2000  تشرين الثاني

1421  شعبان 

51  العدد

مجلة  

     
 

 

الثورة العراقية

محمد مهدي الجواهري

نظمت عام 1921 في أعقاب الثورة العراقية ،

 يذكر فيها قائد ثورةالشيخ الميرزا محمد تقي  الشيرازي (قدس)

لنا فيك يــا نـــشء العـــراق رغـــائبٌ          أيُسعـــفُ فيهـــا دهرنـــا أم يُمانـــــــع
ستأتيـــك يا طفـــل العـــراقِ قصائـدي          وتعرفُ فحـــواهـــنَّ إذ أنـــت يافــــــع
ستعرف ما معنى الشعورِ وكـم جنَـــتْ          لنا موجعات القلب هـــذي المقاطــــــع
بني الوطن المستلفت العيـــن حسنـــهُ          أبـــاطـــحُـــهُ فينانـــةٌ والمتـــالـــــــــع
يُرَوّي ثــراه (الرافـــدان) وتـــزدهـــي          حقولٌ عـــلى جنبيـــهـــما ومــــــزارع
تغـــذّيـــه أنفـــاسُ النســـيمِ عــــــليلـةً          تُذيـــع شـــذاهـــنّ الجبـــالُ الفـــوارع
أأسلمتـــوهُ وهـــــو عِــقْـــدُ مَضَنّــــــةٍ          يناضـــل عـــن امثالـــه ويـــدافـــــــع؟

وفـــي الكوفة الحمـراء جاشت مراجلٌ          من الموتِ لم تهدأ وهاجـــتْ زعـــازع
أديــرَتْ كئـــوسٌ مـــن دمـــاءٍ بريئـــةٍ          عليها مـــن الدّمـع المُـــذالِ فـــواقـــع
هــم أنكـــأوا قرحـــاً فأعيـــتْ أساتـــه          وهُمْ اوسعـــوا خرْقـــاً فأعـــوَزَ راقـــع
بكـلّ مُشـــبٍ للـــوغـــى يُهتـــدى بـــه          كما لاحَ نجــــمٌ فـــي الدُجُنَّـــةِ ساطـــع
وممـــا دهانـــي والقلـــوب ذواهــــــلٌ          هناك وطيــــرُ المــوتِ جـــاثٍ وواقـــع
وقد سدّتِ الأفق العجـــاجـــة والتقـــتْ          جحافلُ يحـــدوهـــا الرّدى وقطـــائـــع
وقد بُحّ صوت الحقّ فيهـا فلـــم يكـــنْ          ليُسْمَــعَ، إلا مـــا تقـــولُ المـــدافــــــع
كمـيٌّ مشـــى بيـــن الكُمـــاتِ وحولَـــهُ          نجومٌ بليلٍ مـــن عجـــاجٍ طوالـــع1
يُعلّمُهُـــم فـــوزَ الأمـــانـــي ولـــم تكنْ          لِـــتَجْهَـــلـــهُ لكـــنْ ليـــزدادَ طامــــــع
وما كان حبُّ الثــورةِ اقتـــادَ جمعُهـــمْ          إلى المـــوت لـــولا أن تَخيبَ الذرائــع
هم استسلموا للموت، والموتُ جـارفٌ          وهمْ عرضوا للسيفِ، والسيفُ قاطــع

ببـــاخـــرةٍ فيهـــا الحـــديـــدُ معـاقـــلٌ          تقيها وأشبـــاحُ المنــايـــا مـــدارع2
وإنْ أنسَ لا أنْسَ (الفــراتَ) وموقفـــاً          به مثَّلَــــتْ ظُلـــمَ النفـــوس الفَظائـــع
غداة تجلّى المــوتُ فـــي غيـــرِ زيّـــه          وليس كــــراءٍ فـــي التُّهيّـــبِ سامـــع
تسيرُ ولحـــاظُ البـــروقِ شـــواخـــصٌ          إليهـــا وأمـــواجُ البحـــارِ توابـــــــــع
تراها بيومٍ السَلْمِ فــي الحُســـن جنّـــةٍ          بهــا زُخرِفَـــتْ للناظريـــن البـــدائـــع
على أنّهــا والغـــدرُ مـــلءُ ضلوعِـــها          على النارِ منها قد طويـن الأضـــالـــع
مدرّعَةُ الأطراف تحمــي حُصـــونهـــا          كمـــاةٌ بطـــيَّـــاتِ الحــديـــــــــدِ دوارع

ومحيـــي لليـــل التـــمِّ يحمـــي بطرفِهِ          ثغوراً أضاعتْها العيونُ الهواجـــع3
تكادُ، إذا مــا طالـــعَ الشُهْـــبَ هيبـــةً،          تخـــرّ لمـــرآهُ النجــــــومُ الطـــوالـــع
مدبِّـــرُ رأيٍ كـلَّـــفَ الـــدهـــرَ هَــمَّـــهُ          فنــاءً بمـــا أعيـــا بـــه وهـــو ظالـــع
مَـــهيـــبٌ إذا رامَ البـــلادَ بلفـــظـــــــةٍ          تدانـــتْ لـــه أطـــرافهـــنّ الشواســـع
(ينـــامُ باحـــدى مقـــلتيـــهِ ويتّــقـــــي          بأخرى العادي فهـــو يقْظـانُ هاجـــع)
يحفُّ بـــه كـــلُّ ابـــن هـــمٍّ إذا رنــــــا          إلى الحـــيّ ردّتْ مقلتـــيـــهِ المدامـــع
يَرى أينمـا جـــالَ اللِحـــاظَ مهـــاجمـــاً          يصولُ وما في الحـــيّ عنـــه مدافـــع
تثـــورُ بـــهِ للمـــوتِ نفـــسٌ أبـــيـــــةٌ          وتأبــى ســـوى عادتـــهـــنّ الطبائـــع
يطارحُــهُ وقـــعُ السيـــوفِ إذا مشـــى          كما طارح المشتاق في الأيـــك ساجـع

وقـــد راعـــني حــولَ الفراتِ منـــازلٌ          تخلّيْـــن عــــــن أُلاّفِهـــا، ومـرابـــــــع
دواثرُ من بعـــدِ الأنـــيس تـــوحَّشَـــتْ          وكـلُّ مقـــامٍ بعــــــدَ أهليـــهِ ضائــــــع
جرى ثائراً مـاءُ الفـــراتِ فمـــا ونـــى          عن العزم يومـــاً موْجُــــــهُ المتدافـــع
حـرامٌ عليكـــمْ وِرْدُهُ مـــا تـــزاحمـــتْ          على سفحِهِ تلك الوحــــوشُ الكـــوارع
هــم وجـــدوا حـــولَ الفُـــراتِ أمانيـــاً          لطافـــاً أضلّتْهـــا نُفــــــوسٌ نـــــوازع
ولـــو قد أمدَّتْـــهُ السّيـــوفُ بحــدِّهـــا          لغـــصَّ بِمَـــوّارٍ من الــــــدّمِ كـــــــارع
ومهرُ المُنى سوقٌ من المــوتِ حُـــرّةٌ          بها يُرْخِصُ النّفْـسَ العـــزيـــزةَ بائـــع
فـــلا تُـــوحِـــدوهُ إنّـــه يســـتمـــدُّكـــم          بـــأنفـــاسِـــهِ تيّـــارُهُ المُتــــتـــابِــــــع

1- الكمي المفرد هنا يتضمن رمزاً عاماً للكماة الوطنيين من الثوار، ويريد الشاعر كل كمي منهم وكل شجاع وكل قائد منهم ونص في طبعة سابقة على أن الكمي هو عبد الواحد الحاج سكر.

2- هي الباخرة التي رست في الكوفة ابان الثورة مقاومة للثوار هناك وكانت على أعظم أهبة واستعداد وقد أضرت ما شاءت بالأهالي وكان آخر أمرها على يد الثوار المدفعيين الذين نسفوها بالقذائف.

3- هو زعيم الثورة الديني وموري شرارتها الأولى المرحوم العلامة الشيخ محمد تقي الشيرازي.