مجلة النبأ

 

المسلمون في العالم

موسوعة مسيحية:

عدد المسلمين ارتفع 7% خلال القرن الماضي

ارتفع عدد المسلمين من مجموع سكان العالم بنسبة تقرب من 7 في المائة خلال القرن الماضي بينما تراجعت نسبة المسيحيين، وفقاً لإحصائيات وردت في أحدث طبعة (للموسوعة المسيحية العالمية). واستنادا لهذه الإحصائيات فإن من مجموع سكان العالم البالغ ستة مليارات نسمة حالياً هنالك 1,2 مليار مسلم ومليارا مسيحي أي بنسبة مسلمين اثنين لكل ثلاثة مسيحيين مقارنة بمسلم لكل ثلاثة مسيحيين عام 1900.

وحسب المصدر ذاته فإن نسبة المسلمين من مجموع سكان العالم ارتفعت إلى 19,6 في المائة من 12,3 في المائة عام 1900. أما نسبة المسيحيين فقد تراجعت من 32,2 في المائة عام 1900 إلى 31,2 في المائة حالياً، أما بالنسبة للفئات الأخرى فإن التغيرات في نسبها من مجموع سكان العالم كانت طفيفة.

وتعكس التغيرات في نسبة المسلمين إلى المسيحيين اتجاهات ديموغرافية. ويعزو التقرير تراجع نسبة المسيحيين إلى حقيقة أنه في الدول التي تعتبر المسيحية ديانتها التقليدية تراجع معدل الولادات مقارنة بمعدلها في الدول المسلمة. غير أن العامل الأكثر أهمية وراء تراجع نسبة المسيحيين من مجموع سكان العالم هو زيادة عدد المهتدين للدين الإسلامي. فخلال الـ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍100 عام الماضية وسع المسلمون نشاطهم وحققوا نجاحات مهمة في إفريقيا وآسيا.

مطالبة بتوفير الأكل الحلال في مدارس ديربورن الأميركية:

يعكف المسؤولون في إدارة ديربورن التعليمية في الولايات المتحدة على إعداد خطة لتوفير الأكل الحلال للتلاميذ المسلمين في مدارس المدينة. يذكر أن مدارس ديربورن لم تكن توفر الطعام الحلال للتلاميذ المسلمين، مما دفع أولياء الأمور إلى المطالبة بتوفير الأطعمة الحلال لأبنائهم وبناتهم في مدارس المدينة، حيث تقدر نسبتهم في بعض مدارسها بأكثر من 90 في المائة.

وقال الشيخ جواد الأنصاري مدير المعهد الإسلامي للمعرفة، إن المسلمين يتبعون تعاليم دينية محددة في ما يتعلق بالطعام الذي يتناولونه، مؤكداً على أهمية هذا الجانب.

وقال مسؤول في إحدى مدارس ديربورن إن عدم وجود اللحم الحلال في ديربورن دفع الكثير من التلاميذ إلى ترك وجبة الغداء التي تحتوي على اللحوم غير المذبوحة بالطريقة الإسلامية.

وكانت مدارس ديربورن قد قبلت مقترحات من موزعين للأطعمة الحلال لتوفير اللحم الحلال والإشراف عليه في مدارس المدينة البالغ عددها 28، إذ من المقرر أن يبدأ تجريب هذا البرنامج بنهاية ربيع هذا العام وتعميمه على المقاطعة إذا ثبت نجاحه. وقال بوب سيبريانو مدير أعمال المقاطعة،إن المهم في الأمر هو أن توفر الجهات المسؤولة للتلاميذ أنواع الأطعمة التي يريدونها، مؤكداً على أهمية التغذية ودورها في نشاط وأداء التلاميذ في فصول الدراسة.

يذكر أن المقاطعة توفر حالياً غداء بدون لحم للكاثوليك يوم الجمعة كما منعت قبل ثماني سنوات تقديم لحم الخنزير في وجبة الغداء حتى لا يأكله التلاميذ عن طريق الخطأ.

تصاعد النشاط التنصيري في إندونيسيا

تتعرض إندونيسيا والتي تعتبر اكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، لنشاطات تنصيرية متتالية بدأت مع وصول المستعمرين البرتغاليين إلى شرق آسيا في القرن السادس عشر الميلادي، ومن هذه الموجات التنصيرية حالياً، وضعت الحركة التنصيرية العالمية عدداً من المشروعات الكبيرة والتي تهدف من خلالها إلى تنصير نحو 125 قبيلة في إندونيسيا، ومن هذه المشروعات (مشروع جبريكو 2000) وهو مشروع يهدف إلى تنصير سكان غرب جزيرة جاوا، و مشروع(كاربان 2000) ويهدف لتنصير سكان شرق جزيرة جاوا، ومشروع (مانداو 2000) ويهدف لتنصير سكان منطقة كالينتان الغربية، ومشروع (سريويبايا 2000) ويهدف إلى تنصير سكان منطقة رياو، وبالإضافة إلى هذه المشروعات التنصيرية في إندونيسيا، والتي تعدها وتمولها وتخطط لها الحركات التنصيرية العالمية، فإن هناك مشروعات تنصيرية أخرى يقوم بها منصرون من داخل إندونيسيا نفسها،ويتخذ المنصرون وسائل كثيرة للوصول إلى أهدافهم، ويركزون في أعمالهم على المسلمين، ومن بين الطرق التي يلجأ لها المنصرون، إلقاء النشرات التنصيرية في وسائل النقل العامة ونشر الأغاني الكنسية، كما يلجأون إلى ارتداء ملابس تشبه ملابس المسلمين، مثل القلنسوة للرجال والطرحة للنساء ويمارسون طقوس تعبدية تشبه الصلاة عند المسلمين، وكل ذلك بهدف التمويه على المسلمين وجذبهم ولفت نظرهم إلى المسيحية، كما إنهم يقومون بنشر كتاب الإنجيل باللغة العربية، وينظمون المسابقات لتلاوته بطريقة تشبه مسابقات تلاوة القرآن الكريم، كذلك يقومون بنشر شريط لتلاوة الإنجيل باللغة العربية، وعندما يستمع إليه الذين لا يعرفون اللغة العربية يظنونه شريط لتلاوة القرآن الكريم.

تدريس القرآن الكريم والدين الإسلامي في 80 مدرسة بلغارية

بدأت 8 مدارس ابتدائية في محافظة كار مالي ذات الأغلبية الإسلامية من السكان بتدريس تلاميذها من الصف الثاني إلى الرابع القرآن الكريم وتفسير آياته وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وسيقوم بالتدريس متخصصون بالشؤون الإسلامية والفقه والتفسير، سبق أن انهوا دراستهم العليا في المدرسة الإسلامية في مدينة (مومتشيل غراد) والمعهد الإسلامي في صوفيا، وكانت وزارة التربية قد أبرمت اتفاقاً مع دار الإفتاء الإسلامية يقضي بتدريس القرآن والدين الإسلامي كمادة طوعية في 80 مدرسة حكومية تقع في مناطق تقطنها أغلبية إسلامية بلغارية.. وكان المفتي العام لبلغاريا سليم محمد أعرب عن امتعاضه من رفض وزير التربية ديمتروف تمويل تدريس المواد الإسلامية في هذه المدارس طالباً أن تقوم دار الإفتاء بذلك في وقت تقوم فيه الوزارة بتمويل تدريس مادة الديانة المسيحية في المدارس الحكومية، وقال المفتي سليم محمد إن دار الإفتاء مضطرة لتوفير هذه الأموال من ميزانيتها الشحيحة أصلا كي تدفع رواتب المدرسين والمعلمين الذين تم تعيينهم لهذا الغرض، وقال إن الكتب التعليمية والكراريس أصبحت جاهزة للتوزيع في هذه المدارس وتم إعدادها وطبعها بإشراف دار الإفتاء الإسلامية في صوفيا.

المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا يدعو الجاليات المسلمة للانضمام لهيئات مكافحة العنف والتطرف

عقدت الجمعية العمومية للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا اجتماعها الدوري بحضور ممثلي تسع عشرة رابطة يتبعها حوالي خمسمائة مسجد ومركز إسلامي في ألمانيا، وأكد الممثلون حق المجلس الأعلى في تمثيل قضايا المواطنين المسلمين البالغ عددهم اكثر من ثلاثة ملايين مسلم، وذلك بالتعاون والتنسيق مع كافة الهيئات والاتحادات الإسلامية الأخرى القائمة في ألمانيا، وأعلنت الجمعية العمومية عزم المجلس الأعلى على التعاون مع كافة الأحزاب والهيئات والإدارات على المستوى الاتحادي ومستوى المقاطعات لدعم مشاريع القوانين التي من شأنها تسهيل اندماج الأجانب في المجتمع الألماني وإعطاء المسلمين بشكل خاص حقوقهم القانونية المشروعة، وأكد المجلس الأعلى على ضرورة مساواة الطائفة الإسلامية بالطوائف الدينية الأخرى وإعطائها حق التعليم الإسلامي والذبح الشرعي وفتح فرص التوظيف في الدوائر الحكومية والحياة العامة، ودعا ممثلو الدوائر والجمعيات الإسلامية الهيئة الإدارية إلى متابعة سياسة الانفتاح على الوسط العام والإعلام الألماني وسياسة الحوار مع الطوائف الدينية والمؤسسات الشعبية.. ونددت الجمعية العمومية للمجلس الأعلى بحوادث الاعتداء على المساجد والمؤسسات الإسلامية في ألمانيا ووصفتها بأنها نتيجة منطقية لما تتبعه بعض الإدارات المحلية من معاملة التضييق على المسلمين وحجب مؤسساتهم عن حقوقها الأساسية في بناء المساجد اللائقة وإنشاء المرافق الاجتماعية الإسلامية اللازمة كدور الحضانة والمدارس والنوادي، كما ناشدت الجمعية العمومية سائر المسلمين للمشاركة الفعالة في المبادرات الشعبية والحكومية لمكافحة العنف والتطرف والنازية، والعمل الفعال على درء الضرر عن مؤسسات المسلمين ومساجدهم.

انتشار الإسلام في بلاد البلغار

اعتنق البلغار الإسلام في القرن الثالث الهجري (التاسع للميلاد) ويفيدنا التاريخ أن المسلمين هزموا اليهود الخزر المجاورين للبلغار سنة 120هـ / 737 م، وأبيدت دولة الخزر اليهودية سنة 210هـ /825م، وحين ذاك انتشر الإسلام في بلاد الخزر وبلاد البلغار وما يجاورها على ضفاف نهر الفولغا الذي يصب في بحر الخزر أي بحر قزوين، هاجم الروس يهود الخزر سنة 350هـ /963م، وبعد ذلك بأربع سنوات اسلم ملك الخزر، واسلم معه عدد كبير منهم، غير أن حاكم روسيا ماستيلاف هاجم ما بقي من يهود الخزر، وساعده الروم البيزنطيون، فقتلوا من قتلوا وشردوا من شردوا سنة 407هـ / 1016م، واعتنق بعض الخزر النصرانية وبعضهم اعتنق الإسلام، وبقي بعضهم يهودياً... أما البلغار فاعتنقوا الإسلام قبل يهود الخزر الذين يجاورونهم ويعيشون معهم في حالة حرب مستمرة، وحج أحد أولاد ملك البلغار في عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله قبل سنة 320هـ /943م، وزار الأمير البلغاري بغداد وقدم فروض الطاعة للخليفة العباسي المقتدر وطلب منه المساعدة فأرسل معه بعثة إسلامية سنة 309هـ /922م، وكان مع البعثة الفقيه احمد بن فضلان الذي دون وقائع تلك الرحلة (رسالة ابن فضلان) أو (رحلة ابن فضلان) ويتضح أن قاعدة ملك البلغار كانت جنوب ملتقى نهر القاما ونهر الفولقا، وزار مملكة البلغار الإسلامية أبو حامد الأندلسي في سنة 530هـ / 1135م، وذكر حروبهم مع روم القسطنطينية البيزنطيين، وبعد أن انتشر الإسلام بين البلغار وجيرانهم على ضفاف نهر الفولغا والقوقاز وقعت حروب بين القبائل المتناحرة في تلك المناطق فاندفعت هجرات متلاحقة اتجهت غرباً نحو أوروبا الشرقية، فاستوطن الهنغار في المجر، والبوشناق في البوسنة والهرسك، والبلغار في بلغاريا الحالية التي يقال: (أن اسمها محرف من كلمة فولغا- إري أي إنسان الفولغا)، ويقال: أن بداية الهجرات البلغارية من حوض الفولغا بدأت في القرن السابع الميلادي/الأول الهجري وتتابعت في القرون اللاحقة وفي القرن التاسع الميلادي / الثالث الهجري شكل البلغار مملكة، ولكن ملك بلغاريا سيمون اعتنق النصرانية وقاد حملة التغير التي استمرت بالنمو في أيامه واصطدم مع المسلمين الهنغر والباش غرد وغيرهم في حوض الدانوب، وسار أحفاده على طريقه وقد أصبح الدين المسيحي ديناً رسمياً لبلغاريا سنة 251هـ / 865م، ولكن عدداً من البلغار بقي على دين الإسلام لكن هذا العدد من المسلمين ظل ضعيف الجانب حتى الفتح العثماني، فتح السلطان مراد الاول مدينة ادرنة سنة 762هـ/ 1361م، وجعلها عاصمة للسلطنة العثمانية ثم فتح فلبة في بلغاريا ثم فتح صوفا سنة 785هـ / 1383م، بعد أن حاصرها ثلاث سنوات، وعمت الفتوحات الإسلامية بلغاريا وشارك المسلمون البلغار فيها وتحرروا من ظلم الروم الأرثوذكس البيزنطيين وبفضل مشاركة المسلمين المحليين في حروب البلقان اتسعت رقعة الفتوحات، واصطبغت بلغاريا بصبغة إسلامية عثمانية تامة اعتباراً من سنة 805هـ /1402م ، ومرت قرون وتآمر الأوروبيون والروس على الدولة العثمانية وتحولت بلغاريا إلى ميدان للمعارك بين الروس الأرثوذكس ابتداء بسنة 1293هـ / 1877م، وهزم العثمانيون وبدأت المجازر الجماعية تطاول المسلمين العزل مما فتح باب الهجرة فهاجر من هاجر ولاذ مئات آلاف المسلمين بالجبال، وتآمر أعضاء حزب الاتحاد والترقي من الماسون ويهود الدونمة وعملاء السفارات الأوروبية، وأثاروا الفتن الداخلية في بلاد العثمانية، واستغل الوضع الهش أمير بلغاريا فردناند سنة 1326هـ / 1908م، واتخذ لنفسه لقب قيصر وحكم البلاد حكماً رومياً أرثوذكسيا حتى سنة 1362هـ / 1943م، وسادت محاكم التفتيش واجبر المسلمون على الارتداد عن دينهم أو الهجرة، وقتل منهم الآلاف، وفي سنة 1380هـ /1960م، حوصر المسلمون في بلغاريا وتعرضوا لحملة شيوعية ودمرت المساجد والجوامع والتكايا والزوايا والمدارس الإسلامية.

وبدأت نسبة المسلمين بالانخفاض في بلغاريا بعدما كانوا يشكلون نصف سكانها.

ولكن بلغاريا شردت المسلمين فاتجهوا نحو البلاد الإسلامية، إلى أن سقطت الشيوعية ونال المسلمون هامشاً ضيقاً من الحرية الدينية.

النشء المسلم في أوروبا على مفترق طرق

يتعاظم الوجود الإسلامي في أوروبا بشكل ملحوظ، ويتزايد الاهتمام بالأجيال المسلمة الناشئة في المجتمعات الأوروبية بوصفها التي ستحدد ملامح مستقبل هذا الوجود. ويقارب عدد المسلمين في الاتحاد الأوروبي العشرين مليون نسمة، وهو ما يزيد عن ستة في المائة من سكان دوله الخمسة عشرة. وتذهب بعض التقديرات إلى التأكيد بأن عدد المسلمين في أوروبا يصل إلى أربعين مليون نسمة.

ومع هذا الوجود المتعاظم بقوة مثيرة للانتباه تسمع دعوات صادرة عن الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا تطالب بالاهتمام بالأسرة وزيادة معدلات التكاثر من أجل كبح جماح الوجود الأجنبي، والإسلامي بصفة خاصة. بل إنّ حزب الجبهة الوطنية العنصري في فرنسا لا يتردد في إطلاق أجراس الخطر من عواقب زيادة النسل عند مسلمي فرنسا، ويزعم بأنّ المسلمين في شمال فرنسا قد يطالبون بالانفصال يوماً ما.

ويأخذ الوجود الإسلامي في أوروبا جملة من الملامح العامة، أبرزها غلبة الوجود المغاربي في فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا، وبروز مسلمي شبه القارة الهندية في بريطانيا، والوجود التركي في المنطقة الناطقة بالألمانية. وأما في شرق أوروبا فهناك وجود إسلامي أصيل على شكل شعوب أو أقليات مسلمة تعيش هناك منذ قرون طويلة.

نمو إسلامي متعاظم في أوروبا:

ويعيش في فرنسا اليوم نحو ستة ملايين مسلم، أما في بريطانيا فهناك قرابة مليوني مسلم، ومثل ذلك في ألمانيا، وهناك أنصاف وأرباع المليون من المسلمين في الدول الأوروبية الصغيرة. وعند التأمل يتضح أنّ الهرم السكاني الأوروبي يتضخم في مستوياته العليا بشكل مثير للقلق، فنسبة شرائح الطفولة والشباب تتضاءل باستمرار لصالح كبار السن، أي أنّ أوروبا تشيخ أكثر من أي وقت مضى، وبالمقابل فإنّ معظم المسلمين في القارة ينتمون إلى الشرائح الناشئة، ما يجعلهم قوة دافعة لأوروبا في القرن الجديد، تماماً كما كانوا جزءاً من عجلة إعادة الإعمار في القرن الماضي بعد الحرب العالمية الثانية.

ومن المؤكد أنّ مستقبل وجود المسلمين مرهون بالشكل الذي سيكون عليه حال الجيل المقبل، وإزاء ذلك تبلورت في السنوات الأخيرة مراكز استقطاب فاعلة أمام هذه الحقائق، رفع بعضها شعار التذويب القسري والدمج الذي يلغي خصوصية المسلمين في أوروبا، ويتبنى بعضها الآخر شعار التضييق والتحجيم والتهميش، كما في الأحزاب العنصرية والسياسات الحكومية التي سدت منافذ دخول الأجانب، وكان من الغريب أن تنضم بعض الأصوات في الكنيسة الكاثوليكية إلى هذا التيار، كما فعل الكاردينال الإيطالي جياكومو بيفي، وألمح إلى ذلك كاردينال فيينا كريستوف شونبورن.

لكنّ دعاة الاندماج الذي يقوم على استيعاب الآخر مع احترام خصوصياته كانوا الأكثر واقعية، ونجحوا في تعميم أطروحاتهم على أوسع نطاق في أوروبا الغربية.

وتلوح جملة من المشكلات التي تعترض الأجيال المسلمة الناشئة في أوروبا مثل أزمة الهوية، والفرص المتاحة للحفاظ على الخصوصيات الدينية والثقافية، وضعف المستوى التعليمي والثقافي، وتفاوت الفرص في المجتمع الواحد على حساب أبناء المهاجرين، فضلاً عن الإمكانات الاقتصادية المتواضعة.

تفاعل أزمة الهوية بين أبناء المهاجرين المسلمين:

وتتمثل أزمة الهوية بالتنازع والتجاذب الذي يعتمل في كيان الجيل المسلم الصاعد في أوروبا، فهو ينشأ في مجتمع لا ينتمي إليه، ديناً أو لغة أو ثقافة أو حتى بيولوجياً، إذ ينظر إلى الكثير من أبناء المهاجرين على أنهم "من الشاطئ الآخر من المتوسط"، دون أن يتمتعوا بارتباط حقيقي بوطن الآباء والأجداد.

وينصح المرشدون الاجتماعيون المسلمون في أوروبا بأن تبادر الأسرة المسلمة المهاجرة إلى نزع فتيل أزمة الهوية التي لا طائل من ورائها، لأنها تؤدي إلى نشوء الجيل الثاني والثالث نشأة متناقضة، فهو مثلاً "تركي في ألمانيا وألماني في تركيا"، لأنّ هذه الأجيال تنتمي فعلياً إلى المجتمعات الأوروبية التي نشأت في اكنافها سواء اعترف الجيل الأول بذلك أم لم يعترف.

ويحذر هؤلاء من الخطورة التي تجرها نزعة التقوقع والانزواء على أبناء المهاجرين، خاصة مع دوافع الإقصاء التي يمارسها العنصريون ضدهم.

ويتزايد الوعي بين الجاليات المسلمة الأوروبية بأهمية قيام المدارس العربية والإسلامية بمراعاة هذا البعد جيداً، كي لا تقوم هذه المنشآت التعليمية بتشييد أسوار عالية من العزلة والتهميش حول الأجيال الناشئة فتتجاهل طبيعة الواقع الذي تعيشه والدور المأمول منها في ظله.

ويواجه الناشئون المسلمون في أوروبا مصاعب في الحفاظ على الخصوصيات الثقافية والدينية لهم، تنبع من العوائق التي يفرضها التيار العام في المجتمعات الأوروبية من جانب وبعض العراقيل القانونية والإجرائية من جانب آخر.

فبينما تكفل الدساتير الأوروبية إجمالاً الحرية الدينية يتفاوت تطبيقها على أرض الواقع بين دولة وأخرى، مثل منع تشييد مساجد بمآذن وقباب، أو إلزام التلميذات المسلمات بخلع الحجاب عند بوابات المدارس، كما في فرنسا، ومنع المعلمات من ارتداء أغطية الرأس، كما في ألمانيا وسويسرا، أو مشكلة حصص السباحة المختلطة في الحياة المدرسية التي تثير حفيظة الأهالي، فضلاً عن قضية تدريس المادة الإسلامية في المدارس العامة، والجهة التي تضع المناهج وتعين المدرسين لهذا الغرض، وهي القضية التي تتفاعل في ألمانيا منذ سنوات.

وإلى جانب ذلك تبرز قضايا تتعلق بالأطعمة واللحوم والذبائح، والسماح بالحجاب في مواقع العمل، ومنح الإجازات في الأعياد الإسلامية وإتاحة المجال لأداء صلاة الجمعة. وهي تمثل في مجملها نقاط توتر تبرز في هذا القطر الأوروبي أو ذاك، وتترك انعكاسات حادة على الجيل المسلم الصاعد في أوروبا.

فجوة ثقافية يعاني منها الجيل الثاني والثالث:

ومما يثير القلق أنّ معظم مسلمي أوروبا، خاصة في أوروبا الغربية، هم من المهاجرين محدودي التأهيل، الذين تحولوا من الإقامة المؤقتة إلى الاستقرار الدائم، دون أن تكون المجتمعات الأوروبية مهيأة لاستيعابهم على المدى الطويل، وكانت المفاجأة أنّ "العمال الأجانب" أصبحوا بالتدريج مواطنين أصليين، يحملون جوازات السفر الأوروبية، ويمتلكون العقارات في البلدان المضيفة، ويتزايدون جيلاً في إثر آخر.

وكان من الطبيعي أن ينعكس المستوى الثقافي والتعليمي للعمال في المصانع والمهن الشاقة التي لا تتطلب تأهيلاً عالياً على أبنائهم وأحفادهم، الذين لم ينعموا بتكافؤ الفرص في التعليم والثقافة.

وهناك مؤشرات على أنّ بعض الأوساط الأوروبية المسؤولة تمارس تمييزاً تلقائياً تصادر بموجبه حقوق أبناء المسلمين والأجانب عموماً في الدخول إلى المدارس الخاصة بنسبة أعلى مما عليه الحال بالنسبة للأطفال من أبناء البلاد الأصليين.

والمؤكد أنّ هذه المدارس لن تنتهي بالتلاميذ إلى مواقع بارزة في مجتمعهم، بل تكفل لهم نصيبهم في الشرائح الدنيا من المجتمع بما يتناسب مع إمكاناتهم. وتوثق دراسات سويسرية حديثة لنماذج مؤسفة للتفرقة على مقاعد الدراسة التي تطال الأجانب بشكل خاص.

وقد يكون التمييز في مراحل لاحقة، فقد رصد الباحث سعيد بو عمامة من مدينة ليل الفرنسية حجم التفرقة التي يعاني منها طلبة المدارس من أصول عربية في الثانوية، إذ يتم توجيههم عادة بعيداً عن الدراسات العليا في الجامعات، ليكون نصيبهم سوق العمل الذي يتعامل معهم كقوى عضلية وحسب وليس كأشخاص فاعلين.

وفي دراسة حديثة نشرها مؤخراً وقف بو عمامة على نماذج تدفع إلى الذهول في حجم التفرقة التي تطال النشء المسلم في فرنسا في الحياة التعليمية والمهنية أيضاً.

ويبقى السؤال معلقاً؛ كم من أبناء المسلمين مؤهلون حقاً للالتحاق بالدراسات الجامعية بالمقارنة مع أولئك الذين يتسربون من المدارس أو يلتحقون بالتعليم المهني؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍! وما يزيد من حجم الفجوة أنّ أبناء المهاجرين يعانون من ضعف الإمكانات الاقتصادية ومن أزمة البطالة أكثر من غيرهم.

وتقول المصادر الألمانية أنّ ربع القوى العاملة المسلمة في ألمانيا تعاني من البطالة، وهو ما يزيد عن ضعف المعدل العام المسجل في الجمهورية الاتحادية. ورغم هذه المعطيات فإنّ الإمكانات الاقتصادية للنشء الجديد تبدو أوفر حظاً مما أتيح للجيل الأول المهاجر، كما أنّ الجيل الثاني والثالث يمتلك فرصاً واعدة لتحسين أوضاعه باتجاه تحقيق مكتسبات طبيعية كاملة في المجتمع الأوروبي متعدد الثقافات.

النشء الأوروبي المسلم في مواجهة البطالة والانحراف:

إنّ هذه المؤشرات تقود إلى الاستنتاج بأن النشء المسلم في أوروبا هو الأكثر معاناة من البطالة والتهميش الاجتماعي، وبالتالي من الانحرافات والجريمة. بل إنّ نسبة عالية من الأحداث المتورطين بالخروج على القانون في فرنسا وبلجيكا وهولندا هم من المسلمين، إلى الدرجة التي يحاول معها العنصريون إلصاق صورة العربي والمسلم بالاتجار بالمخدرات وممارسة العنف والسرقة.

وتعاني الشرائح المسلمة الشابة من نقص فادح في نوادي الترفيه والألعاب الرياضية في أوساطها، علاوة على نشأتها في أحزمة الفقر التي تحيط بالمدن الكبرى وتتفشى فيها ظواهر العالم السفلي كالجريمة والسموم البيضاء والدعارة. خلال ذلك تسعى المساجد والمراكز الإسلامية إلى تعويض جانب كبير من الفراغ، خاصة مع الإقبال المتزايد لأبناء المهاجرين عليها.

ويشعر مسؤولو اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا بالامتنان لأنّ أكثر من ستين ألفاً من المسلمين، معظمهم من المولودين في فرنسا يحضرون مؤتمرهم السنوي الذي يقام ربيع كل عام في ضاحية بورجيه الباريسية. ولكنهم يأملون في استيعاب الغالبية العظمى من النشء المسلم الفرنسي الذي ما زال يحتاج إلى الكثير من الجهد للوصول إليه بغية توفير الخدمات الثقافية والاجتماعية.