الآخر في الخطاب الغربي

«النظرة إلى الآخر في الخطاب الغربي»، كتاب جديد لجان جبور، أستاذ مادة الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية، صدر حديثاً عن «دار النهار للنشر» ويرصد فيه نظرة الغربيين إلى الشرق من القرون الوسطى حتى مطلع القرن العشرين عبر تحليل نماذج أدبية مختارة من الرواية، والمسرح، وأدب الرحلة لكتاب فرنسيين أمثال بوستيل، وراسين، وفولتير، وشاتوبريان، وفولناي، وهوغو، ولامارتين، وفلوبير، وغيرهم، ويحاول المؤلف أن يبين كيف أن معظم هؤلاء الأدباء عكسوا في نتاجهم المقولات الثابتة الراسخة في أذهان مواطنيهم، والتي اتخذت شكل قوالب نمطية فأتى تمثيل الشرق من خلال مفاهيم وصور لا علاقة لها بالواقع في أغلب الأحيان.

الكتاب يشير إلى طغيان الموروث الثقافي، والأيديولوجي على الفكر النقدي الموضوعي، في شبه دعوة إلى محاذرة الوقوع في فخ «الاستشراق المعكوس»، أو التسليم بمقولة صراع الحضارات، وبأن الشرق هو الشرق، والغرب هو الغرب، ذلك أن التحدي الحقيقي يكمن في الإيمان بتفاعل الحضارات، وبدورها المشترك في قيام مجتمعات أكثر إنسانية.

دراسة في إطار المناقشات الفكرية التي دارت حول الاستشراق في النصف الثاني من القرن العشرين تأتي بعد مقالة أنور عبد الملك «الاستشراق مأزوماً»، وكتاب إدوارد سعيد «الاستشراق»، وتتقاطع معهم حول أن الاستشراق قوة قبل أن يكون معرفة، أي البحث عن معرفة الشعوب الشرقية من أجل الهيمنة عليها، مع اختيار الدراسة سلوك منهجية تحليلية لأعمال أدبية أكثر منها انتقائية.

تتوقف الدراسة عشية الحرب العالمية الأولى، يوم كانت كل المؤشرات تنبئ بتغييرات جذرية على صعيد العلاقات بين الشرق والغرب.

في الخلاصات لدراسة الدكتور جبور:

- بناء معظم الكتاب الغربيين لتصوراتهم على أساس فرضيات نمطية.

- تعاملهم مع الشرق من خلال الثنائية الاستقطابية الشرق والغرب.

- تبلور أيديولوجيا ثورية مكان الإيديولوجيا الدينية، ومقولة التحرر على الذات التي أعطت زخماً لنزعة الهيمنة الأوروبية على الشرق.

- الخلط الدائم بين الشرق والإسلام.

- ارتباط الادب، والثقافة والسياسة، ما يعني أن الأدب والثقافة ليسا بريئين سياسياً، أو تاريخياً.

كتاب مشغول جيداً، وبتأني دارس أكاديمي، وروية البحث الموضوعي، والمقارن، وبزاوية عين نقدية تحمل بعض الجديد في انشغلاتها الفكرية، والأدبية غير المقوننة في ذاتيتها، ومداراتها الشخصية.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا