ندوة عن حقوق الإنسان في الإسلام بالأمم المتحدة

أوضح الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، الدكتور عبد الواحد بلقزيز، أن الدين الإسلامي امتاز عن غيره من الديانات والشرائع بكونه جاء بمفهوم جديد واسع لحقوق الإنسان ذي أبعاد أشمل وأعم، تتجلى في مفهوم " الكرامة الإنسانية " النابعة من علاقته بخالقه وبالعلاقات بينه وبين الجماعة التي يعيش فيها، إضافة إلى أنه يأخذ في اعتباره المشاعر النفسية والاعتبارات المعنوية والروحية التي تدخل في عناصر كلمة " الكرامة " للإنسان.
جاء ذلك في الكلمة التي افتتح بها الأمين العام أعمال ندوة "حقوق الإنسان في الإسلام" التي نظمتها الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي في مقر الأمم المتحدة بجنيف، والتي بدأت أعمالها يوم 14 مارس 2002م. وبين أن تحقيق الكرامة الإنسانية يقتضي توافر عناصر عديدة، كالعدالة الاجتماعية والمساواة بين أبناء المجتمع بمختلف فئاتهم وطبقاتهم وعقائدهم، ويوجب تطبيق الديموقراطية بمفهومها الواسع، ونزاهة القضاء واستقامة الحكام وضمان الحريات العامة، مشيرا إلى أن هذه المنطلقات هي الأساس الذي بنت عليه منظمة المؤتمر الإسلامي اهتمامها بحقوق الإنسان، ودفعتها إلى صياغة عدد من المعاهدات والمواثيق الخاصة بهذه الحقوق، كإعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام وغيره.

ونفى الأمين العام أن يكون لهذه الندوة أية صلة بتداعيات أحداث الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001م، لكنه أشار إلى أن هذه الأحداث وما أعقبها من تطورات جعلت موضوع الندوة موضوعا ذا صلة وثيقة بالوضع الدولي الراهن، وما تفرع عنه من ملابسات وقضايا تخص الإسلام والمسلمين، مما يجعل من هذه الندوة مناسبة سانحة لجلاء موقف الإسلام من كثير من المستجدات التي تجري على الساحة الدولية في هذه البلدان الأوروبية.

ورأى الدكتور عبدالواحد بلقزيز أن الهجمة على الإسلام ونعته بأنه دين لا يأبه لحقوق الإنسان ، وتصدي البعض لمهاجمة الحضارة الإسلامية ، يدخل في باب التجني الفاضح على الإسلام وأهله.

وقال في هذا الصدد: " لقد رأينا كيف أن دولا تتشبث بمبادئ الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة قد تنكرت لهذه المبادئ، عندما تعرضت لهجوم إرهابي شنيع أدانته بلاد العالم أجمع ، وفي طليعتها الدول الإسلامية، وقامت بعض تلك الدول بارتكاب مخالفات وأعمال انتقامية ضد أبرياء بكيفية لا تقرها العدالة الداخلية ولا الدولية، وتتعارض تماما مع مبادئ احترام حقوق الإنسان واحترام الحريات العامة؛ الأمر الذي يثبت هشاشة تقدير هذه الدول لتلك المبادئ ".
ودعا الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي في ختام كلمته إلى فرض احترام حقوق الإنسان التي عدها مكسبا عظيما للبشرية، من شأنه أن يساعد على استتباب العدالة وتعزيز سيادة الطمأنينة والرضى وقبول الغير، ومن ثم سيخطو بالإنسانية إلى آفاق واعدة من السلم الاجتماعي والرفاه والازدهار والتقدم والعيش الكريم، متمنيا للمحاضرين والمشاركين في الندوة النجاح والسداد في مداولاتهم.
وعقب ذلك بدأت أولى جلسات الندوة التي رأسها الدكتور مراد هوفمان، المستشار القانوني للمجلس الإسلامي المركزي في ألمانيا والدبلوماسي السابق، وقدمت في هذه الجلسة ثلاثة بحوث أولها بعنوان " الحرب ضد الإرهاب وتأثيرها على حقوق الإنسان " للدكتور أحمد المفتي، المدير العام لمركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان بجمهورية السودان، والبحث الثاني بعنوان " حق تقرير المصير " للدكتور حسين مهروبور، أستاذ الفقه الإسلامي والقانون ومستشار رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أما البحث الثالث فكان بعنوان "الحقوق القضائية والجزاءات والعقوبات " للدكتور عمر جاه، الأستاذ بالمعهد الدولي للفكر الإسلامي والحضارة بماليزيا، ومن ثم دارت المناقشات حول مواضيع هذه البحوث الثلاثة.
وناقشت الندوة التي دامت يومين ( 14 - 15 مارس 2002م ) بحوث مقدمة من عدد من المفكرين والباحثين والعلماء، إضافة إلى دبلوماسيين وجهت لهم الدعوات للمشاركة في أعمال هذه الندوة وإثراء برنامجها برؤاهم حول موضوع حقوق الإنسان في الإسلام، من أبرزهم: الدكتور محمد سليم العوا، المفكر الإسلامي المصري، والدكتور أحمد صدقي الدجاني، عضو المجلس الوطني الفلسطيني وعضو الأكاديمية الملكية المغربية، والدكتور الشاذلي القليبي، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، والدكتور عبد الكبير العلوي المدغري، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا