ردك على هذا الموضوع

 

استشراف ظاهرة العنف ومبدأ اللاعنف في نظريات وآراء الإمام الشيرازي

مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث

كان الإمام الشيرازي (قدس سره) داعية مجدداً ورائداً في مجال اللاعنف ونبذ العنف في حل المشكلات الإسلامية والقضايا السياسية المعاصرة، وكل ما تعانيه البشرية من سلوكيات منحرفة، فالأساليب والآليات التي يدعو إليها في حل الصراعات الفردية والجماعية والدولية في طريقها إلى التطبيق والتنفيذ.

وما زالت دعواته تجد صداها في عالم اليوم وهي نابعة من الفكر الإسلامي المتجدد، وما زالت كل دعواته إلى اللاعنف تجد طريقها إلى التطبيق الميداني، ومنها قوله للفلسطينيين في ثورتهم بالحجارة: إن التظاهرات الحالية لو تحولت إلى مظاهرات سلمية لكانت أقرب إلى النجاح، لأن الاستناد إلى قوة الروح أمضى وأنفع(1).

إن الإمام الشيرازي (رحمه الله) حينما يرفض العنف والعدوان كأسلوب لحل المشكلات باعتبارهما من الظواهر التي تؤثر في حياة الفرد والجماعة، إنما يستند في ذلك إلى فكره الإسلامي القائم على جانب السلام بقوله: إن السلام يصل بصاحبه إلى النتيجة الأحسن، والمسالمون يبقون سالمين مهما كان لهم من الأعداء(2)، فهو عندما يطرح آراءه ونظرياته كاتجاهات حديثة تواكب السياق الدولي في رفض التسلط والعنف والتعسف بكل أشكاله على الأفراد أو على الشعوب أو على الدول إنما يستمد رؤيته من القرآن الحكيم حيث يقول الله سبحانه وتعالى: (ادخلوا في السلم كافة) (البقرة/208). وعندما يقول الإمام الشيرازي: إن الأصل في الإسلام: السلم واللاعنف(3) تتفق رؤيته مع الآراء والاتجاهات النظرية الحديثة في دراسة المجتمعات والشعوب، ودعواتها إلى السلم والمحبة، يقول رينيه جيرارد: إن الاضطهاد الذي يترك انعكاساً اجتماعياً، هو العنف الذي يأخذ شكلاً قانونياً(4). فالإمام الشيرازي حينما يطرح هذه الرؤى ينطلق من استخدام العقل وقوته في التمييز بين الخير والشر، وهذه الرؤية هي رؤية الإسلام الذي يدعو إلى التفاهم والحوار وحل النزاعات كافة مهما اختلفت الأزمنة أو تغيرت الأحوال والأماكن، لا سيما أن الإنسان هو المخلوق الذي اصطفاه الله من بين الكائنات الحية الأخرى لنشر تعاليم الأديان كافة وحمل الرسالات وإشاعة الصفاء والمحبة بين الجميع.

ويؤكد الإمام الشيرازي (رحمه الله) ذلك بقوله: إن منطق الرسل والأنبياء، هو منطق السلم واللاعنف والاحتجاج العقلاني من أجل إنقاذ البشرية، حيث يقول الله تعالى في كتابه الكريم حول استخدام السلم واللين والابتعاد عن العنف والغلظة، واستخدام سياسة العفو، والاعتماد على منهج الشورى كأسلوب في الإقناع الحر، والحوار السلمي، والمشاركة في اتخاذ القرار: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) (آل عمران/159).

 

بعض الملامح من نظرية اللاعنف عند الإمام الشيرازي(قدس سره)

يعرض الإمام الشيرازي (رحمه الله) أفكاره في المسالمة وعدم العنف، وأسلوب الرفق في التعامل والمداراة على شكل نظرية متكاملة الأبعاد والأسس في التكوين والنشأة والتعامل الحياتي إزاء مواقف الحياة المتعددة. ويستمد الإمام هذه النظرية في كل أبعادها من القرآن الكريم (كتاب الله الحكيم) وسنة الرسول الأكرم (ص)، وما رواه آل بيت الرسول (ع) في مختلف المواقف، فضلاً عن قدرته الإبداعية في الاجتهاد وآراءه الفقهية النوعية.

فيقول الإمام الشيرازي (رحمه الله) في إحدى المسائل الفقهية: يحرّم الإسلام الغدر والاغتيال والإرعاب وكل ما يسمى اليوم بالعنف والإرهاب، فإنه لا عنف في الإسلام، ولا يجوز أي نوع من أعمال العنف والإرهاب الذي يوجب إيذاء الناس وإرعابهم، والغدر بهم وبحياتهم، أو يؤدي إلى تشويه سمعة الإسلام والمسلمين.

ويضيف الإمام قوله: (كيف لا والإسلام مشتق من السلم والسلام، والقرآن الكريم يأمر بالرفق والمداراة)(5)، يقول الله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) (النحل/90)).

ويستعرض سماحته أحد أسس نظرية اللاعنف بقوله: اللاعنف أحد مقومات الدعوة التي ندعو إليها،وهي حكومة إسلامية واحدة، سيما في هذه الظروف التي يمّر بها النظام العالمي، ويضيف: ليس من الهين التمسك بسياسة اللاعنف لأنها تقتضي أولاً التحلي بالشجاعة الكافية وبالقوة النفسية(6).

فالإمام يشير في مبدأ اللاعنف Non violence إلى عدة محاور فكرية ونفسية وسياسية واجتماعية، ويؤكد من خلالها على درجة نجاح الفرد في سلوك مسلك اللاعنف فكراً وسياسةً ومنهجاً في التعامل مع الآخرين، فيقول: من يتأنى في موقفه ويلتزم بسياسة اللاعنف فإن الناس تنصره على الجاهل(7).

ويتناول في نظريته عن اللاعنف، طرق المضي في هذا المبدأ من خلال المقارنة والتمايز الأساسي مع نقيضه (العنف)، بقوله: (ربما يعالج الإنسان الأمور -أياً ما كان- برفق ومداراة وخليق بهذا الإنسان أن ينجح آخر الأمر وإن بدأ في النظر بطيئاً أو سخيفاً، وربما يعالجه بشدة وعنف، وجدير بمثله أن يخفق ولو نجح، فإنه أتعب نفسه، وعنّف وأزعج الآخرين، فالنجاح لا يقدر بما يقدر به نجاح الرفيق، وفي غالب الأحيان يكون العنيف مبتعداً مجانباً فلا يحظى بما حظي به الليّن المداري(8) ؛ ولذا يقول الله تعالى مخاطباً رسوله(ص): (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) (آل عمران/159).

ويقول النبي المصطفى(ص) : ( ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجراً وأحبهما إلى الله عز وجل أرفقهما بصاحبه، كما يقول الإمام موسى الكاظم (ع) : (الرفق نصف العيش) (9) .

وأشار الإمام الشيرازي (رحمه الله) في عرض نظريته إلى متغير مهم جداً وهو متغير (المداراة)، وأوضح المراد به، بقوله: (ومن الرفق المداراة مع الناس بحسن صحبتهم واحتمال أذاهم، وعدم مجابهتهم بما يكرهون، وليس هذا من النفاق كما يزعمه الغِرّ، فالنفاق هو أن يكون الإنسان ذا وجهين، يلقى صاحبه بوجه ويغيب عنه بوجه.. والمداراة ليست منه في شيء، إنها اللين مع الناس). ويضيف سماحته: (إن المداراة تحتاج إلى نفس جسور، وعقل رزين، وحجج راجحة، فإنه كيف يتسنى للإنسان أن يلاقي الناس برفق، وفيهم الخرق والتحامل؟.

ويضيف أيضاً: لكن عاقبة المداراة حلوة، كعواقب الأخلاق الفاضلة، بصورة عامة، إن من لا يتحمل من الناس جفاهم وخرقهم لابد وأن يختار أحد طرفين:

إما الفرار من الناس، وفيه كبت مواهب نفسه التي تنمو مع المجتمع والتعاون، وانسحاب عن ميدان الإنسانية.

وإمّا الاصطدام بالناس في كل صغيرة وكبيرة، وفيه من الإرهاق والنصب قدر كبير، يضؤل أمامه تحمل خرقهم.

ويربط الإمام (رحمه الله) متغير المداراة، باعتباره مكّوناً نفسياً أساسياً لدى الإنسان، وعند افتقاده في القدر المناسب والملائم مع أفراد المجتمع يؤدي إلى بروز مظهر من مظاهر اختلال الصحة النفسية والجسمية؛ إذ يقول سماحته في هذا الشأن: (ثم إن المداري نفسه في راحة؛ إذ النفس المتفضلة فرحة ومسرورة، أما غيره فقد خسر راحة الروح وفضيلة النفس(10).

ويستند الإمام في تأصيل هذه السمة الإنسانية إلى قول الرسول الأكرم (ص): (ثلاث من لم يكنّ فيه لم يُرَ له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله، وخلق يداري به الناس، وحلم يرد به جهل الجاهل) (11). وقول الإمام الباقر (ع) : (في التوراة مكتوب فيما ناجى الله عز وجل به موسى بن عمران (ع): يا موسى اكتم مكتوم سري في سريتك وأظهر في علانيتك المداراة عني لعدوي وعدوك من خلقي) (12).

ويلخص الإمام الشيرازي (رحمه الله) هذا العامل الأساس في أسس نظريته بقوله: (إنه الحق، فإن المداري يداري وهو واحد يداريه كثيرون. ويقارنه مع الفرد العنيف بقوله: من خرق مع الناس جرّ على نفسه خرق جماعات، وإن قابلهم بخرقه وهو فرد، ومن كان على شك من مدى صدق هذا الكلام فلينظر إلى المداري وغيره ثم يرى أيهما في راحة وسعادة وأيهما في شقاء؟ ) (13).

 

الأسس النفسية في نظريته

لحسن الحظ -حظ العلم- أو قل المعرفة بعامتها، أن يستعرض الإمام الشيرازي (رحمه الله) آفاقاً جديدة لم يألفها الباحثون والكتاب المختصون في العلوم البحتة والاجتماعية والنفسية لهذه النظرية الموسوعية في الميدان الإنساني عموماً، وعلوم الدين خصوصاً، فالإمام (رحمه الله) بدراساته المعمقة سبر أغوار النفس الإنسانية من خلال أخطر عامل عبر التاريخ،وهو عامل السلم،والمسالمة، والمداراة، وباستخدام أساليب حددها سلفاً في اللاعنف.. وهي في الحقيقة محاولة تنسيقية تستوحي مفاهيم الدين الإسلامي العميقة على نطاق واسع عبر حياة البشرية منذ تكوين الأرض وعيش الإنسان عليها حتى زماننا الحاضر،وهي محاولة لجأ إليها الإمام الشيرازي كمسار من أحد المسارات النفسية والاجتماعية، وهو يعد بحد ذاته اتجاهاً في البحث الذي يتميز باتساع الأفق والفطنة إلى إمكانيات كل أسلوب من أساليب البحث والتنقيب داخل النفس الإنسانية، مع عقد المقارنات مع المتغير الآخر الأكثر شيوعاً اليوم وفي الماضي، وهو العنف.

إن بحث الإمام الراحل (رحمه الله) في الجانب النفسي في غضون هذه النظرية وفي إطارها المرجعي، كإطار ديني إسلامي، هذا الطرح الذي يصهر الإنسان بما هو إنسان، في علاقة حميمة بين وجوده المادي (الدنيوي) من ناحية، وما سيعود عليه من مردود في الآخرة (الأخروي) من ناحية أخرى، وإذا تساءلنا عن أحوال الإنسان ومصيره، فيكون إزاء ذلك، أن الإمام الشيرازي وجد النتيجة المنطقية من خلال هذا السبر في أغوار النفس الإنسانية عبر الفكر الإسلامي، وهي نتيجة من الصعب تحققها، حيث أنها لا تحمل دلالة ولا معنى إلا من خلال تطبيق الإنسان مبدأ اللاعنف في الواقع المعاش، فإن شقاء الإنسان وسعادته تتحدد في خبراته المعاشة مع غيره من الناس، أما التراث المعرفي المتراكم، من خبرات وطروحات المفكرين والمنظرين، فلا مكانة لها إذا لم تأخذ التطبيقات الميدانية -الحياتية حيز التنفيذ.

ويرد الإمام الشيرازي أصل هذه الفكرة السيكولوجية إلى: نحو المقتضى والأصل(14)، فيقول: (إن من أسباب التفاف الناس حول الإسلام: المواظبة الشديدة لدى المسلمين على محاسبة النفس والرقابة النفسية، فقد التزم المسلمون بهذه الصفة الحميدة (محاسبة النفس) لأن دينهم دعاهم إلى ذلك، فالمسلمون كانوا نموذجاً في أمانتهم وصدقهم وصحة عملهم وإتقانهم وفي كل سلوكهم).

أما قدرة (ملكة) ضبط النفس، فيعرّفها الإمام كإحدى أساليب التعامل مع مبدأ اللاعنف بقوله: إن ضبط النفس -هنا- أخص من كبر النفس، وهو ملكة التحمل في خوض الأهوال، وقوة المقاومة مع الشدائد والآلام، بحيث لا يعتريه انكسار وإن زادت وكثرت الأهوال والشدائد.

وقوله: إذن ما لم تستقر النفس على معتقدها في المبدأ والمعاد لم يحصل لها العزم البالغ على تحصيل ما تتوقف فائدته عليهما، من الاهتمام والعمل بالأمور الحسنة، وتجنب القبيحة. وهذه الفائدة ستعطي المجتمع الإسلامي النضج والوعي والإيمان (15).

ثم يطرح الإمام الراحل (رحمه الله) أحد أساليب السيطرة على النفس (الذات) بتساؤله: كيف نتصرف بحكمة،ونكتسب التعقل ونلتزم جانب الإنصاف؟.

فيقول مجيباً: لا شك في أن ذلك أمر لا يدرك إلا بشق الأنفس، وطالما قصرت -وما زالت تقصر- دونه رغبات الناس، وطموحات الرجال؛ ذلك لأن أول المحكات فيه محك النفس. ويضيف: نحن لا نريد بذلك أن نلغي العوامل الأخرى المهمة من قبيل تحصيل المعارف واكتساب التجارب (الخبرات) وتحمل الصعوبات في ذلك، غير أن أول الطرق إلى ذلك، هو ضبط النفس الأمارة بالسوء، والسيطرة على ضعفها، للوصول بها إلى درجات الكمال.

ويتعرض الإمام (رحمه الله) إلى العوامل الأخرى، إلى نزعات التناقض في النفس الإنسانية بقوله: إذ إن نفس الإنسان ميالة للدعة، والهروب من المسؤولية، سريعة الرضا بالمستوى المتوافر، كثيرة التبرير للهفوات والتراجعات!(16) ويستشهد بقول الإمام علي بن أبي طالب(ع) : (إياكم وغلبة الدنيا على أنفسكم فإن عاجلها نغصة وآجلها غصة) (17).

ويطرح الإمام الشيرازي عاملاً آخر هو (الصبر) كأحد استراتيجيات اللاعنف، مستنداً في ذلك على قول الإمام علي بن أبي طالب (ع) : (ألزموا الصبر فإنه دعامة الإيمان وملاك الأمور) (18).

ويضيف قائلاً: بالصبر يتمكن الإنسان من أن يكرر العمل، ولا ييأس من النتيجة،وبالصبر يتمكن من أن يستمر في العمل، وإن لقي عنتاً وإرهاقاً،وهمزاً ولمزاً.

إذن: فالصبر من الكل أحجى، هذا فضلاً عن أن الصبر في نفسه فضيلة، ومنشأ لفضائل أُخر، فالصابر تتحلى نفسه بالتؤدة والحلم، فإن ثورة الغضب لا تجد مجالاً في نفس الصابر.. وتتحلى نفسه بتحري الصواب، فإن الصبر يفسح المجال للنفس للتفكير والتداول والاستشارة.. كما يتحلى الصابر بالأخلاق الرفيعة مما تجر إليه جاهاً مرموقاً، ومكانة اجتماعية سامية.

لكن.. الصبر يحتاج إلى ضبط للأعصاب، وتحفظ على النفس، وتجنب للزاوية الحادة في الأمور، وإيحاء مستمر بأنه (صابر) حتى يصبح الصبر ملكة (قدرة) عفوية، تعطي أثرها بدون عناء وصعوبة.

ثم إن الإنسان الذي ينصر الحركة، ويشارك في الدعوة، لابد وأن تكون له سلوة، ولا سلوة في الكون إلا الثواب أو الانتقام، ودفع الشر بالصبر؛ فمن ورد عليه ألم من شخص، لم يُسلَّ عنه إلا بأن يدفع إليه العوض، أو ينتقم، أو يكون ذلك سبباً لدفع شر عنه، أو يكون مسلحاً بالصبر.

ويلحق الإمام الراحل بهذا المتغير (العامل) الأساس في نظرية اللاعنف قوله: (والحركة في ابتدائها، لها ثواب عاجل فيها، ولها انتقام، فإن الانتقام ينافي اللاعنف، ولها دفع للشر بسببها).

إذن لم يبق إلا الصبر (19)..

ويعرض وصيتين استنتجهما من علم الأخلاق، هما:

1- إن الإنسان إذا حصل على الفضائل،وغرق فيها، فعليه أن لا يخبر أحداً بذلك.

2- لو تعرض الإنسان إلى المشاكل، وغرق فيها، فعليه أيضاً أن لا يخبر أحداً بذلك.

ويتطرق الإمام (رحمه الله) أيضاً لبعض أساليب التعامل في نظريته حول اللاعنف بقوله: (إن رعاية الناس تحتاج إلى ضبط النفس وعقل رزين والنضج والحكمة في العمل؛ فإن الإنسان الناضج الذي يرعى الناس يكون في راحة، ونفسه فرحة، ومسرورة، أما غيره فقد خسر راحة الروح وفضيلة النفس) (20).

أما عن الآليات النفسية - الاجتماعية التي يدعو إليها الإمام الراحل في نظريته عن اللاعنف فيقول: (على المسلمين أن ينتهجوا منهج السلم واللاعنف في اللسان والقلم والعمل، فعليهم أن لا يسبوا أحداً، ولا يجرحوا شخصاً باللسان والقلم، كما ينبغي أن لا يتخذوا مواقف حادة -كالمقاطعة والحصار الاجتماعي وشبه ذلك-) (21).

ويستغرق في شرح الآليات النفسية بقوله: (اللاعنف يتجلى في كل من اليد، واللسان، والقلب، وأحدها أسهل من الآخر).

فاللاعنف في اليد، أسهل من اللاعنف في اللسان، واللاعنف في اللسان، أسهل منه في القلب.

ويسترسل بقوله: (فلا يلطم خصمه، وإن لطمه، ولا يضربه وإن ضربه، ولا يشهر بوجهه آلة نارية، أو خشبة، أو ما أشبه).

نعم ليس من معنى اللاعنف أن لا يقي الإنسان جسمه من الصدمة الموجهة إليه، فهي وقاية لا عنف، والوقاية من اللاعنف.

وهذا اللاعنف اليدوي ضرورة محتمة بالنسبة إلى من لا قوة له، لنجاح الدعوة، وقد كان هذا سبيل كل مصلح عظيم وصاحب مبدأ عاقل.

ويورد الإمام الشيرازي (رحمه الله) تعاليم عيسى المسيح (ع) . كما في الأحاديث المروية عن الأئمة المعصومين (ع) : (من لطم خده منكم فليمكن من خده الآخر).

ويعرض سماحته، مثلاً سيكولوجياً بقوله: (تصور أنك ضربت شخصاً ضربة، فقال -بكل رحابة صدر- وإن شئت ضربتني ضربة أخرى.. فأي انفعال نفسي يحدث هذا الكلام، وخصوصاً إذا تبعه الاستعداد لتلقي ضربة أخرى، في نفسك أنت أيها الضارب؟).

ويمضي السيد الشيرازي قائلاً: (إن من يشكل على هذه الحكمة البالغة، ليس إلا من يقيس حاله في اعتداء عليه، بحال عيسى العظيم، الذي أحاط به الأعداء، وكان لا بد من إنجاز دعوته).

ويستشهد أيضاً بسيرة نبي الإسلام (ص) بقوله: (هل كان يرد الإيذاء -في مكة-؟).

إن التاريخ يشهد بأنه كان يتجرع الاعتداءات اليدوية بكل رحابة، فحين كان (أبو لهب) يحصبه بالحجارة، و (أم جميل) تلقي في طريقه الأشواك، و (كافر آخر) يفرغ على رأسه الكريم سلى الشاة وهو في الصلاة، و(مشرك) يبصق في وجهه الطاهر، وزائغ يلقي القذارة في طعامه، و (مولى أبو جهل) يشج رأسه بقوس... كان (ص) يقول: (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون).

ويعرض مثلاً بقوله: (أرأيت لو ضرب شخص إنساناً آخر بمحضر منك، ثم لم يرد المضروب الاعتداء، فمع من يميل قلبك؟، إن الميل إلى المظلوم حقيقة كونية، اتخذها المصلحون العظام) (22).

 

الأسس الاجتماعية في نظريته.. (المعايير والقيم)

يعرّف علماء النفس الاجتماعي القيم values ، بأنها مجموعة المعتقدات الفردية ذات الطبيعة الثابتة، وتعرّف أيضاً بأنّها الرغبات المحورية لكل من الفرد والمجتمع، وتمثل معايير لتوجيه سلوك الفرد وأحكامه.

والقيم عبارة عن حصيلة الموروث الاجتماعي والثقافي والسلوك التربوي للمجتمع، بل إنها المحك والمعيار الذي نحكم من خلاله على سلوك الفرد.

إن المعايير والقيم ترتبط بالاتجاهات attitudes التي يتعلمها الفرد خلال مراحل حياته من خلال تنشئته الأسرية والاجتماعية. والاتجاهات تعتبر دوافع مكتسبة لها استعداد وجداني، ولها درجة ما من الثبات، وإزائها يحدد الفرد شعوره وتلوّن سلوكه بالنسبة لموضوعات معينة، من حيث تفضيلها أو عدم تفضيلها، فإذا بالفرد يحسها ويميل إليها، إن كان اتجاهه نحوها إيجابياً، أو يكرهها وينفر منها، إن كان اتجاهه نحوها سلبياً، وقد يكون الاتجاه نحو شخص معين، أو جماعة ما أو شعب ما، أو مدينة ما، أو فكرة ما. هنا يتعين اللاعنف أو السلوك العنيف -العدواني- بصورهما وأشكالهما المختلفة.

إن منظومة القيم والمعايير تتحدد وفق المحددات الاجتماعية التالية، وهي تتاح لثلاثة مستويات اجتماعية:

المستوى الأول: هو المستوى الذي تحدد فيه الثقافة والمفاهيم الجديرة بالرغبة فيها.

المستوى الثاني: حيث توجد الأسرة وتوجهاتها نحو قيم وغايات بعينها.

المستوى الثالث: يتمثل في الجوانب الفردية، كالمستوى الاقتصادي، الدين، المهنة، مستوى التعليم(23).

إن المعايير التي يطرحها الإمام الشيرازي الراحل (رحمه الله) في رؤيته لمبدأ اللاعنف تتحدد بعدة تكوينات منظمة ترتبط بالسلوك، وتتلازم مع القدرة النفسية في التعبير والتعامل، حيث يقول: اللازم الالتزام باللاعنف الكامل، فإن اللاعنف وإن كان صعباً في مقابل من يستعمل العنف، إلا أنه محمود العاقبة..(24) وعلى ذلك فهو يطرحها كمعايير مطلقة، وكقيم راسخة واتجاهات ثابتة في التعامل. وإن للقيم تأثيراً واضحاً على النظام الكامل للفرد ومن ضمنه السلوك، وإن ارتباط القيم بالسلوك ليس ارتباطاً مباشراً بل يمر بقنوات خاصة بالفرد.

 

منهج اللاعنف والقيم الإسلامية

إن شعار المسلم في كل مناسبة (السلام) فهو حينما يلاقي أخاه يقول: (السلام عليكم)، وحينما يريد الفراغ من الصلاة يقول: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ويقول القرآن الكريم -تعليماً للمسلم- على لسان عيسى المسيح (ع) : (السلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً) (مريم/33).

يقول آية الله العظمى السيد الشيرازي(رحمه الله): (الإسلام يريد السلام لكل الناس، قريباً أو بعيداً، صديقاً أو عدواً، ظالماً أو مظلوماً)، ويقول أيضاً: (كثيراً ما أشار القرآن والسنة إلى هذا السلام والسلم) (25).

ومن القيم التي يتناولها منهج اللاعنف، كامتداد طبيعي للقيم الإسلامية، (حرمة الاختطاف والعنف) ويطرحها الإمام كمسألة فقهية قائلاً: يحرم الاختطاف وأخذ الرهائن كما كان متعارفاً في ذلك الزمن، وكما هو متعارف في زماننا هذا، وهكذا يحرم جميع مصاديق العنف والإرهاب، مما يوجب إيذاء الناس أو تشويه سمعة الإسلام والمسلمين(26).

وتستند نظرية اللاعنف عند الإمام الشيرازي (قدس سره) إلى سلسلة المراحل التطورية حيث ترجع إلى النبي محمد (ص) والإمام علي بن أبي طالب (ع)، ففي حادثة يعفو النبي محمد (ص) عن وحشي قاتل عمه حمزة،وعن قاتل بنته وحفيده، هبّار، ويستند (ص) إلى قول الله سبحانه وتعالى: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة) (المؤمنون/96). وقول الإمام علي (ع)في نهج البلاغة لعامله مالك الأشتر لما ولاه مصر: (لا تكونن عليهم سَبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق... فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه) (27).

ويمكن اعتماد مسارات التعامل التي قام بها النبي الأكرم (ص) خلال الدعوة الإسلامية كقيم يستدل بها أو كآليات (استراتيجيات) موصلة إلى مبدأ اللاعنف؛ فقد عفا رسول الله(ص) عن أهل مكة، مع أنهم كانوا مدبري المؤامرات عليه وعلى أصحابه، من أول البعثة إلى أواخر عمره الشريف.. وعفا.. وعفا.. فالنبي (ص) حينما يصدر أحكامه إنما يستمدها من القرآن؛ فهو يحبذ العفو وعدم الانتقام، وقلع جذور البغضاء والعدوان عن النفس؛ يقول سبحانه وتعالى: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) (النحل/126).

وأكد رسول الله (ص) على إحدى القيم التي تحكم السلوك وتحدد المعايير في التعامل من خلال ما يتم تطبيقه، بقوله (ص): (العفو لا يزيد الناس إلا عزاً، فاعفوا يعزكم الله) (28)،وقوله (ص) أيضاً لعتبة: (ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ تصل من قطعك وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك).

 

اللاعنف قاعدة بنيوية لحل المشاكل المعاصرة

ينظر الإمام محمد الحسيني الشيرازي(رحمه الله) إلى مبدأ اللاعنف ونبذ العنف كأساس وقاعدة بنيوية في التوصل إلى حلول للمشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المعاصرة .. فسماحته ينظر إلى قضية العنف من خلال أن العنف لا يهدي إلى الطريق الواقعي فقال : من الأمور المهمة في حسن الإدارة (العفو) فإن الإنسان مهما بلغت رتبته ـ باستثناء المعصوم ـ يكون معرضاً للأخطاء، وربما أخطاء فادحة، وليس اعتباطاً أمر الله سبحانه رسوله (ص) بأخذ العفو، حيث يقول: (خذ العفو.. وأمر بالعرف.. وأعرض عن الجاهلين) (الأعراف/199) (29).

إن آراء الإمام الشيرازي (رحمه الله) ونظريته في هذا المجال اعتمدت أساساً على:

أولاً: القرآن الكريم.

ثانياً: السنة النبوية الشريفة.

ثالثاً: ما قاله آل بيت الرسول(ع).

رابعاً: الاعتماد على الحجج في المنطق العقلي لاستنباط النظرية في اللاعنف.

خامساً: القدرة الإبداعية له في الاجتهاد، حول قضايا العصر.

سادساً: التصنيف الموضوعي للظاهرة (العنف) والمبدأ (اللاعنف) - يمكن الرجوع إلى تقسيمات سماحته في هذا الجانب-.

سابعاً: التشخيص الموضوعي للواقع الإسلامي ومشكلاته.

الإنسان منذ بداية الخلق كان يبحث عن الأمان والاطمئنان، فتارة يعتقد بالأوثان أو الأصنام علها تضفي على نفسه القلقة هذا الأمان، وتارة عندما تطور تفكيره واعتقد بالتوحيد وعبد الخالق الواحد، توجه إلى المسالمة استناداً إلى تعاليم الله (الخالق). فرغم أن هذه الديانات السماوية التي تعد في أساسها رسائل محبة للبشرية وحملت معها مبررات نزولها.. فإنها نزلت على مجتمعات كان الإنسان فيها أحوج ما يكون إلى تلك التعاليم لترشده نحو العلاج، فحلت كنظام اجتماعي قيمي محل النظام الطقوسي غير السماوي السابق..

إن الإنسان في مسعاه الحاضر يبحث عن السكينة والأمان في التآلف، ثم الابتعاد عن العوامل التي تسبب له الإثارة والقلق؛ فهو في بحث دائم عن توطيد أواصر العلاقات مع الآخرين، وهي دعوة للابتعاد عن العنف بين البشر. وخلال تلك الطروحات الفكرية المتنوعة يطرح الإمام الشيرازي آراءه في نظرية اللاعنف المستمدة من الدين الإسلامي الحنيف والسنة النبوية وأقوال آل البيت(ع)؛ فيقول (قدس سره) عن اللاعنف: إذا أردنا أن نصل مع الآخرين إلى الحل الصحيح والاجتماع على رأي صائب، لكي نحصل على النتيجة المطلوبة، فيجب علينا أن نسلك طريقاً بعيداً عن العنف ونتبع أسلوب التفاهم بالحكمة والموعظة الحسنة والهدى في معاملتنا مع الآخرين، حينئذ نصل موفقين إن شاء الله تعالى إلى الغاية والهدف(30). وإلى ذلك فهو يقسم اللاعنف إلى: الملكي (ملكة) واللاعنف القسري الخارجي، واللاعنف القسري العقلاني.

ويرى أن اللاعنف يتجلى في كل من اليد واللسان والقلب. ويؤكد سماحته على جانب اللاعنف القلبي، والذي يعتبره من أصعب الأقسام؛ ومعنى ذلك أن لا يملأ الإنسان الداعية قلبه بالعنف بالنسبة إلى خصومه ومناوئيه، وكثيراً ما يسري العنف القلبي إلى ملامح الوجه وحركات الأعصاب. وكان الإمام الشيرازي (رحمه الله) يعتقد بأن هذا القسم يحتاج إلى جهاد طويل، ومثابرة مستمرة حتى يحصل الإنسان على ملكة قوية، حيث يقول: علينا أن نتمتع ببعد نظر وصدر يتسع لاستقبال الآراء المغايرة لوجهات نظرنا وأن نستثمر هذا الاختلاف لنخرج بالرأي الصائب ونرتقي إلى هذه الحالة الإيجابية(31).

إن الإمام الشيرازي (رحمه الله) يطرح مبدأ اللاعنف بكل مجالاته(*) واتجاهاته المتعددة، النظرية والعملية (التطبيقية)، وهو في ذلك يستند نصاً وروحاً إلى المنهج الإسلامي وتعاليم الرسول الأكرم (ص) وأهل بيته (ع)، فيقول: من الضروري لممارسي التغيير أن يجعلوا في مقدمة أهدافهم مسالمة الجميع، وأن يعيش الكل بسلام. فكما أن للإنسان الحق في أن يعيش بكرامة وحرية ورفاه وسلام، عليه أن يترك الآخرين يعيشون كذلك(32)، كما قال الإمام علي(ع): أحبب لغيرك ما تحب لنفسك(33)، وفي موضع آخر يدعو سماحته إلى الالتزام بقول الحق في المنازعات سواء كان الحق للإنسان أو عليه، إما أنه يقول الحق لو كان الحق في جانبه، ولا يقول به لو لم يكن لصالحه بل كان لصالح الطرف الآخر فذلك مما لا يأتي بالنتائج المطلوبة(34)، وقال أيضاً: بالأخوة البشرية تتقارب القلوب وينتظم المجتمع، وتصفو النفوس، ويسود الجميع حب وسلام .. ومن العدل أن يتكافأ الأخوة أخوةً ووداداً .. كما أن من الظلم أن يتجنب بعض عن بعض، ويبتعد إنسان عن إنسان(35).

أما فيما يتعلق برؤيته في التعامل مع الأعداء فيرجح الإمام الراحل (رحمه الله) العفو وعدم الانتقام، وقلع جذور البغضاء والعدوان عن النفس(36)، حيث قال الله في القرآن الكريم: (ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) (النحل/126)، ويقول سبحانه وتعالى: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) (الأعراف/199).

لقد دأب الإمام الشيرازي (رحمه الله) خلال حياته أن يظهر مبدأ اللاعنف في عدة جوانب حياتية سواء في التعامل مع الأفراد، أو الفرد مع نفسه، أو مع الأشياء أو مع البيئة المحيطة أو مع الكائنات الحية الأخرى، فقال: ربما يعالج الإنسان الأمور -أياً ما كان- برفق ومداراة، وخليق بهذا الإنسان أن ينجح آخر الأمر وإن بدا في النظر بطيئاً وسخيفاً وربما يعالجه بشدة وعنف وجدير بمثله أن يخفق ولو نجح .. فالنجاح لا يقدر بما يقدر به نجاح الرفيق وفي غالب الأحيان يكون العنيف مبتعداً مجانباً فلا يحظى بما حظي به اللين المداري(37) وقال أيضاً: فأسلوب الرفق واللين (اللاعنف) له نتائج وثمار عملية إيجابية كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر:

أولاً: رضا الله تعالى.

ثانياً: الطمأنينة بين الناس.

ثالثاً: محبوبية الإنسان الهادئ في المجتمع(38).

وفي ذلك يقول النبي المصطفى(ص): إذا أحب الله أهل بيت أدخل عليهم الرفق(39)، ويقول الإمام الكاظم(ع): الرفق نصف العيش(40).

إن الإمام الشيرازي عُدّ داعية اللاعنف في العصر الحديث استناداً إلى طروحاته النوعية والكمية؛ فهو يرى أن العداوة لا تسبب إلا الخسارة، ويرجع في هذا الرأي إلى قول الإمام جعفر الصادق(ع): من زرع العداوة حصد ما بذر(41)، ويدعو البشرية جمعاء إلى العفو بدلاً من الانتقام وسلوك العداوة، وهو في هذا يقول: العفو محبوب لله فهو تعالى يريد عزّ الرجل ليس في الآخرة فحسب بل في الدنيا أيضاً(42)، ويستند في ذلك على قول النبي المصطفى (ص): (قال موسى يا رب أي عبادك أعز إليك؟ قال: الذي إذا قدر عفا).

 

الجوانب الفكرية في مبدأ اللاعنف.. الخطوط العامة

أكد آية الله العظمى السيد الشيرازي(رحمه الله) في طرحه الفكري على المجالات التالية بقوله:

- حركة اللاعنف وإن كانت صعبة جداً على النفس لكنها مثمرة جداً في الوصول إلى الهدف.

- اللاعنف ليس في بعد السلاح فقط، بل يشمل حتى الكلمة والنظرة والإهانة وغيرها.

- إن السلم حالة نفسية تبدأ من الداخل وتنتشر على الجوارح، فعلى الإنسان أن يروض نفسه على السلم ويلقنها، حتى يتم له ضبط أعصابه في ساعات الغضب.

- قوة الروح غالبة على قوة الجسد.

- إن الأصل في الإسلام: السلم واللاعنف.

- تغيير القوانين التي تهتف بالحرب وتحفّز عليه.

- محاسبة النفس والرقابة النفسية.

- الثقة والأمانة والصدق.. لا تتوفّر عبر القانون، ذلك لأن القانون ظاهري فقط.

- أما الباطن فالأمر بحاجة إلى رقابة نفسية يقظة، وهي لا تحصل إلا بالإيمان بالله السميع البصير، العليم بسرائر خلقه، وما تخفي الصدور.

- لا شك في أن ذلك أمر لا يُدرك إلا بشق الأنفس.

- أول المحكات فيه محك النفس.

- من يريد أن يحصل على النضج والوعي الكافي عليه أن يتسلح بالعلم.

- الإسلام دين السلام، وأما الحرب والمقاطعة وأساليب العنف فلا تكون إلا وسائل اضطرارية.

- اتباع سياسة اللاعنف في كل تحرك.

- إن الزمان يتبدل، والمفاهيم تتغير، فالحكام القدامى إذا لم يتمكنوا من التوفيق بين أنفسهم وبين المفاهيم العالمية الجديدة، ابتدأ التصادم.

- إذا أرادت فئة خاصة الإصرار بأنها على حق، وما عداها على باطل، كان ذلك في ضررها في الخط البعيد، وإن كان العاجل لها.

- في العنف: السباب، وهذا ما يعتاده من خف وزنه.

- أليس يمكن أن يقول الإنسان حقائق الأمر بدون سباب، وألا يكون ذلك أنفذ في القلوب، وأقرب إلى العقول؟.

 

الجوانب العملية

نستطيع اختزال بعض الجوانب التطبيقية لنظرية اللاعنف لدى الإمام الشيرازي (رحمه الله) من المجالات التالية:

أ) التعامل الإنساني:

- الإسلام دين السلام لا الحرب. (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) (البقرة/208). (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) (الأنفال/61).

- خدمة الناس مظهر من مظاهر الحكمة والاتزان.

- تظهر على سلوك الإنسان وتصرفاته فوائد عديدة منها مساعدة الناس وخدمتهم، وهؤلاء ينالون عادةً درجات رفيعة.

- إن رعاية الناس تحتاج إلى ضبط النفس وعقل رزين ونضج وحكمة في العمل.

- إن من يراعي الناس ويخدمهم هو شخص واحد، ولكنه يحظى بمحبة ورعاية كثيرين.

- يتحلى الصابر بالأخلاق الرفيعة مما يجر إليه جاهاً مرموقاً، ومكانة اجتماعية سامية.

- الصبر يحتاج إلى ضبط للأعصاب، وتحفظ على النفس، وتجنب للزاوية الحادة في الأمور.

- ما يفوز به الداعي الصابر، ارتياح النفس، بالنسبة إليه، وبالنسبة إلى أنصاره وزملائه.

- للتهيؤ أثر كبير في صقل الضمير.

- إن من يهيئ نفسه للضربة، لا يتلقاها بمثل الألم الذي يتلقاه من لم يهيئ نفسه.

- الداعي إلى مبدأ اللاعنف يحتاج إلى نوعين من الصبر:

أ) صبر على الأذى، وتكابد المشاق.

ب) صبر على الاستمرار والثبات.

- الصبر في ممارسة اللاعنف، كسائر الملكات الفاضلة التي يتكابدها الإنسان بادئ الأمر، حتى إذا تكررت واستمرت مدة من الزمان، صارت صفة لازمة وملكة - قدرة - راسخة، ينعم الإنسان في ظلالها.

- الشخص في كثير من الأحيان يخفق في إقناع أحبائه، كما يخفق في إقناع أعدائه، فالصابر يتخذ من هذا الإخفاق تجربة يبني عليها المستقبل، مع التحفظ على ود الأحبة، ونظافة قلوب الأخلاء.

- ومن ثمرات الصبر، زيادة عدد الأحبة.

- المصلح (اللاعنيف) إذا لم يتزود بهذه الخصلة، كان ضرره أقرب من نفعه.

- اللاعنف يحتاج إلى نفس قوية جداً، تتلقى الصدمة بكل رحابة، ولا تردّها، وإن سنحت الفرصة.

- اللاعنف، أن يعالج الإنسان الأشياء سواء كان بنّاء أو هداماً بكل لين ورفق، حتى لا يتأذى أحد من العلاج.

- اللاعنف في اليد، هو أن لا يمد الإنسان يده بنحو الإيذاء، ولو بالنسبة إلى أقوى خصومه، ولو كان مد اليد لرد الاعتداء.

- اللاعنف اليدوي سلاح يجلب إلى الداعي النفوس، ويؤلب على أعدائه الناس.

- إن عدم ردّ الاعتداء ليس فقط يبعث بالرحمة في قلوب سائر الناس، بل يبعث بالرحمة في قلب المعتدي أيضاً.

- إن العنف واللاعنف، ليسا مؤثرين – بالضد – بالنسبة إلى الدعوة الإسلامية فقط، بل بالنسبة إلى كل مبدأ ودعوة.

- اللاعنف اللساني، هو أن يلزم الإنسان لسانه، ويلجم كلامه عن النيل من المعتدي، سواء كان معتدياً بيد أو لسان، وهو فضيلة كبرى.

- اللاعنفي، هو من إذا كيلت له السباب والتهم، التجأ إلى الصمت.

- اللاعنيف لا يذكر حتى المعتدي عليه بسوء.

- اللاعنيف يتخذ البناء غاية.

- اللاعنيف يحتاج إلى جهاد مرير، وتكابد مشاق مستمر.

ب) التعامل في الحرب:

- اللاعنف أسلم بكثير من الحرب.

- الحرب كلمة قصيرة جداً، لكنها حملت أضخم المعاني وأقساها، كأن أشعة الرحمة لم تعرف لفؤاد هذه اللفظة أي مسرب. وهذه اللفظة بالرغم من قسوتها وجدت في قاموس الدول أرحب مسرح.

- الحروب القاسية تنسب إلى الوحشية.. أيها الإنسان العاتي! كل شيء من أرض وسماء وبحر وماء يمد إليك يد الضراعة ويسألك الكف عن الحرب.

- الحرب في الإسلام هي خلاف الأصل؛ ولذا يقتصر فيها على أقصى موارد الضرورة.

- راعى الإسلام في الحرب نظافة لم تر البشرية مثلها قط.

- لا تغالوا، ولا تمثلوا، ولا تغدروا، ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا صبياً، ولا امرأة، ولا تقلعوا شجراً.

- استثنى الإسلام في ساحات القتال والحرب الشرائح التالية، وحث على استخدام اللاعنف المطلق معهم، وهم:

الشيخ الفاني الذي لا يقدر على حمل السلاح - الطفل وغير البالغ - الأعمى - الرسول الذي يأتي برسالة من الكفار المحاربين إلى المسلمين - المجنون - الفلاح والمزارع الذي يعمر الأرض والزرع - أصحاب الحرف، كالتاجر، الصائغ - كل مريض أقعده المرض -الراهب المنشغل بعبادته - أصحاب الصناعات، كالمهندسين - الخنثى - المرأة التي لا تشترك في الحرب.

- من سياسة اللاعنف في الحرب، أنه (ص) لم يبدأ بحرب قط (لا تقاتلوهم حتى يبدأوكم).

- احترام الأمان الذي يعطيه المسلم لأحد الكفار أو لمجموعة منهم.

- عدم تلويث أجواء أو مياه العدو بالسم، ولا قطع الماء عنهم.

- عدم الغدر بمواثيق الصلح.

- اللاعنف وحسن التعامل مع أسرى الحرب.

ج) التعامل السياسي:

- ليس للحاكم حق الدكتاتورية إطلاقاً.

- من شرائط الحاكم العدالة.

- السياسة من صميم الإسلام، فلأن الإسلام هو الدين المستوعب لأحكام ما يفعله الإنسان سواء كان فعل الجوارح الظاهرة، أو فعل الجوانح، فلا عنف ضد الإنسان.

- إن السياسة شكل من أشكال الروابط الاجتماعية، واللاعنف هو الذي يجب أن يسود.

- إن علم الاجتماع وعلم السياسة يتبادلان الاحتياج؛ فالسياسة بدون الاجتماع ناقصة، كما أن علم الاجتماع بدون علم السياسة ناقص، وكلاهما يحتاج إلى مبدأ اللاعنف.

- بدون معرفة السياسي علم الاجتماع ومطالعته لذات المجتمع، لا يمكن أن يكون منطلقاً عن المجتمع، إلا بواسطة مبدأ اللاعنف.

- اللاعنف والتحلي بالعدل، فإنه من أهم الواجبات شرعاً.

- على الحاكم والحكومة الإسلامية أن تتعامل مع شعبها أفضل وأنظف تعامل إنساني مستند على مبدأ اللاعنف.

- مهمة الحاكم والحكومة في الإسلام هي: إدارة البلاد والعباد إدارةً تؤدي إلى عمران البلاد وازدهارها، وقائمة على سياسة اللاعنف.

- يجب رعاية النظافة في التعامل مع الآخرين، بشكل لا عنيف، وذلك حتى في التعامل مع الأعداء والكفار.

- الحث على العفو وعدم الانتقام، وقلع جذور البغضاء والعدوان عن النفس.

وإن ما يحدثه دعاة العنف أو اللاعنف، ومع مضي الأيام والعقود وحتى القرون، تبين للحكماء والمفكرين والفلاسفة ودارسي حياة المجتمع والنفس الإنسانية، أن أساس كل هذا الشر أو نقيضه هو الدافع الإنساني الذي يكمن في شخصية الإنسان.. فمهما قامت عقائد أو أنزلت أديان أو تكونت مذاهب إنسانية كثيرة متنوعة في التوجهات، أو متوافقة في التطلعات، لا تستطيع أن تكون فعالة ومؤثرة ما لم تساندها توافقات طرق الاستجابة باختلاف الأشخاص؛ فيرى الإمام الشيرازي (رحمه الله) أن استجابة الإنسان تعتمد على الحلم، والحلم يؤدي بالإنسان إلى درجة العبادة، وأية عبادة أفضل من الحلم؟(43)، والإمام (رحمه الله) في طرحه لنظرية اللاعنف كان قد قرأ العنف، واستنتج نقيضه تماماً.. فيقول سماحته: إن القتل لا يقع إلاّ من جرّاء الغضب، وهكذا كل مفسدة، ومكروه(44)، معتمداً على قول الإمام جعفر الصادق(ع): (الغضب مفتاح كل شر) (45).

نستطيع أن نستنتج من خلال ما ذكرناه ما يلي:

- لم تجر دراسة سابقة حول متغير (مبدأ اللاعنف) عند الإمام الشيرازي (رحمه الله).. ويبدو أنها من المتغيرات المهمة التي يجب التركيز عليها في الدراسات المستقبلية.

- كانت إحدى الغايات الأساسية وراء معرفة واستعراض آراء الإمام الشيرازي(رحمه الله) في مبدأ اللاعنف، هي سد الثغرة في الوضع الحالي، الدولي والإسلامي، على أثر الاتهام الموجه إلى الإسلام بأنه دين يؤمن بالعنف والإرهاب وفرض الرأي وإخضاع الناس لتعاليمه!!.

- اعتبار نظرية الإمام الشيرازي محكاً للإطار النظري في تفسير الظاهرة، وهو بحد ذاته يعد من المحكات الرئيسة التي يختبر فيها صدق الرؤية الإسلامية كلها دون النظر إلى المذاهب المختلفة ..

- من خلال ما تم استعراضه من آراء واتجاهات إسلامية خصوصاً، نجد أن هناك فروقاً كبيرة ذات دلالة في نظرية الإمام الشيرازي(رحمه الله)، حول هذا المبدأ (اللاعنف) وهذا يشير إلى أن الإسلام وإن تناول هذا المبدأ بشكل صادق، إلا أن التفاوت كان من قبل القائمين على التطبيق، وليس في الفكر الإسلامي.

إن نظرية اللاعنف عند الإمام الراحل (رحمه الله)، تعد مؤشراً مهماً للغاية من حيث دلالتها على إمكانية التطبيق الميداني .. فالاتجاهات الإسلامية التي تؤمن بقوة هذا المبدأ، تستطيع أن تتلمس بدقة وعناية المفاهيم والآراء التي طرحها السيد الشيرازي (قدس سره) والتي تستند إلى مفاهيم ورؤية القرآن والسنة النبوية وأقوال أئمة أهل البيت (ع).

بعد عرض الاتجاهات النظرية لجوانب العنف واللاعنف نقترح هذه النقاط:

- إجراء بحث يستهدف المقارنة بين نظرية اللاعنف عند الإمام الشيرازي وبين رؤية وتطبيقات (المهاتما غاندي) للاّعنف، مع أخذ متغير الأصول الدينية بالاعتبار.

- العمل على بث روح أسس اللاعنف التي طرحها الإمام الشيرازي(رحمه الله) في نظريته، في المسلمين جميعاً، ومقلديه بشكل خاص.

- أن يركز المبلغون في مجالسهم على الجانب الملَكي (الملكة-القدرة) في اللاعنف لدى الإنسان، باعتباره فطرة لديه.

- تدعيم نظرية الإمام الشيرازي(رحمه الله) في اللاعنف من خلال تطبيقات مستقبلية، مع متغيرات أخرى مثل (متغير مستوى التحضر، متغير قوة الإيمان الديني أو ضعفه، متغير أسلوب التعامل مع الأزمات المعاصرة).

- القيام بدراسة مماثلة تستند على نظرية الإمام الراحل في اللاعنف، وتطبيقها على واقع سياسي محدد مثل (الأزمة الأفغانية، وأزمة جامو وكشمير، الأزمة العراقية، القضية الفلسطينية).

- تطبيق نظرية الإمام الشيرازي في اللاعنف وتحويلها من إطارها الديني إلى الأطر: السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، كعينة مماثلة للتطبيق.

- إجراء بحوث تعتمد أثر نظرية اللاعنف للإمام الشيرازي على الجانب الاجتماعي حصراً.

- إجراء بحوث أخرى تشمل نظرية الإمام الراحل في اللاعنف، مع الأخذ بنظر الاعتبار متغيرات جديدة في مناطق العالم، مثل تجارب أمريكا اللاتينية، وإمكانية تطبيقها على تلك البيئات والمجتمعات.

 

الهوامش:

(1) الإمام الشيرازي(قدس سره)، جريدة الرأي العام الكويتية، العدد 12485، الاثنين 8 جمادى الآخرة، (1422) 27 أغسطس (2001).

(2) الإمام الشيرازي(قدس سره)، السبيل إلى إنهاض المسلمين، ص162 .

(3) الإمام الشيرازي(قدس سره)، ثلاثة مليارات من الكتب، ص19.

(4) رينيه جيرارد، العنف والاضطهاد، ترجمة جهاد هواش وعبد الهادي عباس، دار دمشق للطباعة، دمشق (1989)، ص4 .

(5) الإمام محمد الحسيني الشيرازي(قدس سره)، كتاب النظافة، ص300.

(6) الإمام محمد الحسيني الشيرازي(قدس سره)، الوصول إلى حكومة واحدة إسلامية، دار النخيل، بيروت، ط1 (1995م).

(7) ن.م: ص40.

(8) أبو جعفر ثقة الإسلام الكليني الرازي، أصول الكافي، ج2، دار الكتب الإسلامية، طهران ط2/1389، ص120.

(9) المصدر السابق.

(10) الإمام الشيرازي(قدس سره)، الفضيلة الإسلامية، مؤسسة الوفاء، بيروت (1992م) ص62.

(11) محمد باقر تقي المجلسي، بحار الأنوار، دار إحياء التراث، بيروت، ص437، ج2.

(12) بحار الأنوار، ج5 ص437.

(13) الإمام الشيرازي (قدس سره)، الفضيلة الإسلامية، مصدر سابق، ص63.

(14) الإمام الشيرازي(قدس سره)، إلى الوكلاء في البلاد، ص100.

(15) الإمام الشيرازي(قدس سره)، النضج وسمو النفس، مؤسسة المجتبى، بيروت (2001) ص10.

(16) المصدر السابق.

(17) عبد الواحد الآمدي التميمي، غرر الحكم ودرر الكلم، جامعة طهران ط3/1981م، ص136، الفصل 1.

(18) المصدر السابق، ص281 الفصل 7.

(19) الإمام الشيرازي(قدس سره)، إلى حكم الإسلام، ص46.

(20) الإمام الشيرازي(قدس سره)، النضج وسمو النفس، ص29.

(21) الإمام الشيرازي(قدس سره)، إلى الوكلاء في البلاد، ص99.

(22) الإمام الشيرازي(قدس سره)، إلى حكم الإسلام، ص50.

(23) عبد الفتاح محمد دويدار، علم النفس الاجتماعي، دار النهضة العربية، بيروت (1994م) ص257.

(24) الإمام الشيرازي(قدس سره)، كيف يمكن نجاة الغرب؟، مركز الرسول الأعظم (ص)، بيروت ط1/1999، ص32.

(25) الإمام الشيرازي(قدس سره)، في ظل الإسلام، مؤسسة الفكر الإسلامي، بيروت (1993م) ص14.

(26) الإمام الشيرازي(قدس سره)، من فقه الزهراء، هيئة آل محمد، (2001م) ص105.

(27) لبيب بيضون، تصنيف نهج البلاغة، مكتب الإعلام الإسلامي، إيران (قم) ط3/1417، ص613.

(28) محمد بن الحسن العاملي، وسائل الشيعة، ج11 ص218.

(29) الإمام الشيرازي(قدس سره)، فقه الإدارة، بيروت (1989)، ص321 .

(30) الإمام الشيرازي(قدس سره)، اللاعنف منهج وسلوك (في) أجوبة المسائل الشرعية، العدد (37) ـ 1421هـ.

(31) ن.م.

(*) يقصد بالمجالات: المجالات الدينية، السياسية، الاجتماعية، الإدارية، الاقتصادية.

(32) الإمام الشيرازي(قدس سره)، ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين، مؤسسة الوفاء، بيروت (1982)، ص60 .

(33) البحار، ج17، الباب15، من أبواب حقوق المؤمنين، ص226، مصدر سابق.

(34) ممارسة التغيير، مصدر سابق، ص180 .

(35) الإمام الشيرازي(قدس سره)، العدالة الإسلامية، مؤسسة المجتبى، بيروت، ط2 (2000)، ص83 .

(36) ن.م ص88 .

(37) الإمام الشيرازي(قدس سره)، الفضيلة الإسلامية، مصدر سابق، ص60 .

(38) الإمام الشيرازي(قدس سره)، اللاعنف منهج وسلوك، (في) أجوبة المسائل الشرعية، العدد (37) ذي الحجة ـ 1421ه.

(39) أحمد النراقي، جامع السعادات، ج1، ص340 .

(40) أصول الكافي، ج3، ص120.

(41) ن.م.

(42) الفضيلة الإسلامية، مصدر سابق، ص58 .

(43) الفضيلة الإسلامية، مصدر سابق، ص52 .

(44) ن.م ص54 .

(45) أصول الكافي، ج4، ص303، مصدر سابق.

ردك على هذا الموضوع

إتصــلوا بـنـــا

الأعــداد السابقــة

العــدديـن 67 - 68

الصفحة الرئيسية