مؤتمر.. آفاق وتحولات المجتمع المدني في افغانستان

العديد من الملفات العالقة، والتي تتعلق بمستقبل البلاد التي أنهكتها الحروب الداخلية والخارجية يمكن أن تحل في المؤتمر الذي ترعاه المؤسسة السويسرية للسلام ( سويس بيس ) على مدى أربعة أيام، في العاصمة الأفغانية كابول.

هذا المؤتمر هو الثاني من نوعه لممثلي مؤسسات المجتمع المدني في أفغانستان، حيث يشترك فيه مائتا أفغاني وأفغانية من ممثلي المؤسسات المذكورة للبحث في الأمور المصيرية التي تتعلق بمستقبل بلادهم، ومن ثم يخلصون من ذلك البحث إلى توصيات يتقدمون بها إلى ( اللويا جيرغا ) وهو الإجتماع التقليدي الذي عادة ما يعقد من قبل زعماء القبائل، والأقليات العرقية في البلاد وذلك لاتخاذ قرارات مصيرية.

المؤتمر المذكور يعقد بإشراف المؤسسة السويسرية للسلام ( سويس بيس )، وبتمويل سويسري، هولندي، ألماني، بالتنسيق مع اللجنة التحضيرية لاجتماع اللويا جيرغا، والدائرة المدنية لمهمة الأمم المتحدة في أفغانستان التي تعمل بإشراف وزير الخارجية الجزائري الأسبق الأخضر الإبراهيمي.

يجدر بالذكر أن المؤسسة السويسرية للسلام سبق لها أن رعت اجتماعا مماثلا في شهر تشرين الثاني من العام الماضي، على هامش مؤتمر بون الذي كانت الحكومة الإنتقالية التي تسلمت إدارة البلاد بعد سقوط حكم طالبان إحدى ثماره.

المؤتمر الحالي يتميز عن غيره في كونه راعى عملية التوازن بين الفئات، والقوميات، والأجناس التي تعيش في أفغانستان.

فهناك توازن بين المرأة والرجل كممثلين لمؤسسات المجتمع المدني في هذا المؤتمر، حيث كان تمثيل كل منهما شبه متساوٍ، وكذلك الحال بالنسبة للمجموعات العرقية، والإثنية، وغيرها.

يهدف المؤتمر حسب مؤسسة ( سويس بيس ) إلى المساعدة على "إسماع صوت المجتمع المدني الأفغاني في سياق عملية السلام الجارية في البلاد بالإضافة إلى مزيد التعريف بمسار إعداد "اللويا جيرغا" وتعزيز الثقة بها".

وتأمل المؤسسة التي أسست في منتصف العام الماضي "منتدى المجتمع المدني الأفغاني" في أن تتمكن فعاليات المجتمع المدني الأفغاني من المشاركة في رسم وإنجاز عملية السلام وإعادة البناء في أفغانستان على غرار تجارب مماثلةسبق أن ساهمت فيها ( سويسبيس ) بأشكال متفاوتة في مناطق أخرى من العالم مثل غواتيمالا وليبيريا والصومال.

وتعترف سويسبيس بأن هيئات المجتمع المدني في بلد مثل أفغانستان لم يعرف الإستقرار منذ أكثر من عقدين من الزمن، لا زالت مشتتة وضعيفة بل في وضع "جنيني" في معظم الأحيان، إلا أنها ترمي من خلال المنتدى إلى ضمان انخراط النشطاء العاديين وممثلي المغتربين والعاملين في المجالات الحقوقية والمدنية عموما في عملية اتخاذ القرار وفي مسار إقرار السلام وإعادة البناء في أفغانستان.

مشرف الدائرة المدنية لمهمة الأمم المتحدة في أفغانستان الأخضر الإبراهيمي أعرب عن ارتياحه للسير السلمي للتحضيرات الجارية لانتخاب ألف وخمس مائة شخص (من بينهم مائة وستون امرأة وخمس مائة عضو معين) ستتشكل منهم "اللويا جيرغا" التي ستجتمع في كابول منتصف الشهر المقبل لتعيين حكومة انتقالية لفترة تدوم ثمانية عشر شهرا، وعلى الرغم من اعترافه ـ الإبراهيمي ـ بأن الطريقة المتبعة ليست ديموقراطية تماما ولم تخل من بعض التجاوزات، إلا أنه وصفها بـ" نظام ديموقراطي بشكل معقول"!

وعلى الرغم من الصعوبات التي تقف في طريق المؤتمر الذي سيفتتحه الملك السابق ظاهر شاه في العاشر من يونيو حزيران القادم،تنعقد الآمال على أن تلقى توصيات المؤتمرين صدى أكيدا في ( اللويا جيرغا ) نظرا لتخصيص واحد وخمسين مقعد فيها لممثلين عن المجتمع المدني وثلاثة وخمسين آخرين لمؤيدي الإدارة الإنتقالية بقيادة حميد قرضاي.

عليه يبدو منطقيا حرص مؤسسة السلام السويسرية سويسبيس ـ التي تمولها وزارة الخارجية السويسرية ـ في إطار "التشجيع على البحث العلمي المستقل في مجال إقرار السلام"، من أجل المساعدة على إسماع صوت منظمات ونشطاء المجتمع المدني الأفغاني من خلال التوصيات التي ستصدر عن المؤتمر، خصوصا وأن الحكومة الإنتقالية التي ستتمخض عن ( اللويا جيرغا ) هي التي ستشرف على إعداد الإنتخابات العامة في البلاد في ظرف لا يتجاوز العامين.

توصيات المؤتمر الأول ـ المنعقد العام الماضي ـ لممثلي المجتمع المدني الأفغاني أكدت على ضمان الأمن والإستقرار واستناد السلطات إلى أرضية قانونية وبلورة دستور دائم للبلاد وتعزيز حضور المرأة في كافة مستويات اتخاذ القرار وضمان مشاركة القطاع الخاص في عملية إعادة الإعمار والتركيز على إصلاح النظام التعليمي.

 

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا