ردك على هذا الموضوع

القراءة السريعة الفعالة

د. خالد العتيبي

تعتبر القراءة من مجالات النشاط اللغوي المميزة في حياة الإنسان إذ تعد من المهارات الاتصالية التي تكفل له التعبير عن أفكاره وآرائه بصورة واضحة، بل هي نافذة يطل بها القارئ على المعارف والثقافات المتنوعة وخلاصة تجارب الآخرين وأفكارهم وإرشاداتهم، فضلاً عن دورها كمدخل لتنمية الكفاءة الشخصية للفرد في شتى المجالات الحياتية مما يجعلنا تجاه مهارات مختلفة ومتعددة. إن المهارات القرائية قابلة للتنمية والتدريب فهي ليست استعدادات وراثية يولد عليها الفرد بل مهارات يتعلمها ويمكن تنميتها وتطويرها، شأنها في ذلك شأن مهاراتنا البدنية التي تنمّى بالمران. وفيما يلي بعض من المبادئ التدريبية التي تكفل للفرد تنمية مهاراته القرائية ذاتياً وهي:

1-التدرب على عملية التصفح السريع وتبدأ هذه العملية بعدد من الأسئلة يطرحها القارئ على نفسه كالتالي: ما هي أفضل طريقة لقراءة هذا الكتاب؟ وما هي مكانة الكاتب العلمية؟ وما هي مؤهلاته؟ وتاريخ نشر الكتاب؟ وكم مرة تمت مراجعة الكتاب أي عدد طبعات هذا الكتاب التي تقدم مؤشراً نسبياً على مدى أهميته؟ وحري بالذكر أن القارئ الجيد هو الذي يقرأ المقدمة ليعرف لماذا كتب هذا الكتاب وليتعرف على منهجه ووجهة النظر التي يقدمها، وقبل القراءة التفصيلية ابدأ بقائمة المحتويات وما إذا كانت تغطي الموضوعات الفرعية بدقة، ثم أنظر إلى قائمة المراجع من حيث حداثتها وما إذا كانت هذه المراجع أساسية أو ثانوية، وفي نهاية تلك العملية يؤمل أن يكون القارئ قد رسم نوعاً من الصورة المبدئية عن هذا الكتاب.

2-التدرب على التقاط الأفكار الرئيسية التي يتضمنها الكتاب من خلال عنوانه والعناوين الفرعية للفقرات والكلمات الأولى في كل فقرة والكلمات البارزة التي أشار إليها المؤلف إشارة بارزة سواء بحروف ذات شكل خاص أو بحروف كبيرة فضلاً عن قراءة الخلاصة التي يوردها في كل فصل من فصول الكتاب.

3-التركيز الذهني هو شكل من أشكال الطاقة العقلية الموجهة بل هو المفتاح المؤدي إلى القراءة الفعالة فقبل أن تتعلم كيف تقرأ بسرعة ينبغي أولاً أن تتعلم إتقان مهارة التركيز فلا جدوى من جعل عينيك تنزلقان على صفحة مطبوعة وأنت غير منتبه لما فيها. فالتركيز هو الاهتمام المتواصل بأن يضع الفرد نفسه في قلب الشيء ويمكن مقارنة التركيز بالعدسة المكبرة التي تجمع أشعة الشمس في نقطة واحدة، وفي الواقع لابد من التناسب بين مستوى التركيز وأهمية المادة المقروءة؛ حتى يستخدم القارئ طاقاته بشكل رشيد فالتركيز الشديد ونحن نقرأ مادة بسيطة(صفحة رياضية) يعتبر مضيعة للوقت، ونقص التركيز ونحن نقرأ مادة صعبة(دراسة علمية) كذلك يعتبر مضيعة للوقت.

4-التدرب على القراءة السريعة الفعالة فنحن نعيش عصر السرعة والتقدم التقني وتعتمد الكفاءة الشخصية إلى حد بعيد على مقدرتنا على القراءة السريعة الفعالة، لذا فإن القراءة لا تتعارض مع الاستيعاب كما هو شائع إذ يضيع القارئ العادي جزءاً كبيراً من وقته المفيد في قراءة بطيئة لا داعي لها، ويمكن للطالب المتوسط في المرحلة الثانوية والجامعية أن يزيد من معدل سرعته في القراءة بنسبة 20% أو 25% دون أن تتأثر في ذلك قدرته على الفهم، فإذا افترضنا أن الطالب يقضي ساعتين يومياً في القراءة فإن زيادة 20% من سرعته سوف توفر 3 ساعات من وقته أسبوعياً(1)، مما يمكّنه من استغلال الوقت المتوفر من نشاط آخر، ويذكر (ددلي) أن القارئ السريع يستوعب ما يقرؤه بصورة أسرع إذ أن الشخص البالغ الذي يتمتع بمستوى متوسط من الذكاء عندما يقرأ بسرعة تقل عن (300) كلمة في الدقيقة الواحدة يكون معدل قراءته في الواقع أقل من معدل قدرته على الفهم (2). وثمة عدد كبير من الفنيات التي تزيد من سرعة القراءة ومنها تجنب العادات السيئة في القراءة كالإشارة بالإصبع على الكلمة المقروءة، النكوص القرائي (العودة مرة أخرى) إلى ما تمت قراءته أثناء القراءة، قراءة كلمة كلمة، توسيع مدى رؤية العين (تقليل وقفات العين، تقليل الزمن المطلوب في القراءة)، التعرف السريع على الكلمة(3).

5-المرونة القرائية وتتم من خلال التحكم في معدل سرعة قراءتك، فالسرعة تتوقف على نوع المادة المقروءة، فقد تكون السرعة المطلوبة كبيرة إذا كانت المادة سهلة ويقل معدل السرعة كلما ازدادت صعوبة المادة المقروءة فالقارئ الماهر هو الذي ينوع معدل سرعته القرائية وكما يشير المبدأ (لا تندفع في القراءة بمعدل سرعة منتظم بل متنوع).

6-قم بكتابة لما قرأت على الهامش الذي يحوي الأهداف والأفكار الرئيسية محاولاً تلخيص آراء الكاتب بألفاظك الخاصة وتعوّد على القراءة وأنت ممسك بالقلم؛ حتى يكون في مقدورك أن تشير إلى الصفحات المهمة كما ذكر أحد الباحثين (إن الكتاب الذي قرئ جيداً، لكتاب ذو صفحات كثيرة مخططة).

في النهاية، فإن هذه المبادئ الستة أمر مهم قوامه الارتقاء بمهارتك القرائية إلى المستوى التحليلي النقدي (القراءة النقدية) مما يتطلب منك التفكير أثناء القراءة في ماهية الدليل على ما يدعيه الكاتب وعدم تقبل ما يرتئيه الكاتب بشكل مطلق.

 


(1) أبو العزايم، إسماعيل(1983): القراءة الصامتة السريعة، القاهرة: علم الكتب.

(2) ددلي، جفري(1993): دراسات في القراءة السريعة: الطريقة السريعة لزيادة قدرتك على التعلم.

(3) الراشد، خالد(2001) برنامج مقترح لتنمية مهارات القراءة الصامتة وأثره في تحسين مستوى التحصيل الدراسي. رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الملك سعود،ترجمة عبد اللطيف الجميلي، تونس، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

 

الصفحة الرئيسية

الأعــداد السابقــة

العــدد 70

إتصــلوا بـنـــا