ستراتفور الامريكية القضاء على النظام العراقي بقتل قادته الرئيسيين وخاصة صدام

قالت دراسة تحليلية اصدرتها نشرة «ستراتفور» الامريكية المعنية برصد التطورات الاستخباراتية ذات الطابع الاستراتيجي ان الولايات المتحدة لا تخفي نواياها في تغيير النظام العراقي وان استراتيجية صدام في البقاء تعتمد على خطين دفاعيين: فأولا: سيقوم بكل ما يستطيع للحيلولة دون وقوع الهجوم.

وثانيا: اذا لم يستطع القيام بذلك، فسيعمل على تطويل امد عمليات الولايات المتحدة الى درجة تقبل معها واشنطن احراز نصر جزئي، كما حدث عام 1991.

واضافت ان الموضوع الرئيسي من وجهة نظر صدام هو ان يخلق وضعا بحيث تستمر الحملة الامريكية شهورا عديدة مما يجعل الثمن السياسي الذي سيدفعه التحالف ثمنا باهظا.

ان الخطوة الرئيسية في مد امد الحرب هي ان يكون التدمير الذي يلحق بقواته بطيئا وحرمان القوات الجوية الامريكية من المعلومات التي تحتاجها لتحديد الاهداف وتدميرها، وخاصة في الابقاء على نشر قواته النووية والكيماوية والبيولوجية غامضا ما امكن. وهكذا ينتقل عامل المخاطرة الى صالحه اضافة الى ان قدراته في العمل على توزيع قواته وانتشارها وتمويهها سيزيد من كلفة الحملة الهجومية بشكل عام.

وكلماتبين ان المعركة ستطول وان كلفتها ستكون مرتفعة، ستقل رغبة واشنطن في القيام بها.

ولذا، فإن صدام حسين وفقا لتقديرات النشرة يقوم الان بعمليات ثلاث: تقوية دفاعاته، توزيع قواته، ومراقبة نشاط الولايات المتحدة المخابراتي والتعرف على المتعاونين المحتملين، وخاصة في صفوف الجيش العراقي.

وقالت الدراسة التحليلية لستراتفور ان الهجوم على العراق يختلف عنه في افغانستان حيث خاضت الولايات المتحدة عملية عسكرية محدودة ضد تنظيم القاعدة وحيث اقامة تحالف ضد هذا التنظيم اكثر سهولة مشيرة الى ان ضرب العراق قد يؤدي الى استفزاز مشاعر العالم الاسلامي على نطاق اوسع.

وحددت النشرة الاستراتيجية حاجة واشنطن الى تأييد نوعين من الدول. دول مجاورة للعراق كي تتمكن من بدء العمليات الهجومية، والى تأييد تحالف مع دول لا علاقة لها بالعراق، واضافت ان واشنطن ستعتمد في عملياتها على تركيا والاكراد وتعاون الاوروبيين والاردن في وقت ترفض فيه دول خليجية مثل السعودية انطلاق هجوم من اراضيها.

وترى النشرة ان الولايات المتحدة تحتاج الى تحالف دولي مستعد لتأييدها في كل ما تقوم به، من المشاركة في المعلومات المخابراتية الى الدعم والامداد. الا ان هذا التحالف سيصبح هشا او لا يمكن تحمله او تأييده اذا كان هدف الولايات المتحدة هو اعادة تعريف للسياسات في العالم الاسلامي.

ويبدو ان العملية الامريكية ضد العراق قد تم وضعها تبعا للنموذج الافغاني وذلك بالقيام بحملة جوية تهدف الى شل عمل الدولة العراقية، وفي هذه الحالة القضاء على النظام بقتل قادته الرئيسيين وخاصة صدام حسين، والقيام بحملة برية تجمع بين قوات العمليات الخاصة وبين قوات محلية، الى جانب عمليات لتدمير القدرات العسكرية العراقية، وادخال قوات مشاة مسلحة تسليحا خفيفا لاحتلال مواقع رئيسية والسيطرة عليها وتقديم الدعم للقوات المحلية في تشكيل حكومة.

من جانب اخر طالبت بريطانيا وفرنسا وروسيا العراق امس بالسماح بعودة المفتشين والتعاون مع الامم المتحدة والالتزام بكافة القرارات بدون قيد او شرط لتفادي ضربة امريكية متوقعة تستهدف تغيير النظام العراقي.

وقال رئيس وزراء بريطانيا توني بلير في مؤتمر صحفي عقده بمقره في داوننغ ستريت امس ان الهجوم على العراق ليس وشيكا.. ولم نصل بعد الى اتخاذ القرار وارى ان الامل ضعيف في المفاوضات الخاصة بعودة مفتشي الاسلحة وهناك قضايا يجب دراستها قبل ان نصل الى مرحلة اتخاذ القرار بعمل عسكري».

وكان كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة قد القى بالكرة في ملعب العراق بشأن امكانية اجراء المزيد من المحادثات المتعلقة بعودة مفتشي الاسلحة الا ان بغداد تصر على ان اي اتفاق يتحتم ان يتضمن وقفا للتهديدات الامريكية ضد البلاد ورفع العقوبات.

وقال بلير «المؤشرات ليست جيدة. هل هناك جدوى من استئناف هذه المفاوضات؟ لا اعلم.. يبدو انه من غير المرجح ان يذعن العراقيون لها».

ورفض بلير تقديم التزام بمنح البرلمان حق التصويت قبل القيام بأي عمل عسكري يستهدف رئيس النظام العراقي صدام حسين.

وقال «صدام يحرق كل قرارات الامم المتحدة. اسلحة الدمار الشامل قضية مطروحة وموقف العراق من اسلحة الدمار الشامل قضية مطروحة ولكننا لم نتخذ قرارات بعد بشأن كيفية التعامل معها».

وأجاب بلير على سؤال حول ما اذا كانت الولايات المتحدة وبريطانيا ستطلب تفويضا رسميا من مجلس الأمن الدولي يسمح لهما باتخاذ أي اجراء عسكري ضد العراق بالقول «انه من المهم لنا ان يكون اي اجراء نتخذه ان متطابقا مع القوانين الدولية».

وأوضح بلير «لا اعتقد انه من الضروري الرجوع الى الأمم المتحدة في حالة اتخاذنا قرارا بضرب العراق لأن هناك 23 قرارا خاصة بحرب تحرير الكويت لم يطبقها العراق».

وفي باريس، وجه الرئيس الفرنسي جاك شيراك امس تحذيرا جديدا الى العراق وطالب الحكومة العراقية بالقبول غير المشروط بعودة المفتشين الدوليين عن أسلحة الدمار الشامل الى العراق.

وقال في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع الرئيس المصري الزائر حسني مبارك انه ليس لدى العراق خيار لتجنب ضربة عسكرية الا بقبول عودة المفتشين الدوليين.

وقال «أفضل للنظام العراقي ان يقبل بالحل الوحيد المتبقي والذي طرحه عليه سكرتير عام الأمم المتحدة كوفي عنان والمتمثل بالسماح للمفتشين الدوليين بالعودة للعراق».

المسؤولون الأمريكيون وضعوا أنفسهم تحت ضغوط كبيرة لضرب العراق

يقول خبراء عسكريون ان قادة الجيش الامريكي ربما يخططون لعملية صغيرة النطاق تهدف الى عزل بغداد بدلا من اللجوء الى حرب برية واسعة النطاق لغزو العراق والاطاحة بحكومتها.

الا ان ذلك ربما يعني بقاء صدام في السلطة في الوقت الراهن رغم رغبة واشنطن في «تغيير النظام» الحاكم في بغداد. وقال الميجر تشارلز هايمان محرر مجلة جينز العسكرية لرويترز في لندن «نحصل على اشارات محسوسة من على ضفتي المحيط الاطلسي تنم عن وجود شيء يحدث وشيء يتحرك».

ويضيف المحرر «لكنه ليس الهجوم الذي يشترك فيه 250 الف فرد الذي اوحي الينا به.. لا زلت لا ارى اي اشارات كان يجب رؤيتها الان عن عملية انتشار واسعة النطاق للقوات».

وتكهن هايمان بأن تقوم قوات صغيرة بقيادة امريكية وبريطانية بعملية تهدف الى اغلاق كافة المطارات العراقية والموانىء والاتصالات البرية مع العالم الخارجي. والهدف من هذه العملية هو اجبار قادة العراق على القبول بعودة مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة وليس بالضرورة الاطاحة بالحكومة.

ويقول هايمان «من الواضح ان الهدف النهائي سيكون تغيير النظام لكن الهدف الفوري سيكون ضمان عدم وصول اي قيادة في بغداد الى اسلحة الدمار الشامل.. لن يعني ذلك بالتأكيد غزوا لبغداد من اجل الاطاحة بصدام».

ومنذ ان اعلن الرئيس الامريكي جورج بوش في احد خطاباته ان العراق جزء من «محور للشر» ترددت تكهنات حول احتمال عزمه على انهاء ما لم ينجزه والده في نهاية حرب الخليج وهو الاطاحة بصدام.

ورغم ان المسؤولين الامريكيين وضعوا انفسهم تحت ضغوط كبيرة للقيام بعمل عسكري ضد العراق الا ان خططتهم ربما لا تنجح في الاطاحة بصدام ولو في الوقت الراهن على الاقل.

واذا كان الهدف الامريكي هو الاطاحة بحكومة العراق بأي ثمن فإن خبراء محليين يقولون ان الضمان الوحيد للنجاح في هذه الخطة هو شن هجوم بري واسع النطاق على غرار حرب الخليج الثانية عام .1991

ويؤيد توني دودج خبير الشؤون العراقية في المعهد الملكي للشؤون الدولية هذا الرأي قائلا «لا يمكن ابدا ان تنجح القوة الجوية وحدها او القوات الخاصة في الاطاحة بهذا النظام».

وتحدث خبراء عسكريون امريكيون عن امكانية اللجوء الى خطة امريكا في افغانستان باستخدام القوات الجوية والقوات الخاصة في مساعدة المعارضة المحلية على الاطاحة بالنظام.

الا ان هذه الاستراتيجية لا تبدو قابلة للتطبيق في العراق حيث ان المعارضة الشيعية والكردية ليست بتنظيم وقوة قوات تحالف الشمال الافغاني وهو قوة يعتمد عليها والذي كانت قواته ترابط على مسافة غير بعيدة من كابول.

ويقول دانيال نيب خبير شؤون الشرق الاوسط في معهد القوات المسلحة الملكي «كان هناك الكثير من التكهنات في وقت سابق من العام الحالي حول استخدام المعارضة العراقية كما حدث مع التحالف الشمالي في افغانستان».

واضاف دودج «اصبح ذلك اكثر تعقيدا خلال الاشهر القليلة الاخيرة اذ ايقن الناس ان المعارضة العراقية ربما تكون اقل وحدة واقل قدرة وتطويعها مثل التحالف الشمالي ليس سهلا».

لكن في حالة كون الهجوم الشامل هو السبيل الوحيد لازاحة صدام فإن ذلك يستلزم موافقة ودعم الدول العربية المجاورة للعراق التي سينطلق الهجوم من اراضيها.

ومن المفترض ان يعمل الدبلوماسيون الامريكيون الان على الحصول على موافقة الدول المجاورة للعراق على استضافة القوات الامريكية. وكما حدث في هجوم عام 1991 فإنه يتوقع حشد القوات خلال الخريف تمهيدا لشن هجوم في اواخر الشتاء. ويقول دودج «لم يقوموا بالعمل الدبلوماسي».

وطغت اعمال العنف بين الاسرائيليين والفلسطينيين على الموضوع العراقي مما زاد مهمة واشنطن في الحصول على دعم الدول العربية حول العراق اكثر صعوبة.

وفي 1990/1991 حرص الدبلوماسيون الامريكيون على عدم قيام اسرائيل بما يغضب الرأي العام العربي في الوقت الذي شكلت فيه واشنطن تحالفا دوليا لمحاربة العراق. وهذه المرة كانت حكومة بوش الابن اكثر دعما للموقف الاسرائيلي وبلغ ذلك ذروته في الدعوة الى استبدال القيادة الفلسطينية.

ويقول دورج «اذا كنت على وشك غزو العراق فلا ينبغي عليك البدء بالدعوة الى التخلص من عرفات». (الوطن الكويتية)

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا