البينة

ذكر ابن الجوزي في كتابه المسمى بتذكرة الخواص قال: كان ببلخ رجل من العلويين نازلاً بها وكان له زوجة وبنات فتوفّي الرجل. قالت المرأة فخرجت بالبنات إلى سمرقند خوفاً من شماتة الأعداء واتفق وصولى في شدّة البرد فأدخلت البنات مسجداً ومضيت لأحتال لهم في القوت فرأيت الناس مجتمعين على شيخ فسألت عنه فقالوا هذا شيخ البلد فتقدّمت إليه وشرحت حالي له فقال أقيمي عندي البينة أنّك علويّة ولم يلتفت عليّ فيئست منه وعدت إلى المسجد فرأيت في طريقي شيخاً جالساً على دكّة وحوله جماعة فقلت من هذا؟

فقالوا: ضامن البلد وهو مجوسي فقلت عسى أن يكون عنده فرج فتقدّمت إليه وحدّثته وما جرى لي مع شيخ البلد وأنّ بناتي في المسجد مالهم شيء يقوتون به فصاح بخادم له فخرج فقال قل لسيّدتك تلبس ثيابها فدخل وخرجت امرأته معها جواري.

فقال: اذهبي مع هذه المرأة إلى المسجد الفلاني واحملي بناتها إلى الدار فجاءت معي وحملت البنات وقد أفرد لنا داراً في داره وأدخلنا الحمام وكسانا ثياباً فاخرة ومال علينا بألوان الأطعمة وبتنا بأطيب ليلة فلمّا كان نصف الليل رأى شيخ البلد المسلم في منامه كأنّ القيامة قد قامت واللواء على رأسه محمد( وإذا قصر من الزمرد الأخضر فقال لمن هذا القصر؟

فقيل: لرجل مسلم موحّد فتقدّم إلى رسول الله( فسلّم عليه فأعرض عنه.

فقال: يا رسول الله( تعرض عنّي وأنا رجل مسلم؟

فقال له: أقم البيّنة عندي أنّك مسلم فتحيّر الرجل.

فقال له رسول الله(: نسيت ما قلت للعلويّة وهذا القصر للشيخ الذي هي في داره فانتبه الرجل وهو يلطم ويبكي وبثّ غلمانه في البلد وخرج بنفسه يدور على العلويّة فأخبر انّها في دار المجوسي فجاء إليه فقال: أين العلويّة؟

فقال: عندي.

فقال: أريدها، قال ما إلى هذا سبيل.

قال: هذه ألف دينار وسلمهن اليّ.

فقال: لا والله ولا بمائة ألف دينار فلمّا الحّ عليه قال له المنام الذي رايته أنا أيضاً رأيته والقصر الذي رأيته لي خلق وأنت تدل عليّ بإسلامك والله ما نمت ولا أحد في داري إلا وقد أسلمنا كلنا على يد العلويّة وعادت بركاتها علينا ورأيت رسول الله( فقال لي: القصر لك ولأهلك بما فعلت مع العلويّة وأنتم من أهل الجنّة خلقكم الله مؤمنين في القدم.

 

اكتب لنا

اعداد سابقة

العدد 46

الصفحة الرئيسية