ردك على هذا الموضوع

ورقة من التراث: البلاغة والوصول الى النص

د.نجود هاشم

 

يرتبط فهم الإعجاز الكلامي بشرط معرفة البلاغة وما يصحبها من افتراض تواجد الفصاحة فيها، لأنهما ـ أعني البلاغة والفصاحة ـ من مفاتيح فك شيفرات النصوص، وإلى ذلك أشار محمد بن الحنفية في قوله: (إن البلاغة قول تضطر العقول إلى فهمه بأسهل العبارة). فالبلاغة لا تشترط النصوص المبالغ في تزويقها، أو الموغلة في المعنى البعيد، إنما هي ما يصل إليك من المعنى بأوضح صوره، فهي تقترب كثيراً من عبارة السهل الممتنع.

ومثلما البلاغة مادتها الكلام، فإن قائلها يسمى بليغاً وهناك نوعان من البلغاء، نوع من يستطيع الارتجال دون تلكؤ، ونوع آخر لا يستطيع الإتيان بأحسن القول إلا بالتدبر والتفكّر، ولابدّ أن الأمر راجع إلى أمور عدة أهمها الثقافة والملكة والموهبة.

الطائفة الأولى من الاختيارات، تتعلق بنصوص يمكن أنْ تعدّ من باب النظر إلى البلاغة، وتصلح أنْ تكون مدخلاً لفهم الكلام البليغ وتلمّس جمالياته. وفي النصوص الثانية أقوال بليغة، وهي تصل إلى العقل والقلب معاً بأوضح العبارة والألفاظ مع فصاحتها، وبذلك تكون البلاغة كما تعرفها كتب البلاغين بأنها مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته. ولو تتبعنا كتب التراث العربي نجدها مملوءة بالنصوص التي يمكن أن تكون مادة تطبيقية لما ذُكر سابقاً.

باب النظر إلى البلاغة

1- إنّ الإنسان إذا أغفل علم البلاغة، وأخلّ بمعرفة الفصاحة لم يقع علمه بإعجاز القرآن من جهة ما خصّه الله به من حُسن التأليف، وبراعة التركيب، وما شحنه به من الإيجاز والبديع، والاختصار اللطيف، وضَمَّنه من الحلاوة، وجلَّله من رونق الطلاوة، مع سهولة كلمه وجزالتها، وعذوبتها وسلاستها، إلى غير ذلك من محاسنه التي عجز الخلق عنها، وتحيَّرت عقولهم فيها.

2- قال محمد بن الحنفية (رض): البلاغة قول تضطر العقول إلى فهمه بأسهل العبارة، فقوله: (تضطر العقول إلى فهمه) عبارة عن إيضاح المعنى، وقوله: (بأسهل العبارة) تنبيه على تسهيل اللفظ وترك تنقيحه. ومثل ذلك من النثر قول بعضهم لأخ له: ابتدأتني بلطف من غير خبرة، ثم أعقبتني جفا من غير هفوة، فأطعمني أوَّلك في إخائك، وأيأسني آخرك من وفائك، فسبحان من لو شاء كشف إيضاح الرأي في أمرك عن عزيمة الشك في حالك، فأقمنا على ائتلاف، أو افترقنا على اختلاف.

3- ومن الناس من إذا خلا بنفسه وأعمل فِكره أتى بالبيان العجيب، والكلام البديع المُصيب، واستخرج المعنى الرائق، وجاء باللفظ الرائع. وإذا حاور أو ناظر قصّر وتأخر. فحقّ هذا ألا يتعرض لارتجال الخطب، ولا يُجارِى أصحاب البدائه في ميدان القريض، ويكتفي بنتائج فكره.

باب النصّ البليغ

1- قال الرسول صلى الله عليه وآله سلم: (ألا أخبركم بشراركم؟ مَن أكل وحده ومنع رفده، وضرب عبده، ألا أخبركم بشر من ذلكم؟ من لا يقيل عثرة ولا يقبل معذرة ولا يغفر ذنباً، ألا أخبركم بشر من ذلكم؟ من يبغض الناس ويبغضونه).

2- قال ابن مسعود: (القلوب تملُّ كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة).

3- قال ابن عباس (رض): العلم أكثر من أن يؤتى على آخره فخذوا من كلّ شيء أحسنه).

4- كان أنوشروان يقول: (القلوب تحتاج إلى أقواتها من الحكمة كاحتياج الأبدان إلى أقواتها من الغذاء).

5- قال محمد بن واسع: (ينبغي للرجل أن يكون مع المرأة كما يكون أهل المجنون مع المجنون، يحتملون منه كل أذى ومكروه).

6- قال لقمان: (إنّ الذهب يجرّب بالنار، وإن المؤمن يجرب بالبلاء).

7- إنّ الإنسان إذا أغفل علم البلاغة، وأخلّ بمعرفة الفصاحة لم يقع علمه بإعجاز القرآن من جهة ما خصّه الله به من حُسن التأليف، وبراعة التركيب، وما شحنه به من الإيجاز والبديع، والاختصار اللطيف، وضَمَّنه من الحلاوة، وجلَّله من رونق الطلاوة، مع سهولة كلمه وجزالتها، وعذوبتها وسلاستها، إلى غير ذلك من محاسنه التي عجز الخلق عنها، وتحيَّرت عقولهم فيها.

8- قال محمد بن الحنفية (رض): البلاغة قول تضطر العقول إلى فهمه بأسهل العبارة، فقوله: (تضطر العقول إلى فهمه) عبارة عن إيضاح المعنى، وقوله: (بأسهل العبارة) تنبيه على تسهيل اللفظ وترك تنقيحه. ومثل ذلك من النثر قول بعضهم لأخ له: ابتدأتني بلطف من غير خبرة، ثم أعقبتني جفا من غير هفوة، فأطعمني أوَّلك في إخائك، وأيأسني آخرك من وفائك، فسبحان من لو شاء كشف إيضاح الرأي في أمرك عن عزيمة الشك في حالك، فأقمنا على ائتلاف، أو افترقنا على اختلاف.

9- ومن الناس من إذا خلا بنفسه وأعمل فِكره أتى بالبيان العجيب، والكلام البديع المُصيب، واستخرج المعنى الرائق، وجاء باللفظ الرائع. وإذا حاور أو ناظر قصّر وتأخر. فحقّ هذا ألا يتعرض لارتجال الخطب، ولا يُجارِى أصحاب البدائه في ميدان القريض، ويكتفي بنتائج فكره.