مجلة النقاد تنشر مقالاً عن السيد الشيرازي

نشرت مجلة النقاد في عددها (89) الصادر في السابع من كانون الثاني 2002م مقالاً بعنوان محمد الحسيني الشيرازي جاء فيه..

غالباً ما دفع المرجع الديني الشيعي الإيراني محمد الحسيني الشيرازي ثمن مواقفه السياسية المعاضة للأنظمة التي عاش في كنفها. فبسبب من معارضته للنظام العراقي، اضطر للإقامة عشر سنين في الكويت بعد نفيه إليها عام 1969. وبعد انتقاله الى مدينة قم، المعقل الرئيسي للمذهب الشيعي في إيران للعيش في كنف نظام الجمعورية الإسلامية عام 1979 بعد ثورة الإمام الخميني، عارض الحرب العراقية – الايرانية (1980- 1988) واستنكر تعاظم دور رجال الدين في الحياة السياسية الإيرانية، ورفض الإعدامات وولاية الفقيه، مما أغضب الإمام الخميني وأنصاره، ودفع الشيرازي الى اللجوء الى العزلة القسرية التي عاش في كنفها 22سنة متواصلة.

ولد الشيرازي في مدينة النجف في العراق عام 1922, (وفي رواية أخرى عام 1926)، وانتقل الى مدينة كربلاء بصحبة والده وهو في التاسعة، ودرس في حوزتها العلمية، ولم يلبث لاحقاً أن تولى الإشراف على المدارس القرآنية فيها.

لاحقاً, وقف الشيرازي موقف المناوئ لجميع الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، حيث انتقد سياسات عبد الهادي الجلبي رئيس مجلس الأعيان في العهد الملكي، وعبد الوهاب مرجان رئيس الوزراء في العهد ذاته, ونجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة, أعلى سلطة في العراق بعد انقلاب عبد الكريم قاسم, وعبد الرحمن البزاز رئيس مجلس الوزراء في عهد عبد السلام عارف, وسواهم من السياسين الذين كان يقف منهم موقف الناصح والداعي الى الإصلاح واتباع أصول الإسلام في الحكم، من دون أن يجهر بمعارضته الصريحة للسلطة إلا بعد وصول حزب البعث الى سدة الحكم في العراق عام 1968, حيث حاول الشيرازي تأليب الرأي العام ضدها داعياً لإطاحتها, وساهم في تفعيل انشطة منظمة العمل الإسلامية المعارض للنظام، مما أدى الى نفيه خارج العراق، وليقيم عشر سنين في الكويت حفلت بالتأليف والنشاط الفكري والتدريس الديني الوعظ البعيد عن السياسة المباشرة. وبعد مغادرته الى قم، لم تلبث المصاعب ان واجهته، لترتفع وتيرتها بعيد وفاة الإمام الخميني, والتي انتهت بعزلة أقرب الى الإقامة الجبرية نتيجة لآرائه السياسية المثيرة للجدل ودعوته لإقامة ولاية فقهية شوروية ومتعددة تتمثل في مجلس (شورى الفقهاء) عوضاً عن ولاية فقيه مركزية تتجلى في شخص فقيه واحد. وقد ظلت علاقته بالسلطة على حالها من التوتر حتى وفاته, حيث حاولت قوات اِلأمن الإيراني, في أثناء تشييعه من ضريح السيد معصومة الى منزله, بعد إصابته بجلطة في المخ، منع تنفيذ وصيته والتي طلب فيها دفنه في صحن بيته انتظاراً للظروف الملائمة لنقل الرفات الى مقبرة العائلة في مدينة كربلاء العراقية، والتي عاش فيها معظم حياته، وحاولت دفنه في ضرح السيدة معصومة، فاصطدمت بالمشيعين الذين كانوا يسيرون في جنازة لم تشهد لها مدينه قم مثيلاً منذ تشييع المرجع الشيعي الأعلى حسين البروجردي قبل أربعين عاماً. وقد سقط خلال الصدام عدد من الجرحى، وسقط التابوت الذي كان يحمل الجثمان، قبل أن تتمكن عناصر مسلحة من استخبارات الحرس الثوري ومحكمة رجال الدين من اختطاف الجثمان ودفنه, خلافاً لوصيته وإرادة عائلته، في ضريح السيدة معصومة.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا