الصفحة الرئيسية

الأعــداد السابقــة

فهرست العــدد

إتصــلوا بـنـــا

 

عراقيات

أبجدية القتل العراقي..

حيدر الجراح

للحياة فن كما طالعنا التاريخ الفلسفي والاخلاقي للانسان منذ بواكير وجوده وحتى الان.

وللحب فن مثلما عنون الشاعر الاغريقي اوفيد كتابه (فن الحب).

فنون الحياة وفنون الحب رافقت الانسان تعليما وسلوكا مثلما ترافقت معهما فنون القتل- قتل الانسان للانسان- واشتهرت كل حضارة بفن معين من تلك الفنون فن الحياة وفن الحب وأيضا فنون القتل تعددت الأسباب والموت واحد، الا انها في المحصلة تنصب على إزهاق روح الإنسان بيد اخيه الانسان.

وقد شرع الواضعون نظرياتهم حول دوافع واسباب القتل، كما نطالع في كتب التاريخ، ومثلها فعلت اديان الله ورسالاته محاولة لجم هذا الاندفاع نحو القتل وتوجيهه - الاندفاع - نحو الحب والحياة.

ولم تجتمع في تاريخ زمني قصير فنونا متعددة للقتل مثلما اجتمعت الان في العراق، ولو انه عرف فنونا عديدة، في هذا المضمار منذ بدء تاريخه.

كيف يمكن تفسير هذا الاندفاع الاهوج والولوغ في الدماء الى اقصى مدياته؟

هل تعيننا علوم النفس ام الاجتماع ام السياسة ام الاقتصاد في تفسير ما يحدث؟

ام ان هذه العلوم عاجزة عن إدراك اللحظة التي يتحول فيها الانسان من حيوان ناطق الى حيوان قاتل، وعاجزة عن تفسير تلك اللذة التي يستشعرها القاتل وهو يمارس فعل القتل وكأنه رديف لفعل الجنس في ليالي شبقه نحو امرأة تشاطره السرير؟

لم يعش شعب من الشعوب تجربة ان يكون كل فرد فيه قد صدر حكم الاعدام موتا عليه وهو لا يعرف ساعة التنفيذ أو كيفيته مثلما يحدث للعراقيين الآن.

وجميع من في الداخل صدر بحقه حكم إعدام غير قابل للتمييز أو الاستئناف.. ولكنه يجهل موعد التنفيذ أو طريقته، فلا احد يختار زمان أو مكان أو كيفية موته، فقط هذا القاتل المجهول له الحق في تحديد الزمان والكيفية التي ينفذ فيها هذا الحكم المبرم.

انها مشانق وساحات إعدام متنقلة فالموت في سماءنا تلوثا وقذائف هاون- والموت تحت أقدامنا وعلى يميننا وشمالنا- سيارات نقل.. سيارات مسلحين.. سيارات مفخخة.. أحزمة ناسفة.. سكاكين مشحوذة وقاتل ملثم أو سافر الوجه لايهم، فذاكرتك أيها القتيل لا يمكن أن تحتفظ بوجه قاتلك بعد موتك.

وقد اقترنت تلك الجرائم في إذاعة أخبارها والتعليق عليها بعبارة (قام مسلحون مجهولون) او (انفجرت سيارة مفخخة) أو (قام رجل يرتدي حزاما ناسفا بتفجير نفسه) الى اخر الصيغ التي ترتئيها وسائل الأعلام وهي تنقل اخبار هذا القتل المجاني والعبثي الى العالم.

والجميع يدرك ان القاتل معروف..ارتأت ادارة التحرير حذف بقية الفقرة خوفا مما لاتحمد عقباه...

الموت يخيم علينا.. فيا ايها العراقي اتلو شهادتك وصلواتك وادخل طابور الجثث فقد جفت الاقلام ورفعت الصحف.

وهذه بعض من صور القتل:

* يقتل لانه حلاق، أو لانه كناس، أو فران أو خباز.

* يقتل لانه مهندس أو عامل في دائرة الكهرباء.

* يقتل لانه معلم تلاميذ، أو استاذ جامعي.

* يقتل لانه يعمل في محطة تلفزيونية.

* يقتل لان ذويه لم يدفعوا الفدية التي طالب بها خاطفوه.

* يقتل لان ذويه دفعوا الفدية التي طالب بها الخاطفون.

* يقتل بسبب الشفافية والنزاهة، أو بسبب الفساد السياسي والاداري.

* يقتل لانه لم يقصر جلبابه.

* يقتل لانه يرتدي شورتا قصيرا.

* يقتل لانه ليس من حزب فلان أو يقتل لانه من حزب فلان.

* يقتل لانه شرطي أو جندي.

* يقتل لحلاقة لحيته أو لان لحيته ليست بطول شبر.

* يقتل لانه تبضع خضارا من سوق شعبي.

* يقتل لانه تناول فطوره في مطعم قدوري.

* يقتل لانه دعا أصدقاءه الى مأدبة غداء في مطعم صفوان.

* يقتل لانه شتم فلانا من .......

* يقتل لانه انتقد احد الأحزاب.

* يقتل لانه يعمل حامل طاسة بناء أو معول.

* يقتل لانه يقود صهريجا للنفط أو البنزين.

* يقتل لانه كتب اشواقه لزميلة الدراسة على اوراق كراساته.

* يقتل لانه استقل حافلة صغيرة لنقل الركاب.

* يقتل لانه كان يتمشى على احد الارصفة في شوارع مدينته.

* يقتل.. يقتل.. يقتل لان قاتله يريد ان يريحه من هذه الحياة البائسة، حيث لا كهرباء وطنية ولا ماء ولا خدمات، فلماذا يعيش اذن؟ 

 

الصفحة الرئيسية

الأعــداد السابقــة

فهرست العــدد

إتصــلوا بـنـــا