النبأ

 

حصاد الأفكار في شهر

 

 

 

منتخبات مما ينشر في الصحف والمجلات من رؤى وأفكار تسهم في عملية تفعيل الوعي الإنساني

الغرب والإسلام.. رؤية في الاستشراق الألماني المعاصر

ضمن رؤية التحول داخل المنظومة الاستشراقية الألمانية المعاصرة يبحث عالم المشرقيات الألماني المعاصر (جيرنوت روتر) العلاقة بين الغرب والإسلام، ويفترض في عنوان دراسته (الإسلام والغرب.. الجوار المفقود) جواراً مفقوداً بين الجانبين، وهو افتراض يشي بما هو سلبي في العلاقة هذه مستقبلاً، وينطلق (روتر) من نظرية (العدو الوهمي)، التي افترضها الغرب في مرحلة القطبية الثنائية (الرأسمالية والاشتراكية)، وهي النظرية التي بددها انهيار القطبية الاشتراكية، لكن هذه النظرية عادت إلى واجهة الصراع من جديد في العام 1990م حين كان المتغير العسكري بين العراق والكويت.

وفي الوقت الذي يسعى (روتر) خائباً لتأصيل نظرية العدو الوهمي الجديد (الإسلام) نراه ينفي استمرار المخاوف الغربية الناتجة عن نظرية (صدام الحضارات) التي دشن مفاصلها (صاموئيل هنتنغتون) عام 1993م، ويعتقد بأن هذه النظرية ليست جديدة، فالصدام بين الإسلام والغرب حقيقة تاريخية قائمة منذ تاريخ سابق على حاضرتنا، لكنه يؤكد أن عقول الغربيين هي البؤرة التي احتضنت هذه النظرية وليس عقول الإسلاميين.

يقول في هذا الصدد: (إن حرب الحضارات المتنبأ بها قد بدأت بالفعل في عقول الغربيين قبل ذلك بوقت طويل، أي قبل عام 1993م، تاريخ ظهور نظرية هنتنغتون في الصدام المفترض).

إن الجهل من منظور روتر هو المولّد لـ(التصورات العدائية المتبادلة) بين الغرب والإسلام، ويكشف روتر عن أن جهل الغرب (وقصوره عن الفهم ذلك ناتج عن مساواة وخيمة العواقب للإسلام بحركات التطرف التي اتخذت من العنف أسلوباً لها، بل إن الغربيين يركزون أبصارهم على من يطلق عليهم المتطرفون الذين يسمون أنفسهم بالمناسبة (إسلاميين) ويتجاهلون في ذلك حقيقة أن التنوع الإسلامي يُظهر تشكيلة واسعة من التيارات تمتد من الحركات المسالمة حتى جماعات الإرهاب المسلحة)..

ومن هذه النظرة السلبية الشاملة عند الغرب إلى الإسلام يذهب روتر إلى نظرة جزئية في بلاده، إلى كتب ومناهج التعليم التاريخي في المدارس الألمانية المعاصرة حيث (تتمثل أسطورة النار والحديد أحد أوجه أهم فكرة نمطية ثابتة في إطار المشاعر العدائية تجاه الإسلام، أي: الإسلام والمسلمون جميعاً يتسمون أصلاً بالعنف والعدوانية، وبذلك فهم يمثلون تهديداً للحضارة الغربية، ولم يتغير شيء من هذه الصورة منذ القرون الوسطى برغم كافة الخبرات التاريخية).

ويضع روتر أربعة أسباب لخوف الغرب من الإسلام:

1- القنبلة الذرية الإسلامية: التي يمكن استخدامها ضد أوربا، أو على الأقل ضد المصالح الأوروبية والأمريكية في الشرق.

2- التطرف الإسلامي: يشعر الغرب إزاءه بأنه هو المستهدف الحقيقي، وليس الأوساط الحاكمة في الشرق الأوسط.

3- صورة العدو الوهمي: لما كانت صورة الإسلام كعدو مستترة أو كامنة في الغرب منذ ألف سنة، على الأقل، فقد كان من السهل إحياؤها مرة أخرى.

4- مسألة الحجاب: لقد جعل روتر من هذه المسألة أحد الأسباب الأربعة لمخاوف الغرب من الإسلام المعاصر، وتحيل هذه المسألة إلى قضية المرأة، التي غالباً ما يغفل علماء المشرقيات الكتابة فيها، ودون غيرهم يتناول روتر الصورة المتبادلة للمرأة عند الطرفين، ومن المعروف في تاريخ الاستشراق الغربي التقليدي أن هناك (ثلاث صور نمطية كبرى صاغها الوعي والمخيلة المسيحية الغربية في الزمن الوسيط عن الإسلام، هي الوثنية والعنف والشبقية بكل ما يفترض ذلك من كفر وتوحش وانحلال).

إن هذه الصورة النمطية الموروثة من العصور الوسطى تعود اليوم عند الغربيين كموضوعة فاعلة في خلق نظرية العدو الوهمي الجديد..

إن الركون إلى خلق واستكشاف صور متعاكسة للعلاقة بين الغرب والإسلام هو معطى من معطيات رؤى ما بعد الاستشراق، وهي نظرة شمولية وليست أحادية الأفق، ومع ذلك يميل روتر بالنصح إلى الغرب ويدعوه إلى تصحيح مساراته إزاء الإسلام قائلاً:

(إن الغرب سيكون قد حقق الكثير من علاقته بالحضارة الأكثر قرباً له، إذا توصل إلى حوار معها يخلو من الكراهية والعنف.. ) وموقف روتر هنا هو جزء من المواقف الأوربية الجديدة التي أدركت أخطاء الماضي وعيوب الرؤى المندلقة عن تأزمات تاريخية لم يعد لها مكان في عصرنا.

د. رسول محمد رسول/ مجلة الكلمة - العدد 30

أيهما يحجب الآخر... العقل أم الوجدان؟

يتجسد هذان القطبان (العقل والوجدان) بامتداد التاريخ في تيارين يقسمان الإطار الفكري العام للمجتمع.

تيار يؤكد سيادة العقل واستقلاله بمجال بحثه المميز كأساس لاطراد الحركة الارتقائية للفكر والمجتمع بعامة في شؤون الحياة.

وتيار آخر هو خط الوجدان الذي يحجب العقل تحت مسميات ذاتية أو قدسية، ويعمد إلى الحد من سلطاته، بل ينزع في عصور الانحطاط والتخلف إلى ادعاء حق الهيمنة الكاملة أو الحاكمية والمرجعية المطلقة، ونفي كل سلطان مستقل للعقل.

ومأساتنا هي اختلال علاقة التوازن بين القطبين على نحو أفضى إلى انحسار دور العقل، ومن ثم دور العلم بسبب امتداد عصور الانحطاط والتخلف والتبعية وتأويل النصوص لصالح النزعة السلفية المحافظة.

وفعلت الفانتازيا فعلها إذ نسجت التخييلات الاجتماعية على مدى هذه العصور أساطير ترسبت ورسخت في الأذهان، واتخذت لدى العامة صورة مسلمات، وخلقت جداراً معنوياً سميكاً يعوق إصلاح عملية التوازن والعودة بالبندول إلى الوضع الصحيح... وأثر هذا بالسبب على نهوض الامة، وإلى عودة العقل إلى سلطانه ومسؤوليته في صياغة الإطار المعرفي لواقعنا الدنيوي الذي كف عن الفعل الإنتاجي النشط.

وانعكس في تاريخنا الفكري هذا الصراع بشأن تنازع اختصاصات كل من العقل والوجدان، وتجسد هذا الصراع في خطين فكريين أو إطارين معرفيين أحدهما يساند العقل مؤكداً سلطانه المستقل في مجال اختصاصه، والآخر يصل بالوجدان إلى حد الشمولية الحاكمة.

وامتد هذا النهج إلى يومنا هذا، له السيادة، حتى ظن البعض أنه صاغ مع الزمن طبيعة متميزة للعقل العربي، وترسخت معالمه مع الوفرة التي يتيحها اقتصاد الريع، وكذلك شيوع ثقافة الاستهلاك التي تدعمها من الخارج ثقافة العولمة.

وحين يعيش المرء على الريع حيث يأتيه ماله رغداً دون فعل اجتماعي إنتاجي يقتضي العلم عقلاً ومنهجاً ليعالج ويحاور الطبيعة والوجود، وينتزع بجهده مستلزمات حياته، هنا تترسخ النزعة المحافظة ويبرز الحنين اللاعقلاني إلى التقليد وتنصرف الحاجة عن التغيير..

وهكذا نعيش على نقيض العصور وخارجه إلى حين... حين يعود بإرادتنا بندول الحركة الجدلية بين العقل والوجدان إلى وضع سوي، فيخرج الوجدان من وحدة عماء الأسطورة، ويغدو وجداناً مستنيراً، وتكون الولاية للعقل بحدود اختصاصه بفضل، وفي ضوء، الفعل الاجتماعي الإنتاجي الإبداعي، والوعي الحر استجابة لعوامل التحدي، ولتكون قوة عطاء حضاري.

مجلة العربي: د.شوقي جلال - العدد 511

من يخاف المثقفين؟

حين أراد عبد الرحمن منيف أن يحتج على ظواهر مأساوية، كتب رواية عنوانها (شرق المتوسط) وفي هذه الرواية، كان ينقد السجن والجلاد وآلات الرعب التي تحول الإنسان حطاماً.

وفي العنوان الذي يحدد المكان ويهرب من التحديد، كان الروائي يحكي إشكال الكتابة النقدية في شروط تنكر النقد، وتتطير منه.

والكتابة المستنكرة، هي هموم المثقف النقدي الذي يظل غير مرغوب به في (شرق المتوسط) وجنوبه في آن، كأن الثقافة وباء يضرب الأرواح قبل أن يفتك بالأجساد.

لذا فلا غرابة أن تتمحور رواية منيف حول شخصية أعطاها السجن ولادة جديدة مقلوبة، شخصية مثقف غير مرغوب فيه أيضاً.

يقول مالك بن نبي: (حين يبزغ الصنم تنطفئ الفكرة) يحيل القول النقدي إلى صنم يعشق الثبات والصمت، لأن الثبات يضع البشر خارج الزمن، ويجعل الصنم خالداً، ويشير إلى حفار القبور الذي يدمن الصوت العالي والهمس الخفيض أيضاً.

ولهذا لا يهوى المفكرون الاشخاص، ويكتفون بتاريخ الفكر الذي يرد على فكرة بفكرة أخرى، وينقد فكرة قديمة وهو يستولد فكرة جديدة.

ولعل الابتعاد عن الأشخاص هو الذي يصوغ المفكر النقدي بطلاً وشخصية مأسوية في آن؛ فهو بطل، وهو ينقد مرجعاً مولعاً بالثبات ومصادرة الزمن، وهو بطل وهو ينقد الخاضعين الذين أدمنوا الخنوع والامتثال... والبطولة هذه مأسوية ومحاطة بالشجن، لا حفاوة لها ولا مواكب ولا حاشية تطلق الهتاف الشديد.

إن المثقف الذي يكره حفاري القبور، يزامل العزلة، فلا هو قريب من الصنم، ولا من الذين استلبهم الصنم وظلوا صامتين.

والوضع كله مليء بالمفارقة، أي بالتضامن والعزلة، ذلك أن المثقف يتضامن مع من لا ينصتون اليه، ويرى في العزلة ملاذاً وحماية وجليساً لا يعرف الوشاية.

ومع ذلك فإن عزلة المثقف النقدي تختلف عن العزلة القانطة، ذلك إنه يكتب عن البشر وهو بعيد عنهم، أي أنه يكون معهم وهو يظن أنه في منأى عنهم.

ولعل النقد، هو الذي يعطي المثقف صفة الطريدة، يطارده السجان الذي وصفه عبد الرحمن منيف.

يقدم (شرق المتوسط) كما جنوبه، صورة عن المثقف الموزع على التضامن والعزلة، هناك حيث يطارد الصحافي النجيب، وتغلق صحيفته، فإن تمرّد وسرّب صوته بطريقة جديدة (وجد مقتولاً في أحد الشوارع).

والتبرير الذي يحوّل القتل إلى فعل بسيط، قائم في لغة صاخبة وجاهزة: (إنه الخروج عن إجماع الأمة). كما لو كانت الأمة لا تكون أمة إلا إذا كانت متماثلة الأصوات، أي صامتة.

ومع أن القاتل، يشير إلى شخص محدد أو مؤسسة يصرف شؤونها الأشخاص، فإن الحكم الجاهز يترك البشر في أحوالهم مكتفياً بخزّان لغوي قوامه الكفر والإيمان والصلاح والاعوجاج، وصولاً إلى الحقيقة التي لا تغدو حقيقة إلا إذا تجسدت في قائل هو جوهرها...

تحوم العمومية فوق كل شيء، فلا تُشتق الأحكام من الوقائع بل من لغة جاهزة تنطق البشر قبل أن يلتقوا بالأسئلة.

فيصل دراج / مجلة الوسط: العدد 489.

المرأة والفلسفة الذكورية:

قطعت المنظمات النسوية أشواطاً طويلة في محاولة تأسيس نظرية سياسية فلسفية تستوعب حقوق المرأة، ولم تكن هذه المحاولة لتحدث في فراغ، فقد نشطت منظمات وهيئات نسائية، وقامت بدراسات علمية كان من نتائجها الكشف عن حالة الظلم والقمع اللذين تتعرض لهما النساء.

وقد أدركت المفكرات أن النظريات السياسية الفلسفية هي المصدر الأول للأنساق القيمية التي تدفع بعجلة تقدم المرأة ورقيها أو تعيقها.

ولهذا اتجهن نحو تكوين نظرية سياسية تقوم على أساس معرفي فلسفي، تتناول عدالة قضيتهن، وتناقش بموضوعية مسألة الطبيعة البشرية وخصائص الذكورة والأنوثة، وموضوع القيم والأخلاق، الأمر الذي تطلب مراجعة ونقد التراث الفلسفي التقليدي الذي قام على أساس خبرات الذكور.

إن ما تجمع عليه جميع مفكرات الحركات النسائية أن النساء مقهورات ويعاملن بأساليب غير عادلة، وإن لدى النساء القدرة على تطوير نقد يتناول الفكر الكامن وراء أساليب التدمير والهدم للمؤسسات الإنسانية وللعلاقات الإنسانية ولتبعية المرأة للرجل المرتبطة بتلك الأساليب.

فقد اتجهت أصابع الاتهام نحو الفلاسفة والمفكرين الذكور الذين أسسوا فلسفات تتمخض عنها أيديولوجيات وأنظمة حطت من قيمة المرأة وأقصتها عن ممارسة حقوقها في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. دأب الفلاسفة التقليديون على طرح آراء تكشف عن نوع من الكراهية للنساء، وميل إلى جعل المرأة في مركز دوني وقد حفلت أعمالهم بتعاليم تخبر النساء عما يفعلن، وكيف يمارسن الأمومة وأعمال البيت، وصاغوا للنساء معايير تحكم سلوكهن ووصفوا الخارجات عن تلك المعايير بأنهن شاذات وناشزات.

تولى فلاسفة الحركات النسائية، التحقق من هذا الادعاء، عن طريق تحليل نقدي لآراء عدد من الفلاسفة التقليديين اتهموا بأنهم أصحاب فلسفة ذكورية عملت على إقصاء المرأة، إما بأسلوب مباشر أو بأساليب مراوغة أو مبطنة، وقد انطلقن في نقدهن من افتراض وجود قسمة ثنائية في التراث الفلسفي تنعكس على تحديد الهوية الإنسانية لكل من الرجل والمرأة. وأن لهذه الثنائيات وظيفة أيديولوجية تعزز التفوق الذكوري، بحيث يتطابق مفهوم الذكورة مع مفهوم الإنسانية وتُستبعد الأنثى التي تمثل الموضوع أمام الذكر الذي يمثل الذات وكان على رأس الفلاسفة الذين انتقدت آراؤهم (أرسطو، كانت، جون لوك).تشكل آراء أرسطو التي وردت عن المرأة في كتابه (السياسة) إقصاء صريحاً لها، وحطاً من قيمتها، وقد اعتبر أرسطو الرجال الاحرار، الكائنات -الأعلى التي تمثل الجزء العاقل، أما النساء والعبيد فهم الأدنى لأنه ليست لديهم القدرة على ممارسة عقولهم بصورة تامة، ولا يملكون من المعرفة إلا ما يمكنهم من أداء وظائفهم التي يحددها لهم ساداتهم من الرجال الأحرار. ووظيفة المرأة، كما يحددها الرجال، هي أن تنجب لهم الورثة الذين يحتاجون لهم لمتابعة شؤون حياتهم...

لم يكتف أرسطو بالحط من قيمة المرأة على المستوى الاجتماعي، والحط من قدراتها العقلية، بل حط أيضاً من قدراتها البيولوجية، حين اعتبر الرجل مميزاً عنها بما يملك من حيوانات منوية تشكل صورة المولود، بينما لا تملك المرأة إلا ما يشكل مادته، والصورة أشرف وأقدس من المادة.

أما كانط فإن آراءه تمثل إقصاءاً ضمنياً للمرأة، فقد ميز كانط في مقال له عنوانه (الجمال والسمو في علاقة متبادلة بين الجنسين)، بين سمات الذكور وسمات الإناث، وهو يعتقد أن من سمات الذكور النبل، والسمو، والتفكير المستمر العميق، والرؤية المجردة، والفهم القائم على التعقل، والقدرة على إصدار الأحكام العامة، والالتزام بالمبادئ. أما الإناث فيوصفن بالرقة، والجمال، والمزاجية، والحنو، والتعاطف، والشفقة، والعدل، والشعور المرهف، والقدرة على فهم النوع الإنساني وبخاصة الرجال، والنزوع نحو عمل الخير، والقدرة على الالتزام بالمبادئ. ولم ينف كانط قدر المرأة في تعاطي الشؤون الفكرية، لكنه يرى أنها لا تمارس هذه الشؤون حتى لا تشوه انوثتها، وإن فعلت فسوف يكون ذلك وضعاً استثنائياً...

إن كانط لم يصرح علانية بدونية المرأة، لكن نظريته الأخلاقية واقصاءه لها عن أن تكون فاعلاً أخلاقياً، يتضمن فكراً ذكورياً يؤدي إلى هذه النتيجة مهما كان نوع غلافه الأخلاقي.

أما لوك، فقد وصفت فلاسفة الحركات النسائية موقفه بأنه موقف مراوغ. فقد طالب لوك بالحرية والمساواة لجميع المواطنين، ودافع بشكل خاص عن حق التملك... وكان لوك يهدف في فلسفته السياسية ترسيخ حقوق المواطنين جميعاً ضد سلطة الملوك المطلقة، الذين يعتقدون بأن من حقهم تقرير مصير ما يملكون من أشياء وأشخاص. لكن لوك في فلسفته لم يرفع مستوى المرأة عن الأشياء التي تمتلك... لأنه انطلق من مبادئ تفترض عدم وجود مساواة طبيعية بين الجنسين، مما يعني أن تبعية المرأة للرجل أمر معطى يجب التسليم به. لهذا يعتقد لوك بأن دور المرأة يجب أن يقتصر على الإنجاب والأمومة مما يجعلها تعتمد من ناحية اقتصادية على زوجها. ويرى أنه لا يحق لها أن تملك، وإن ما تملكه يصبح ملكاً للرجل بمجرد زواجها منه... ولا يحق لها أيضاً أن تقرر مصير ما كانت تملك، ولا أن تسأل عن ثمار أعمالها...

إن هذا الفهم لحقوق المرأة يشير إلى أن السمة الأساسية في فلسفة لوك السياسية هي إقصاء النساء عن مجال الحياة الاقتصادية.

خديجة العزيزي: مجلة الفكر العربي المعاصر: العدد 116-117