ولن يأفل القمر

رثاء المرجع الديني الأعلى آية الله العضمى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله)

الشيخ لقمان بدر غرّة

ما كنت معتــــــقداً قد يأفل القـــــمر
حتى رأيت أفــــول الـــــبدر لــــيلته
والأرض ضجّت بما فيها على رجلٍ
فإنه المرجــــع الديــــنيُّ مفــــزعنا
ما انفكّ يكتب في سقمٍ وعـــــــافيةٍ
ماذا أقول وأعلام الورى شــــهدت
إذ زاد تأليفه عن ألـــــف بارقــــــةٍ
وصار مفخرة التأليـــــــــــف نادرةً
ألا يحــــقّ لأرضٍ داس تربتــــــــها
فالإنس والجنّ والأعيان في شُغُل
والحزن ألهمني هذا الرثــــاء ولم
يا جعفراً إن شمـس الأفق ساطعةٌ
ظنوا ولم يقنــــعوا والظنّ منقصةٌ
واليوم جئــــت لأرثي مرجعاً قبساً
بكى اليراع دماً والعين قد سكبت
وقلت صبـــراً وإنّ الصــبر منفعةٌ
وقد بكت كلماتي فوق أسطــــرها
حتى بدا نظــم أبياتــــي بقـــــــافية
وكيف لا وفقيه الدين مرتــــــــحل
لكنّ صادقنا للعهد حافـــــــــــــظه
فاطلع فإن الدّجى في شوق طلعتكم
وتلك أمنـــــــــية والخلق في شغف
أراد مـــــــــــرجعنا أن نهتدي بكم
فانهض فإنّ إله النــــاس حافظكم
لقد فقدنا ضـــــــــــياءً قد أنـار لنا
وقد فقدنا غديـــــراً مـــــاؤه غدق
عفواً ومعذرةً فالهمّ أســــــــقمني
فاجمع إلهي شتات الشعب أجمعه
وبين إخوانـــنا ألّف وكن ســـــنداً
بالله قد آمنـــــت والحـــــقّ غايتها
وإنّ زهراءنا نور الهــــــدى ولها
إلا المصطفى وأبو الإنســـان حـيدرةٌ
وفاطمٌ وبنــــــــــوها عزّ شيعـــــتهم
وأنت يا ســـــــــــيدي قد كنت داعيةً
حتى أتاك مليك الــــــــموت في أجل
فمتّ لــــكن فـــــــعال الخـــير باقيةٌ
فمنك أطلب عفواً إن بدا حـــــــصرٌ
فارحم إلهي فقيهاً كان منتــــــصراً
عليك مني ســـــــــــلامٌ عاطرٌ عبقٌ

 

 

أو عن شجيراتنا قد يسقط الثـمر
والليل يبـــكي وتلك الأنجم الزّهر
أخلاقه كلّها الآيــــــــات والسور
إذ كان في العلم بحراً قاعُه الدّرر
حتى غدا علماً بالنار يســــــــتعر
بأنّ سلـــــطانها ما هــــدّه السهر
فراح عالمنا في الدهر يفتـــــــخر
ما حازها قبله في الناس مقـــتدر
بأن تمور ويبـــــكي فوقها الحجر
والبحر والنهر والأطيار والشجر
أكن أظنّ مداد الحـــــــزن ينهمر
فلم تغب بل عيون الـــناس تنبهر
وغاب عنهم بأنّ الشـمس تزدجر
وجئت حتى أعزّي والـــعزا صور
دمعاً مدامعــــــــها لمّا أتى الخبر
للنفس إن حلّ في أرجائها الخطر
تمازجا ثم كان الشــــعر والشّرر
أصابها العجز والإعياء والحصر
وإنّ في فقده الشيــــــطان ينتصر
فإنه أمـــــلٌ والــــكلّ يـــــــــنتظر
وأنت فلك وفيها يركب البـــــشر
حتى تراك وأنت الباسم النـــضر
وصيةً خطّــها والندب يحتـــــضر
وسر فسيرك خير للأُلى انكسروا
درباً ستحــــكي به الأسفار والنّير
وغاب عن روضنا ريحاننا العطر
وهدّ قلبي رحيــــل الســيد الخطر
واحفظ مراجعنا جمــــعا فهم كثر
لشيعة لم ينل إيـــمانها الكـــــدر
وأحمدٌ وعلــــيٌّ فيهــــــما الوطر
فوق العلى رتبةٌ ما نالها بــــشر
شمسٌ وبدرٌ هما والسرّ مستَتَر
وهم جميعاً بآي الذكر قد ذكروا
إلى محبتـــهم والقولُ مشــــتهر
وفي الذي جاءكم لا ينفع الحذر
والروح خالدةٌ برهانـــــها الأثر
وإنني منك بين الناس أعتــــذر
للدين لم يستكن والشاهد السفر
مادام خير السّما للــناس ينهمر