من الحصاد العلمي لعام 2001م

حصاد العام من الإنجازات العلمية والتقنية والصناعية كانت كعهدها، لا سيما في السنوات الأخيرة، كثيرة ومتنوعة ومهمة، منها ما كان يتعلق بالطب والجراحة والعقاقير الجديدة، ومنها ما يتعلق بالطب الاستنساخي والخلايا الجذعية التي تبشر مستقبلاً بعلاج العديد من الأمراض المستعصية، ومنها ما له علاقة بالاكتشافات الفضائية. كذلك خطت الابحاث المتعلقة بالكومبيوتر والبرمجيات خطوات واسعة للأمام، كما سلطت الأضواء على الأبحاث المتعلقة بإنتاج الكومبيوترات المستقبلية التي ستكون ذات سرعة عالية من شأنها أن تقلب حياة الإنسان رأساً على عقب. وتأكيداً على ذلك ذكرت مجلة (سيانس) العلمية أن تطوير الدائرة الالكترونية التي لا يزيد حجمهما على حجم الجزئ المنفرد يعد أهم انجاز علمي شهده عام 2001، وكان الباحثون في جامعة هارفرد الأميركية قد طوروا دائرة الكترونية تقاس بـ (النانومتر) وهو جزء من مليار جزء من المتر ويتطلب الأمر تجميع مليون دائرة منها ليصل حجمها إلى حجم حبة الرمل، وهو الانجاز الذي سيؤدي إلى انتاج أجهزة كومبيوترية فائقة السرعة والقوة، فضلاً عن روبوتات طبية صغيرة الحجم جداً لأستخدامها في عمليات التشخيص والفحص وربما الجراحة الدقيقة أيضاً. وقالت اللجنة التي أشرفت على عمليات التقييم العلمي لأهم منجزات عام 2001 أن ثمة إنجازاً آخر يشكل أهم الانجازات هذا العام، وهو رسم الخريطة الأطلسية لنحو 66 فصيلة من الأحياء النباتية والحيوانية حتى الآن، والحبل على الجرار.

ومن الأبحاث الجديدة أيضاً ما يتعلق بالكومبيوترات الكمية التي كثر الحديث عنها حالياً، خاصة إنها تركز على نظرية التشابك لعناصر رئيسية في مجال البرمجة والاتصالات الكمية. ورغم ما يردده العلماء من أن احتمال تصميم كومبيوترات كمية ما يزال مسألة مستقبلية، فإن تحقيق التشابك والمحافظة عليه سيكون مهماً لكل عملية سواء لمعالجة البيانات أو أرسالها. وهذا هو سبب الإثارة بعد نشر تقرير لعلماء في الدنمارك استطاعوا أن يشبكوا مجموعتين كبيرتين من الذرات في حاويات مجاورة. ويمثل هذا العرض الأول لعملية التشابك بين مجموعتي ذرات كبيرتين ومنفصلتين في ظروف درجة حرارة الغرفة ولفترة طويلة زمنياً نسبيا.

ولا تعتبر جهود هؤلاء العلماء الأولى من نوعها، فمثلاً في السنة الماضية قام علماء في معهد المقاييس والتكنولوجيا في ولاية كولورادو الأمريكية بعملية تشابك لأربع ذرات. وقد أستطاعت الذرات في هذه التجربة أن تحقق التشابك من خلال التفاعلات القريبة من بعضها البعض. ومع أن هذا يمثل الأساس في البرمجة الكمية، لكنه لا يناسب الأتصالات الكمية، إذ يجب تحقيق التشابك على مسافات بعيدة.

لكن العلماء تمكنوا من تحقيق تقدم في هذا المجال باستخدام أشعة الليزر ليشبكوا الذرات في حاويتين تبعدان عن بعضهما البعض بضعة مليمترات وتحقق لهم ما أرادوا.

وفي الواقع فإن هذه الفكرة كانت مستقبلية حتى وقت قريب وأثارت الكثير من الجدل. لكن الاختبارات على الفوتونات، وهي كميات الطاقة التي شبكت ببعضها البعض، أظهرت نجاحات في امكانات تنفيذ (التنقل اللاسلكي) لمسافات ضئيلة.

الاستنساخ والخلايا الجذعية

على صعيد آخر انتج العلماء الأميركيون قبل شهر مجموعة من الأجنة البشرية المستنسخة من أجل استخدامها كمصدر للخلايا الأصلية التي تستخدم في علاج بعض الأمراض المستعصية.

والجدير بالذكر أن إنتاج أول جنين بشري كان في الفلبين منذ عامين، لكن تلك الأجنة لم يفصح عن مصيرها حتى الآن.

وقال مايكل ويست رئيس شركة (سيل تكنولوجي) في ولاية ماساتشوسيتس الأميركية أن إنتاج أجنة بشرية هو الخطوة الأولى من أجل إنتاج أعضاء أو حتى كائن بشري سليم من دون اختلاطات. وأضاف ويست، الذي ترأس البحث الجديد، أن عملية الاستنساخ سوف تواجه معارضة أخلاقية عامة تماماً كما حدث عندما ابتكر البريطانيون طريقة الإلقاح في الأوساط المخبرية من أجل الإنجاب، لكن الآن أصبحت تلك العملية روتينية وتحل مشكلة كبيرة للعقيمين.

ويتوقع أن يصبح الاستنساخ مسألة عادية في المستقبل. والمعلوم أن الرئيس الأميركي جورج بوش أعلن مراراً أنه يعارض عمليات الاستناخ ما لم تكن لغرض علمي واضح، وفي جلسة طارئة لمجلس العموم البريطاني صدر قرار بتحريم استنساخ الإنسان رغم أن بريطانيا أكثر دولة متطورة في هذا المجال.

ويركز الأطباء حالياً على عمليات الاستنساخ العلاجية فقط، أي تطوير الجنين لمرحلة الخلايا المتعددة، أي الخلايا الجذعية واستخدامها في معالجة أمراض لا يمكن علاجها حالياً مثل السكري والزهايمر ومرض باركنسون والشلل... الخ. وقد جاء هذا التركيز بعدما حذر عالمان بارزان من بريطانيا والولايات المتحدة من مغبة إجراء عمليات لاستنساخ البشر بوصفها عمليات محفوفة بالمخاطر العلمية والأخلاقية، ولا تتسم بروح المسؤولية التي يجدر بالعلماء والباحثين التحلي بها، وقالا أن تقنيات الاستنساخ خطيرة. وورد هذا التحذير على لسان العالم إيان ويلموث الذي أشرف على استنساخ النعجة دولي والباحث في معهد روزلين في اسكوتلندا، وزميله الأميركي البروفسور رودولف جاينتش الاختصاصي بتقنيات الاستنساخ في معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا. وقالا أن إمكانيات الاستنساخ محدودة، إذ يمكن تطوير عدد محدود فقط من الأجنة وابقاؤها حية لوقت طويل، وإن حدث وأمكن استنساخ إنسان مثلاً فإنه سيعاني من عيوب خلقية وسيزداد عداء الجمهور لمثل هذه العمليات، خصوصاً في حالات اخفاقها. وتأتي هذه الدعوة في أعقاب أعلان البروفسور الإيطالي سيفيرينو انتينوري والعالم الأميركي بانايوتس زافوس وباحثين آخرين عن توجههم لاستنساخ إنسان في دولة تقع على ضفاف البحر الأبيض المتوسط.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا