العنف والرهاب الاجتماعي.. الجذور والعلاج

 

لاشك في أن المجتمع يساهم بدرجة كبيرة - من خلال طريقة تعامله مع الطفل - في نشوء مرض الإرهاب، هذا المرض الذي تعاني منه نسبة كبيرة من الأشخاص في مجتمعاتنا بحيث صار ظاهرة خطيرة تعد مؤشراً على خلل في أسس التربية.

تتمثل أعراض هذا المرض في خوف يعيشه المريض يحول بينه وبين الاندماج مع الآخرين والخوف من التحدث أمام الناس.

حول هذا المرض، وإمكانية علاجه من عدمها يقول الدكتور عبد الرزاق الحمد رئيس قسم الطب النفسي بكلية الطب - جامعة الملك سعود -: الإرهاب حالة مرضية مزعجة جداً تحصل لواحد من كل عشرة أشخاص، يؤدي إلى خوف شديد قد يشل الفرد أحياناً، ويتركز الخوف في الشعور بمراقبة الناس. تكمن خطورة هذا المرض في احتمال اضطرار المريض إلى اتخاذ كل الوسائل التي من شأنها أن تؤمن له العزلة، بما قد يعرض مستقبله التعليمي، والعملي إلى التدهور. وقد يلجأ الكثير من المرضى إلى الإدمان على المخدرات والكحول هرباً من الأعراض التي تواجههم.

وحول جذور المرض فإنه يعود إلى فترة المراهقة، بحيث يؤدي إهمال علاجه إلى حالات أخرى كالاكتئاب، والخوف من الأماكن العامة أو ما يعبر عنه بـ(الرهاب الساحي) الذي يؤدي بالمريض إلى احمرار الوجه، رعشة في اليدين، الغثيان، التعرق الشديد، والحاجة المفاجأة للحمام.

وفيما يتعلق بعلاج المرض فإن ذلك قد يعتمد على الدواء، والمعالجة السلوكية، إلا أن أساس العلاج يعتمد كذلك على دعم الأقارب والأصدقاء، وعلى مدى استعداد المريض وتفهمه للمشكلة.

إلى ذلك، فإن العلاج قد يتمثل في مجموعة من النقاط التالية:

1- معرفة المشكلة والإقرار بها والتعامل معها بجدية.

2- إتاحة الفرصة للمريض كي يشرح مشكلته وإشعاره بعدم اقتضاء الخجل منها.

3- عدم تحميل جهة معينة المسؤولية عن المرض سواء المريض أو غيره.

4- الإطراء على كل تحسن في حالة المريض مهما كان ضئيلاً لتشجيع المريض على العلاج.

يجدر بالذكر أن نسبة 10% من المصابين بهذا المرض أمراً ليس بالهين، وهو ما يقتضي ضرورة التعامل مع الأمر بجدية، سواء على صعيد تحديد المشكلة، أو طريقة علاجها.

نصيب الأطفال الفلسطينيين من العنف موضوع دراسة:

الأرقام المسجلة حول ما ينال الأطفال الفلسطينيين من العنف الصهيوني من الوحشة بمكان بحيث تقتضي التوقف عندها والسعي لعلاجها.

ففي جامعة تل أبيب أجريت دراسة كشفت عن أن ما نسبته 70% من الصبية الفلسطينيين، و30% من الأولاد اليهود يعانون من أعراض ما بعد الصدمة النفسية الناجمة عن الانكشاف المتواصل لعمليات العنف.

لقد أفاد الخبراء النفسيون بأن الصدمة النفسية الناشئة عن التواجد في أماكن العمليات تؤدي إلى ردود فعل حادة تتسبب في تغيير في الحالة النفسية للشخص المتواجد هناك تتمثل في رجفة يعود بعدها الشخص إلى حالته الطبيعية بعد مدة، ولكن قد تتطور هذه الحالة لدى 20% منهم إلى أوجاع في الرأس، الهلع، الكآبة، اضطراب التصرفات، وانخفاض مستوى التحصيل الدراسي.

شملت الدراسة التي أجرتها تمار لا في - قسم علم النفس في جامعة تل أبيب- عينة قدرها 1197 ذكوراً وإناثاً في سن الخامسة عشرة، بلغ عدد الصبية اليهود منهم 645 من مدينة القدس، ومستوطنة غيلو، ومن المجتمع الاستيطاني في قطاع غزة -غوش قطيف- ومن مستوطنة إفرات، أما الصبية العرب فقد كان عددهم 552 بعضهم من الفلسطينيين في كل من بلدة عرابة -طمرة- وسخنين، أما البعض الآخر فيعيشون في مخيمات اللاجئين في كل من بيت لحم ورام الله.

نتائج الدراسة كشفت عن أن الأطفال الفلسطينيين شهدوا معدل 10 حوادث عنف، فيما شهد الصبية من مجمع غوش قطيف الاستيطاني المعدل الأكبر بين حوادث اليهود حيث بلغت النسبة 11.6-8.5 من مستوطنة إفرات فيما شهد أطفال غيلو، والقدس 3.4و2.8 على التوالي، ويعاني 27.9% من الصبية في غوش قطيف من أعراض الصدمة النفسية، فيما تبلغ هذه النسبة 27.4% في إفرات و 16.5 في غيلو ثم 13.9% في القدس.

وحول مواقف الأطفال من المستقبل على الصعيد العائلي والاجتماعي والمهني أبدى أولاد المستوطنين في غوش قطيف -قطاع غزة- مواقف متفائلة. بخلاف الأطفال الفلسطينيين الذين كانوا متشائمين في نظرتهم إزاء ذلك.

أما عن مواقف الأطفال من مفاوضات السلام فقد أيد 51% من الأطفال العرب استئناف محادثات السلام فوراً في مقابل 40% أبدوا رفضهم لاستئنافها، أما الأطفال اليهود، فقد أيد استئناف محادثات السلام 36% منهم في مقابل 39% معارض لها.