متابعات

 

ممثلية الإمام الشيرازي في تورنتو (كندا) تقيم مجالس الفاتحة

(إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء إلى يوم القيامة)

فجع المسلمون في كندا بنبأ رحيل آية الله العظمى المرجع الديني الكبير الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس الله سره)، وصدموا وأذهلوا بالمصاب العظيم الذي حل بالمسلمين فلم يتمالكوا أنفسهم حتى انهمرت دموعهم وعم الحزن والألم في قلوب المؤمنين بهذه الفاجعة الأليمة بفقدان ذلك العالم العامل والورع التقي والزاهد العفيف والسمح العطوف، فأقاموا عدّة مجالس الفاتحة على روحه الطاهرة حيث أقامت ممثلية الإمام الشيرازي (قده) في تورونتو- كندا حفل تأبيني على روح المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى الإمام السيد محمد الشيرازي (قده) في يوم السبت 22/12/2001م.

قدّم السيد أحمد ضياء الدين كلمة مختصرة حول الإمام الشيرازي كان مفادها:

عندما ترتقي النفس إلى ملكوت الإخلاص، وتتحرر من أغلال الهوى، فإنها تصبح تواقة لنيل الهدف الرباني مجتازة كل العقبات التي تقف حائلا دون الوصول إلى ذلك، فتسمو هذه النفس عاليا غارسة بصمتها في منظومة الواقع، راوية صحراء قاحلة بروي العمل والجهاد جاعلة منها بساتين يانعة لا تنضب أبدا.

الإمام الشيرازي حمل هذه النفس، فحلّق عاليا، ونثر أسمى آيات البطولة على أرض المآسي، وقدم أرقى مكارم الإخلاق لدنيا الفتن والبلاء..

وبعدها كانت كلمة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ علي الرميثي، وتحدث سماحة الشيخ كيف كان الإمام الراحل قد نذر نفسه لنشر التشيع ومذهب أهل البيت(ع) وترويج فضائلهم ومناقبهم بكل ما يملك من قوة وإمكانية، وأضاف الشيخ بأن الإمام كان يرى أن الإنسان لديه طاقات وإمكانيات وهذه الطاقة يجب أن تستغل وتبذل في سبيل رفعة الإسلام ولا ينبغي أن تُحصر في جانب معين فقط ولكن يجب أن تصرف في جميع المجالات.

وكان الإمام (رضوان الله عليه) دائما يحرك الناس نحو العمل فالذي لديه إمكانيات خطابية كان يحثه على بذل قصارى جهده من أجل تطوير ملكة الخطابة لديه، وإذا أتوه وفود من دول العالم المختلفة كان يحثهم على العمل السياسي والدخول في إدارات الدولة وهكذا يحث كل واحد حسب ما يملكه من طاقات وإمكانيات.

وأضاف إلى أن الإمام الراحل كان يحمل هموم العالم بأسره، فأي خبر سيئ كان يحدث في بقاع العالم ويسمعه كان يتأثر ويغتم من هذا الخبر فكان (رضوان الله عليه) يشخص المرض ويعطي الدواء ويحث جميع مقلديه والمسلمين لمعالجة تلك المشاكل وكان يعتبر نفسه مسؤولا أمام الله لمعالجة جميع الهموم والمشاكل.

وتضمن الحفل كلمة للشباب المحبين للإمام (رضوان الله عليه) حيث قدم الشاب هاني تقي كلمة باللغة الإنجليزية، استعرض من خلالها مختصر حول عائلة سماحة الإمام الشيرازي ومواقفهم وجهادهم، ثم تحدث حول حياة الإمام وولادته وانتقاله إلى كربلاء ومرجعيته ومؤلفاته وكيف كان يؤلف في جميع المجالات في السياسية، الاقتصاد، الحكومة، التاريخ، الفلسفة، القانون الإسلامي وغيرها..

وتحدث حول لقاءه الأول بالسيد الراحل وكيف لفت انتباهه أخلاقه الرفيعة العالية.

ثم كانت الفقرة التالية من نصيب خادم الزهراء(ع) وألقى على مسامع الحضور قصيدة رائعة لقت استحسان الحضور وهي:

سُحي من القلب المذاب دموعا
إني أشاطرك البكاء فمزقي
فالدمع يسعفُ مهجة مكلومة
وإذا رأيت الدمع يشدي على
فاستنسخي بالصبر حيث به الشفا
يا نفسُ حسبك ما ارتكبت معاصياً
يا نفس كم رُمت الحياة بلا فنا
فإذا أمانيك العظام تبددت
ولكم تمنيت الخلود سفاهة
الموت يصطاد الجميع شِماته
يا نفس ما تبغين بعد أحبةٍ
أفتأملين بأن تعيشي بعدما
أو يأمل الأيام إلا جاهلا
قد كان وجهك يا محمد ساطعا
والحوزة الغراء كان لركنها
واليوم ناداه القضاء أن التحق
لبى الندا فالشعب أضحى بعده
ما كان أصعب فقد قلبٍ عالم
أأبا رضا أديتها بأمانةٍ
أفنيت عمرك للرسول متيما
فابشر بلطف الله في يوم الجزا
كم محفل أسديت فيه مواعظاً
كم منبرٍ لازال صوتك فوقه
ما مات شخص محمدٍ بل إنما
من كان مثلك فهو بين ضلوعنا
شيراز أبنك للكرام أرومةٌ
واسيتَ أبناء العراق جميعهم
وأخوك في لبنان جاد بنفسه
ولكُم بساحات النظال مآثرٌ
سفرٌ وجدك قد ملاه فضائلاً
صبّرت نفسك والصبر شعاره
فاهنأ بيوم الحشر يا بن محمد

 

فالرزء حل كما ترين فضيعا
إن شأتِ من أجل الفقيد ضلوعا
ويعيد قلبا ثاكلا مفجوعا
من كان للروض النظير ربيعا
من كل سقمٍ حل فيك وجيعا
لو لامست جبلاً لخر صريعا
والدهر عبدا قد أردت مطيعا
وإذا الممات يضيّع المطبوعا
فإذا بحبلك قد غدى مقطوعا
كهلا وشيخا طاعنا ورضيعا
رحلوا وما اسطاعوا إليك رجوعا
غابوا وكانوا مشرقين سطوعا
أمسى بخُلةِ برقها مخدوعا
يزهو فيملأ بالضياء ركوعا
سورا يقيها المزريات منيعا
بالطاهرين الخالدين سريعا
طرفا يُسيل وخافقا مصروعا
نهل الفضيلة حين كان رضيعا
لم تـنحني للظالمين خضوعا
لتراه في يوم الحساب شفيعا
إن الذي قدمت ليس مضيعا
ولكم دجاً أسرجت فيه شموعا
لجميع عشاق الهدى مسموعا
لا زال في أذهاننا مطبوعا
حيٌ وإن في القبر حل ضجيعا
طابت أصولا في الورى وضروعا
بعظيم ما قاسيت ثَم منيعا
وسقى دروب الثائرين نجيعا
شهدت بحقكم الشعوب جميعا
مذ أصبح التنباك منعا وضيعا
أن لا يُرى عند الخطوب جزوعا
لتنال عزا بالخلود رفيعا

ثم تلى ذلك فقرة شعرية أخرى قدمها الحاج أبو مرتضى المخزومي، حيث ألقى على المستمعين قصيدة جميلة وهي:

سلام على الوتر العظيم محمدٍ
سلام على خير البرية باقيا
سلام على الحفل الكريم وإنما
يوم عراق المجد خط بفكره
حتى مضى يحدو ليكتب منهجا
حتى تجاوز بالكتابةِ كفه
في كل سطر آيةٍ بكتابه
فنرى إذا بدأ الكلام تحسه
حتى إذا كُتبت قصيدةُ فكره
وموسوعة الفقه التي جازت إلى
وأصوله مد إلى آباءه
ومكتبة قد آثر المجد ريعها
غرست بها شجر العلوم وإنما
وعواصفٌ عجت بريح شديدةٍ
فآوى إلى كهفٍ يعد لرحلةٍ
لكنما المنون تخطفت
فأتى لنا العيد الكئيب بظلمةٍ
أيا عيد مالك إذ مررت بأمةٍ
وإذا مررت بدارنا لم تهدنا
إني رأيت الحق وهو بعلمه
في ليلة العيد التي هي أعظم
أيا قائما مالي رأيتك واقفا

 

صلوا عليه بوافر الصلواتِ
بعوننا والعين في العبراتِ
الحفل الكريم يعج بالبركاتِ
صفحات عز أعظم الصفحاتِ
بحروف نور في دجى الظلماتِ
فمضى يخط بوادع الكلماتِ
فنرى الكتاب يضيء بالآياتِ
بكلامه قد عطر الجلساتِ
بيت بها يكفي من الأبياتِ
حدٍ يفوق العد بالعشراتِ
أصل رصين لأعظم الساداتِ
ليحصد الأجيال خير نباتِ
أرواح خيرٍ تقطف الثمراتِ
فواجهها في حكمة وثباتِ
كما عد أهل الكهف في الحجباتِ
أيامه في أحرج الأوقاتِ
سدت على الآفاق كل فلاتِ
تهدي لها أنشودةِ النغماتِ
إلا الرزا والسوء والنكباتِ
حدثٌ عظيمٌ يحمل الكرباتِ
الساعات بعد القدر في النفحاتِ
بصلاة حزن أفجع الصلواتِ

بعدها ارتقى المنبر حجة الإسلام والمسلمين الشيخ أبو مهدي المخزومي، ملقيا خطبة بيّن من خلالها بعض من جوانب حياة الإمام الشيرازي(قده)، وكيف أن العالم قد خسر عالما فذا قل نظيره في التاريخ الإسلامي.

فقد كان رجلاً موسوعياً لأنه كتب في كل شيء وتحدث في كل شيء، فلم يقتصر في كتاباته على الفقه فقط وإنما جعل الفقه هو الحياة، حتى كتب في فقه البيئة وفقه المرور في الدين الإسلامي فكتب في كل أمور الحياة، فألا يدل على أن الرجل كان موسوعي؟! وأيضا كان الإمام مشروعي، فلم يكن مشروعه المرجعية فقط، بل كان في كل المجالات لديه مشروع، مشروع في السياسية وفي الاقتصاد وفي الاجتماع، مشروع للرجال ومشروع للنساء ومشروع للشباب، فكل شيء جعل له مشروعا حتى يسير على خطى ثابتة، فألا يدل هذا على أن الإمام كان مشروعي؟!.

وبيّن إن الإمام الشيرازي (قدس سره) كان موضوعياً، فكل شيء كتب فيه موضوعا وكل أمر تعامل معه بموضوعية، بخطبه بكتاباته بتحركه بكل شيء.

كما بيّن سماحة الشيخ كيف كان الإمام الشيرازي (رضوان الله عليه) ذو أخلاق رفيعة وبالخصوص صفة التواضع، وكيف كان ينزل الإمام رغم عظمه إلى أصغر الحضور ليسأله ويستفسر عن أسمه وعمره وعمله وأحواله وينصحه بما يليق بعمره، بالإضافة إلى أنه كان يحّمل كل واحد يستقبله مسؤولية وهذا ما حصل لسماحة الشيخ شخصيا عندما التقى الإمام السيد لأول مرة وكان آنذاك في الخامسة عشر من العمر وكيف تحدث معه الإمام المرجع بكل تواضع حديث الأب لأبنه، وحمّله مسؤولية الكتابة ونشر علوم أهل البيت(ع)، وكيف لا يدعوا الناس إلى تحمل المسؤوليات وهو من تحمل المسؤوليات العظام واستغل كل لحظة من حياته في الجهاد والعمل فلم يقصر أبدا.

ثم أورد السيد أحمد ضياء الدين مختصرا حول الجانب التأليفي لدى الإمام الشيرازي وكيف كان الإمام يكتب لجميع الطبقات والمستويات والدرجات.

وكان ختام الحفل مجلس عزاء لسماحة الخطيب الشيخ أبو علي العابدي، وقد تحدث سماحة الشيخ العابدي عن لقاءه الأول بالإمام الفقيد وأخوه الشهيد عندما زار كربلاء، وتحدث عن كرامة رآها من السيد عندما بشره الإمام الشيرازي بشفاء أبنه الذي كان يعاني من مرض مستعصي والذي جعل من الأطباء يستغربون ويحتارون كيف حصلت هذه الكرامة فالابن كان بالأمس القريب يعاني من مرض واليوم قد اختفى هذا المرض نهائيا من جسمه بقدرة الله سبحانه وتعالى وبفضل دعاء الإمام( قدس الله سره).

كما وتحدث عن مؤلفاته وأفترض سماحة الخطيب بأنه لو قمنا بعملية حسابية بأن نقسم عدد مؤلفات الإمام السيد الألف والستون موضوعا وكتابا على عمره الشريف، يتبين أنه كان يؤلف في السنة ثلاثة عشر كتابا ونصف، أي أن في كل شهر كان يؤلف كتابا وشيئا من الكتاب على أقل التقادير فإذا كان الكتاب يحمل ثلاث مائة صفحة على سبيل المثال، فمتى كان هذا الرجل يأخذ قسطا من الراحة وكيف كانت له المقدرة على تنظيم وقته بأن يؤلف ويلتقي بالناس ويجيب على الأسئلة ويباشر إدارة المؤسسة المرجعية وغيرها وغيرها، وهذا إن دل فإنما يدل على المقدرة الفائقة في تنظيم وقته والتي كان يتمتع بها الإمام الشيرازي(قده).

وقد تضمن الحفل أيضا معرض الإمام الشيرازي للكتب والصور والذي احتوى على ثلاث مائة كتاب من كتب السيد مع بعض الصور التي خصت الإمام قديما وحديثا مع استعراض لتغطيات الصحف العالمية للحدث المفجع الذي أصاب العالم الإسلامي.

وقد حضر الحفل التأبيني جمع من العلماء الأعلام والشخصيات السياسية والثقافية، وممثلين عن جميع المراكز والمؤسسات الثقافية وجمهور من الجالية الإسلامية من تورونتو وهاملتون ولندن أنتاريو.

أقامت مجموعة مراكز في تورونتو - كندا مجالس الفاتحة

على روح الإمام الشيرازي (قدس سره) منها:

1ـ مركز الزهراء(ع): حيث ارتقى المنبر سماحة الشيخ أحمد الأنصاري، حيث ألقى خطبة قيّمة بين من خلالها جوانب متعددة من حياة الإمام الفقيد (رضوان الله عليه) الأخلاقية والعلمية والجهادية، وأشار إلى كمية تأليفاته الكثيرة، ثم عرج على مصيبة الغريبة فاطمة بنت القاسم بن الإمام الرضا(ع)، حيث على البكاء المجلس لما كان من المصيبة أثر في نفوس الحاضرين.

2ـ حسينية أم البنين النسائية: وقد تضمن مجلس الفاتحة كلمات لعدة قارئات بيّن سيرة وشخصية الإمام الشيرازي (رضوان الله عليه) وعلمه وزهده وتقواه وقيادته للأمة الإسلامية ومكانته في قولب المؤمنين واختتم المجلس بقراءة عزاء الحسين من عدة قارئات وإطعام.

3ـ المركز الإسلامي في تورونتو: حضره جمع من العلماء والجالية الإسلامية.

4ـ جمعية الرسالة الإسلامية: وقد أفتتح المجلس بكلمة لسماحة الشيخ محمد صادق الإبراهيمي مشيدا بعلم الفقيد الوقاد وكثرة مؤلفاته وشروحاته على الكتب الحوزوية وتدريسه للسطوح في عمر مبكر مما دل على نبوغه وعلمه، وتطرق إلى أخلاقه وحلمه ومؤسساته، ثم اختتم المجلس بتعزية حسينية لسماحة الشيخ أبو علي العابدي.

5ـ جامع الرسول الأعظم(ص): حيث أستمع الحضور بالبداية إلى آيات عطرة ألقاها الحاج أبو سارة بأداء متميز، ثم تلى الأخ قاسم الحميداوي كلمة خدمة الحسين في مسجد الرسول الأعظم معزيا صاحب العصر والزمان والأسرة العلمية المفجوعة السادة آل الشيرازي والحوزات العلمية بوفاة سماحة آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره وأعلى الله مقامه الشريف) وذاكرا نبذة عن سيرة الفقيد، حول علمه وفكره حيث أغنى المكتبة الإسلامية بمؤلفاته الكثيرة وشجاعته وصبره وسياسته الحكيمة وإنه كان متواضعا للكبير والصغير وما قصده أحد ورده قط.

بعدها كانت خطبة لسماحة السيد الرضوي العالم الروحي لجامع شاه خراسان التابع للخوجة باللغة الإنجليزية، بيّن من خلالها أخلاق الإمام الشيرازي (قدس سره) وعلمه المتميز وتأليفاته الكثيرة والمفيدة وخدمته للأمة الإسلامية.

ومن ثم كانت هناك كلمة أخرى ألقاها حجة الإسلام والمسلمين سماحة الشيخ طالب الصالح، حيث ألقى خطبة قيمة استعرض من خلالها مجموعة من الجوانب المتعددة لحياة الإمام الشيرازي، حيث ابتدأ بعائلته الكريمة قائلا: (إن مثلها مثل شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء حيث أنجبت ـ الأسرة ـ العلماء والفقهاء والمجاهدين فكل واحد يقف التاريخ أمامه باحترام وإجلال يذكر مناقبهم وسيرتهم بكل تقدير لما قدموه للأمة الإسلامية من خدمة وللدين الحنيف بإخلاص لله عز وجل وكلما غيب الموت أحدهم من الله على الأمة بمثيل له في العلم والتقوى والعمل والزهد) ومن ثم انتقل إلى مكارم أخلاقه العالية وكيف كان الإمام يعفو عن المسيء حتى قيل في حقه إذا أردت من السيد أموالا فاذهب واشتمه، وبين بعض القصص التي دلت على أخلاق الإمام الرفيعة، ثم أشار إلى ملكة التأليف لدى الإمام الشيرازي (قدس سره) وكيف أنه ضرب الرقم القياسي في التأليف، حيث كان يمتلك ألف وستون موضوعا وقد يكون الموضوع مائة وخمسون كتابا أو ست عشر كتابا أو كتابين أو كتاب، وقد وضح سماحة الشيخ أن الإمام الشيرازي قد طلب من الإمام الحسين عليه السلام أن يؤيده وبتوفيق من الله لتأليف ألف كتاب وبالفعل نال الإمام ما أراده بل زاد عليه.

كما أشار سماحة الشيخ إلى أنه كيف كان الإمام (رضوان الله عليه) عاملاً يستغل كل لحظة من لحظات حياته في العمل والجهاد، حتى أصابه الضعف والتعب من قلة الأكل والراحة، ولم يكن يبالي بتعبه وضعفه وإنما كان يواصل العمل ولا ييأس أبداً، ولم يكن يقبل أن يتم تغير أي أثاث من أثاثه أو حاجياته والتي كانت بالية وفي غاية القدم، ولم يكن لديه حاجتان من حاجاته وإنما كانت كلها مفردة وإذا حصل على أخرى فإنه كان يوزعها للآخرين، وكم كان المقربين إليه يحاولون أن يغيروا من أسلوب حياته ولكن باءت محاولاتهم بالفشل حيث كان الإمام يصر على الحياة البسيطة المتواضعة أسوة بآباءه وأجداده الأئمة الأطهار سلام الله عليهم.

6ـ تجمع الأخوة العراقيين في لندن - أونتاريو: حيث ألقى سماحة الشيخ علي الرميثي محاضرة للحضور وكذلك ألقى سماحة الشيخ أبو مهدي المخزومي محاضرة قيمة أفاد بها الحضور.

7ـ تجمع الأخوة العراقيين في هاملتون: حيث أقاموا مجلسا تأبينياً على روح الفقيد الإمام، حضره جمع من المؤمنين، وكانت هناك عدة كلمات وقد ابتدأها سماحة الشيخ أبو مهدي المخزومي حيث بين من خلالها فضائل الإمام الشيرازي (قدس الله سره) العلمية والأخلاقية وتأليفاته وبعض أفكاره.

بعدها ألقى سماحة الخطيب الشيخ أبو علي العابدي خطبة أشاد بها بأخلاق السيد وتأليفاته وكيف كان يؤلف لجميع الأعمار والمستويات.

وكذلك ألقى سماحة الشيخ طالب الصالح بخطبة أخرى، وضح من خلالها كيف كان الإمام الشيرازي يعمل ويعمل ورغم هذا لم يصب بالغرور، وكان كلما كان المقربين إليه يقولون له ألا يكفي سيدنا ألم يئن الوقت للراحة، فأعمالك وتأليفاتك قد انتشرت في جميع أرجاء العالم، فكان يقول لهم أرجو من الله القبول.

ووضح كيف كان الإمام الشيرازي يعمل بكل ما أوتي من قوة حتى أصابه الضعف من كثرة العمل وعدم الراحة، مما اضطر سماحة آية الله العظمى السيد صادق بأن يبعث الطبيب الخاص للإمام ويطلب منه حلا للضعف الذي أصاب الإمام وبالفعل أتى الطبيب وكان يقول للإمام:(المفروض أن تأكل الأكل الذي أخصصه لك والذي سوف يغذي بدنك وجسمك والالتزام به لأنني أعرف ما يصلح البدن وما يفيده!)، فكان يقول له الإمام:(إذا أنا أطعتك فهذا أول الانحراف، فاليوم تأمرونني بتناول الأكل الجيد وغداً تأمرونني بتغيير ملابسي وبعدها بتغيير أسلوبي في الحياة وهكذا حتى أنقطع عن الأمة).

8ـ مركز الإمام الحسين(ع): وقد ابتدأ الحاج أبو سارة المجلس بتلاوة مباركة من آيات الذكر الحكيم، ثم تبعه مجلس حسيني لسماحة الشيخ أبو مهدي المخزومي وقد بّين الشيخ أن الإمام الشيرازي (رضوان الله عليه) كانت له مشاريع متعددة في كل مجالات الحياة، وكان رائدا للأمة في تلك المشاريع فمشروعه السياسي هو الحكومة الإسلامية العالمية التي تضم الشيعة والسنة والشيعة يمثلهم المراجع بشورى الفقهاء وصار يرفع هذا المبدأ من أوائل حياته وكان يتطلع إلى حكومة إسلامية عالمية حيث وضع أساسها وشرحها وصاغها في عدة كتب ألفها وكان من بداية حياته يحث الآخرين للكتابة في هذا المجال لأنها رفعة للمسلمين والإسلام، وتطرق إلى جوانب أخرى من حياة الفقيد وأختتم حديثه بمجلس عزاء حسيني.

العلامة المهاجر في حديثه عن الفقيه الفقيد

(الإمام الشيرازي سجل رقما قياسيا في الدفاع عن الإسلام)

في منطقة بنيد القار الكويتية حيث ديوانية الإمام الراحل أقيم مجلس عزاء كبير استقبل فيه سماحة العلامة السيد مرتضى الشيرازي (نجل المرجع الفقيد) المعزين من كبار الشخصيات السياسية والعلمية والاجتماعية ووكلاء المراجع العظام والسفير السوري لدى الكويت وطوائف كثيرة من المؤمنين وسائر الناس.

بعد تلاوة القرآن وإهداء ثواب الفاتحة إلى روح الفقيد الغالي، ارتقى المنبر خطيباً سماحة الشيخ عبد الحميد المهاجر الذي حضر الكويت فور سماعه بنبأ الوفاة للاشتراك بإقامة مجالس التأبين والفاتحة إلى جانب العلامة السيد مرتضى، فتحدث عن السيرة الجهادية ومسيرة الكفاح التي خاض غمارها الإمام الراحل في سبيل الإسلام، وضد النظام العراقي الذي طالما اضطهد مراجع الدين والعلماء مشيراً إلى أنه رحمه الله استطاع أن يرسم خطة تربوية لأبناء المذهب الجعفري لجلب الخير على ما ورد في الكتاب المبين والسنة النبوية الشريفة، وأن هذا الخير لا يأتي إلا من طريق إتباع مذهب آل البيت(ع) والسير على خطاهم التي يبينها للأمة نوابهم بالحق وهم العلماء والفقهاء الصائنين لأنفسهم المحافظين على دينهم المخالفين لأهوائهم المطيعين لأمر مولاهم كما أوضح الإمام الحجة(عج). فإن توفرت هذه الصفات في رجل كان على العوام أن يقلدوه، والسيد الإمام الشيرازي كان ممن يتحلى بهذه الصفات بل تعداها.

وذكر الشيخ المهاجر أن الإمام الراحل لم يتوقف عن نشاطه الديني والاجتماعي والسياسي في كربلاء والكويت وقم المقدسة رغم الإقامة الجبرية التي دامت 22 سنة وخرج من منزله إلى موضع دفنه.

ففي الكويت: (تذكرونه عندما أسس الكثير من المؤسسات الدينية والاجتماعية وانبرى إلى تشييد البنية التحتية للشباب الكويتي وإنارة الطريق لهم لكي ينهلوا من علوم أهل البيت (ع) وفي قم واصل الإمام الشيرازي نضاله ونشاطه حتى امتدت مؤسساته إلى كافة أرجاء العالم).

وأضاف الشيخ عبد الحميد المهاجر أن الإمام الشيرازي كان مدرسة شاملة وكاملة ورائدة إضافة إلى علمه الفياض ومداركه الواسعة وتأليفاته الكثيرة والتي تجاوزت الألف كتاباً وخاصة مؤلفاته في مجال الفقه التي بلغت المئة وخمسين كتاباً وقد كان (رحمه الله) متواضعاً رقيق القلب مرهف الإحساس عبراته تنهمر لأي حديث عن آلام الشيعة التي كان يتابعها، وكان داعياً للوحدة الإسلامية نابذاً للفرقة والاختلاف وكان صاحب (الصحوة الإسلامية المجددة) وصاحب (السلم واللاعنف في الإسلام) كما أنه صاحب الرقم القياسي في الدفاع عن قضايا الإسلام ولم تفارق شفتيه الابتسامة العريضة بوجه من يخاطبه من جميع الناس، رغم أن هذه الابتسامة قد ضعفت وبهتت في الأيام الأخيرة من حياته لبعده الطويل عن أحبته وأولاده واستمر على هذه الحال حتى أتم صيامه في الشهر الفضيل وقيامه في الليل بالصلاة والدعاء والتهجد ليلقى ربه صبيحة ثاني أيام العيد ليسعد بلقاء الله ولقاء جده الرسول الأعظم وأهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين).

وقائع المهرجان التأبيني الذي أقامته مجلة النبأ

في السيدة زينب (ع) / دمشق

أقامت مجلة النبأ، مهرجاناً تأبينياً للإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) يوم الاثنين 23 شوال 1422 هـ الموافق 7 – 1 -2002 في الحوزة العلمية الزينبية تضمن الفقرات التالية..

1- كلمة هيئة تحرير المجلة.

2- قصيدة للشاعر علي العراقي.

3- كلمة مدير المكتب السياسي لحركة الوفاق الإسلامي الأستاذ عباس الشمري.

4- قصيدة في صعيد القلوب للشاعر محمد أمين أبو المكارم.

5- كلمة الكاتب والصحفي الأستاذ عمار البغدادي.

6- قصيدة للشاعر موسى الحيدري.

7- كلمة موقع الإمام الشيرازي للأستاذ عبد الله موسى.

8- كلمة الختام للشيخ كاظم السباعي.

كان مما جاء في كلمة هيئة تحرير المجلة:

في اعتقادي أنه من الضروري لنا ونحن نؤبن أحد مراجعنا وعلمائنا الكبار أن لا نرزح وننوء بأعباء الفقد، ونستغرق في الآم الحزن والفجيعة، بل لا بد من تجاوز كل ذلك إلى الحرص على إلفات نظر الأمة إلى ضرورة قراءة هؤلاء قراءة صحيحة تعيننا على مواصلة المسيرة، ولو من باب الاقتداء بهم، حيث نلاحظ أن كل الصعوبات والآلام والضغوط لم تفت في اعضادهم ولم تلههم ولو للحظة واحدة عن مواصلة العطاء وحث الخطى نحو تحكيم الشرع والذب عن بيضة الإسلام الحنيف.

ومن قصيدة الشاعر علي العراقي والتي حملت عنوان (هذا جزاء المحسنين) نقتطف بعض الأبيات منها:

ستظلُّ ذكراً حقّهُ الترتيلُ..
فالشمسُ حتى في المغيب مُهابةُ
من كان مسكنه القلوب فكيف يُد
من ذا رآك بغير وجهِ نيَّر
خير المعارف في لُبابك أزهرت
لو لم تكن نورا لما مزّقت أسـ
يا أيّها الموفي بعهد الله طِبْ

 

عبثاً يُقالُ رحلتَ أو ستزولُ
والبدرُ حتىَّ في المحاق جليلُ
ركهُ الفناء ويلتقيه رحيلُ؟
أو شاهدَ الحسنات عنك تميل؟
فلها عليه من السنا إكليلُ
تار الظلام ولا اصطفتك عقول
نوماً فأنت على الحسين نزيلُ

أما كلمة موقع الإمام الشيرازي فقد جاء فيها:

في زمن أحوج ما تكون فيه الأمة لمن يأخذ بيدها إلى مرفأ الخلاص وأخذ مكانها الطبيعي بين الأمم المتمدنة، رحل عنها عالم أنهى كل حياته في سبيل هذا الهدف السامي، ليدخل التاريخ من أبوابه الواسعة، ويسجل أسمه في عداد الخالدين.

فلم يكن الإمام الشيرازي (قدس سره) شخصية علمائية تقليدية، فقد كان صاحب مشروع حضاري إسلامي بدأه بالتنظيم الإسلامي ومن ثم إشاعة الوعي الجماهيري والذي غذاه الراحل (قدس سره) بمئات الكتب والدراسات بحيث لا تجد مجالاً حياتياً إلا ووضعه سماحته تحت الضوء من الاقتصاد والسياسة والاجتماع والإدارة إضافة إلى أبواب الفقه حيث تمثل موسوعة الفقه الاستدلالية وحدها تراثاً ضخماً، بما يجعل من تراث هذا المرجع الكبير جامعة إسلامية موسعة تأخذ بعين الاعتبار الظروف المحيطة بالعالم الإسلامي اليوم إضافة إلى أن هذا المشروع يستشرف حالة مستقبلية في كل شؤون الحياة.

أما قصيدة الشاعر (موسى الحيدري) والتي حملت عنوان (شوق الخالدين) نقتطف منها:

أَنى لشعري أن يصوغَ رِثاكا
فلطا لما بدمٍ بكيتَ مُصابَه
حُمَّلتَ ما تَعيى الجبالُ بِحَمْلِه
شاؤوا وشاء اللهُ فيك قداسةً
للهِ صبُرك يا قتيلُ إبائِه

 

وأرى الحسينَ بقبرِه يَنعاكا
فاليوم يبكيك الّذي أبْكاكا
يا كاظِميّاً في دفينِ أساكا
وكَبَدْر تمَّ بينُهم أبداكا
رَهْنَاً وقد كسب الرهانَ إباكا

وقد بعث الشاعر محمد أمين أبو المكارم بقصيدة حملت عنوان (في صعيد القلوب) ألقاها بالنيابة عريف الحفل جاء فيها:

أفطر بكأس الموقنين شهيدا
والفجر ناولك البداية منبراً
إنا اجتلينا من مدادك دربنا
المجد مجدك أنت صانعه أباً
إن أخفقت لغةٌ فذاك لحيرةٍ

 

فلقد حبتك يد السماء العيدا
فاسلك طريقك للبقاء خلودا
حراً على هدى النبي سديدا
مثلاً أبياً طارفاً وتليدا
من أي نهرٍ نستقيك جديدا

وألقى الأستاذ عمار البغدادي كلمة، نقتطف منها:

الفقهاء الكبار يكتبون التاريخ مرتين..

حين يشعرون بالموت وهو يزحف في الشرايين والأوردة والوجدان القائم في الأمة وأخرى عندما يتحول إلى ظاهرة في الكتابة.

لحظتها يكون الفقيه محراب وحدانية الحرف، وشقيقه السيف المجرد من الخوف، والصوت المحمدي الشاهق القادر على استيعاب مظاهر السفيانية ورجالها ونصوحها وانقلاباتها في الفقه والتاريخ والحياة.

هنا وبعد عشرين يوماً وأربعمائة وثمانين ساعة مضت على وفاة الإمام لا يسعفني إلا القول بأن فقهنا الإسلامي وبالخصوصية المتفردة التي اجتهد الإمام الراحل في صياغتها قادر على كتابة التاريخ ولا تعجبوا أو تندهشوا من تلك الحقيقة فالشيرازية كنهج وسلوك وطريقة في التعاطي مع الإسلام لم تتوقف عن كتابه التاريخ عبر حركية الشخص أو الرمز فحسب بل استطاعت أن تدخل الفقه الحرفي أساساً في كتابة التاريخ.

ثم ألقى الأستاذ عباس الشمري جاء من ضمنها:

يعز علي أن أقف اليوم مؤبناً المرجع الإسلامي الكبير المظلوم آية الله العظمى السيد محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي، ليس لأنه كان بحراً زاخراً في العلم والفقاهة والدين وليس لأن في فقده ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء كما يقول الإمام الصادق(ع) وليس لأنه ذلك المجاهد والمجدد العظيم الذي كرس حياته للجهاد والكفاح ضد الأنظمة الفاسدة بهدف إنقاذ المجتمعات الإسلامية من ظلام الجهل والحرمان والاضطهاد وأسس مدرسة الثورة والجهاد في العراق وفي أوساط جميع الشعوب الإسلامية في طول هذا العالم الإسلامي وعرضه من طنجة إلى جاكارتا.

وأفنى عمره الشريف من أجل إعلاء كلمة الله ومذهب أهل البيت الطاهرين وما تحمل على هذا الطريق الصعب من أذى وصعاب، فذلك شأن الرجال الكبار الذين ينذرون أنفسهم ويوقدونها نبراساً يذوب ويحترق لينير الدروب التي لفها الظلام الدامس الحالك عن طيب خاطر ورضى بقضاء الله وقدره وأداءاً للمسؤوليات الجسام التي كانوا يشعرون بها أكثر من غيرهم.