط/فبراير 2008 في دمشق في تفجير سيارة مفخخة. واتهم حزب الله اسرائيل باغتياله.

وقال المسؤول الاميركي "على مدى سنوات، نفى حزب الله اي معرفة له بعماد مغنية ولسنوات زعم حزب الله بان عماد مغنية وكل تلك الحقبة لا تمثل حقيقة الحزب". واضاف "لكن الان تنتشر الصور التي تمجده في كل انحاء الضاحية الجنوبية لبيروت".

وكان مغنية من ابرز المطلوبين لدى اميركا لاتهامه بدور في هجمات مناهضة لاميركا ولاسرائيل في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.

والاسبوع الماضي قال الناطق باسم الخارجية الاميركية غوردن دوغيد "نحن غير مستعدين للقيام بالخطوة ذاتها" التي قام بها البريطانيون ممتنعا عن الترحيب بها او انتقادها.

لكن ادارة اوباما التي اعلنت رغبتها في اجراء حوار مع دول معادية للولايات المتحدة تبدو مهتمة بنتائج الاتصالات البريطانية مع حزب الله حيث قال الناطق باسم الخارجية الاميركية "سنتابع الوضع لنرى كيف تسير الامور".

البيت الابيض يشترط على حماس وحزب الله الاعتراف باسرائيل قبل بدء حوار معهما

واعلن البيت الابيض انه على حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وحزب الله اللبناني ان يعترفا باسرائيل ويتخليا عن العنف قبل ان توافق الحكومة الاميركية على محاورتهما ولو على مستوى منخفض.

وقال روبرت غيبس المتحدث باسم الرئيس الاميركي باراك اوباما ان "الرئيس قال في عدة مناسبات انه من اجل حدوث ذلك هناك بعض المسؤوليات التي تترتب على كل من هاتين المنظمتين".واضاف ان هذه المطالب تشمل الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود وادانة "النشاطات الارهابية".

وتابع غيبس ان "هاتين المنظمتين يجب ان تقوما بخطوات معينة وتتحملا مسؤوليات معينة قبل ان تتخذ هذه الادارة قرارها".

وتأتي تصريحات الناطق الاميركي بعدما اكدت بريطانيا الاسبوع الفائت انها سمحت باجراء اتصالات على مستوى غير عال مع حزب الله الشيعي اللبناني. بحسب فرانس برس.

وقالت الخارجية الاميركية الاسبوع الماضي ان الولايات المتدة ليست مستعدة لتحذو حذو بريطانيا. وتعتبر الولايات المتحدة حزب الله وحماس "منظمتين ارهابيتين".

بريطانيا تدافع

بدوره دافع المتحدث بأسم الحكومة البريطانية جون ويلكس الاحد عن سماح حكومته باجراء اتصالات مع حزب الله الشيعي اللبناني مؤكدا ان الباب مفتوح امام حماس لاجراء حوار في حال نبذت العنف وانخرطت في عملية السلام. بحسب الـ فرانس برس.

وقال ويلكس في مؤتمر صحافي في عمان ان "الاسئلة التي توجه لنا هي دائما: لماذا حزب الله وليس حماس؟ وهناك اسباب كثيرة، اولا الاتصالات مع حزب الله تأتي في اطار علاقاتنا الثنائية مع لبنان وظروف لبنان تختلف عن ظروف الفلسطينيين (...) وبريطانيا شريك وصديق للبنان. نريد ان نكون صديقا اكثر فاعلية".

واضاف ويلكس الذي يقوم بجولة في المنطقة "نحن نؤيد الحكومة اللبنانية والنظام في لبنان وكيف يمكننا ان نلعب هذا الدور من غير الاتصالات مع كل الاحزاب الموجودة في الحكومة".

واوضح ويلكس الذي كان يتحدث باللغة العربية ان "الوضع مع الفلسطينيين مختلف لان هناك موقف دولي (...) حول الشروط والعقبات امام الحوار مع حماس".

وتابع ان "بريطانيا قالت منذ فترة طويلة ان الباب مفتوح للحوار مع حماس اذا نبذت حماس العنف وتسعى الى الانخراط بشكل جدي في عملية السلام".

واعرب ويلكس عن أمله في ان تؤدي المحادثات الفلسطينية-الفلسطينية في مصر الى "نتائج ايجابية بالنسبة للشعب الفلسطيني لان بريطانيا تعتقد ان الفلسطينيين يحتاجون الى حكومة موحدة وان تكون كل الاحزاب والفصائل ومكونات هذه الحكومة ملتزمة بايجاد حل سلمي للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني".

كما اعرب المسؤول البريطاني عن الامل في ان "تنتهز حماس هذه الفرصة لبناء المصداقية السياسية للانخراط في محادثات السلام ولبناء موقف فلسطيني موحد ومؤثر وقوي في المحادثات وفي العلاقات بين الفلسطينيين ودول المنطقة والمجتمع الدولي بشكل عام".

وبحسب ويلكس فانه "هناك صورة نمطية غير دقيقة وغير صحيحة في المنطقة ازاء السياسة البريطانية تقول ان بريطانيا دائما 100% مع الاميركيين وان المواقف الاميركية البريطانية دائما ما تكون متشابهة ومتماثلة".

واشار الى ان "لدى بريطانيا مواقف مختلفة ومنذ زمن بعيد لدى بريطانيا اتصالات مع اطراف في المنطقة على عكس الولايات المتحدة".

حزب الله يرفض الشروط الأمريكية للحوار

ورفض الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله الشروط الأمريكية للحوار مع الحزب والتي تشمل الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف, معتبرا أن طرح الحوار "غير جدي" وأن حزب الله هو الذي يضع شروطا للحوار.

جاء ذلك في كلمة بثت عبر شاشة عملاقة خلال احتفال بمولد النبي محمد في الضاحية الجنوبية ببيروت، وقال نصر الله "الشروط الأمريكية مردودة اليوم وغدا وبعد ألف سنة وإلى قيام الساعة, طالما نحن حزب الله لا يمكن أن نعترف بإسرائيل". بحسب فرانس برس.

وأضاف أن المقاومة المسلحة "هي كرامتنا وبقاؤنا وعز مقدساتنا", داعيا الذين لا يريدون أن يقاتلوا إلى "عدم تثبيت شرعية إسرائيل وعدم الإقرار بالهزيمة, لأن الأجيال المقبلة قد تريد القتال".

واعتبر الأمين العام لحزب الله أن أمريكا عندما توافق على الحوار مع أي طرف بشروط او غير شروط "تقوم بذلك ليس لدواع اخلاقية انما بسبب فشل المشاريع الأمريكية في المنطقة".

واعتبر أن واشنطن قررت الحوار مع سورية بعد فشل محاولات عزلها ومقاطعتها وأكد أيضا فشل الضغوط الغربية في منع إيران من مواصلة برنامجها النووي.

وفي هذا السياق قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية غوردن دوجيد إن الولايات المتحدة لم تغير موقفها من حزب الله و حركة حماس على الرغم من التحركات الأوروبية لا سيما البريطانية تجاههما.

واعتبر دوجيد أن واشنطن تضع في أولوياتها الحوار مع الحكومة السورية من أجل التوصل إلى سلام دائم في الشرق الأوسط.

نصرالله: نحن قادرون على هزم إسرائيل وإزالتها من الوجود

وفي تطور لاحق أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني رفضه الاعتراف بإسرائيل إلى قيام الساعة، معتبراً أنها دولة غاصبة وعنصرية ومعتدية وإرهابية، وفي الوقت نفسه، أعلن دعمه لأي مصالحة عربية وفلسطينية.

وقال الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، في كلمة له بمناسبة ذكرى المولد النبوي وأسبوع الوحدة الإسلامية الذي عقد في "مجمع سيد الشهداء" بضاحية بيروت الجنوبية، إن الشرطين الأمريكيين للحوار مع حزب الله وحركة حماس هما الاعتراف بإسرائيل ونبذ الإرهاب. بحسب فرانس برس.

وأوضح نصرالله أنه في الوقت الذي وضع الأمريكيون شروطاً للحوار مع حزب الله، فإنهم لم يتساءلوا ما إذا كانت لدينا شروطاً، وتساءل: "من قال إنه ليس لدينا شروط للحوار"، مشيراً إلى أن حزب الله والعديد من مؤسساته، وبعض الشخصيات، مدرجة على قائمة الإرهاب الأمريكية. وأشار إلى فشل الولايات المتحدة في إقصاء سوريا أو إيران رغم سنوات من الحصار والمقاطعة وما إلى ذلك.

وأوضح نصرالله: إن حزب الله لن يعترف بإسرائيل إلى قيام الساعة، وأضاف قائلاً.. "نحن قادرون أن نهزم هذا الكيان (إسرائيل).. بل قادرون أن نزيله من الوجود."

وحول المصالحة الفلسطينية، قال حسن نصرالله إنها تحظى بدعم الجميع، بما في ذلك حزب الله، مشيراً إلى أن هناك صعوبات "عليهم أن يعالجوها بالحكمة اللازمة."

وقال نصرالله: "نناشد الأخوة الفلسطينيين أن يبذلوا كل جهد للوصول إلى وحدتهم وتعاونهم وتلاقيهم والخروج من حالة الانقسام المؤسف بينهم."

وأكد نصرالله أنه ليس لحزب الله أي تشكيلات مسلحة أو فصيل في قطاع غزة، مشيراً إلى أن الحزب لا يتدخل في شؤون الفلسطينيين كما يرفض أن يتدخل آخرون في شؤون حزب الله.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/آذار/2009 - 19/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م