آراء حول مشاكل العائلة المسلمــة في المهجـــر

إعداد سعد العبيدي

عـــام ...

1- يعبر مصطلح المشكلة عن صعوبة في الأمر، أو حدوث لبس في بعض جوانبه(1)، يستخدم في كافة العلوم والتخصصات، وكذلك مجالات الحياة اليومية، لكن إستخدامه في مجالي علم النفس والاجتماع ذي الصلة بالإنسان يفوق كثيرا استخداماته في المجالات الأخرى، لكثرة ما يواجهه - أي الإنسان - من مشاكل، ويعني استخدامه أن هناك:

أ) إعاقة وتعثر في الوصول إلى حل مناسب لموضوع معين أو حالة محددة.

ب) مصاعب في التعامل مع موضوعها، أي المشكلة.

وهذه الإعاقة، أو المصاعب لا يقتصر حدوثها اجتماعيا أو نفسيا فقط، بل طبيعيا، وعضويا، وجغرافيا، وعسكريا... الخ، كما لا يقتصر على جانب من جوانب الحياة الاجتماعية للفرد والمجموعة بل ولكافة أركان الحياة، إذ إننا وعلى سبيل المثال:

نعتبر - في مجال الضغوط النفسية - الأزمة العراقية مشكلة بعد أن تعذر حلها، وستبقى كذلك مشكلة مادام الحل بعيدا عن المنال.

وفي الجانب الاجتماعي بات العزوف عن الزواج وتكوين أسرة بالمفهوم التقليدي للأسرة - خاصة في المجتمعات الغربية - مشكلة، حتى ينجح ذلك المجتمع في إعادة تنظيم موضوعه - أي الزواج - ويتجاوز آثاره الآنية والمستقبلية.

وفي التربية، أصبح التأخر الدراسي، والتسيب في المراحل الدراسية، وشيوع الأمية في الدول النامية وبينها العربية والإسلامية مشكلة.

وهكذا في علم النفس الذي يؤكد المختصون في مجاله أن تزايد معدلات الجريمة في بعض المجتمعات مشكلة. وتضاعف نسب الاكتئاب في مجتمعات أخرى مشكلة.

وفي موضوعنا هذا يعد البطء في تكيف العائلة المسلمة مع المجتمعات الغربية مشكلة. والشعور بالغربة مشكلة، وعدم ممارسة بعض الطقوس والشعائر الإسلامية مشكلة. والفارق القيمي بين الأجيال في العائلة الواحدة مشكلة...الخ.

2- والمشكلة من وجهة النظر النفسية السلوكية وعلى الرغم من النظر إليها على ضوء مقادير شيوعها بين الناس، وحجم انتشارها في أوساطهم، إلا أن تأكيد وجودها، أو وصفها يمكن أن ينطبق على جماعة دون أخرى في المجتمع الواحد، عندها يمكن التنويه إلى:

* إن الرعايا العرب في الغرب يعانون من مشكلة التمييز العنصري.

* وإن المسلمين في بعض المجتمعات الغربية يعانون مشكلة الاضطهاد الديني.

* وإن المهاجرين الجدد من العرب والمسلمين يعانون من مشكلة الشعور بالتفوق النوعي.

والمشكلة كذلك لا يتوقف وصفها عند حدود الجماعة، ولا يقتصر حدوثها عند جماعة دون أخرى، بل ويمكن أن تحدث للفرد الواحد من بين الجماعة في المجتمع الكبير، وفي حالته يمكن القول:

* إن فلاناً يعاني مشكلة الخوف من السكن في الأماكن المرتفعة.

* وإن آخرا يعاني من مشكلة الإفراط بالقلق.

* وإن ثالثا يعاني من مصاعب في النطق..... الخ.

كما إنها (المشكلة) من جانب آخر قد تحدث بشكل شامل لعموم الجهاز النفسي أو العقلي، وفي حالتها يمكن القول:

* إن (س) من الناس يعاني من مشكلة الاضطراب العقلي.

* إن (ص) يعاني من الخرف المبكر.

* إن (م) يعاني من الإدمان على المخدرات.

أو أن حدوثها يقتصر على أحد الجوانب النفسية و العقلية دون الأخرى بالنسبة للإنسان الواحد، وفي حالتها نقول:

* إن شخصا ما يعاني مصاعب في التذكر، أو التفكير، أو التصور.... الخ(2).

* إن السيدة الفلانية تعاني مشكلة الغيرة المرضية.

* إن فردا ما يعاني مشكلة الوسواس القهري.. الخ، من المصاعب والعقبات التي تسبب ضغوطا وتوترات وعدم إستقرار للفرد والجماعة، وتغير واقع الحياة في كافة جوانبها(3).

ماهية المشاكل التي تواجه العائلة المسلمة في المهجر

3- إن الوصف العام، أو التحديدات الواردة في أعلاه لماهية المشاكل وطبيعتها ومستويات حدوثها تدفع إلى القول:

آ) إنها موجودة عند جميع الناس وفي كافة المجتمعات البشرية، رغم التباين في نوعها وشدتها.

ب) إنها وإن كانت موجودة في المجتمع الواحد، أو العائلة الواحدة فإن درجة التحسس بها تختلف من بيئة اجتماعية لأخرى، وكذلك من شخص لآخر في نفس البيئة الواحدة.

ج) ما يمكن عده مشكلة في مجتمع ما قد لا يكون كذلك في المجتمع الآخر، كما هو الحال بالنسبة للطلاق الذي يعد أبغض الحلال عند الله وأشدها مشكلة على الزوجة وأهلها، بينما لا تعد كذلك في المجتمع الغربي.

وهذا تصور أو مدخل يساعدنا بعض الشيء على فهم طبيعة المشاكل التي يعاني منها آلاف العرب والمسلمين الذين تركوا أوطانهم وتوجهوا صوب أوربا ليستقروا بها ، أو في أمريكا وكندا واستراليا ونيوزيلندا، أو في دول أخرى متفرقة في أمريكا الجنوبية، وغيرها من قارات العالم؛ ملايين تركوا أرضهم وبلادهم الأصلية، وهاجروا إلى تلك المجتمعات الجديدة بدوافع متنوعة بينها:

آ) الدراسة التي دفعت البعض من الشباب العربي المسلم لأن يغادروا مجتمعاتهم إلى المهجر، للإقامة المؤقتة في البلاد الأخرى - الغربية على وجه الخصوص - ليشبعوا منها رغبتهم في العلم وزيادة كم المعرفة والتحصيل العلمي.

ب) وهناك من الشباب والعوائل وبمستويات مختلفة من قصدوا دوائر الهجرة في دول محددة ليحصلوا على فرص للاستقرار في مجتمعاتها الجديدة، اعتقادا منهم بأن تلك المجتمعات توفر لهم فرصاً أفضل للاستقرار والعيش بمستويات أحسن.

ج) والهجرة مسألة لا تتوقف عند حدود الرغبة في السعي لتحقيقها، إذ إن هناك من أُجبروا عليها، ولأسباب ودوافع مختلفة:

- يتعلق البعض منها بالحالة الاقتصادية أي الرغبة في تحسين الدخول ورفع مستويات العيش ماديا.

- ويتعلق البعض بالعوامل والأسباب السياسية التي يعود معظمها لخلافات في الرأي لم يتمكن المجتمع الأصلي من قبولها، أو السماح بالتعبير عنها.

- ويتعلق البعض الآخر بالجوانب الدينية، حيث الطائفية في الوطن الأم والتفرقة المذهبية، والإجراءات التي تحول دون القيام بالطقوس والممارسات الدينية.

- وآخرون، أو عوائل أخرى نزحت من أوطانها وأماكن سكناها وهاجرت إلى أماكن متفرقة من العالم تخلصا من عنف الاضطرابات وظواهر عدم الاستقرار.

4- هذا وعند النظر إلى موضوع الهجرة وإلى مسألة الدوافع الخاصة بهجرة المسلمين إلى الغرب وبعض المجتمعات المتفرقة من العالم وكما أشير آنفا نفهم ما يلي:

آ) إن المسلمين وصلوا دول المهجر وهم في الأساس من أصول وأعراق مختلفة مثل العرب المسلمين، والكرد المسلمين، والأفارقة المسلمين وغيرهم.

ب) إن أولئك المهاجرين دخلوا الغرب وهم من طبقات مختلفة مثل الأغنياء والمترفين الذين يؤسسون مصالح لهم في الغرب، أو يرسلون أبناءهم للدراسة والإقامة فيها ونسبتهم عادة ما تكون أقل من أبناء الطبقة الوسطى التي يقصد المصنفون في مجالها دول المهجر لأغراض تتعلق بالدراسة والتحصيل العلمي، وكذلك لأسباب سياسة ودينية في بعض الأحيان، وهما طبقتان لا ترقى نسب المتواجدين منهما في المهجر إلى أبناء الطبقة الفقيرة التي تفوق تلك الطبقتين كثيرا والتي يقصد أبناؤها الغرب للعمل ولتفادي المضايقات الأمنية والسياسية والدينية.

ج) والمسلمون في المهجر كذلك من تركيبات اجتماعية مختلفة، فهناك مثلا: من جاء من مناشئ ريفية وهم القلة، ومن جاء من أصول مدنية وهم الغالبية.

د) وتعني من زاوية أخرى أن الهجرة - في الغالب - لم تكن بدوافع الدعوة الدينية في تلك المجتمعات غير المسلمة.

هـ) إن المهاجرين وصلوا بلاد الغرب بعادات مختلفة وقيم وتقاليد وأعراف مختلفة إلى حد ما.

و) وهم - أي المسلمون - الذين وصلوا بلاد المهجر كذلك يتسمون باختلاف مستوياتهم الثقافية والتحصيلية رغم أن غالبيتهم من المستويات البسيطة، وقليل منهم يمكن وضعه في خانة العلماء والأدباء والفنانين الذين يستقرون في تلك المجتمعات لعدم قدرة مجتمعاتهم الأصلية على تحقيق ذواتهم .

ز) وهم بالإضافة إلى كل تلك التصنيفات من مذاهب إسلامية مختلفة.

5- إن تلك التعددية ومعالم الاختلاف في التركيبة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية لمهاجرينا العرب والمسلمين، تجعلهم:

آ) يتفاوتون في مستويات إدراكهم لطبيعة الواقع الذي يحيط بهم في المجتمع الجديد.

ب) يختلفون بقدراتهم الخاصة لتصور وفهم ماهية المشاكل الموجودة.

ج) يتباينون في طرق وأساليب التعامل مع المشاكل المختلفة.

6- كما إن تلك التباينات في الجوانب الاجتماعية والنفسية وفي المقاصد والغايات بين هؤلاء المهاجرين تؤدي إلى أن تكون طبيعة مشاكلهم - أسراً وأفراداً - مختلفة أيضا من النواحي الدينية أو الاقتصادية المادية، أو النفسية السلوكية، أو الاجتماعية، تبعا لحجم الاختلاف والتداخل الحاصل فيما بينها، وفي هذا الجانب نرى على سبيل المثال أنه وفي الوقت الذي ترى عائلة هاجرت إلى الغرب لأسباب تتعلق بالاضطهاد الديني، إن عدم وجود قاض مسلم في منطقة سكناها يقوم بعقد قران أحد أبنائها، أو بناتها، يُعدُّ مشكلة من بين مشاكلها الكبيرة والمعقدة، وعلى العكس من هذا لا ترى عائلة أخرى قد هاجرت لأسباب سياسية في مثل هذه الحالة أية مشكلة، بعد أن وجدت في الاتصال الهاتفي بقاض مسلم في مدينة أخرى والقيام بعقد القران هاتفيا حلا ممكنا، أو السفر إلى مكان ذلك القاضي في الدولة الأخرى من قبل العريسين والقيام بعقد قرانهما حلا معقولاً، أو حتى المرونة بإرسال الوثائق المطلوبة إليه في دولة بعيدة جغرافيا لإتمام عقد القران بريديا حلا مقبولا، رغم كونها حلولاً قد تتضمن بعض الإشكالات الشرعية، أو التجاوزات على القيم التي كانت سائدة في بلادهم.

وبنفس هذا القدر من الاختلاف بالتركيبة الاجتماعية يمكن أن تكون مشاكل العائلة المسلمة في المهجر مختلفة أيضا، فالمهاجرون الذين وصلوا المجتمعات الغربية من المدن الشرقية القريبة من أوربا، أو الذين وصلوها بأعمار مبكرة، وأخذوا من حضارتها الجديدة كثيرا من أعرافها وتقاليدها الاجتماعية وتكيفوا سريعا مع قيمها السائدة ينظرون - مثلاً - إلى قضايا الزواج والطلاق والاختلاط بين الجنسين مسائل اعتيادية، أو شبه اعتيادية وهي على ضوء هذه النظرة قد لا تسبب لمعظمهم مشاكل كما هي شدتها عند الشباب الذين ينتمون إلى أصول ريفية قبل الهجرة، وكذلك عند الذين يصلون الغرب بأعمار الوسط والأعمار المتقدمة، وعند الأسر المحافظة بسبب مصاعب التكيف عند غالبيتهم..

7- هذا وإن التباين في جوانب الوعي والتحصيل والثقافة الدينية والعامة بين الأسر والأفراد المسلمين في المهجر ينعكس أيضا على ماهية المشاكل التي يعانون منها وعلى ردود فعلهم للتعامل معها، فالعوائل ذات المستويات الثقافية والتحصيلية البسيطة مثلا تعاني مشاكل الفراغ أكثر من تلك التي تمتلك قدرا معقولا من الثقافة والتحصيل الذي يعينهم على التكيف والحصول على فرصة عمل بنسب تفوق كثيرا المستويات الأولى، وهي فرص لا تدع الفراغ عاملا لتكوين مشكلة في محيطهم الجديد.

كما أن صيغ تكوين العائلة المختلفة تؤدي هي أيضا إلى مشاكل من أنواع مختلفة، فالشباب الذين ينشئون أسراً من زوجات غربيات (غير مسلمات) أو من مسلمات ولِدنَ ودرسن في الغرب لا مشكلة لديهم في مجالات التعليم المختلط للبنات، على العكس من تلك العوائل التي تصل الغرب وقد بنيت أنماط تفكير وخصائص شخصيات أفرادها على المعايير الشرقية، والدينية الإسلامية التي تحول دون السماح بذلك، أو عدّه مشكلة عند حصوله تحت ضغط الظروف المحيطة وهكذا الحال في مجالات الحياة العديدة.

8- مما ورد أعلاه يمكننا استنتاج:

آ) هناك أنواع من المشاكل التي يعاني منها المسلمون في المجتمعات الغربية (المهجر):

أولاً: يكون البعض منها عاما شاملا لعموم المهاجرين، كالتمييز، والتكيف مع المجتمع الجديد، وغيرها.

ثانيا: والبعض الآخر يكون نوعيا، يتعلق بطبقة، أو شريحة، أو فئة من المسلمين الموجودين في تلك المجتمعات، مثل الزواج، والطلاق، وممارسة الشعائر الدينية، وغيرها.

ب) إن المشاكل السائدة في المهجر يعود البعض منها إلى:

أولا: لاعتبارات دينية إسلامية كون المجتمعات التي استقر بها المهاجرون المسلمون محكومة بضوابط وقوانين تنظم الحياة وفقا للرؤى العلمانية أو المعطيات غير الإسلامية.

ثانيا: ويعود البعض الآخر لاعتبارات أخرى شخصية، واجتماعية، ومادية وغيرها.

9- وعموما فإن العديد من الباحثين والمفكرين والمجتهدين قد تناولوا مشاكل العائلة المسلمة في المهجر، وكل واحد منهم نظر إليها (المشاكل) من منظار خاص يتعلق بطبيعة اختصاصه وتكوينه واتجاهاته الفكرية، (4) ونحن في ورقتنا هذه نحاول أن نشير إلى تلك المشاكل من وجهة نظر نفسية، ووفق وجهة النظر هذه يمكن إجمال المشاكل في محاور رئيسة أهمها:

آ) الشعور بالأقلية:

يتوزع المهاجرون المسلمون، أو يوزعون من قبل السلطات المعنية في أحيان ليست قليلة على مناطق سكن متفرقة في البلاد التي قصدوها، وكونهم من أعراق، وديانات، وألوان تختلف عن أبناء المجتمع الجديد في معظم الأحيان فقد أصبحوا وبحكم هذا التواجد والاختلاف أقلية مسلمة بين أغلبية كبيرة غير مسلمة، هذا وكون غالبية المهاجرين المسلمين إلى المجتمعات الغربية يصلونها بإمكانيات أقل كثيرا من أبناء تلك المجتمعات من النواحي العلمية، والفنية والتحصيلية، ولكي يؤمنوا عيشهم بالقدر المعقول اتجهت أعداد ليست قليلة منهم إلى تأمينها عن طريق الرعاية الاجتماعية، أو من خلال القيام بأعمال يدوية (لا يقوم بها السكان الأصليون، أو يتجنبون القيام بها) وهذا الاتجاه بالتواتر وبمرور الوقت أوجد إحساسا بالتعالي والفوقية عند أهل البلد الأصليين في نظرتهم للمهاجرين الشرقيين وبينهم المسلمون، ورسخ في ذات المهاجرين ومنهم المسلمون شعورا بالأقلية.

ب) ضعف الروابط الاجتماعية:

في المجتمعات العربية والإسلامية، وعلى ضوء الأعراف والتقاليد، تعيش العائلة بين الأهل والأقارب، أو في كنف العشيرة والمحلة والمنطقة، وعيشها هذا يلزمها بتكوين علاقات وروابط اجتماعية تبادلية، كونت بمرور الزمن عادات وتقاليد يقف على أساسها الجار مع جاره في المناسبات العامة والخاصة، ويقدم القريب إلى قريبه المساعدة عندما يكون بحاجة إليها، ويدافع ابن المحلة عن أبناء محلته في ظروف معينة، ويقدم البعض من الموسرين إلى المحتاجين مساعدات تعينهم على تجاوز أزماتهم، وتهدي عوائل هدايا مادية وعينية إلى أخرى في مناسباتها الخاصة، وهكذا اتجاهات في التعامل تؤدي إلى قدر من الرضا عن الحياة السائدة والشعور بالألفة وقوة الارتباط بمستويات لا توجد في المجتمعات الغربية التي تأسست على عادات مختلفة قوامها المادية والنظرة الفردية التي كونت ظروف حياة خاصة يعتمد فيها الإنسان الفرد على نفسه في العيش ومواجهة الأزمات، ويبتعد فيها الابن عن والديه عند بلوغه سن محددة (النضج)، ولا يُقدم على أساسها الجار أية مساعدة لجاره في محنته، وهكذا قيم وأساليب عيش وتعامل أضعفت الرابطة الاجتماعية حتى بتنا نسمع:

- إن شيخا وجد ميتا في شقته منذ أسابيع أو شهور حتى فاحت رائحة جثته فعثروا عليه.

- وإن عجوزا تركت في دار للمسنين بعيدا عن أبنائها منذ فترة، ولم يعد أحد من أولئك الأبناء يسأل عنها حتى في المناسبات.

إن هذه المتغيرات ذات الصلة بضعف الروابط الاجتماعية، وأخرى غيرها وإن كانت لا تسبب لسكان البلد الأصليين أي نوع من القلق، فإن تكرارها على مقربة من المهاجرين المسلمين، أو الاحساس باحتمالات التعرض لها في مجتمعهم الجديد أدت إلى إصابة بعضهم بالتوتر والذعر من المستقبل المجهول.

ج) اضطراب الأمن الاجتماعي:

نقلَ الكثير من المهاجرين في هجرتهم إلى المجتمعات الغربية هاجس الاثارة والتوتر والاستهداف، ودخل الكثير من المهاجرين دول المهجر واستقروا فيها دون معرفة مسبقة بقوانينها وضوابطها، وحمل العديد من المهاجرين أفكارا ليست صحيحة، أو مشوهة عن المجتمعات الغربية قبل وصولهم إليها، وحل بعض منهم في مجتمعات المهجر بعادات وتقاليد مختلفة، يصرون على التمسك بها وإن كانت منافية، أو على النقيض من التقاليد في المجتمع الجديد... الخ.

وعلى وفق هذا التصور فإن من كان مضطهدا، أو مطاردا، وغير مستقر في بلده الأصلي قد يحمل معه إلى المجتمع الجديد توجسا من السلطة وعدم ثقة بأجهزتها الرسمية والأمنية، أي يكون في حالة نفسية يمكن أن تبقيه قلقا لفترة ليست قصيرة على الرغم من تغير البيئة، وإلى حين يتمكن بعدها من تجاوزها (الحالة النفسية)، وفترة بقائها تسبب نوعا من الاضطراب الاجتماعي.

والذين يجهلون قوانين البلاد الجديدة يتصرف بعضهم على ضوء قوانين بلدهم، التي لا تنسجم ومعالم الضبط الاجتماعي في المجتمع الجديد، وتصرفهم هذا قد يؤدي إلى توقعات في داخلهم لاحتمالات خرق قوانين الدولة، أو البلد الجديد وما يترتب عليه من تبعات قانونية، وهذه توقعات عند استمرار تكرارها في النفس البشرية لفترات طويلة يمكن أن تثير أو تسبب اضطرابا للأمن الاجتماعي.

ومن وصل الغرب معتقدا أنه، أي المجتمع الغربي، مجتمع فوضوي يستطيع أن يعمل فيه ما يشاء، أو متصورا أن هذا المجتمع الجديد جنة لأحلامه، أو أنه الكنز الموعود، أو بلد الحريات المطلقة.... الخ فإن مثل هؤلاء سيواجهون صدمة عندما يلمسون أن القانون في مجتمع الهجرة يحاسب من يتجاوز على راحة جاره برفع صوت التلفزيون عاليا، وإن الناس في المجتمع الجديد تستهجن من يبصق في الشارع، أو يرمي ورقة فيه، وإن ظروف الحياة وطبيعتها الآلية قد لا تسمح بالتمسك في لبس الجلابية العربية في أوقات العمل على آلة قص الحشائش في حديقة عامة، وإن تقدير أبناء المجتمع الأصلي لقيمة العمل والتزامهم الدقيق بساعاته قد تكّون لديهم نظرة سلبية اتجاه مسلم يُصّر على أن يترك عمله لتأدية صلاة الظهر فريضة في وقتها المحدد، وهذه مفاهيم وتوجهات وآراء تنعكس سلبا على وضع المهاجر وتثير فيه توتر يرقى إلى مستوى الاضطراب في مستويات أمنه الاجتماعي.

د) الإحساس بالفراغ:

الحياة في البلاد الإسلامية منظمة بطريقة مختلفة عن تلك الموجودة في البلاد الغربية، فأوقات العمل والساعات المحددة لأدائه متباينة بينهما، ونوع المقاهي وأوقات الجلوس فيها ليست متجانسة في كليهما، والأدوار التي يقوم بها الرجل وتلك التي تلتزم بها المرأة حسب الأعراف والتقاليد السائدة داخل العائلة في كلا المجتمعين ليست واحدة، ونظرة الناس إلى الحياة وتعاملهم مع مفرداتها وتمتعهم بمزاياها لم تكن متسقة، وهكذا الحال في العديد من المجالات التي كونت اختلالا واضحا في إطار العمل والتعامل معه.

فالجلوس بالمقهى والتسامر مع الأصدقاء مثلا يستنزف وقت من لديه مزيد من الوقت في المجتمع الإسلامي، وهي مقاهٍ لم تكن موجودة، أو أن وجودها نادر في المجتمعات الغربية.

والمرأة التي ماثل دورها دور الرجل في المجتمع الغربي أدت إلى تكوين عائلة ينشغل أفرادها طوال الوقت بهموم الحياة ومستلزماتها، وهي أدوار لم تستطع كثير من العوائل المهاجرة تقبلها والتكيف معها، وعدم تقبلهم هذا أبقى المرأة في دائرة مغلقة وفي متسع من الوقت (فراغ) ليس قليلا.

ويرى الرجل في العائلة الغربية وكذلك المرأة فيها أنهما وبعد بلوغ أبنائهما سن الثامنة عشرة (في الغالب) قد أدوا رسالتهم في التربية، وقد أخْلوا مسؤوليتهم الأخلاقية في ديمومة الرعاية، وهم بالتالي سيتفرغون إلى التمتع بالحياة بمعالمها التي تنسجم وأعمارهم فيتجهون للسفر والترحال والسياحة، وممارسة بعض أنواع الرياضة وغيرها من توجهات لم يستطع أفراد العائلة المسلمة من النساء أولا ومن بعدهن الرجال ثانيا استيعاب هذه المفاهيم والعمل على ضوء اعتباراتها.

وهذه جميعا إذا ما وضعناها بجانب الحدود الدنيا للعيش التي تقبلها العائلة المسلمة بالمقارنة مع العائلة الغربية، وقبولها الاكتفاء بالإعانة الاجتماعية، وعدم وجود النوادي الاجتماعية الإسلامية، وتجنبها وسائل التعامل مع وقت الفراغ السائدة، نصل إلى قناعة مفادها:

إنّ العائلة المسلمة تعاني من وقت فراغ يثير في داخلها بعض الملل وعدم الرضا عن الواقع المعاش كما كانوا يتمنونها قبل الهجرة.

هـ) الشعور بالهزيمة:

لم يصل المهاجرون المسلمون إلى أماكن هجرتهم بطريقة واحدة ولم يكونوا مهيئين أصلا للتكيف السريع مع واقع مناطق هجرتهم، فكثير منهم يعطي كل ما يملك من أموال لمن يوصله إلى المجتمع الجديد فيصل معتقدا أنه قد خسر كل شيء قبل أن يملك أي شيء، واعتقاد من هذا النوع يمهد للشعور بالهزيمة.

ويفشل البعض من المهاجرين في جولاتهم الأولى من أجل الوصول، ويعاودون الكرة ثانية وثالثة حتى يصلوا منهكي القوى، أو أن قواهم قد خارت قبل الوصول إلى المجتمع الجديد، وبالتالي أصبحوا لا يملكون من العزيمة والقوة ما يكفي للثبات ومقاومة الجديد من الأزمات التي تكثر عادة في المجتمع الجديد، مما يضطرهم إلى الابتعاد عنها، أو تجنب الخوض في حلول لها، والابتعاد والتجنب يعزز الشعور بالهزيمة.

ويتعرض البعض من المهاجرين غير الشرعيين على وجه الخصوص في طريق هجرتهم إلى كثير من المصاعب يتمثل بعضها بالاعتقال والتخفي وربما الاعتداء ومشاهدة مناظر الموت لذويهم والقريبين منهم، ومع وصولهم لمجتمعات الهجرة التي يحملون عنها تصورات إيجابية بخصوص التعامل الإنساني يواجهون مواقف فيها نوع من التنكيل والإهانة من بعض السلطات المحلية أحيانا، وهذه المعاناة تؤدي بطبيعتها إلى الشعور بالهزيمة.

يصل المهاجرون إلى أماكن متفرقة معتقدين وعلى ضوء الآمال التي وضعوها في مخيلتهم لخطوات هجرتهم وكأنهم قد تركوا وراءهم كل مشاكلهم، ومع بدء التعامل مع واقع الحياة يواجهون مشاكل من نوع آخر يتعلق بعضها بالتعليم المختلط مثلا، وبعضها بالتحلل الخلقي الفاضح في الأماكن العامة، وبعضها الآخر بمصاعب السيطرة على الأطفال والشباب، وهكذا مشاكل متعددة يجد البعض من المهاجرين أنهم عاجزون تماما عن حلها أو التعامل معها تعاملا صحيحا، وخاصة في المراحل الأولى للهجرة، وتكرار العجز في مواقف الحياة المختلفة يثير الشعور بالهزيمة.

و) فقدان الهوية:

هناك أنواع من الهجرة لو صنفناها على أساس الإرادة كما ورد في أعلاه نجد أنها عبارة عن:

أولا: الهجرة الطوعية، وفيها يتوجه المهاجرون إلى بلاد المهجر برضاهم وبمحض إرادتهم، ووفق تخطيط مسبق لهم، وهم على أساسها سيكونون أكثر ميلا للتطبع مع المجتمع الجديد، وأكثر استعدادا لمقاومة أزماته، وبالتالي أقل عرضة للتأثر بالمشاكل من الناحية النفسية.

ثانيا: الهجرة القسرية، وفيها يكون المهاجرون مرغمين أو مكرهين على الهجرة تحت طائلة الأمن، والعوامل السياسية والطائفية، والاضطرابات، والحروب، ومثل هؤلاء تكون استعداداتهم للتعامل مع الضغوط هشة، ومقاومتهم لتأثيرات البيئة الجديدة قليلة، وردود أفعالهم تجاه المشاكل بأنواعها البسيطة والمركبة على الأغلب سريعة ومنفعلة، وهم عادة ما يكونون أكثر تذمرا وشكوى بالمقارنة مع أقرانهم في الهجرة الطوعية، وهذه مؤثرات تؤدي إلى حالة نفسية عند البعض تعبر عن القلق وعدم الرضا، وهي ناتجة عن أسباب يتعلق قسم منها بفقدان الحضن الكبير لمثل هؤلاء أي الوطن، والقسم الآخر يرتبط بفشل البلاد الجديدة في التعويض عن ذلك الفقدان، أي تعجز عن أن تكون الوطن البديل، وهذا الفقدان وعدم القدرة على التعويض يسبب لهم بالإضافة إلى كل ما ورد شعورا عميقا بفقدان الهوية.

وجهة النظر النفسية في التعامل مع واقع

المشاكل السائدة للعائلة المسلمة

10- إذا كانت مشاكل العائلة المسلمة في المهجر مختلفة تبعا لاختلاف أصول المهاجرين وطبقاتهم ومستوياتهم الثقافية والتحصيلية وتبعا للأهداف القريبة والبعيدة من هجرتهم، فإن أساليب التعامل مع تلك المشاكل ينبغي أن تكون متعددة وشاملة، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن المشكلة بالنسبة للمهاجرين المسلمين ليست في نقص المقترحات أو عدم وجودها، بل بغياب المسؤولية أو الجهة المعنية بأولئك المهاجرين أو بتنفيذ المقترحات الخاصة بتحسين أوضاعهم وحل مشاكلهم، وهو غياب أو تغييب لو تناولنا الأدوار فيه من جوانب مختلفة نرى:

آ. الجانب الرسمي - أي وجهة النظر الرسمية للحكومات العربية والإسلامية - وفي مجاله لم تضع معظمها (إلا بعض الاستثناءات) في حساباتها لهجرة مواطنيها إلى العالم الغربي، ولم تكن راضية عن عموم المهاجرين، وبالتالي لا ترى مبررا لاندفاعها في وضع الحلول ومتابعة المشاكل الخاصة بهم.

ب. الجانب المؤسسي - أي ما يتعلق بالمؤسسات والجمعيات الخيرية والإنسانية الإسلامية في دول المهجر أو في الدول العربية، والإسلامية ذاتها - وفي هذا المجال لم نلمس أنها تنظيمات تمتلك الإمكانيات المادية والإدارية والتقنية اللازمة لتحمل المسؤولية، أو جزء من المسؤولية في عملية دعم وتحسين أوضاع المهاجرين.

11- وعموما فإن تنحي الدور الرسمي الحكومي وإبتعاده عن التعامل مع ما يتعلق بالمهاجرين، وحياد الدور المؤسسي غير الحكومي وعدم قدرته للتعامل مع قضايا ومشاكل المهاجرين، يضعهم أمام المشكلة الأصعب، وهي ان يتحملوا هم المسئولية الأساسية في التعامل مع مشاكلهم وعوائلهم وأبنائهم ومواجهتها بقدراتهم الخاصة وإمكانياتهم المتاحة، وفي هذا المجال (المسئولية الشخصية) يمكن التنويه إلى بعض المقترحات العامة التي يمكن الاستفادة منها للتعامل المعقول مع واقع المشاكل السائدة بين العوائل المهاجرة العربية، والمسلمة، بينها:

آ) أن يضع المهاجر المسلم في اعتباره الجانب السلبي من الهجرة، ويتمثل في مخيلته المصاعب الموجودة في بلاد الهجرة لكي يهيأ نفسه مسبقا للأسوأ ويستعد للتعامل معه (5).

ب) إن ينشئ المسلمون أنفسهم وبمساعدة السلطات المحلية في مكان مهجرهم جمعيات خيرية ومراكز اجتماعية لعموم المسلمين، وتنشيط الموجود منها، على أن تخصص هذه المراكز والجمعيات جزءً من جهودها للعناية بالشيوخ المسلمين، وكذلك بالمرأة المسلمة، وبالأطفال، والشباب، وهكذا.

ج) تهيئة مختصين مسلمين في مجال الإرشاد الديني والنفسي والتربوي يتبعون المراكز والمدارس والجمعيات الإسلامية لتعزيز معالم الالتزام في نفوس المسلمين بغية تقوية مقاومتهم للضغوط والأزمات الاجتماعية والاقتصادية(6).

د) توظيف قدر أكبر من رأس المال لزيادة مستوى الثقافة والتحصيل العلمي لعموم المسلمين في بلدانهم الأصلية وللمسلمين في المهجر، لأن الزيادة في مجالهما تعني اتساعا في مجالات الإدراك والوعي وتهيئة أدق للنفس باتجاه تحمل المشاكل الموجودة، ومرونة أكبر للتعامل معها، أو حلها حلا ذاتيا.

هـ) قيام العوائل المسلمة في المهجر بتشجيع بعضها البعض نحو إقامة علاقات وروابط اجتماعية أوسع وتنفيذ نشاطات أشمل في المناسبات الدينية على وجه الخصوص.

و) أن تتحمل العائلة المسلمة قدرا أكبر من المسئولية في مجال تحركها وتحسين أوضاعها، وذلك بعمل جمعيات وملتقيات تقوم هي بتمويلها وإدارتها بشكل بسيط ينسجم وإمكانياتها المتواضعة.

ز) حث المسلمين المتمكنين ماديا للتبرع إلى الجمعيات والمؤسسات الخيرية الإسلامية في المهجر وإلى تجمعات العوائل المسلمة لدعم جهودها في توجيه ورعاية العائلة المسلمة.

ح) التعاون بين العوائل المسلمة والمؤسسات الإسلامية لفتح مدارس للأطفال والفتية المسلمين قريبة من مراكز تجمعهم جهد الإمكان.

ط) الاتصال بوسائل الإعلام العربية، والإسلامية (خاصة الفضائيات والإذاعات المحلية والصحف) وحثها لتخصيص مجالات أوسع للعائلة المسلمة ومشاكلها في المهجر، وذلك عن طريق النشر والكتابة، والمقابلات، والندوات، وغيرها جهود عديدة يمكن الاستفادة في مجالها من بعض المتخصصين العرب والمسلمين لدعم هذا التوجه وتنشيطه.

الخلاصة

12- عندما نتناول المشكلة، أية مشكلة من وجهة النظر العلمية نأخذ بالاعتبار:

آ) أنها موجودة أو متجذرة في أصل الإنسان منذ الخليقة، وستبقى كذلك مع بقاءه على الكرة الأرضية إلى آخر أيامه.

ب) إن اقتراح حلول لمشاكل موجودة في بداية هذا القرن لا يعني ملاءمتها لظروف إنسان يعيش بعد عقد أو عقدين من الزمن ، أي إن كل فترة زمنية وكل ظرف خاص يفرز نوعا من المشاكل تختلف عن تلك التي سبقتها وستختلف عن التي تليها، الأمر الذي يحتم ديمومة التفتيش عن حلول ومقترحات وسبل تعامل تسد جزءا من حاجة الإنسان للمعرفة وتعينه جهد الإمكان لتجاوز بعض مشاكله.

13- وهذا أمر ينطبق معناه على واقع العوائل المسلمة في المهجر التي تعاني مشاكل يعود البعض من أسبابها إلى:

آ) قصور في تركيبة العائلة ذاتها ومستويات وعيها وثقافتها وتحصيل أبنائها.

ب) ويعود بعضها إلى حكومات الدول الإسلامية التي لم تستطع أن تستوعب تلك العائلة المهاجرة ثقافيا، أو مذهبيا، أو سياسيا حتى أجبرتها وبشكل غير مباشر على ترك أوطانها الأصلية والتوجه إلى أخرى تفتش بين ثناياها عن آمال وأماني قد لا تكون موجودة في البلد المقصود.

ج) ويعود البعض الآخر إلى تركيبة المجتمعات الغربية التي بدأت تتحسس سعة الهجرة الإسلامية وما يمكن أن تؤول إليه في المستقبل من تغيير للخارطة الاجتماعية والدينية وربما السياسية في مديات أبعد.

14- إن النظرة الشاملة لواقع العائلة المسلمة في المهجر وظروف توجهها للعيش في بيئة جديدة بدوافع ذاتية (على الأغلب) تحتم النظر إلى أساليب التعامل مع مشاكلها من الزاوية الذاتية أيضا، أي من دائرة العائلة نفسها، لأننا لو توسعنا في نظرتنا خارج إطار العائلة نرى:

 

آ) إن غالبية الحكومات الإسلامية غير مكترثة لموضوع العائلة ومشاكلها في الغرب لأنها لم تتمكن من حل مشاكل تلك العائلة التي كانت مبتلية بها قبل الهجرة.

ب) وحكومات أخرى ترى في الهجرة تهديدا لأمنها، لأن المهاجرين سيعرفون الكثير من الحقائق التي كانت محجوبة عنهم في بلدهم ومعرفتهم هذه يمكن أن تدفعهم للعمل سياسيا بالضد من وجودها.

ج) وقسم من الحكومات لا تمتلك فائضا من المال والجهد البشري لتخصصه في التعامل مع مشاكل العوائل المسلمة.

عندها لم يتبق أمام العائلة من الناحية العملية سوى الجهد الخاص بها وبهامش حركتها لبقاء قدر معقول من القيم والتقاليد والروابط التي تجنبها ولو قليلا من ضغوط البيئة الجديدة وتأثيراتها السلبية، إذا ما أخذنا بالاعتبار أن الجمعيات والمؤسسات الخيرية قليلة وناشئة لا يمكن أن تفي بحاجة عموم الأسر للدعم والتوجيه.

من هنا يمكن التأكيد على أن المقترح الأكثر واقعية في النظر إلى مشاكل العوائل المسلمة في المهجر وهو الاتكال على النفس بعد الله سبحانه وتعالى. وكذلك التسلح بالإيمان والقيم الإسلامية من قبل العوائل بكافة طبقاتها ومستويات ثقافتها وتحصيل أبنائها. وهواقتراح يمثل الخطوة الأولى في اتجاه التعامل الصحيح مع المشاكل التي تواجهها العائلة المسلمة، وأيا كانت أنواعها وأماكن وأزمنة حدوثها.

المصـــادر :

(1) المنجد في اللغة والإعلام ( ص 398).

(2) الحمداني، موفق ( 1990 ) محاضرات في التعلم، بغداد، طبع على الرونيو.

(3) مخيمر، صلاح ( 1977) تناول جديد للأعصبة والعلاجات النفسية، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.

(4) المؤتمر السنوي الرابع ( 1992 ) حول مشاكل الأسرة المسلمة في الغرب، المجمع الإسلامي الثقافي، بيروت: دار المحجة البيضاء.

(5) الديوة، سعيد ( 1966) دور العلاج والرعاية في الإسلام، الموصل: مطبعة الجمهورية.

(6) محمد عبد الحميد، جلال ( 1972 ) المنهج العلمي عند العرب، بيروت: دار الكتاب اللبناني.