آية الله السيد حسين الشيرازي: ولاية أهل البيت ومحبّتهم أمانة ورحمة وفضل من الله تعالى

 

- علينا أن ننتبه إلى أنه كما ندعو إلى الزيارة وإقامة المجالس وتعظيم الشعائر الحسينية يجدر بنا أن لا نغفل عن ممارسة الهداية ونشر الثقافة الحسينية

 

شبكة النبأ: قام جمع من العوائل من مدينة يزد الإيرانية بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة، فألقى نجله الكريم آية الله السيد حسين الشيرازي دامت بركاته، كلمة قيّمة فيهم، استهلّها باﻵية الشريفة: «أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ورَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (1)، وقال:

إن المقصود من (فضل الله) في اﻵية الكريمة هو مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله، والمقصود من (رحمته) هم أهل البيت اﻷطهار صلوات الله عليهم، كما صرّحت بذلك اﻷحاديث والروايات الشريفة المروية عنهم صلوات الله عليهم. وهذا اﻷمر دلّت عليه أحاديث وشواهد تاريخية كثيرة، ومنها ما ذكر في تفسير مولانا الإمام العسكري صلوات الله عليه حول عبادة بني إسرائيل العجل حيث قال الله تعالى لنبيّه موسى الكليم على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام أن يأمر بني إسرائيل بأن يتوبوا إلى الله بقتل أنفسهم، فلم يطيقوا ذلك، فطلبوا من موسى عليه السلام أن يشفع لهم عند الله سبحانه، حيث قالوا: نقتل بأيدينا آباءنا وأمهاتنا وأبناءنا وإخواننا وقراباتنا، ونحن لم نعبد، فقد ساوى بيننا وبينهم في المصيبة. فأوحى الله تعالى إلى موسى يا موسى إني إنما امتحنتهم بذلك لأنهم ما اعتزلوهم لما عبدوا العجل، ولم يهجروهم، ولم يعادوهم على ذلك. قل لهم من دعا الله بمحمد وآله الطيبين، يسهل عليه قتل المستحقين للقتل بذنوبهم. فقالوها، فسهّل عليهم ذلك، ولم يجدوا لقتلهم لهم ألماً.

فلما استحر القتل فيهم، وهم ستمائة ألف إلاّ اثني عشر ألفاً الذين لم يعبدوا العجل، وفّق الله بعضهم فقال لبعضهم، والقتل لم يُفض بعدُ إليهم. فقال: أو ليس الله قد جعل التوسّل بمحمد وآله الطيبين أمراً لا يخيب معه طلبة و لا يُردّ به مسألة، وهكذا توسّلت الأنبياء والرسل، فما لنا لا نتوسّل بهم.

قال: فاجتمعوا وضجّوا: يا ربّنا بجاه محمد الأكرم، وبجاه عليّ الأفضل الأعظم، وبجاه فاطمة الفضلى، وبجاه الحسن والحسين سبطي سيد النبيّين، وسيدي شباب أهل الجنة أجمعين، وبجاه الذرية الطيبين الطاهرين من آل طه ويس لمّا غفرت لنا ذنوبنا، وغفرت لنا هفواتنا، وأزلت هذا القتل عنّا.

فذاك حين نودي موسى عليه السلام من السماء أن كفَّ القتل، فقد سألني بعضهم مسألة وأقسم عليَّ قسماً لو أقسم به هؤلاء العابدون للعجل، وسألوا العصمة لعصمتهم حتى لا يعبدوه. ولو أقسم علي بها إبليس لهديته. ولو أقسم بها عليّ نمرود أو فرعون لنجّيته. فرفع عنهم القتل، فجعلوا يقولون يا حسرتنا أين كنّا عن هذا الدعاء بمحمد وآله الطيبين حتى كان الله يقينا شرّ الفتنة، ويعصمنا بأفضل العصمة(2) .

وبعد أن تلا قوله تعالى: «إِنَّا عَرَضْنَا الأَْمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالأَْرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الإِْنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً» (3)، قال:

إن ولاية أهل البيت ومحبّتهم أمانة كما هي نعمة ورحمة وفضل من الله تعالى، ونحن مسؤولون قبال هذه اﻷمانة فيجدر بنا أن لا نغفل عن أداء حقّ هذه اﻷمانة، وأن لا يصدر منّا ظلم تجاهها، وعلينا أن نؤدي شكر هذه النعمة العظيمة.

ووصف فضيلته تبليغ الدين وإحياء شعائره بأنهما من مصاديق هذه النعمة وقال: من المؤسف أننا نرى أتباع المذاهب واﻷديان والعقائد المنحرفة يبذلون قصارى جهدهم وطاقاتهم وسعيهم في تبليغ وتعريف عقائدهم، أما في تبليغ تعاليم وشعائر ديننا الحنيف فهناك عجز واضح، أو ليس بالصورة المطلوبة. فإذا أردنا أن لا ينطبق علينا مصداق قوله تعالى (ظلوماً جهولاً) فيجب أن نعبئ أنفسنا بالمعرفة الكاملة، وأن نبذل كامل طاقاتنا وإمكاناتنا في تبليغ اﻹسلام الصحيح وتعريفه للناس أجمعين. ومن أهمّ اﻷمور في هذا المجال تعظيم الشعائر الحسينية، والحثّ والتشجيع على إقامة مجالس ذكر أهل البيت صلوات الله عليهم، وباﻷخصّ فيما يرتبط بالقضية الحسينية المقدسة.

وأكّد فضيلته: إنّ تعريف مبادئ النهضة الحسينية المقدسة والعمل على صون الشباب من الانحرافات التي يثيرها أعداء اﻷمام الحسين سلام الله عليه، قد يكونان أهمّ من زيارة مولانا الإمام الحسين صلوات الله عليه.

من المؤسف أن بعض الأشخاص يسعى في إبعاد الشباب عن القضية الحسينية المقدسة، فعلينا أن ننتبه إلى أنه كما ندعو إلى الزيارة وإقامة المجالس وتعظيم الشعائر الحسينية يجدر بنا أن لا نغفل عن ممارسة الهداية ونشر الثقافة الحسينية.

بعبارة أخرى: نحن مكلّفون بأن نلطم على الإمام الحسين صلوات الله عليه وأن نحثّ ونشجّع اﻵخرين على ذلك. ومن المسلّم أن الحثّ على إقامة مجالس اللطم والعزاء أكثر أجراً من اللطم نفسه، كما أنه لا يستوي في اﻷجر من يلبس السواد مع من يشجّع العالمين على لبس السواد على مصاب الإمام الحسين صلوات الله عليه.

................................................

1) سورة النور: الآية 21.

2) تفسير الإمام العسكري عليه السلام/ ارتفاع القتل عن بني إسرائيل بتوسّلهم بمحمد وآله/ ص255.

3) سورة الأحزاب: الآية 72.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12/آذار/2009 - 14/ربيع الاول/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م