العدد62

ديربان.. انتصار العنصرية

عندما لاح وميض باهت لإدانة العنصرية، وتجمعت الوفود الشعبية والرسمية من العوالم المقهورة والمتخلفة التي وقعت ضحية الاستعباد بجميع أنواعه في مدينة »ديربان«، التي عانت من أبشع أنواع العنصرية، تطلع ملايين البشر للحصول على شيء من الإنصاف ولو بالكلام والخطب والبيانات الختامية.

لكن الدول القوية والغنية والمترفة أخذتها العزة بالإثم، ورفضت التنازل وانسحبت أمريكا واسرائيل لكي تترك للوفود الأوروبية فرصة الضغط على الآخرين لينتهي المؤتمر إلى صيغة كعدمها لأنها لم تتضمن شيئاً يتعدى العموميات التي دونتها المواثيق الدولية الفضفاضة..

فبدلاً من أن يتضمن البيان الختامي إدانة للممارسات اللاإنسانية المتواصلة التي يمارسها الاستعمار الاستيطاني الصهيوني، تضمن الإقرار بحق إسرائيل في الحياة، وكلنا يعلم أن منح إسرائيل حق الحياة يعني الحكم بسلب نفس الحق من الفلسطينيين..

فإذن هذا المؤتمر وللأسف كان في الحقيقة مؤتمراً لإبراز عضلات الأقوياء ولتفويت فرص المطالبة بالعدالة على جموع البشر التي شاركت فيه باعتباره ناطقاً باسمها ومتنفساً لكربها، لكنه صار في الواقع إعلاناً لانتصار القوة حتى لو كانت عنصرية وانهزاماً للعدل حتى لو كان مطلباً للأكثرية لأنه عدل الضعفاء والفقراء..

إذن لا نزال ونحن في مطلع القرن الواحد والعشرين نخضع لمنطق كاسد بائس لا يختلف عن المنطق الذي ساد في عهود مغرقة في القدم، كانت تشرعن امتهان الإنسان ولا تعترف بالقيم الأخلاقية وتفعل كل ما تريد طالما كانت ممتلكة للقوة!!..

عبد الله الفريجي