قناة الجزيرة الإثارات المنعكسة

تشكل قناة الجزيرة الحدث الاكثر اثارة في اقاويل الاعلام العربي  وربما العالمي، فقد اصبحت هذه القناة المتحصنة في علبة كبيرت كما قال عنها الرئيس المصري حسني مبارك معرضة للاتهامات بشكل مستمر في كل مرة تفاجئ الجمهور بشيء جديد سواء كانت متهلبسة بالجرم فعلا او بريئة. فالبعض يعتبرها من الصحف الصفراء التي تبحث عن الاثارة الرخيصة بصورة مقنعة بالموضوعية الحصيفة دون ان تراعي المصالح العامة للامة، لكن من الطرف الآخر يدافع البعض عن الجزيرة ويعتبرها الحدث الذي كسر طوق الممنوع وفسح المجال للمواطن العربي ان يعبر عنصوته بشكل حر، وهنا نستعرض بعض ما قالته الصحافة العربية حول قناة الجزيرة بعد اثارت الزوابع من خلال مابثته الاسبوع الماضي حول تنظيم القاعدة.

حيث كتب سعود هلال الحربي في صحيفة الوطن الكويتية  مقالا عن الجزيرة بعنوان ( صهيونية الجزيرة) جاء فيه:

سنوات ونحن نشكك بمصداقية قناة الجزيرة، كنا نعرف حقيقتها وعدوانيتها، من خلال ما كانت تمارسه ضد الكويت على وجه الخصوص من كلام وتجريح ومن خلال ابواقها وبعض المرتزقة التي تجمعهم من شتات الارض، تكلموا، وتبجحوا، وشككوا حتى في عروبتنا واسلامنا، مع ذلك صبرنا لأن الثقة تملؤنا، ولأننا لا نستمع لمن يزايد علينا، وكم أشعر بالمرارة الان وانا اتذكر تلك الوجوه الكالحة والاصوات الناعقة وهي تنهش في جسد الكويت.

ما قولهم الآن وبعد ان بثت الجزيرة الشريط الاخير؟ لماذا هذا التوقيت في اليوم الذي بثت المحطات الفضائية مذابح جنين؟ ما تبريرهم وهم يعرضون سمعة الاسلام والمسلمين ومجانا وعبر الفضاء لكل مصطاد؟ كنا نشكو من الهجوم الاعلامي علينا وعلى الاسلام والان نرى الجزيرة تقدمنا وبكل سرور مادة اعلامية لهم.

هل افاقت بعض الشعوب من غفلتها واكتشفت صهيونية قناة الجزيرة؟ من المتواطىء الان؟ ومن الكاذب والمزايد الان؟ اين العقول التي تدرك حقيقة الامور؟ كنا في الكويت ندرك انه سيأتي اليوم الذي تتكشف كل اوراق الجزيرة، ولكن لم نكن نتوقع ان تنهار وبهذه الصورة المزرية والمهينة لهم ولكل من ساندهم.

قبل سنوات طويلة كتب احد اليهود ان اسرائيل تستفيد من المذابح التي حلت بهم في المانيا ورصدت تلك المذابح اعلاميا، بل استفادت في كسب مشاعر الاخرين ولكنه حذر اسرائيل من نضوب ذلك المعين، وقبل ايام انعكست الاية عليهم فاصبح الاعلام موجها ضدهم وما خفي كان اعظم، ولكن مع الاسف وفي انسب الظروف لكسر اسرائيل اعلاميا، جاء الشريط ليساعد اسرائيل وليحرك كل المشاعر ضد العرب والمسلمين، وفي الوقت الذي بدأت شعوب العالم تتعاطف مع القضية الفلسطينية وتبرز مأساة الشعب الفلسطيني، تقدمت الجزيرة بطعنة للوجدان العربي والاسلامي.

فحسبنا الله ونعم الوكيل على هذه المحطة التي زرعت في قلب العرب والمسلمين وتحالفت مع الشياطين ضدنا، واصبحت تروج للاكاذيب، وتقلب الباطل حقا. واقولها وبصوت مسموع الكويت بلد الخير، وكل من يتطاول عليها تحل عليه اللعنة ولهم وبهم في الاخرين عبرة.

اما نبيل عمر فقد كتب في صحيفة الاهرام المصرية مقالا بعنوان( عندما يكون الطابور الخامس قناة فضائية‏!‏) قال فيه:

نظرية المؤامرة من الهواجس الشائعة في العالم العربي‏,‏ فهي تفسيرات معلبة جاهزة علي الرف نمد أيدينا إليها بحركة لا إرادية مثل المرضي بالهلاوس والخوف المزمن‏,‏ كلما تصطدم عقولنا بما يخفي علينا من أمور تحدث لنا أوحولنا‏,‏ أمور متسترة بقدر من الريبة والغموض‏,‏ ونعجز عن فك طلاسمها أو العثور علي اجابة شافية لها‏,‏ وقد كتب كثيرون عن العقل العربي الشكاك المؤمن بنظرية المؤامرة التي توفر له قدرا من الراحة والسكينة في مواجهة عجزة وتخلفه وافتقاده التفكير العلمي المنظم‏,‏ لتبدو مشكلاته المستعصية كما لو كانت أشبه بأحكام القضاء والقدر‏!‏

وبالرغم من بعض الصحة في التحليل‏,‏ فأننا لايمكن أن نغفل نظرية المؤامرة كليا‏,‏ ليس لأن الغرب صاحب براءة الاختراع واقتصر دور العرب فقط علي الاستخدام‏,‏ ولكن لأنه يستحيل استبعادها تماما من تفسير وقائع تبدو بلا أسباب أو منطق‏,‏ خاصة أن التاريخ الانساني زاخر بالمؤامرات فعلا من أول مؤامرة الشيطان لاغواء بني الانسان إلي مؤامرة حرب الإرهاب الدائرة الآن علي الفلسطينيين‏!‏

وقد لاحت نظرية المؤامرة وحلقت فوق رءوس الكثيرين منذ اذاعت قناة الجزيرة القطرية إعلانها عن شهادات جديدة لقيادات تنظيم القاعدة المتهم بالهجمات الانتحارية الإرهابية علي نيويورك وواشنطن في‏11‏ سبتمبر‏,‏ وانفجرت معها تساؤلات مدوية عن التوقيت والسبب والهدف‏,‏ وهل اذاعة تلك الشرائط هي مجرد شطارة مهنية فحسب أم هي جزء من رسالة إعلامية دأبت الجزيرة علي زرعها في عقول العرب منذ تحليقها في الأقمار الصناعية السابحة في الفضاء؟‏!‏

ولايستطع أحد أن ينكر كفاءة الجزيرة المدهشة وقدرتها الهائلة علي منافسة الشبكات التليفزيونية الغربية والتفوق عليها أحينا في موضوعات بعينها تتعلق بالحال العربي والإسلامي العام أو تقدم اجابات أو حلولا لمسائل لايجدلها الإعلام في الغرب أو صناع القرار منفذا أو مخرجا‏!‏

وطبعا قد يكون هذا الاتهام غريبا‏,‏ ولايستسيغة البعض وهو يري الجزيرة رافعة شعارات وطنية وقومية مدافعة عن الشعوب العربية والمواطن العربي‏,‏ أو وهي تقود حملات التحريض علي الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل‏,‏ أو وهي تنادي بحقوق الانسان وتهاجم الزعماء وحالة الضعف المزرية التي عليها البلاد العربية‏..‏ لكن هل كان يمكن للجزيرة أن تلعب الدور المنوط بها وهي تظهر وجها آخر؟‏!..‏ هل كان سيتاح لها هذا الحضور والزخم وهي تطل علي الناس بوجهها الحقيقي؟‏!‏

ان قيمة أي طابور خامس في مجتمعه هو قدرته الهائلة علي الدفاع عن المصالح الآنية الواضحة قصيرة المدي لها والتسلل إلي مشاعر الناس ليثقوا فيه ويؤمنوا بما يقول‏,‏ حتي يضرب مصالحه الاستراتيجية في مقتل وهو آمن والكل مبتسم له مصدق لما يقول‏,‏ ولا أريد أن أطيل في توصيف سمات الطابور الخامس وطريقة عمله‏!‏

لكن‏:‏ لماذا تواتيني الجرأة وأتهم قناة الجزيرة بأنها طابور خامس‏..‏ وكيف وصلت إلي هذا الاستنتاج الضارب بإطنابه في نظرية المؤامرة التعيسة؟‏!‏

وهذا السؤال تحديدا وجهته لي باحثة في جامعة عربية خليجية تدرس للدكتوراة الجامعية في الفضائيات الأخبارية العربية‏..‏ فقلت لها أن الخطاب يقرأ من عنوانه‏,‏ وأي متابع دقيق لبرامج الجزيرة ومحلل لرسالتها الإعلامية سيكتشف بسهولة أن إسرائيل لو ارادت أن تصنع قناة فضائية مجهولة المصدر تتسلل من خلالها إلي خلايا العقل العربي وتضربه لن تكون أفضل من الجزيرة بأي حال من الأحوال‏!‏

فسألتني‏:‏ بالرغم من التحريض الدائم علي إسرائيل والولايات المتحدة؟‏!‏

فقلت‏:‏ هذا أساس الرسالة ومصدر قوتها‏..‏ لن أتحدث عن أخبار التبرعات المالية التي أرسلت إليها من إسرائيل والتي نشرت أخبارها في عدد من الصحف الإسرائيلية دون أن تكذبها الجزيرة أو تنكرها‏,‏ ولا عن الحفاوة البالغة التي تقابل بها المنظمات اليهودية الأمريكية صاحب الجزيرة الأول كلما زار واشنطن‏!‏

دار هذا الحوار وصاحبته حية ترزق قبل الإعلان عن شريط أحمد الغامدي بأسبوع تقريبا‏,‏ والحرب الإسرائيلية الوحشية علي أشدها ضد الشعب الفلسطيني‏,‏ وأنهيته بعبارة طرأت علي فكري دون ترتيب‏:‏ سوف تظهر الجزيرة شيئا يشد الانتباه بعيدا عن هذه الحرب أو تقدم تبريرا لها وأعطيت لها بعض الأوراق التي تساعدها في الدراسة‏!‏

ولهذا لم تصبني الدهشة حين خرجت علينا الجزيرة بحكاية الشريط واعترافات جديدة لقادة القاعدة ترقي مرتبة الاعتراف بجريمة الإرهاب البربرية في‏11‏ سبتمبر‏!‏

وهي شرائط لو أذيعت في وقتها‏,‏ لامها أحد ولاحامت الشبهات حولها‏..‏ وسوف نبدأ رحلة الاجابات الشاقة في صحراء الجزيرة القطرية من سؤال بسيط‏:‏ كيف حصلت الجزيرة علي الشريط؟‏!‏

بالقطع من ثلاثة مصادر أساسية لا رابع لها‏.‏

الأول‏..‏ من صناع الشريط‏..‏ أي من تنظيم القاعدة نفسه‏,‏ وتنظيم القاعدة منذ الحملة الأمريكية عليه في أكتوبر الماضي وهو في حيص بيص‏,‏ يفر أعضاؤه بحياتهم وأيامهم من أمام القنابل العنقودية والصواريخ الموجهة والقصف العنيف المتواصل والتفتيش في زوايا الجبال والكهوف عنهم‏,‏ وقد تركوا وراءهم العشرات من الوثائق السرية والمستندات الدامغة علي التفكير في صناعة قنبلة ذرية والكتب الارشادية عن استخدام القنابل والمتفجرات وزرعها في المحطات الكهربائية النووية‏,‏ ومعها مئات الأطنان من الأسلحة والذخائر وآلاف الأسري الذين رحلوا كالعبيد إلي خليج جوانتانامو‏,‏ لان الهارب لايفكر إلا في الفرار بجلده أولا‏,‏ وهنا تبدو المحافظة علي هذه النوعية من الشرائط أمرا مستغربا‏,‏ فهل احتفظوا به لان عليه الاعترافات ويخشي أعضاء التنظيم أن تسقط في أيدي القوات الأمريكية‏..‏ هذا السبب نستبعده علي الفور إذا كانوا هم وراء وصوله إلي الجزيرة وطلب اذاعته‏,‏ فالأمريكان أيضا كانوا سيذيعونه ويهللون له‏..‏ وإذا كان تنظيم القاعدة هو الذي يريد اذاعة الشريط‏.‏

والاعترافات‏..‏ فلماذا لم يفعل ذلك منذ البداية بدلا من حالة الجبن والخنوع التي ركبته بعد عملية ضرب البنتاجون ومركز التجارة العالمي بالطائرات المنتحرة؟‏!..‏ وكان ذلك هو الأوقع حتي لاتبدو العملية عبثية‏..‏ وعدم إعلانه المسئولية عنها وقتها جعلها بلا قيمة سياسية علي الاطلاق‏..‏ فباتت أقرب إلي جريمة جنائية منها إلي جريمة سياسية‏,‏ كما لو أن معتوها أشهر سلاحه في ميدان عام واصطاد به المارة عشوائيا‏!‏

فلماذا يعترف تهغيم القاعدة‏/‏كي التوقيت الخاطيء الآن‏.‏ وما الذي يمكن أن يجنيه بهذا الاعتراف سوي مزيد من الاحتقار واللوم‏!‏

ومن الجنون أن أسأل‏:‏ وكيف خرج الشريط من جبال أفغانستان المحاصرة بالقوات الأمريكية‏..‏ وكيف وصل إلي الدوحة؟‏!‏ لأن الاجابة قد تخرج بنا إلي متاهات أخري تتوه فيها القضية الأساسية‏,‏ لكن يكفي الآن أن نضع هذا السؤال في الاعتبار‏!‏

ثانيا‏..‏ هل جاء الشريط من مراسل للجزيرة يعيش مع تنظيم القاعدة؟‏..‏ هذا مستحيل لأسباب كثيرة‏...‏ فالقاعدة مثل بقايا جيش مهزوم يجري علي الطريق منهك القوي‏,‏ ومن يذهب إليه لن يعود منه‏!‏

ثالثا‏..‏ من المخابرات الأمريكية‏..‏ علي أساس أن القوات الأمريكية قد عثرت عليه وهي تفتش مخابيء التنظيم وملاجئه‏,‏ ورأت أنه من المناسب الآن أن يذاع كجزء من مؤامرة الحرب علي الفلسطينيين‏,‏ وتذكير العرب بأبنائهم الإرهابيين الذين قتلوا ثلاثة آلاف مدني في نيويورك وواشنطن‏,‏ وفي توقيت بدأت فيه بعض وسائل الإعلام الغربية تصف الأعمال الوحشية الإسرائيلية بالإرهاب وجرائم الحرب‏,‏ وقطعا ستنقل وكالات الإعلام الغربية والمحطات الفضائية العالمية بعضا من هذه الاعترافات‏,‏ فتعيد صياغة الرأي العام الذي يحس بتأنيب الضمير من الأفعال الإسرائيلية‏!‏

هذه هي الاحتمالات الثلاثة‏..‏ فنرجو من الجزيرة أن تختار واحدا منها أو تقدم بدائل أخري‏,‏ دون أن تتعلل بحماية المصادر‏,‏ لان القضية لم تعد مهارة مهنية نرفع لها القبعة‏,‏ وانما دور مشبوه تلعبه بمهارة ولم يقدر عليه الطابور الخامس الذي صنعه هتلر في بريطانيا في الحرب ابان الحرب العالمية الثانية‏!‏

ولماذا أصلا نختصر المسافة إلي هذا الشريط ونعود إلي الدليل الذي كانت تبحث عنه الولايات المتحدة وهي تنقب في عقلها ودفاترها وأوراقها عن المشبوهين‏..‏ ونسأل‏:‏ من الذي قدم الدليل أصلا؟‏!..‏ ومتي قدم هذا الدليل؟‏!‏

لايحتاج العقل لإعمال بحث كثيرة‏,‏ وإذا استرجعنا أحداث افغانستان‏..‏ لو ضحت أمامنا الصورة أكثر وأكثر‏,‏ فالجزيرة مشكورة هي التي قدمت الدليل الذي عجزت المخابرات الأمريكية في واشنطن عن العثور عليه‏,‏ في شرائط بن لادن الشهيرة‏..‏ كما اذيع الدليل عشية الحملة الأمريكية علي أفغانستان ليعزف ألحان التبرير لها في آذان الرأي العام العربي والإسلامي‏,‏ ويصاحب سقوط القنابل والصواريخ والغارات الجوية والكثيفة‏!‏

ولسنا ضد أن تقدم الجزيرة الدليل‏,‏ فهو عمل جيد‏,‏ لكن عليها أن تقدمه بوجهها الحقيقي وليس المزيف‏.‏

باختصار ما صنعته الجزيرة من اذاعة شريط أحمد الغامدي وأيمن الظواهري هو استكمال لمهمة بدأتها مند سنوات‏,‏ وتنفذها بنجاح بالغ ومهارة مهنية لامثيل لهما في أي مؤسسة قطرية أخري يمكن ان نستدل بها ونعتبرها عملا له شبيه‏,‏ كما لو أن الجزيرة جزيرة خاصة لاتمت بصلة للأرض التي تتحرك عليها‏!‏

واذا حللنا البرامج التحريضية والصراخ الذي تبثه الجزيرة وأنين الضحايا الفلسطينيين‏,‏ والاتهامات بالخيانة والدعوة إلي الحرب العشوائية وجرجرة الشارع العربي إلي حالة من تعظيم الاحساس بالاحباط واليأس فكل ذلك جزء من استراتيجية تبنتها الولايات المتحدة وإسرائيل‏,‏ ولكن هذا موضوع آخر‏!‏

اما سوسن الشاعر فانها انتقدت البعض من الجمهور والمثقفين الذي يتسابقون على هذه قناة في مقالة في صحيفة الوطن تحت عنوان(الجزيرة والمآرب الاخرى) جاء فيها:

لا استطيع ان افهم او استوعب (التعاون) الذي اراه بين بعض البحرينيين وبعض الكويتيين وبين قناة الجزيرة؟ لا استطيع ان امتص غضبي وانا اسمع بحرينيا يتصل بهذه القناة لينقل لها اخبار البحرين بالصورة الوحيدة التي تقبل هذه القناة ان تنشرها وهي الصورة السلبية؟ ما غرضهم؟ ما هدفهم؟ فهي ليست ممن ينطبق عليه القول «من اضطر غير عاد ولا باغ» هناك قنوات اخرى لا تقل عنها مستوى، فلا تعنيني درجة الحرفنة وارتفاع مستوي المهارة في اي كيان او اي مؤسسة كمعيار لقبول التعاون معها، المسألة عندي مسألة مبدأ، فحتى الكيان الصهيوني بفضل كوادره الاوروبية الغربية وبفضل امريكانه وبفضل الدعم الامريكي له تعمل مؤسساته بدرجة عالية من الحرفنة فهل هذا يبرر التعاون معهم؟

لا يمكن ان يدعي احد على هذه الارض بانه لا يرى تعمد هذه القناة انتقاء الاخبار الخاصة ببعض الدول العربية انتقاء ينفي عنها اي ادعاء بالحيادية والموضوعية ومنها الاخبار الخاصة بالبحرين وبالكويت بالذات، لا يمكن لاحد ان يتجاهل توجه هذه القناة واهدافها او يدعي حسن النية، او ان هذه القناة تبحث عن الحقيقة؟ من يقول بهذا فهو اما ساذج او متذاكي (حرصت على تحسين اللفظ)!

حين اسمع اي بحريني يتحدث عن شأننا المحلي في هذه القناة اشعر بطعنة حقيقة اتساءل فيها عن جذور هذا الحب الوطني الذي يتنادون به، لا ارغب بالتشكيك في وطنية احد هكذا اعتباطا وادعي بأنني الاكثر وطنية، لكن من حقي كبحرينية ان اسأل هؤلاء كيف يطاوعك قلبك ان تسلم جهة تعرف انها تتصيد لكل ما يسيء لارضك، تسلمها ما تبحث عنه؟ كيف لا تستصرخك وطنيتك واحساسك بان غسيلك انت أولى به مهما كانت قذراته، كيف تكشف عورتك تطوعا لشخص يضع كل عدسات التصوير خصيصيا لهذه اللحظة؟! (اثناء الاحداث التي صاحبت المسيرات التضامنية مع فلسطين تطوع بعض البحرينيين في نقل صورة مبالغ فيها عن الاضطرابات الامنية حتى خلنا انه يتحدث من مكان غريب وليس المكان الذي نحن فيه معهم؟).

المسألة لا علاقة لها بحرية التعبير ولا علاقة لها بالشفافية ولا علاقة لها بالجرأة فهناك مليون وسيلة ووسيلة لتعبر فيها عن رأيك، وان لم تجد فالصمت ابلغ الف مرة من التعاون مع جهة تعرف موقفها من وطنك.

قبل عدة سنوات كنت في زيارة للشقيقة قطر امثل البحرين في ندوة نظمتها اليونسيكو كان حضور القناة المذكورة بارزا حتى ظننا ان الندوة مخصصة لها فحسب، ورغم احترامي (لبعض) مذيعي هذه القناة كالزميل كريشان الا انني تمسكت بموقفي وبشدة واخبرته هو وآخرين من مذيعي هذه القناة الذين حاولوا اجراء مقابلة معي من أي نوع! حتى انهم عرضوا علي انتقاد القناة بكامل حريتي ان شئت الا انني كنت واضحة وصريحة بان الموقف موقف مبدئي بالنسبة لي، بل وأخبرت مديرها انهم كعصاة موسى «لهم فيها مآرب اخرى» ولمت وقتها الوفد الكويتي الذي تسابق لزيارة مبنى هذه القناة بل وتسابق للظهور فيها رغم علمه بموقف القناة من قضاياه الوطنية!.

احيانا اعطيهم عذر الدببة اقتداء بالدبة التي ارادت الخير لصاحبها حين حطت الذبابة على وجهه، واحيانا يتوارى اي عذر خجلا لا من حنقي وغضبي بل من شدة وضوح الصورة التي عليها هذه القناة فلا اجد شيئا اطفىء به ذلك الغيظ سوى «حسبي الله ونعم الوكيل».

ما العمل وهناك في وطننا العربي من يغلبه حماسه ويضعفه اغواء الظهور موهما نفسه انه يضرب العصفورين بحجر حين يتعاون مع هذه القناة، حجر (خدمة) وطنه رغم علمه انه لا يمكن ان تنشر ايجابية واحدة الا بغرض تشويهها، وحجر (شهرته) وهذا هو الأهم!.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا