النبأ

 

على أمل اللقاء

 

أحـــــــــياء بالكرامة فقــــــــــط

الإنسان ذلك المخلوق العجيب.. يحمل في داخله كوناً واسعاً يحتضن فيه عوالم كثيرة... بما يحمله من إحساس وشعور مرهف يمتزج برحيق العقل؛ ليكوّن مزيجاً رقراقاً ينعكس بالتأثر والتأثير بما حوله..

النفس الإنسانية عالم كبير.. يستقل بذاته ويدرك خارجه، ويرى نفسه بمرآة عاكسة يندمج فيها العالم معه بلوحة متداخلة يصعب فكها أو حل رموزها.. فهي إعجاز تتفوق على نفسها عندما تبرز شامخة معتزة بقدرتها على الاختيار والفعل والتغير، فهي لم تكن نفساً متموجة مترامية إلا باعتزازها بحريتها واستقلاليتها؛ لتشعر بكرامة تفوقها وسموها وتكاملها..

الكرامة هي الحرية، والنفس هي الاعتزاز والاستقلال، والسمو والكمال هو القدرة على الاختيار، والإنسان هو الكون الواسع في داخل نفس تدرك ذاتها وتفتخر بكرامتها، حيث تكون النفس المقدسة بإيمانها ووعيها أكبر من الكون وأوسع من المادة، وعندما يغتصب الاستبداد حرية النفس، وينتهك الظلم فطرة الإنسان؛ تتحول الكرامة إلى ذل مهين وإحساس حيواني بلا إدراك، وحياة دفينة بين أشواك العبودية وأغلال السلطة: الحاكم.. الشهوة.. الجهل..

ونبقى نتساءل: لماذا يحكمنا الطغاة ويتاجرون بأقدارنا ويبتاعوننا في أسواق الرقيق..؟!!

لقد سلبونا الكرامة عندما اغتصبوا الحرية.. فحولوا الإنسان إلى مسخ لا يشعر ولا يدرك.. أشرس من الحيوان.. وأصغر من الحصى..

الكرامة هي رمز بقاء النفس على إنسانيتها، ولا كرامة بدون حرية، ولا حرية عندما يُتاجر بأحاسيسنا وتغلق عقولنا ويسيطر علينا طغيان الشهوات وفوران الجهل المتعصب.. والنظرة الضيقة لعالم مادي محدود..

الكرامة والحرية أولاً وقبل كل شيء من أجل أن يتحول الكائن الذي يعيش في داخلنا إلى إنسان يشعر بحياته ويفتخر بوجوده..

(ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلا) (الإسراء: 70)

مرتضى معاش

[email protected]