لواعجي في ذكرى الإمام الراحل

السيد محمد رضا القزويني

أهكذا في ذُرى الأعيــــادِ تَرتَحِلُ
أهكذا وقلـــوبٌ فيك قد نبــــضتْ
ترى الوجوه حيارى كلّما التفتْت
ترنَّحت جَزَعاً من هَوْلِ فاجـــعةٍ
يا صائمَ الشهر حتىّ حلَّ آخِـــرهُ
تُعلّمُ الزهدَ والتقوى كما فعــلتْ
فأهنأ بها في رحاب الله مرتقباً
ما ضرَّ من قَارَعَ الأيامَ مجتهداً
مُخلِّفاً من كُنـــوزٍ للــــتراث بما
حتىّ تعطلَّ بعــضٌ من أنامــــله
وأُسرةً من خيار الخلق في سِمةِ
ما ضـــرَّه يـــذرُ الدنـــيا لطالبها
في كل زاويةٍ يــــزهو لـــه أثرٌ
وكلِّ مكـــتبةٍ في الأرض زاهرةٍ

 

 

يا أنت يا فِلذة الزهــــرآء يا بطلُ
تَعافُها من لهيب الهَجر تشــــتعل
بانَ الوجومُ بها وانهالت المُقَـــل
كما ترنّــــــــَح في دوّامــــــةٍ ثَمِلُ
فضَّلتَ فِطراً لدى الرحـــمن تنتقل
أيامَها أوليـــــــاءُ الله والرُســـــُل
ضــــيافةً نالـــــها أجـــدادُك الأُوَل
في طاعةِ الله بالإصــــلاح يشتغل
يَربو على الألفِ والقرطاس منذهل
وفيه بالروح ما لم يُعـــرفِ العَطَلُ
من آل بيت رســـــولِ الله تتـــــصل
ويستريحُ من البــــــــلوى ويرتحل
يحكي رؤاهُ ويــروي أنه الرجـــــل
تضمُّ من كُتــــبه ما تُذخَرُ الحُـــــلل

 

من كربـــلاءَ جـــــــهادٌ قد تَــــوارَثهُ
أضفى على صـــــفحاتٍ منه مشرقةٍ
لم يُحنِ رأســـــاً لها مهــــما تُطوّقُه
فإنه من ســــلالاتٍ قد ارتســــــموا
فذاك (جدٌّ) بســـــامرّاء يعلـــــــــنها
وثَمَّ (خالٌ) تبـــــــــــنىّ ثورةً هزمتْ
حتى إذا النصـــرُ قد لاحـتْ بوارقُه
فأُجهضَتْ (ثورةُ العشرينِ) في نَفَرٍ
ولا يزالُ صــداها في المدىَ عَبِقٌ
يا رحلةً كنـــتَ قد عاصرتَها وَلَهاَ
منذ الصـــِّبا، وسماتُ العبقرية قد
في جرأةٍ تتــصدّى للطـــــــغاة إذا
وهيبةٍ ورّثــــــــتها إخـــــوةٌ وأبٌ
تجمَّعت فيه فــازدانـــت بهم زمناً
إلى الكويت سرى بعد العراق فقد
فالبعث راح يشيع الجور في وطن
ويَحرقُ الحرثَ بعد النسل يدفعُهُ
أما الكويت فـــررَّت فيه عافـــيةً
أعطتهُ من ودَّها الفياض إذ أخذت
وطالما ضمَّنا والبحرَ مجلـــــــسُهُ
فرُحتُ حيرانَ في بحرينِ مفتـكراً
هذا إلى قعره تســـــــعى إلى دُررٍ
ما نغَّص العيش فيــها غير بادرةٍ
تعاوروه وباسم الديــــن قد نفثوا
ولاحقوه فلم تفتـــــــــــُر عزائمه
يا أيها الَجَبلُ المُرســــي قواعِدَهُ
جابَهتَ حرباً من الأحزاب في ثقةٍ
أشبهت فيها علياً حيثــــما خرجت
حتى إذا استرهبوا لُقياك فابتكروا
كانت (فتاوى) تُدلّى في حـــِرابهُمُ
تقول لما قضــــــتْ أيام فِتنـــــتهمْ
فاربدَّ جمعُهُمُ واختالَ بَعضـــــُهُم
وأمسِ كان أخٌ يزهو الجـهاد به
يزينُه قلمٌ قد صيـــــــــغ من أدبٍ
حتى إذا عجزوا عن صدَّ زاخره
يضمُّ (لبنانُ) بعضاً من مــــآثره
وفي دمشق كيانٌ للرســــالةِ قد
يُحيي تراثاً لآل البــــيت في وَلهٍ
ما ماتَ من ماتَ منهمْ وهو مؤّتلقُ
لو غُيّبَ البدرُ عن مسرى نواظرنا
(محمَّدٌ) غاب والدنـــــــــيا تؤرخه

 

 

من الحسينِ فلا خـــــوفٌ ولا وَجَلُ
في كلَّ ملحمةٍ تضـــرى وتشـــــتعل
فليس تُحني رؤوساً للعدى الأُسُـــل
نهجَ الجهاد فأضحى كلَّــــــــهم قتلُ
حرباً على (الغزو) والأقطار تمتثل
للإنكليز جيــــوشاً خانــــــها الأمل
تخاذلت فئةٌ في دينـــــــــــهم خُذلوا
من بعـــــده وتـــداعتْ بعدها دُوَل
بأنَّ في الرأس (شيرازيَّها) البطل
في نصف قرنٍ بها ما شابَها ملل
لاحــــت به وجمــــالٌ زانه الخجل
مالُوا عن الحق أو ألوى بهم دجل
مما يـــــورّثُهُ في القـــــادة الرُّسُل
حياتُنا ومشّينا حيــــــثما رحلــــوا
ساد الفساد وقد ضاقت بنا السُبــُل
لا يُــــــعبدُ الله فيـــه إنـــــما (هُبَل)
حِقد اليــــــــــهود بدعم الغرب يَّتكِل
ردحاً من الدهر والجُلّى به احتفلوا
عطاءه الثرَّ في خُلــــقِ به جُبــلوا
والليل في حُلل الظلماء ينـــــسدل
أغوصُ أيَّهما والمجـــتبى خَضِل
وذاك في مقولٍ تــزهو به القـــــُلل
في أدعياء لبــــاسَ الرادة انتحلوا
السُّمَّ الزُعـافَ وقد أغراهم الدجل
فبات عـــــشرين عاماً حوله العلل
طيَّ القلــــــوب فلا يرقــــى له جَبَل
واخترتَ سيرةَ أهل البيت ما فعَلوا
عليه في حربها (صفَّينُ) و(الجَمَل)
(رفع المصاحف) منها بعضَ ما حملوا
وليس تشحذ فيها البيـــض والأَسل
ها أنتمُ الطلقاءُ اليـــومَ فارتحــــلوا
بعضاً ليلعن أُخــــراهم بــــها الأُول
في منطقِ حار فيه المنــطق الجزِل
مسطراً (كلـــــماتٍ) كلّـــــها مُـــــثُل
تعاوروه صــــــريعاً وهـــــو يـــبتهل
وقلبُ (بــــــيروته) لا زال يشتـــــعل
أرسى قواعـــده والــــدهر منذهــــل
وهِمَّةٍ عجزتْ عن وصفها الـــــجُمل
صرحاً بــــكلَّ مــــعاني الخــير يتصل
يوماً تــــلأْلأَ في مضــــــــــماره زُحَل
أضحى يفوح لنا في (الصادق) الأمل