دعاية الأطفال تجعل منهم أشخاص بلا عقد نفسية

 

يبقى الطفل كـ(طفل) بحاجة دائمة إلى الاستمتاع بالشعور بأنه مهم عند ذويه أولاً وبين أقربائه بدرجة أدنى، وأنه محبوب، ويمكن لمس هذا الشعور الفطري النامي مع نمو شخصيته في كثير من جوانب العلاقات العائلية والاجتماعية المحيطة بحياته، فيُرى أن يبكي بدموع غزيرة إذا ما حدث خلل أدى بمس شيء من إحساسه المرهف، سواء مع أمه أو أبيه أو مربيته (مثلاً).

لذلك يلاحظ أن الرعاية المتكاملة للطفل، تقيه من أمراض نفسية عديدة، وتمنحه دوماً فرصاً جديدة للإبداع في العلاقة مع الأفراد المحيطين به، وتعلو على محياه الابتسامات والضحكات البريئة، مما يؤدي بالتالي مع توالي السنين إلى صلاحية أن يكون الطفل الوديع بين أقرانه، وهذه الميزة ليست سهلة المنال أو ممكن أن تعطى له كـ (صفة جاهزة) بل إنه يكسبها من خلال مؤازرته والاهتمام به عائلياً من خلال المواظبة اليومية لخدمته في مأكله ومشربه وملبسه وأماكن تواجده المريحة، وقبل كل ذلك العطف على ضعفه والتعاطف لسد حاجاته الضرورية.

إن وقاية الطفل من الاضطرابات النفسية، لا تأتي عن فراغ، بل هي طريق طويلة تكلف ذويه بذل الكثير من الجهود التربوية والإشراف الذكي للنزول أحياناً إلى مستوى تفكيره الطري، ومشاركته في تلبية متطلباته، وبصورة لا تجعل الاستجابة لها محطة تنمي لديه روح الأنانية، والاقتناء اللامشروع للأشياء على حساب القدرات المالية لعائلته، أو تجعله يتمتع بميزة أعلى من بقية أخوته الأطفال إن وجدوا في عائلته فالمساواة في التعامل مع الأطفال يجعلهم يعرفون حقوق الآخرين.

ومدرسة السلوك السوي عند الأطفال الذي يطمح الكبار أن يكون طرفاً مسؤولاً في عمليات أداء الواجب العائلي التام نحوهم سيكون له مردود إيجابي على تطلعات الأسرة والمجتمع في المستقبل وعند ذاك سيسهل الكلام عن الرقي العائلي، والتقدم الاجتماعي، فالوصول إلى درجة الكمال الشخصي، بقدر ما هو مطلب فردي مشروع، لكن تقديم التمهيد للأطفال إن يظفروا به، هو طموح يكاد أن يكون نابضاً في قلب كل أم وأب نحو أطفالهم، كي يعيشوا حياة أفضل مما عاشوها، وتلك هي إحدى سنن الوجود البشري والحضاري.