أحداث البقيع.. أسباب ومكاسب

ياسر محمد

لم يكن مستغرباً ما جرى من أحداث دامية في ساحة الحرم النبوي المطهر على مدى الأيام الماضية في بلد الحرمين، حيث حالة العداء والشحن الطائفي ضد الشيعة من قبل كثير من الرموز الدينية المتطرفة التي تبث تكفيرها علناً وتنبز الشيعة ومعتقداتهم منذ عشرات السنين وهي في حالة من التنامي.

لقد استنكر الشيعة السعوديون كل الممارسات والمضايقات التي تحدث لهم ولغيرهم من زوار الحرمين الشريفين وأعلنوا ذلك صراحة للمسئولين في البلاد، ولعل الشيعة كانوا أكثر من غيرهم تنبؤاً للانفجارات الفكرية والعقائدية التي ربما تحصل مستقبلاً بين مكونات البلاد وما قد ينتج عنها من اضطراب أمني، فطالبوا بالحرية في الممارسات ودعوا إلى التعايش والمشاركة العادلة في إدارات الدولة لتكوين قاعدة مشتركة قائمة على الاحترام المتبادل والعيش الآمن.

إن من ينظر بحيادية لما حصل في البقيع يستنتج حجم الأذى والابتزاز الذي يتعرض له الشيعة ويتيقن أن هناك فئات واضحة لا تريد الاستقرار للوطن وتخالف بشكل وآخر أوامر ملك البلاد الذي دعا للحوار بين الأديان الذي يمثل الشيعي فيه جزءاً من أحد هذه الأديان في ظل مهنية إعلامية غير محايدة.

فعندما تمارس الفضائيات السلفية وعلى الهواء مباشرة دورها الدعوي بالتحذير من الشيعة ومعتقداتهم وتدعو لمحاربة الشركيات التي يقومون بها وتُنشر المقالات الصحفية ذات الصلة وتُغسل أدمغة المصلين ببعض الخطب اللامسئولة فكيف ستسير الأمور؟ وعندما تثور الصحف ضد ما يقوم به أفراد من جهاز الهيئة في تكسير النوادي الأدبية وضرب الممثلين في المسرحيات والتعرض لعامة الناس وتفتيش ممتلكاتهم وأجهزة هواتفهم الشخصية في ظواهر أقل خسارة مما جرى فماذا نسمي ذلك؟

لو نظرنا بشيء من الإيجابية للطائفة فيما حدث على مدى الأيام الماضية لوجدنا أن تلك الأحداث أعادت الدور الحقيقي والتجربة التراكمية للمفكرين والمحللين السياسيين والحقوقيين الشيعة في ظهورهم الإعلامي ومناشداتهم الصريحة في تحميل جهات رسمية مسؤولية ما جرى والمطالبة بكبح هستيريا المتطرفين الذين يريدون السوء بالبلاد.

كما ساهمت في ترتيب الجمهور واجتماع كلمته لإيصال رسالة الاحتجاج بالطرق السلمية إلى المسئولين وجمع عشرات الأدلة والوثائق البصرية لإثبات حقيقة ما جرى.

 ومثّل ضحايا الاعتداء شيعة العالم من خلال صبرهم وتضحيتهم في ما جرى و تكبد الخسائر والآلام الجسدية وإصرارهم على مواصلة الزيارة رغم كل الخطر ليعطي للعالم رسالتين:

الأولى: أن هناك طائفة اسمها الشيعة تعاني ما تعاني من فكر فئة جرت الويلات على كل العالم بأفعالها في مختلف أنحاء الأرض فكفرت المسلمين وقتلت الأبرياء وفجرت دور العبادة وزعزعت الاستقرار والأمن في بلادنا فاستحقت تسميتها رسمياً بـ"الفئة الضالة".

 أما الرسالة الثانية مفادها الصمود والثبات رغم كل الطرق والوسائل العقيمة في إيذاء الزوار والشيعة منهم على وجه الخصوص.

إننا مطالبون اليوم أكثر مما مضى في إبراز عدد من الإعلاميين والحقوقيين والنشطاء يقومون بهامهم الرسمية في إيقاف التعديات ومحاصرة الحريات التي يتبناها من لا يريدون الخير للوطن ويتواصلون مع قيادة البلاد لإيصال الصورة الحقيقية للأحداث حتى تصل الصورة كاملة في ظل وجود من يشوهون الحقائق ويعملون على قلب الأحداث.

وهيئة كبار العلماء مطالبة باستنكار ما حدث بغض النظر عن السبب والمتسبب وإدانة هذا الفعل المشين من طعن وضرب وإسالة دماء في بلد أسماه ربنا بالبلد الأمين وبجوار رسول الإنسانية (ص)، حفاظاً على حرمة المكان إن لم يكن لحرمة المسلم.

فألف تحية لكل الزائرين..

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/شباط/2009 - 30/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م