في ذكرى ولادته: الرسول العظيم والمعاجز الخالدة

عصر انتهاء الوثنية وزوال مظاهر السلطة الشيطانية ونزول الرحمة الالهية

اعداد: عبدالامير رويح

- روي ان من صلّى على محمد وآل محمد ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات آخر النهار غُفرت ذنوبه وأُديم سروره واستُجيب دعاؤه ووُسع في رزقه وأُعين على عدوه ورافق في الجنان محمداً وآله صلى الله عليهم اجمعين

 

شبكة النبأ: ربيع الخير والرحمة ربيع تفتحت به الجنان وأشرقت فيه شمس التوحيد، ربيع اطل فأنار الدنيا بنور الرسالة المحمدية وعطر الكون بأريج القران الحكيم, ففي هذا الشهر الكريم كانت ولادة المصطفى الهادي البشير محمد (ص) ونقول كما قال الشاعر احمد شوقي:

وُلِد الهـدى فالكـائناتُ ضـياءُ                       وفــمُ الزمـان تبـسُّمٌ وسَـناءُ

الروحُ والمـلأُ الملائكُ حـولـَه                       للديـن والدنـيـا بـه بُشَـراءُ

وأي استبشار وفرح ذلك الذي صاحب تلك الولادة انه فرح العبد المعتوق من الرق والعبودية لغير الله عز وجل ولادة أحيت قيم الإنسانية فأخرجتهم من ظلمات الجاهلية المقيتة الى نور الاسلام والتحرر.

ولد نبينا الاكرم (ص) في السابع عشر من شهر ربيع الاول عند الشيعة الامامية، وقد حملت به أُمّه السيدة آمنة بنت وهب في أيّام التشريق من شهر رجب، فإذا اعتبرنا يوم ولادته، 17 من ربيع الاَوّل، فتكون مدّة حملها به ثمانية أشهر وأيّاماً.

وقد وقعت يوم ولادته المباركة احداث عجيبة، فقد وُلِد مختوناً مقطوع السرة، وهو يقول: اللّه اكبر والحمد لله كثيراً، سبحان الله بكرةً وأصيلاً.

واصبحت الأصنام كلها صبيحة ولادة النبي ( صلى الله عليه وآله) ليس منها صنمٌ إلا وهو منكبٌّ على وجهه، وارتجس في تلك الليلة أيوان كسرى، وسقطت منه اربعة عشر شرفة، وغاصت بحيرة ساوة، وخمدت نيران فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، ورأى المؤبذان في تلك الليلة في المنام إبلاً صعابا تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة، وانسربت في بلادهم، وانقصم طاق الملك كسرى من وسطه، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق، ولم يبقَ سريرٌ لملك من ملوك الدنيا إلا اصبح منكوسا، والملِك مخرساً لا يتكلّم يومه ذلك، وانتُزع علم الكهنة، وبطُل سحر السحرة، ولم تبق كاهنةٌ في العرب إلا حُجبت عن صاحبها، وعظُمت قريش في العرب، وسُمّوا آل الله عز وجل) جواهر البحار).  

وهدفت هذه الاَحداث الخارقة والعجيبة إلى أمرين مؤثرين هما :

الاول: دفع الجبابرة والوثنيين إلى التفكير فيما هم فيه من أحوال، ليتساءلوا عن الاسباب التي دعت إلى ذلك لعلهم يعقلون، إذ أن تلك الاحداث كانت في الواقع تبشر بعصر جديد هو عصر انتهاء الوثنية وزوال مظاهر السلطة الشيطانية واندحارها..

الثاني: ومن جهة أخرى، تبرهن على الشأن العظيم للوليد الجديد، على أنه ليس عادياً، بل هو كغيره من الانبياء العظام الذين رافقت ولادتُهم أمثالَ تلك الحوادث العجيبة والوقائع الغريبة.

بعض معاجز الرسول (ص)

وقد أتى الرسول العظيم بالكثير من المعجزات والبراهين والايات, و تعتبر المعجزة من الدلائل المهمة التي تثب بها نبوة النبي، وهي بمثابة أوراق اعتماده وهويته التي تؤيد صدق دعواه وارتباطه بالله تعالى، فلذلك نرى أن الأنبياء (عليهم السلام) الى جانب ما أقاموه من الدلائل والبراهين على صدق دعواهم فقد اظهروا معاجز تؤكد صدق ادعائهم ولا تدع مجالا للشك في حقانية نبوتهم.

والمعجزة كما عرَّفها العلماء: أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي، مع عدم المعارضة، مع دعوى النبوة، وللنبي المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) معاجز كثيرة جداً وهي اكثر من أن تُحصى، ومن أهم تلك المعاجز هي معجزة القرآن الكريم، المعجزة الإلهية الخالدة التي زوَّد الله تعالى بها رسوله المصطفى (صلى الله عليه وآله) لتكون وثيقة حيَّة على صدق النبي محمد (صلى الله عليه وآله) الى يوم القيامة، ولكي يتحدى به من يشك في معجزية هذا الكتاب الإلهي، فهو معجزة عظيمة جداً يزخر بمعاجز كبرى.

قال الله عَزَّ و جَلَّ: { وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (البقرة/23).

وقال جَلَّ جَلالُه  وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )( يونس/38)

وقال سبحانه وتعالى: { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } ( الإسراء/88)

وقال عزَّ ذكره: { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ( هود/13).

وما عدا القرآن الكريم من معاجز النبي (صلى الله عليه وآله) تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول وهي المعاجز التي ذكرها القرآن الكريم، كإنشقاق القمر: المعجزة التي أشار إليها القرآن الكريم: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ } ( سورة القمر / 1 و 2).

والإسراء والمعراج: المعجزة التي أشار إليها القرآن الكريم: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } ( الإسراء : 1).

المباهلة مع النصارى: المعجزة التي أشار إليها القرآن الكريم: { فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } ( آل عمران61).

 أما القسم الثاني من معاجز النبي (صلى الله عليه وآله) فهي التي ذكرها الرواة والمحدثون وهي أكثر من أن تحصى، وقد جمعها وأحصاها علماء الحديث و دوّنوها في كتبهم وموَلّفاتهم.

فضل الصلاة على محمد وآل محمد

ان الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وآله.. لا تتوقف لحظة واحدة في العالم.. وهي من مزاياه صلى الله عليه وآله.. وايضا هي من نمط الإعجاز...

إن الحق تبارك وتعالى هو الذي دعا المؤمنين إلى الصلاة عليه، بعد أن بدأ بذاته الأحديّة المقدّسة، وبملائكته كافة، إنّ اللهَ وملائكتَهُ يُصلّونَ على النبيِّ، يا أيّها الذينَ آمَنوا صَلُّوا عليه وسَلِّموا تَسليماً، من هنا نجد بأن الله جلّ جلاله هو أوّل المصلّين على حبيبه ونبيّه خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله.. والملائكة بعد ذلك يصلّون.. ومن ثَمَّ نجد بأن أكثر الخَلْق الذي خلقه الله تعالى من الملائكة، إذ لا يخلو منهم في السموات موضع قدَم. وبعد ذلك أمرَ الله سبحانه وتعالى المؤمنين بالصلاة عليه أمر وجوب، تشبّهاً بالله تعالى وبملائكته في ملئهم الأعلى.

 وعندئذ تغدو صلاتُنا على النبي محمد صلى الله عليه وآله تزكيةً لنا، وتنويراً لقلوبنا، وطهارةً لحياتنا، وعروجاً بنا إلى آفاق محمّدية كريمة عظيمة لا يقوى عليها وصف.

فقد روي ان من صلى على محمد وآل محمد بهذه الصلوات، ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات آخر النهار، غفرت ذنوبه وأديم سروره واستجيب دعاؤه ووسع في رزقه وأعين على عدوه ورافق في الجنان محمداً (ص) وآله الطيبين الطاهرين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 15/آذار/2009 - 17/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م