nba

 

من مكتبة الإمام الشيرازي

رسالة الإمام الشيرازي إلى الكتَّاب الإسلاميين

الكتاب: إلى الكتاب الإسلاميين.

الكاتب: السيد محمد الشيرازي.

الناشر: هيئة محمد الأمين (ص) - الكويت.

سنة النشر: ط2/ 2000م.

الصفحات: 64صفحة.

عرض: حسن آل حمادة

يلعب الكتاب دوراً هاماً في مسيرة الأمم والشعوب، ونظراً لأهميته الكبرى فقد أولاه الإسلام أشدّ عناية؛ فقد روي عن رسول الله (ص) قوله: (قيدوا العلم بالكتاب) . كما جاء في حديثٍ شريف: (خير العلم ما قيد)، وروي عن الإمام الصادق(ع): (احتفظوا بكتبكم فإنّكم سوف تحتاجون إليها) ، إلى غير ذلك من النصوص العديدة التي وردت عن المعصومين(ع).

ويكفي لتبيان أهمية وخطورة الكلمة المكتوبة، أن يعلم الإنسان بأن الله جلَّ شأنه هو (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)(العلق: 4)، وقد أقسم في كتابه الكريم به؛ حيث يقول سبحانه وتعالى: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ)(القلم: 1).

وعلى هذا الأساس فإن الكتاب هو الدواء الذي يجب أن نفكر به، وإن الكتّاب هم الأطباء الذين يجب أن يعدّوا في المجتمع إعداداً كاملاً حتى لا يتحول الدواء إلى داء، وحتى لا يصبح الكتاب سبباً للانحدار والانحراف، لابدّ من إعداد جيل من المؤمنين يسيرون بخطى واسعة نحو توكيد مستقبل أمتهم .

فبالكتاب نستطيع أن نكون في مقدمة الركب؛ وبغيره سنكون في المؤخرة، كما هو حالنا اليوم.

فالطريق السهلة والميسرة بأيدينا - كشعوب - هي العمل على نشر العلم والمعرفة والكلمة الهادفة عن طريق الكتاب - وغيره من الوسائل التكنولوجية الحديثة (كالإنترنت، والأقمار الصناعية: التي أصبحت مسألة الاستفادة منها أمراً مقدوراً عليه) - وبهذا الخيار ربما نكون قد بدأنا المسار الصحيح، ووضعنا أرجلنا على السلَّم المناسب للصعود إلى القمة.

ولا يخفى على أحدٍ منّا الدور الكبير الذي لعبه الكتاب في حياة المسلمين؛

فالمسلمون فيما مضى انطلقوا بواسطة الكتاب من خلال تمسكهم عملياً بكلمة (اقرأ)، وإن هم أرادوا الانطلاق في هذا العصر، فعليهم أيضاً بالرجوع إلى سنن من كان قبلهم.

لكن، ماذا يقرأ المسلمون في هذا العصر، وفي هذه المرحلة الزمنية العصيبة التي يمر بها المجتمع الإسلامي الممزق؟ وما هي الكتابات والموضوعات التي ينبغي للكتَّاب الإسلاميين أن يخوضوا فيها، تبعاً لأولويات المرحلة؟

ضمن هذا السياق جاءت هذه الرسالة الفريدة في موضوعها والتي سطرها الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي بيده الكريمة تحت عنوان (إلى الكتَّاب الإسلاميين). ولعلّ المتتبع للإصدارات المتتالية لسماحته، يلحظ عنايته الفائقة وتحسسه المستمر للمشاكل والأزمات التي تواجه الأمة الإسلامية، فقبل أن تنتشر الصحون الفضائية في الدول العربية والإسلامية انتشار النار في الهشيم، بادر الإمام بكتابة كرَّاسه المتميز (الأفلام المفسدة في الأقمار الصناعية: وقايةً وعلاجاً)، وعندما وقّع بعض العرب اتفاقية الصلح بينهم وبين الكيان الصهيوني الغاصب في يوم 20جمادى الأولى سنة 1415هـ، بادر سماحته في نفس اليوم بكتابة كرَّاسه المعنون بـ(هل سيبقى الصلح بين العرب وإسرائيل؟) وهو تبعاً لذلك راح يسطر الكتاب تلو الكتاب، والكرَّاس تلو الكرَّاس؛ ليسهم بالتالي بكتاباته المتنوعة والغزيرة في العمل على إنقاذ المسلمين من واقع البؤس والشقاء؛ وليقدَّم من خلال أطروحاته الواعية العلاج الملائم للمشاكل التي تعصف بالمجتمع الإسلامي؛ حتى تجاوزت مؤلفاتـه (1200) كتاباً في مختلف الجوانب والحقول.

إن حرص الإمام الشيرازي - كما يقول ناشر الكتاب - على تغيير واقع الأمة دفعه لأن يكتب كتاباً لجميع الكتّاب الإسلاميين ليضع بين أيديهم النقاط الساخنة ذات العمق الاستراتيجي في حياة الأمة الإسلامية.

إنه ليس كتاباً بل منهاجاً قويماً لجميع الكتّاب الإسلاميين، يرسم الإمام الشيرازي من خلاله طريق المستقبل للأمة من خلال ما يتحمله الكاتب الإسلامي من مسؤوليات جسام.

الكاتب الإسلامي أداة الوعي:

الكاتب الإسلامي - كما يشير الإمام الشيرازي - يقوم (بأداء دور كبير في المجتمع الإسلامي فهو أداة الوعي الديني والسياسي والثقافي في الأمة، وبه تناط مسؤولية تعبيد الطريق وإزالة العقبات والتراكمات التي قد تحول دون تقدّم الأمة) .

لذلك فمهمة الكاتب الإسلامي مهمة جد خطيرة؛ فبكلمة منه قد يندفع المجتمع نحو عالم الإيمان والفضائل، وبكلمة منه أيضاً قد ينساق المجتمع نحو عالم العصيان والرذائل!! فنحن بحاجةٍ ماسةٍ لمن يعمق فينا الفهم الصحيح للدين وقيمه ومبادئه؛ حتى لا يأتي من يقول لنا بأن (ما لله لله وما لقيصر لقيصر)!! أو (مالي والدخول بين السلاطين)!! فهذا فهم خاطئ للدين، وهنا يكمن الدور الهام الذي يتحتم على الكتَّاب الإسلاميين القيام به، (ولهذا السبب نحن نؤكد دائماً وأبداً على أن مسؤولية نشر العلم والتفرغ للعمل الفكري والثقافي، ليست مسؤولية علماء الدين فحسب، كما قد يتوهم البعض، بل هي مسؤولية الجميع وواجب الجميع، كما أن طلب العلم فريضة على الجميع، خصوصاً في هذا الزمان الذي كثرت فيه التخصصات).

وكلنا على علم بأن الإسلام أكد في الكثير من كلماته على ضرورة بث واشاعة العلم والمعرفة خصوصاً في الأوساط الاجتماعية التي يعيش فيها الإنسان؛ فرفع مستوى إدراك العامة من الناس يتوقف على ذلك، وقد جاء في أحد الأحاديث النبوية: (زكاة العلم تعليمه لمن لا يعلمه)، وهناك الكثير من المأثورات التي تؤكد على أهمية نشره خاصة بين العوام، وذلك عندما تظهر البدع وتتفشى الخرافة والجهل؛ فقد روي عن النبي  قوله: (إذا ظهرت البدعُ في أمّتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنةُ الله).

ونود أن نلفت النظر هنا إلى أن كلمة (البدع) (لا تنحصر فيما يرجع إلى العقائد والمسائل الذهنية، بل تتعداها إلى شؤون الحياة عامة، كالآداب والملابس والتقاليد… فالبدعة لها مصاديق، كما تومي إليه كلمة (البِدَع) بصيغة الجمع) .

رسالة الإمام الشيرازي لماذا؟:

الكاتب الإسلامي كما أسلفنا يلعب دوراً كبيراً ومؤثراً في حياة الأمة، من خلال بثه للوعي والمعرفة، في صفوف الجماهير المتوثبة للنهوض. ولأهمية هذه الشريحة الاجتماعية بادر الإمام الشيرازي بنشر هذه الرسالة (الكتاب) التي سطر فيها بعض الملاحظات التي توصل إليها عبر مطالعاته المكثفة، في الكتاب والسنّة، وفي التاريخ، وعبر تجربته الذاتية، ومن خلال علاقته الطويلة مع الكتاب والكتَّاب، ومن تجارب الآخرين من الكتَّاب الإسلاميين.

في رسالته هذه حاول الإمام الشيرازي أن يضع الدواء المناسب لعلاج الأمراض التي تعصف بالأمة الإسلامية من كل حدبٍ وصوب، (والعلاج هو بالطبع، نشر الوعي، ورفع مستوى ثقافة الأمة) .

تمعن هذه الكلمات لتعي رسالته جيداً، يقول (حفظه الله): (لقد كتبوا كثيراً - مشيراً إلى الفقهاء والمجتهدين - في العبادات وهو شيء حميد والحمد لله، لكن القليل من الكتّاب من نذر نفسه للموضوعات الحية التي هي مثار اهتمام الناس، فكان يفترض أن يهتم كتّابنا بالمشاكل الراهنة ويجدوا لها علاجاً) .

ماذا نكتب؟

الإمام الشيرازي أراد من خلال رسالته هذه توجيه أنظار الكتَّاب الإسلاميين (إلى بعض الموضوعات الهامة التي يجب الاهتمام بها والكتابة عنها وتركيز الوعي حولها) ، وأهم هذه الموضوعات - كما يرى – ما يلي:

1- الأحزاب الحرّة.

2- شورى المراجع.

3- رفض الاستبداد.

4- فضح أساليب التعذيب.

5- السجون.

6- تلصص أجهزة المخابرات.

7- التخويف.

8- الأمة الإسلامية.

9- الأخوّة الإسلامية.

10- الحرية المسؤولة.

11- اللاعنف.

12- الوعي.

13- استشراف المستقبل.

14- جمع الناس.

15- الدولة في المفهوم الإسلامي.

16- لماذا؟ ..

وتحت هذا العنوان الأخير يقول سماحته: (لماذا؟ كلمة استفهامية لها أكثر من مصداق وأكثر من إثارة في وضعنا الحالي:

فإذا تساءلنا ألف مرة ستبقى ثمة تساؤلات أخرى تفرض نفسها علينا، بالأخص على كتّابنا الذين يتحمّلون مسؤولية كبيرة في الإجابة عليها ومعالجتها العلاج الشافي، وإذا لم يتحقق ذلك فإن وضع المسلمين سيؤول إلى الأسوأ) . وبعد هذه الكلمات وضع السيد فهرست لبعض التساؤلات التي يرى ضرورة الكتابة حولها، ومنها:

لماذا الرقابة على التأليف وعلى تأسيس المطابع والإذاعة والتلفاز؟ لماذا تكمّ الأفواه عن قول الحق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ لماذا تقدم غير المسلمين وبقي المسلمون في تأخر مستمر؟ لماذا هذا العدوان على المسلمين، يطاردونهم في كلّ مكان حتّى داخل بلدانهم فيقتلونهم شرّ قتلة؟ لماذا تهان كرامة المرأة في زجّها في بعض الأعمال غير اللائقة بها؟ ولماذا تحرم من حقوقها المشروعة فيحكم عليها بالجمود والجهل؟ لماذا سوء الأخلاق الذي نشاهده من الجميع إلاّ ما خرج بالدليل؟ إلى غير ذلك من التساؤلات التي لا تنتهي..

قبل الختام أقول: هذه هي رسالة الإمام الشيرازي إلى الكتَّاب الإسلاميين، فماذا هم فاعلون؟