بيان صادر عن ممثلية المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين..

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)..

تحل علينا هذه الأيام الذكرى السنوية الأولى لفاجعة رحيل المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته) في ظروف بالغة الحساسية والتعقيد تمر بها الأمة الإسلامية، في أكثر من مكان وإقليم ودولة، مما يوجب على سائر المسلمين بكافة فئاتهم وطبقاتهم، وأينما وجدوا، أن يقفوا ملياً عند هذه المحطات التاريخية، ويستلهموا منها ما يقوي عزائمهم ويشحذ هممهم ليمضوا واثقين على ذات المنهاج الذي رسمه علماؤهم وقادتهم الربانيون الذين هم أعلام كاشفة عن مسالك النجاة والرقي في مدارج الكمال، ولم يكن لهم شاغل سوى النهوض بالأمة من وهدتها، وتذكيرها بالوسطية والاعتدال في التعاطي مع كافة صعد الحياة وظروفها ومناخاتها. كما قال سبحانه: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ).

وهكذا كان ديدن الإمام الشيرازي الراحل (أعلى الله درجاته) الذي أوقف حياته الزاخرة بالعطاء والنشاط الدؤوب، لخدمة قضايا الأمة الإسلامية، وإعلاء شأنها وجعلها أمة مهابة بين الأمم الأخرى.. فقد عُد - بحق - أحد أبرز المراجع القياديين في الساحة الإسلامية، وامتاز بنظراته الثاقبة، وإحاطته الشاملة بقضايا المسلمين، واطلاعه الواسع على أوضاعهم وما يجري في بلادهم.

وتميز بفكره المعطاء المختمر بالتجارب والمفعم بالنضج والنظرة الواقعية إلى الأمور والشؤون المختلفة، وآمن بضرورة تحكيم الوحدة الإسلامية وتوفير الحريات الإسلامية.

ومن أبرز ما تميز به النتاج الفكري الهائل للإمام الراحل (قدس سره) هو تنوعه، وشموليته، وتلبيته لحاجات مختلف المستويات العلمية والاجتماعية، ومواكبته لمتطلبات العصر الراهن.

وقد أربت مؤلفاته على الـ(1200) كتاب وكرّاس ودراسة في شتى حقول العلم والمعرفة..

أما عن سيرته العملية، فقد عُرف (قدس سره) بدفاعه عن قضايا المسلمين والمستضعفين في كل مكان من العالم، لا سيما العراق وأفغانستان وفلسطين  ولبنان والشيشان وغيرها.. ورفضه للظلم والاستبداد بكافة صوره وأشكاله وفروعه، الأمر الذي كلفه الكثير من الآلام والمعاناة، كان أقلها أن هاجر الهجرتين؛ الأولى إلى الكويت، والثانية إلى مدينة قم المقدسة حيث قضى بقية عمره الشريف هناك.

هذا، ونرى من المناسب أن نتذكر جملة أمور مهمة، ويعمل كل منا، وفق طاقته، على تحقيقها، لأنها جزء من الدَّين الذي في ذمتنا تجاه هذا الإمام الهمام..، نذكر منها على وجه الإجمال ما يلي:

1-  استخدام كل وسائل التبليغ المقروءة والمسموعة، من منابر وعظ وإذاعة وتلفزيون وانترنيت، للتعريف بهذه الشخصية الدينية القيادية الفذة، وخطه الفكري المتميز، لما له من منظومة حضارية إسلامية كفيلة بإنقاذ المسلمين من أزماتهم والرقي بهم إلى سعادتهم الدينية والدنيوية.

2- بذل المزيد من الجهود في البعد المؤسسي بالمعنى العام والشامل للاقتصاد والسياسة والتربية والثقافة وسائر جوانب الحياة الاجتماعية، وهو الأمر الذي طالما أكد عليه الإمام الراحل (قدس سره)، نظراً لأهميته الخاصة في عالم اليوم.

3- نصرة قضايا المسلمين والمستضعفين في كل مكان، والسعي لإيجاد رأي عام إسلامي ضاغط باتجاه حل مشاكلهم، وتسوية قضاياهم والتزام نهج اللاعنف في هذا السبيل، والذي يشكل السمة البارزة للمنظومة الفكرية الحضارية للإمام الشيرازي (قدس سره).

4- السعي لترويج وتطبيق نظرياته المعروفة في الفقه والسياسة والاقتصاد والاجتماع، والتي ظهر أثرها واضحاً في عدد من المدارس الفكرية الأخرى المعاصرة.. ومن أشهرها:

شورى الفقهاء، الحرية، التعددية، الدولة الواحدة، رفض العنف والاستبداد في جميع شؤون الحياة.

وبهذه المناسبة المؤلمة، نرفع التعازي لولي الله الأعظم مولانا الإمام صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ولشقيقه المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، ولمراجع الدين العظام، وللحوزات العلمية والسادة علماء الدين الأعلام، والى كافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها..

ونسأل الله سبحانه أن يمن على المسلمين بالأمن والسلام والنجاة من الأزمات والمكاره المحيطة بهم بحق محمد وآله الطاهرين.
  وإنا لله وإنا إليه راجعون..

ممثلية الإمام الشيرازي         

بيروت – لبنان              

 الأول من شوال 1423هـ