في المؤتمر الدولي للحضارات بالقاهرة‏

‏63‏ بحثا ترفض السيطرة الثقافية تحت دعاوي العولمة‏!!‏

أكد البيان الختامي الذي أصدره مؤتمر حوار الحضارات في ختام أعماله أن العالم لا يزال يشهد بقايا الظاهرة الاستعمارية التي تجسدها الهجمة المسلطة علي الشعب الفلسطيني فضلا عن عدة شعوب أخري مما يؤكد خطورة المرحلة التي يمر بها العالم اليوم والتي تتسم بالعديد من التحديات السياسية‏.‏

وجاء في البيان ــ الذي ألقاه الدكتور محمد هريدي مدير مركز دراسة الحضارات المعاصرة الذي نظم المؤتمر ــ ان الواقع لا يزال يشهد تفاوتا في درجات الاتصال بين الشعوب مما أدي الي القصور في التبادل والخلل في التعارف وهو ما نتج عنه تجاهل الآخر أو التعالي عليه‏.‏ مشيرا الي أن مفهوم العولمة مازال يكتنفه بعض الغموض نتيجة تعقده من جهة واختلاف منطلقات تحليله من جهة أخري‏.‏

وأضاف ان التوجه الغالب يقضي باعتبار العولمة ظاهرة معاصرة وفاعلة واذا تخلصت من التوظيفات الايديولوجية والسياسية وأفرغت من بعض ما يعتريها من نزاعات الهيمنة والاحتكار والاستعلاء فانها يمكن بما فيها من طاقات علمية جبارة أن تغدو ظاهرة ايجابية تجسد حوار حضارات الشعوب‏.‏

وأوضح البيان أن ما يبدو من لبس في فهم الحوار انما يرجع الي استفحال صراع المصالح والتخفي وراء ما يتصور أنها أنماط واجبة التطبيق وما يسهم في تعقيد المهمة الحوارية هو احتكار بعض الأطراف المهيمنة عالميا لوسائل التدخل واعتمادها علي سياسات الاملاءات مما يستلزم وضع عدة شروط كتوجهات للحوار تتلخص في ضرورة ندية الحوار والمساواة بين الاطراف المتحاورة ونقد الذات للارتقاء بالحوار ونشر ثقافة الحوار علي الناشئة وتنويع مداخله‏,‏ مع ضرورة مقاومة ثقافة القطيعة وكل أشكال التعصب والثأر وتسهيل انتقال المبدعين والمثقفين وتبادل أفكارهم وابداعاتهم‏,‏ وتشجيع الباحثين علي معرفة التقنية الحديثة واكتساب المهارات والعمل علي احترام الخصوصية الثقافية والاعتراف بالتنوع الثقافي‏.

وكانت القاهرة قد شهدت علي مدي أربعة أيام المؤتمر الدولي للحضارات المعاصرة الذي نظمه مركز دراسة الحضارات المعاصرة بجامعة عين شمس وحضره أكثر من‏50‏ عالما ومتخصصا في دراسة الحضارات من‏11‏ دولة عربية وأجنبية قدموا‏63‏ بحثا وورقة عمل‏.‏

تناول المؤتمر خمسة محاور تضمنت مفهوم العولمة وخلفيتها التاريخية وابعادها السياسية والاقتصادية والثقافية وعلاقتها بالخصوصية الثقافية والنزاعات القومية لكل شعب وموقف الدول النامية منها وحوار الحضارات وعولمة المشلات الانسانية‏,‏ الي جانب المائدة المستديرة التي ناقشت العلاقة بين الجغرافيا السياسية والعولمة في دول حوض البحر المتوسط‏.‏

وأشار د‏.‏ محمد هريدي عميد كلية آداب عين شمس إلي أن مصر بثقافتها وحضارتها العريقة تفتح نوافذها مع الحضارات المعاصرة‏,‏ وقد بدأت حوارها مع تلك الحضارات بالاعتراف بوجود الآخر مؤمنة بتعدد الثقافات والهويات القومية وخصوصية كل شعب التي تميزه عن الشعوب الأخري‏.‏

وحوار الحضارات الذي يواجه تحريف العولمة ليكون ظاهرها حضارة انسانية شاملة وباطنها أمركة مهيمنة علي شعوب العالم‏,‏ يحاول أن يوجد صياغة جديدة للحضارات الانسانية ــ كما يقول الدكتور محمود عودة نائب رئيس جامعة عين شمس‏.‏
ويأتي المؤتمر في وقت ــ وصفه الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي في جلسة الافتتاح ــ بأنه شهد تداعيات خطيرة انعكست سلبا علي العالم كله‏,‏ وأصبحت حاجة شعوبه ماسة نحو مزيد من التضارب وحوار الثقافات المختلفة حتي تكون تأثيرات العولمة ايجابية تستفيد بها الشعوب كلها خاصة أنها تشمل كل جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية‏.‏

وأوضح الوزير في كلمته أنه اذا كانت بعض الشعوب تنظر نظرة غريبة للشعوب العربية فان هذه النظرة العنصرية لا تري الرصيد الثقافي الذي قدمته الحضارة العربية للانسانية‏.‏

والمؤتمر في مجمله ومن خلال أبحاثه المتعددة الزوايا يؤكد حقيقة وحدة الحضارة الانسانية‏,‏ ويلفت العقل الغربي قبل الشرقي الي أن التأثير متبادل بين القوي والضعيف إذ لا توجد قوة تأثير علمي أو سياسي أو اقتصادي لا يكون لها مردود‏,‏ وان كانت الهيمنة السياسيةتحاول أن تجعل من الانسان العربي سوق استهلاك للسلع والأفكار‏.‏

ومن بين الأبحاث يأتي بحث الدكتور حميد فروف من الجزائر حول ثقافة العولمة‏..‏ آلية تحول بين الحتمية والمواجهة الذي يري أن العولمة تعد حدثا تاريخيا يعتمد علي تسييد القوة بمفهومها الأمثل سعيا لمنظومة قيمية شمولية‏,‏ فيما يراها بحث الدكتور علي أصغر مصلح ــ من ايران ــ أهم ميزات عصرنا الراهن حيث وفر العلم والتقنية ظروفا نفكر فيها جميعا حول مصير نوع الانسان علي الأرض وذلك من خلال دراسة تطور ادراك الانسان لنفسه في العصر الراهن علي أساس آراء العالم الصوفي محي الدين بن عربي‏.‏

ويطرح الدكتور حسن فهد الهويمل ــ من السعودية ــ في بحثه عن الثقافة وتحديات العولمة سؤالا يعمل علي التقارب ويفضله علي المواجهة فيقول ماذا علينا لو استبدلنا بالتحدي الحوار أو التفاعل؟ وهل يقبل منا منتج العولمة التطلع الي الندية وتكافؤ الفرص وحرية الاختيار؟ ويأتي جواب تلك الأسئلة في بحث الدكتورة أميرة أمين بآداب بنها عن الانترنت كمصدر للثقافة والاعلام في عصر العولمة‏,‏ مؤكدة أن الانترنت سيكون الأداة الفعالة في تصادم الحضارات بين الشرق والغرب حيث تطمح العولمة لاقتلاع الانسان من جذوره الثقافية حتي ينصاع للنظام الدولي‏,‏ فالغرب ــ من وجهة نظرها ــ يقبض علي العالم ويهيمن بشراسة فارضا مدنيته الحديثة التي لا مجال فيها لاشعاعات الروح‏.‏( الأهرام العربي)

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا