خيوطٌ متناهية في الدقة، هي المسافات الفاصلة بين لحظات الخير والاستزادة منه، ولحظات اللهو واللعب، وربما الشر، وبوائقه وخوائنه. وبين مسالك هذهِ الخيوط قد يجد المرء روحه وقد أمحلت، وخطاه وقد تعثرت، فيظل يلتمس أسباب الرقي من خلال مناجاة مدمعة، أو تضرع صاعد إلى السماء، أو تمسح بعتبة من عتبات الأولياء، فتكتحل هذهِ العيون المادية بنور البصيرة، وبهاء العروج إلى الله، ولذة الإيمان والتي لا يعرفها إلا من استمرأ طعمها بعيداً عن عيون الجهل، وتحاث الخطايا، ومشق الغرور، وهوة عبادة الذات.

وتنتقل به الأيام والشهور، فتقف به عند واحة تلخص كل هذه اللحظات، حيث تسامي الروح، ونَصَب العبادة، وتضاعف الأجر؛ فترتقي هذهِ الروح معارج لم تكن لتبلغها لولا هذه الأجواء البعيدة عن رتابة الزمن الذي حجب عنها حالة الصفاء والشفافية، وحريٌّ بالمسلم أن يطيل الوقوف كثيراً عند هذهِ اللحظات، ويستل كل أوراق حياته المتصرمة فيوقفها لربه دون مَنّ أوكلل، ويدّخرها ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم..

عبد الله موسى           

[email protected]