المرجعية الشيعية بعد رحيل الشيرازي

نشرت جريدة الشرق الأوسط مقالاً للكاتب ميرزا الخويلدي.. نقتطف منه بعض الفقرات..

برحيل المرجع الشيعي آية الله السيد محمد الشيرازي، أقفلت المرجعية الشيعية عن آخر شخصية في جيل المراجع الكبار، اصحاب ما يمكن أن يعرف بالمرجعيات العليا أو العالمية وأصحاب المدارس التجديدية.
ويخلف الشيرازي في زعامة المرجعية مجموعة من الأسماء التي تدور في الغالب في فلك احدى ثلاث مدارس:
المدرسة النجفية التي تزعمها حتى وفاته الامام أبو القاسم الخوئي،

المدرسة الثانية هي المدرسة الايرانية الثورية، التي قادها الامام الراحل الخميني،

المدرسة الثالثة هي المدرسة الكربلائية التي أسسها المرجع الشيرازي، واعتمدت على زخم هائل من الأفكار والنظريات وبرامج العمل التي بثها الشيرازي بين أتباعه الذين انتشروا في العديد من الدول الاسلامية وخاصة دول الخليج، وقد عاش الشيرازي الذي رحل عن 75 عاماً في الكويت نحو عشر سنوات، وابتنى فيها حوزة علمية، وكان الشيرازي حفيد اثنين من قادة ثورات الشيعة «ثورة التنباك في ايران، وثورة العشرين في العراق» معارضاً صلباً لنظام الحكم في العراق، وتميزت حركته بكثافة الأنشطة الثقافية والفكرية وهو شخصياً ألف أكثر من ألف كتاب ومصنف بينها أكبر موسوعة فقهية شيعية وصلت لنحو 150 مجلداً، كما نظّر مبكراً لتأسيس التجمعات والمؤسسات، وكانت له مواقف سياسية بارزة، حكم عليه على أثرها بالاعدام في العراق، واغتيل أخوه السيد حسن الشيرازي في بيروت بداية الثمانينات، وناصر الثورة الايرانية في بدايتها لكنه اختلف معها في السنوات الأخيرة من الحرب العراقية الايرانية، واصطدم معها عندما دعا لاطلاق الحريات العامة وتدعيم النظام الديمقراطي الاسلامي.
أما نظرياته التجديدية، فهي دعوته لتأسيس حكومة اسلامية عالمية، مع التفصيل في توضيح الوسائل، ودعوته لبناء المؤسسات، والانفتاح، والحريات، وكانت أهم نظرياته التي لاقت جدلاً نظرية اللاعنف، وقد دعا فيها الى استئصال جذور العنف باعتباره مخالفاً للأصول العامة للتشريع الاسلامي والعمل السلمي وقد كان متأثراً الى حد ما بشخصية الزعيم الهندي المهاتما غاندي.
ولم تلاقِ نظريته «شورى المراجع» البديل الفكري لنظرية ولاية الفقيه ترحيباً لدى الزعامة الايرانية لأنها تعارض مبدأً مهماً من مبادئ ولاية الفقيه التي يدعو لها الامام الخميني، وشورى الفقهاء، تعني الاعتماد في ولاية الأمر والتصدي لأمور الأمة على شورى المراجع وليس على الفقيه الفرد. وقد طرح نظريته في عدة أبحاث وكتب أبرزها «السبيل الى انهاض المسلمين» و«فقه السياسة» و«الصياغة الجديدة» وغيرها، بحيث اعتبرها الشكل الوحيد من أشكال الحكومة الاسلامية في عصر الغيبة. وتشير هذه النظرية الى أن «جميع مراجع التقليد بدون استثناء هم أعضاء شورى المراجع ولهم الولاية الشوروية في ممارسة الحكومة الاسلامية في عصر الغيبة». وعلى هذا الاساس فنظرية شورى المراجع تعني «ادارة العالم الاسلامي، أو على الاقل العالم الشيعي بواسطة جميع الفقهاء الجامعين للشرائط الذين أصبحوا مراجع تقليد بعد اقبال الناس عليهم وذلك لأن الفقهاء عينوا من قبل الشارع للولاية وحازوا على رضا الناس ومن هنا فانه لا يحق لأي مرجع أن يسلب حق الولاية من مرجع آخر» أما عضوية المجلس فهي لجميع الفقهاء مع امكانية انتخاب مجلس من بين الفقهاء، وطريقة اتخاذ القرار بالتصويت، وعلى اساس الأغلبية، أما وجود المذاهب الاسلامية غير الشيعية، فقد عالجها الشيرازي بوجود مجلسين، واحد لجميع فقهاء المسلمين يناقش القضايا العامة المشتركة، ومجلس آخر لكل فريق من المذاهب لمناقشة قضاياه المستقلة, أما قضايا الناس الفردية فيرجعون فيها لمراجعهم.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا