2000  تشرين الاول

1421  رجب  

  العدد

مجلة  

اقتباسات من فكر الإمام الشيرازي

التوعية الإسلامية شرط لرشد ونماء الأمة

إعداد علي البصري

الحاكم الأعلى بانتخاب المسلمين

الرشد الفكري سلامة للمسلمين

الأمة بين المأساة والعلاج

لماذا تحررت البلاد بالأمس وسقطت اليوم؟

نشر الوعي في البلاد الأجنبية

كيف نصوغ الذهنية الاسلامية؟

الثقافة تصنع المعاجز

تحويل الثقافة الجاهلية إلى ثقافة اسلامية

لنثقف المسلمين قبل أن يثقفهم غيرنا

إقامة الدولة الإسلامية واجبة

إن إقامة حكومة الألف مليون مسلم أو إقامة الحكومة الإسلامية الواحدة هو الحلم الذي كان يرفرف على أذهان جماهير الأمة الإسلامية على مدى التاريخ، وهو الهدف السامي العظيم الذي اريقت على مذبحه دماء ملايين الشهداء في البلاد الإسلامية وغيرها.

والحكم الإسلامي قوامه أمران:

الأمر الأول: أن تكون كل القوانين مستقاة من الكتاب والسنة والاجماع والعقل.

الأمر الثاني: أن يكون الحاكم الأعلى للدولة انساناً مرضياً لله سبحانه وذلك بأن تتوفر فيه شروط القيادة الإسلامية ويكون منتخباً من قبل أكثرية الأمة كما دلت على ذلك الآيات والروايات.

الأمة بين المأساة والعلاج

يبلغ عدد المسلمين، حسب بعض الإحصاءات ألف مليون لكنهم مبعثرون جغرافياً واقليمياً ولغوياً، ويعيشون تحت سيطرة الاستعمار والاستغلال. أما قوانينهم فقد أصبحت وضعية بعد ما كانت الهية، وإنما اصابهم هذا التبعض والتشتت لعدم اتخاذهم الإسلام منهجاً علمياً في الحياة ويجب أن تكون البلاد الإسلامية موحدة، والوحدة الإسلامية لا تتحقق في الواقع الخارجي إلا بعد شعور وحدوي في أعماق نفوس المسلمين، فالأمة واحدة والرب واحد والكتاب واحد والنبي واحد والشريعة الإسلامية قائمة على الكتاب والسنة، وعلينا أن نتبعها حق الاتباع، وليس الإسلام منحصراً في الصلاة والصيام وتعمير المسجد وما أشبه، بل هذه اجزاء من الإسلام، وهناك اجزاء أخرى منها توحيد البلاد الإسلامية تحت لواء واحد.

الرشد الفكري سلامة للمسلمين

إن اقامة حكومة الألف مليون مسلم لا تتحقق إلا بازالة الحدود الجغرافية واللوية والقوية بعد أن تزال الحواجز النفسية، لأن هذه الحدود والفواصل الخارجية منبعثة في الحقيقة عن الحدود والحواجز النفسية.

إن نشر الوعي الإسلامي هو واجب على كل مسلم ويتضمن الوعي الإسلامي العقائدي والاقتصادي والسياسي والشرائعي والاجتماعي والتربوي والفكري والزراعي والصناعي والاستقلالي، في كل البلاد الإسلامية بواسطة الاذاعات والصحف والمجلات والنوادي أو الكتب والمؤتمرات وغيرها.

الحاكم الأعلى بانتخاب المسلمين

يتضمن أسلوب الحكم الإسلامي جنبين:

أولاً: إن من الشروط الأساسية في الحكومة تحقيق الشورى والاستشارة في كافة المجالات حيث قال الله تعالى (وأمرهم شورى بينهم) فرئاسة الحكومة تكون عبر انتخابات حرة ينتخب فيها الحاكم تبعاً لأكثرية الآراء شرط أن تتوفر فيه المواصفات التي اشترطها الله سبحانه كالعدالة والاجتهاد في الأمور والاطلاع على شؤون الدنيا إلى آخر ما هو مذكور في كتب الفقه المفصلة.

ومن الضروري أن نجري انتخابات عامة بين فترة وأخرى، كل أربع أو خمس سنوات مثلاً لانتخاب الحاكم العام والحكام المحليين حسب رأي الأكثرية ايضا، إذن فالحكم في الإسلام ليس وراثياً دكتاتورياً كما أن الحاكم الذي يأتي إلى الحكم عبر انقلاب عسكري مرفوض من قبل الإسلام حتى لو كان الحاكم مسلماً إذ أن الإسلام يشترط آراء الأكثرية وإذا تم إعطاء هذا الوعي للمسلمين فإن الحكومات العسكرية والوراثية وغير الاستشارية ترفض تلقائياً، والموجودة فيها سوف تزول طبيعياً.

ثانياً: من الضروري توحيد البلاد الإسلامية كلها تحت لواء حكومة اسلامية واحدة ذات ألف مليون مسلم أما مسألة الحكام فلو كان فيهم من تجتمع فيه الشروط ورضيت به اغلبية الأمة، يتحتم اقراره في منصبه، وإن لم يكونوا كذلك عادوا أفراداً عاديين ولا يعرض لهم حيث نجد الرسول(ص) عندما فتح مكة عفا عن حكامها ومجرميها ولم يؤاخذهم بما سبق منهم، إذن فعلى أصحاب الأقلام والمفكرين أن يعطوا للناس الوعي بضرورة كون الحكومة استشارية، ووجوب اقامة حكومة عالمية واحدة، ولزوم اتخاذ سياسة اللاعنف في كافة المحالات.

كيف نصوغ الذهنية الاسلامية؟

تمر الشخصية الإسلامية ثقافياً بمرحلتين طبيعيتين وهما: أولاً: الهدم، ثانياً البناء.

مرحلة الهدم: وهي تحطيم الثقافات الاستعمارية الغازية وهدم البنى الفكرية المستوردة ويتطلب هذا معرفة الأمراض الكامنة في جسد الأمة الإسلامية ومعرفة كيفية تحقق الهيمنة الاستعمارية علينا، وما هي خططه ومؤامراته التي يحركها ضد الإسلام من وراء الكواليس لأنه ما لم يعرف الإنسان المرض فانه لا يستطيع معرفة العلاج وكذلك يجب معرفة أسباب التخلف.

نشر الوعي في البلاد الأجنبية

إن الاقتصار على تثقيف المسلمين المتواجدين في بلاد الإسلام فقط بالثقافة الإسلامية يؤدي إلى تحجيم الحركة الإسلامية وعدم توسعها، لذا بات من الضروري نشر الوعي الإسلامي المتكامل في البلاد الأجنبية أيضا. ويعتمد ذلك على دعامتين:

الأولى: تثقيف المسلمين المتواجدين في البلاد الأجنبية بالثقافة الإسلامية وتعليمهم كيفية التبليغ للإسلام، وإعداد المسلمين في البلاد الأجنبية الكبيرة.

الثانية: إيصال صوت الإسلام إلى الكفار والمعادين للإسلام عبر محطات للإذاعة مخصصة لهذا الغرض وبكل اللغات وكذا عبر المجلات والجرائد والصحف وبكثافة كبيرة وكذا نشر الكتب التي تبين لهم ماهية الإسلام وأهدافه الإنسانية وذلك لهدايتهم أو على الأقل للتخفيف من عدائهم للإسلام.

إن من الضروري إعطاء الأجانب نظرة صحيحة عن الإسلام ويتم ذلك عبر:

1ـ تثقيف ملايين المسلمين المقيمين في البلاد الأجنبية.

2ـ تأسيس وتكوين محطات الإذاعة والتلفزة والمجلات والصحف.

3ـ تأسيس مؤسسات التبليغ الإسلامي في كل دولة اجنبية، وتكون مهمة كل مؤسسة تكوين فروع وممثلين عنها في كافة أنحاء الدولة، ليكونوا على اقل تقدير ألف ممثل وفرع ومهمتهم بيع ونشر وتوزيع الكتب والمجلات، والى جانب ذلك يقومون بمهمة الاتصال بشعوب تلك البلدان ومثقفيها وتكوين علاقات معهم لهدايتهم وتوجيههم وتحقيق ذلك ليس بخيال أو حلم بعيد عن الواقع، بل انه أمر واقعي ولكنه يحتاج إلى جهود مضنية تستمر عشرين سنة أو اكثر أو اقل حتى يتحقق الهدف المنشود.

لماذا تحررت البلاد بالأمس وسقطت اليوم؟

الثقافة هي التي ترسم للاجيال مسيرتها، وهي التي تحدد طريقة تعامل الأمة مع الأحداث والوقائع، وهي التي تعين مستقبل الأمة. فالثقافة الإسلامية تجعل الأمة تسير سيراً متميزاً في الحياة فكرياً وعملياً، ونظرياً وسلوكياً، والمسلمون في الصدر الأول تحلوا بهذه الثقافة، فحرروا نصف الكرة الارضية بعد اقل من ثلث قرن من بداية. جهادهم المقدس في السنة الأولى للهجرة.

إذ الثقافة الإسلامية واضحة المعالم، وهي موجودة في الكتاب والسنة والكتب الفقهية والإسلامية بشكل متكامل، فإذا استطعنا اعادة، هذه الثقافة وتعميمها فعندئذ نكون قد تقدمنا خطوة أخرى في طريق تحقيق الحكومة الإسلامية الواحدة.

لنثقف المسلمين قبل أن يثقفهم غيرنا

إن التثقيف ـ كما سبق ـ أمر بالغ الأهمية إذ انه يسبب التغيير إلى الأحسن أو الأسوأ وقد أغفل المسلمون أهمية التثقيف وتناسوه في الوقت الذي أدرك الغربيون والشرقيون أهميته وراحوا يعملون بكل طاقاتهم في هذا السبيل.

وعلينا جميعاً أن نساهم في عملية التثقيف حتى نستطيع تحرير المسلمين من كيد الكفار والمستعمرين، واقامة الله حكم على وجه الارض.

تحويل الثقافة الجاهلية إلى ثقافة اسلامية

إن الثقافة هي التي تعين اتجاه الإنسان، إن خيراً فخير وإن شراً فشر كما أسلفنا ففي الجزئيات: الشخص الذي يذهب إلى المبغى فانما توجهه ثقافته نحو ذلك، والذي يذهب إلى المسجد فانما يسير بدوافع من ثقافته، أما بالنسبة للكليات، فالثقافة إذا تحولت لدى المسلمين من ثقافة استعمارية إلى ثقافة اسلامية تحولوا هم أيضا من الانحطاط والاستغلال.

وعندما نتطلع إلى تاريخ المسلمين قبل ظهور الإسلام وبعد ظهوره، نشاهد ذلك بوضوح فعندما كانت عقليات (الغاب) وثقافة (الأنا) تحكم الناس كانت أعمالهم هي النهب والحرب والسرقة وشرب الخمر وتعاطي البغاء، وكانوا متخلفين فكرياً واقتصادياً وفي سائر المجالات ولكنهم بعد الإسلام ـ على اثر تحول ثقافتهم إلى ثقافة ربانية رحمانية والى ثقافة (أحبب لأخيك المسلم ما تحب لنفسك) نشاهد حدوث انقلاب واسع وعميق في ضمير الشعب وحياته، فلا خمر ولا فجور ولا مشاحنات ولا حروب تطحن الاخوة بعجلاتها، بل حروب لتحرير من بقي تحت الظلم من المستضعفين وبذلك تمكن هؤلاء من تشكيل أعرق حضارة في التاريخ، هؤلاء خرجوا عن طوق الشهوات وسلخوا عن أنفسهم عبودية الأهواء والملذات فصاروا أحراراً يعملون للعقيدة والمبدأ والإنسانية.

إن في المسلمين أفراداً يحملون ثقافة اسلامية راقية دون شك ولكن الكلام حول الأغلبية الساحقة منهم، هؤلاء علينا تغييرهم، واحدى الخطوات في طريق التغيير هي طبع ألف مليون كتاب توعوي وفي مختلف المجالات: سياسياً، اقتصاديا، اجتماعياً زراعياً، معاملياً وتربوياً، وفي مجال الحريات والشورى والى غير ذلك.

وإحدى مجالات التغيير أن يعرف المسلم الغربي انه أخ للمسلم الهندي وللفارسي وللتركي، وبالعكس كما فعل رسول الله(ص) مع بلال الحبشي ومهيب الرومي وسلمان الفارسي وابا ذر العربي اخوة لا يمتاز أحدهم على الآخر إلا بالتقوى، فاللغة واللون والقوميات والجغرافيات ليست هي المقاييس السليمة وليست سبباً لأفضلية هذا على ذاك. إن التجارب وسبيل توحيد الأمم تحت راية واحدة غير نادرة في التاريخ فقد استطاع واوتسي تونغ الملحد أن يوحد الصين تحت راية الكفر ونفوسها مئات الملايين، وكذلك استطاع غاندي توحيد الهنود ونفوسهم في ذلك الوقت مئات الملايين، ونحن نستطيع ذلك شرط العمل المستمر الدائب تحت راية وتعاليم القرآن والسنة المطهرة.

الثقافة تصنع المعاجز

إن إقامة الحكومة الإسلامية العالمية الواحدة واجب شرعي كالصلاة والصوم والخمس والزكاة كما يستفاد ذلك من الأحاديث الكريمة، والتثقيف هو أحد أهم أركان إقامة هذه الحكومة والثقافة هي التي تغيّر مسيرة الإنسان إلى الأحسن أو الأسوأ.

نحن المسلمين كنا سابقاً منبع العلم ومصدر الاشعاع أو التقدم العلمي وكانت عواصمنا الإسلامية كالأندلس، وبغداد ونيشابور وخراسان وقم والحلة واصفهان والنجف وكربلاء مراكز لاستقطاب الطلاب والعلماء حتى من الأجانب إلى جامعاتنا الإسلامية الكبيرة في تلك العواصم.

أما الآن فقد انعكس الأمر إذ أصبحت بلاد الكفر والملحدين قواعد انطلاق يُشَدّ الرحال إليها لطلب التقدم العلمي والتكنولوجي، وأصبح المسلمون هم الذين (غالباً ما) يصحب ذلك تأثرهم باتجاهات الكفار السياسية والفكرية.

إن الثقافة هي ركن هام من أركان إقامة الحكومة الإسلامية العالمية وعلى كل فرد أن يساهم بالقدر الممكن، فهذا يطبع ألوف الكتب والآخر ينظم مئات الشباب والثالث يتكفل باصدار جريدة أو مجلة ذات مستوى جيد، وهكذا.

إقامة الدولة الإسلامية واجبة

لقد أشرنا في مبحث سابق إلى لزوم الاهتمام لأجل إقامة حكومة اسلامية عالمية تضم كل المسلمين في حكومة انتخابية مرضية لله سبحانه، وربما يستشكل على ذلك بأن بعض الروايات تدل على عدم امكان تحقق حكم اسلامي قبل ظهور الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام؟

الجواب: إن الروايات الواردة بهذا الشأن لابد وأن تحمل على أحد محامل اربعة:

1ـ التقية: حيث انهم (عليهم السلام) أرادوا الحفاظ على أنفسهم لتبقى جذور المقاومة حية. قال سبحانه (إلا أن تتقوا منهم تقاة) وقال عليه السلام: (التقية من ديني ودين آبائي).

2ـ أو المراد الحكومة العالمية لكل أهل العالم، فأنها لا تنسب إلا للإمام المهدي(عج).

3ـ أو المراد إجراء العدالة الواقعية حيث أن الإمام يعلم الواقع دون غيره وانما غيره يعمل حسب ظواهر الأدلة.

4ـ أو المراد من يدعو إلى نفسه، لا إلى القيادة الواقعية التي هي قيادة من عينه الله سبحانه للحكم.

هل لديك مناقشة او سؤال او رد حول هذا الموضوع ؟