الغرب والإسلام في وسائل الإعلام.. ندوة

أختتمت الندوة الدولية التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) حول "الغرب والإسلام في وسائل الإعلام" أعمالها في لندن.

ودعت الندوة في البيان الختامي، وسائل الإعلام في الغرب وفي البلدان الإسلامية عموما، لتحري الحقائق الموضوعية في نقل الصور المتبادلة، سواء أكانت في شكل أخبار، أم تقارير صحافية، أم رسائل إعلامية، أم أفلاما تلفزيونية توثيقية، أم بحوثا ودراسات عن قضايا الحياة العامة، أو موضوعات تتناول الجوانب التاريخية والثقافية والحضارية، وإلى أن يكون القصد النبيل الذي يحكم العملية الإعلامية برمتها، هو خدمة المتلقي، قارئا كان أو مستمعا أو مشاهدا، بنقل الحقائق إليه، وعدم ترويج الأباطيل بأي صورة من الصور، وأيا كانت الصيغة الإعلامية المستخدمة في التغطية، أو في التعليق أو في التقرير أو في الدراسة إو في التحقيق الصحافي، أو في أي فن من فنون العمل الصحافي الإعلامي.

وأكدت على أن الإعلام النزيه والموضوعي هو الوسيلة الأكثر نجاعة لإقرار قواعد متينة لعلاقات دولية متفاهمة ومتجانسة ومتماسكة، تعزز الأمن والسلم الدوليين، وتخلق الأسباب التي تؤدي إلى التعاون الإنساني، وتساهم في ا ستقرار العلاقات الدولية في ظل التعايش الحضاري الراقي.

وأهابت بالقائمين على الإعلام الغربي، وبالعاملين في مراكز البحوث والدراسات والجامعات الغربية، إلى توخي الصدق العلمي والنزاهة الفكرية والموضوعية المهنية، في إبداء الرأي وفي الحكم على الظواهر والأحداث والوقائع والمواقف التي تصدر عن العالم الإسلامي، وفي إتخاذ المواقف والقرارات بمقياس العدل والحق والإنصاف، وذلك تجنبا للخلط بين المسلمين عامة باعتبارهم أمة سلام وإخاء وتعاون وتعايش، وبين فئة أو عناصر تنتمي إلى المسلمين ترتكب جرائم وتمارس أعمالا تجرمها القوانين الوطنية والدولية، ولا تمثل في شيء من قريب أو بعيد الإسلام، على أي نحو من الأنحاء.

وأكد المشاركون في الندوة إدانتهم الكاملة للإرهاب بكل أشكاله وصوره ومستوياته، ودعوا إلى التفرقة بين الإرهاب وبين حق الشعوب المحتلة أراضيها، في مقاومة الاحتلال، والعمل من أجل استقلالها ونيل حقوقها الوطنية المشروعة.

وأعلنوا تأييدهم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية المستقلة. وناشدوا المجتمع الدولي تعزيز هذا الحق ومساندته والعمل على تسريع عملية السلام القائم على العدل والشرعية الدولية. ودعوا المجتمع الدولي إلى التحرك السريع للضغط على إسرائيل من أجل وقف عدوانها على الشعب الفلسطيني، والانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية المحتلة.

كما أكدوا على أن العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي يجب أن تقوم على الإحترام المتبادل، وعلى مباديء القانون الدولي، وأن تكون علاقة تعاون لا علاقة مواجهة، تتجه نحو خدمة الأهداف الإنسانية السامية، وتحقيق الرخاء والرفاهية للشعوب الغربية والإسلامية على السواء، وبناء القواعد السلمية لعالم جديد يسوده القانون الدولي ويتعايش فيه الجميع تحت مظلة الشرعية الدولية.

وأظهرت العروض والمداخلات التي قدمت إلى الندوة، أن العلاقة بين الغرب بصورة عامة، وبين الإسلام عقيدة وثقافة وحضارة وأمة، تخضع لقدر كبير من التأثيرات الناتجة عن تاريخ طويل من المواجهات، كان آخرها الاستعمار الغربي لبلدان العالم الإسلامي، وأن هذه المواجهات قد أثرت على الفكر الأوروبي إجمالا، وعلى الرؤية الغربية في إطارها العام إلى الإسلام والمسلمين.

وكشفت الندوة أن هذه العلاقة تفتقد اليوم صفة الندية من جراء التفاوت الملحوظ في العديد من مظاهر التقدم الاقتصادي والعلمي والتقاني والثقافي، وفي نظم الحكم والإدارة وتدبير الشأن العام، بين الدول الغربية وبين دول العالم الإسلامي، وهو الأمر الذي له تأثيره القوي في تحديد معالم الصورة النمطية التي لدى الغرب عن الإسلام على وجه الإطلاق، وهو الدين الذي يرتبط في المخيلة الغربية بكثير من الأوهام وسؤ الظن والأحكام المسبقة التي لا تقوم على أساس سليم ولا تستند إلى حقائق التاريخ وإلى المباديء والقيم التي جاء بها الإسلام، رسالة من الله إلى البشرية جمعاء، تهدي إلى الخير والحق والفضيلة والمساواة في الحقوق والواجبات بين البشر جميعا.

ووضح من خلال العروض والدراسات أن الرؤية التحليلية للعلاقة القائمة بين الغرب والإسلام، تؤكد وجود ركام كبير من الترسبات المتوارثة التي تمنع من الفهم السليم لرسالة الإسلام السماوية، والتي تحول دون المعرفة الصحيحة لطبيعة المجتمعات الإسلامية، مما يؤدي إلى حجب الرؤية الواضحة إلى الحقائق الثابتة والمعطيات الصحيحة عن الإسلام وعن العالم الإسلامي بشكل عام.

وأكدوا على ضرورة الالتزام بقواعد العمل الإعلامي الهادف إلى البناء لا الهدم، وإلى إشاعة قيم التسامح لا التباغض، وإلى تعزيز الحوار لا الصراع، وإلى تغليب المصالح الحقيقية المتبادلة بين الغرب والعالم الإسلامي، وإلى تحكيم منطق تبادل المنافع بدلا من تبديد فرص التعاون الشامل الذي يخدم الأهداف الإنسانية النبيلة..

وقال الدكتور التويجري المدير العام للإيسيسكو في كلمته الختامية: "لقد خرجنا من هذه الندوة بتصور واضح للمشهد الإعلامي الغربي في الجوانب المتعلقة منه بالتعامل مع قضايا الإسلام والعالم الإسلامي، بحيث وضحت لنا معالم الصورة النمطية غير الصحيحة التي تروجها بعض وسائل الإعلام في الغرب عن الإسلام والمسلمين، واستخلصنا من العروض والدراسات وأوراق العمل التي قدمت، ومن المناقشات والتعقيبات التي جرت، ومن الأفكار ووجهات النظر والاجتهادات والتصورات التي طرحت، نتائج نراها ذات أهمية بالغة، ستساعدنا في معرفة الحقائق الكامنة وراء المواقف التي تتخذها بعض وسائل الإعلام الغربية تجاه كل ما له صلة بالإسلام والمسلمين على وجه الإجمال".

وأضاف قائلا: "استطعنا من خلال هذه الندوة، أن نتعرف على الأبعاد الحقيقية للقضية التي اجتمعنا من أجل مناقشتها، ونستطيع أن نؤكد أن الاستمرار في تشويه صورة الإسلام والمسلمين لدى الرأي العام الغربي، من خلال التشويه المتعمد للحقائق والتزييف المقصود للمواقف، والإزدراء المدبر بالدين الإسلامي؛ من شأن ذلك كله أن يتسبب في الإضرار بالمصالح المشتركة بين الغرب وبين العالم الإسلامي، وأن الضرورات الحياتية الملحة، والحرص على حماية هذه المصالح، وهي كثيرة ومتشعبة وذات امتدادات في ميادين متنوعة، منها العلاقات الدبلوماسية والتبادل التجاري والاقتصادي والتعاون المشترك على العديد من الأصعدة، وفي قضايا بعضها ذات حساسية ولهاتأثير مباشر على استقرار المجتمعات وأمنها وسلامتها ـ أقول إن هذا كله يدعونا جميعا إلى أن نبدأ صفحة جديدة من علاقلات التعاون، تحقيقا للأهداف الإنسانية النبيلة،  وفي إطار من ا لاحترام المتبادل والالتزام بقواعد القانون الدولي وبالمواثيق والإعلانات والأوفاق الدولية التي تنظم علاقات الحكومات والشعوب والأمم بعضها مع بعض".

وقال إننا ندرك جيدا أن ندوة واحدة مهما يكن مستوى نجاحها، لن تفلح في إزالة ركام من العقد والمخلفات والأفكار المسبقة، وسوء الظن والشك والإرتياب والإتهامات ا لباطلة والشبهات التي لا تقوم على أساس، والتصرفات والمواقف التي تسيء إلى الإسلام والعالم ا لإسلامي إساءة تضر بالمصالح المشتركة، وهي مصالح حقيقية، يعد الإضرار بها ضربا من التفريط في الأمانة وتخليا عن المسئولية، وخروجا عن قواعد الرسالة الإعلامية ومباديء العمل الصحافي والإعلامي وأخلاقياته. (اينا)

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا