مجلة النبأ      العدد 45        صفر  1421       ايار 2000

     

خصوصية التطور الاقتصادي

     

في البلدان النامية

محمد آدم

معايير ذات طابع بنيوي

معايير من خارج الاقتصاد

معايير تقنية اقتصادية

الخاتمة

معايير دولية

موضوع تطور بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكيا اللاتينية مسألة لم يسبق لها مثيل في محتواها الاجتماعي ـ الاقتصادي والسياسي، فلم يسبق للبلدان المتطورة في أوربا الغربية ولا للولايات المتحدة واليابان أن واجهتها في حينها. وكذلك لم تطرح هذه المسألة مطلقاً، بالشكل الذي نجدها عليه في النسق اليومي في الحياة الاجتماعية للدول الفتية، في الدول النامية، فما هي خصوصية هذه المسألة إذا؟ وما الذي يميّزها عن المسائل التي واجهتها الدول المتطورة؟ وما هو العامل الجديد الذي أدخلته إليها الثورة العلمية والتقنية؟

إن مسألة تطور البلدان النامية، في مظهرها العام، يمكن أن تصاغ على الشكل التالي: تجاوز التخلف ونمط التطور التابع. لكن هذه الصيغة العامة، بل وحتى مفهوم التخلف والتأخر، قد أولت تأويلات مختلفة في المنشورات الاجتماعية ـ السياسية والاقتصادية ، الماركسية وغير الماركسية.

أما العلم المعاصر فلم يستطع أن يخلق أية نظرية موحدة عن التخلف ولم يتمكن من إبراز العوامل الرئيسية ذات العلاقة بمصدر هذه الظاهرة ولا البرهان على علاقة سببية فيما يتعلق بظهور التخلف وبالخصائص والقوانين الميلية في التطور الخاصة بالرأسمالية العالمية وفي اعتقادنا أن الإشكال المنهجي الأساسي في المفاهيم الغربية كامن، في أنها تحاول إدخال تطور البلدان النامية في ما يشبه بذلك القاطع للطريق الذي كان يسلب المسافرين كل ما لديهم، ثم يمددهم على سرير حديدي ويقطع أرجلهم إن كانوا أطول من سريره، أو يمطهم إن كانوا اقصر منه ومن المراحل التاريخية التي مرت بها البلدان الرأسمالية الغربية، ويعرضون بالتالي، من اجل حل هذه المسألة، نماذج شتى من التطور الرأسمالي. كما تعطي مؤلفات العديد من الكتاب الغربيين تفسيرا وحيد الجانب لأهمية الثورة العلمية التقنية بالنسبة لبلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وتبدل في الغالب شكل الظروف الدولية التي يتم فيها تطور تلك البلدان.

وهذا التنافر، الذي يبرز في هذه النظريات فيما يتعلق بطريقة تفسيرها لمفهوم التخلف، يبدأ بتعريف آلية التطور. فان بعض العلماء يأخذون معايير ودلائل مختلفة من اجل تمييز التخلف، لكن معاييرهم ودلائلهم بصورة عامة ذات طابع كمي. وعلى هذا الشكل يتحدد أيضاً المحتوى ذاته لمفاهيم التطور، وكذلك تتحدد التوصيات العلمية المقدمة. أما بالنسبة للمقدمة المنهجية الجوهرية فهي المقدمة نفسها دائماً: البلدان النامية تتبع نفس الخط الذي سارت عليه البلدان الرأسمالية ولذلك كانت احتمالات تطور البلدان الأولى تقوم على إمكانيتها في تخطي تلك المسافات حسب هذه الوتيرة أو تلك،ويتم هذا بالطبع، تبعاً للطريق التي عبدتها الدول الغربية.

والطابع المميز لمعظم النظرات الغربية إلى تطور البلدان النامية، هو رفضها تحليل التخلف على أنه ظاهرة من نظام ذي اوجه متعددة يشتمل على كل مظاهر التطور المعاصر من تاريخية ـ اجتماعية ـ اقتصادية ـ سياسية وثقافية، في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وأن نظرية المراحل التي يقدمها و.روستوو والتي تتطابق اطروحاتها الأساسية مع نظريات، أرون، وك، كلارك، أو أنها قريبة منها هي نظرية ذات أهمية فريدة من وجهة النظر التصورية (و. روستوو أستاذ في جامعة كمبردج).

ومن المعلوم أن النمو الاقتصادي في رأي روستوو، يجتازخمس مراحل:

(المجتمع التقليدي)،

(المرحلة الانتقالية) التي تتجمع خلالها الشروط من اجل الوصول إلى

مرحلة (الإقلاع) (take-off) التي تتصف بتحولات عميقة في الاقتصاد وفي البنية الاجتماعية في البلد ويتم على أثرها الوصول إلى

مرحلة (النضج) التي يؤدي تطورها إلى

(المجتمع الاستهلاكي) حسب هذا المخطط، فان البلدان النامية موجودة في مستوى يقابل المرحلتين الأوليتين، وهي تعاني حاليا من الصعوبات المميزة لمرحلة (الإقلاع) وقد بدأ البعض منهما (الإقلاع) بالفعل.

ومن المهم أن نشدد، والحالة هذه، على أن مميزات مراحل النمو الاقتصادي في كل البلدان تبقى ثابتة بغض النظر عن العصر. فان المجتمع التقليدي في إنكلترا ما قبل الرأسمالية، هو على سبيل المثال في رأي روستوو من حيث المبدأ، مماثل للمجتمعات التقليدية في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ولا تعطى أية أهمية هنا، لواقع أن ظروف التطور قد تبدلت بشكل جوهري، بل ينظر إلى كل مرحلة على أنها قالب ثابت لايمكن تبديله، وشيء محدد في كل نقاطه بمؤشرات لا تغير فيها.

وبالتالي فإن نظرية المراحل تحمل طابعاً إلزاميا ومعادياً للتاريخ. وهذا يصح بالدرجة الأولى، فيما يتعلق بطروحاتها التصورية الأساسية. فالمجتمعات في تلك الطروحات محرومة من مميزاتها الحقيقية التي تؤول إلى تمييز بعضها عن بعض وتستبدل تلك المميزات بمزيج انتقائي من المعايير التقنية والاقتصادية. وبالتالي فان البلدان ذات النظم الاجتماعية ـ الاقتصادية المختلفة، رتبت متدرجة في خط من التطور عبر مراحل معرّفة ـ اعتباطياً. وأن نظرية روستوو ليست جديرة بأن تعطي تفسيراً معقولاً للمسألة التي يطرحها تطور البلدان النامية.

وليس من المدهش ، أن يوجه إليها النقد، والنقد القاسي أحيانا، من قبل منظري الرأسمالية المشهورين مثل ب فيلار وف برد، وج.فرسيننة وآخرين.

والواقع انه لا توجد في العلم الغربي نظرية واحدة بشأن تطور البلدان النامية. وتعتبر تلك النظريات بمثابة جزء من الاقتصاد السياسي للرأسمالية، وتقوم على أساس مسلماته النظرية الأولية.

ورغم كل الفروقات الدقيقة والتحفظات الجوهرية أحيانا، فان تلك النظريات تصدر ضمناً عن الفكرة القائلة بأن البلدان النامية ليست محكومة بقوانين موضوعية ملازمة لها، ومتمايزة عن قوانين البلدان الرأسمالية وبعيدة عن خطها العام في التطور، وهذا الذي نراه في تحليل النظريات العامة ذات العلاقة غير المباشرة بالبلدان النامية، بل ونراه أيضا لدى دراسة المفاهيم والنماذج التي أعدت على أساس ملموس مستمد من تلك الفئة من البلدان.

والمعايير الأساسية للتخلف التي يستخدمها العلماء الغربيون يمكن أن تصنف اصطلاحياً بالطريقة التالية:

معايير تقنية اقتصادية

إن عدداً من الباحثين ممن يعكفون على مسائل البلدان النامية يميلون إلى تفسير مظاهر التخلف بأسباب تقنية واقتصادية محضة. فهم يركزون في مفاهيمهم على هذا المعيار أو ذاك ويوجزون كل تعقيدات التخلف في مقولات اقتصادية كميه.

من بين هذه المعايير التعميمية، الأكثر انتشاراً، هو التركيز على معيار الدخل القومي (أو الداخلي) الإجمالي أو (الدخل الفردي) ، وفي هذه الحال، تجري حسابات من اجل استخلاص روابط المؤشر الذي ينظر فيه مع الخصائص الأخرى لمستوى التطور الاقتصادي ومع حالة الموارد البشرية الخ.. ويتعمق التحليل بفضل دراسة ما يطرأ من تطور على التخلف بواسطة حساب وتائر نمو الدخل القومي وتوزعه حسب القطاعات الاقتصادية000 الخ. وهذه الأبحاث مدعوة لأن تثبت بأنه يوجد نوع من الارتباط المتبادل بين مستوى الدخل القومي من جهة والتخلف أو درجة التطور الاجتماعي من جهة أخرى، وهكذا تبعاً لهذه النتيجة، يصبح الدخل الفردي الذي يقل عن 250 إلى 500 دولار مقياسا" للمجتمع الذي يعيش في (المرحلة الانتقالية) أما الدخل الذي يتراوح بين 500 و2000 دولار فهو يختص بالمجتمع الصناعي المتطور.

أن المسائل المتعلقة بالدخل القومي تدرس بصورة جدية من قبل الماركسيين أيضا، مع فارق مبدئي هو انهم يستبعدون بدراية المقاربة الضيقة التي تتخذ فيها المؤشرات الكمية كأساس لدى تعريف طابع المجتمع والتطور الاجتماعي ومفهوم التخلف.

ويمكن القول أن الدخل القومي المنخفض، يقابل إجمالا المستوى المنخفض من التطور الاقتصادي. ويبقى أن بلدا"نجح في تأمين دخل قومي مرتفع، كما نرى مثالاً على ذلك في الدول المنتجة للنفط، بشكل خاص، ليس دائماً ولا بالضرورة بلداً متطوراً اقتصادياً، كما وأن حجم الدخل القومي لا يصلح كثيراً بوصفه معيارا" لتمييز البنى الاجتماعية ـ الاقتصادية. ويجدر أن نشير أيضا، إلى أنه في ظروف الثورة العلمية والتقنية التي رفعت بصورة فجائية دور الموارد البشرية (وخاصة دور الأخصائيين ذوي الإعداد العالي) شوهد انخفاض في أهمية الدخل القومي بوصفه مؤشراً كلياً على الحالة التي يكون عليها الاقتصاد. وهناك معيار آخر يستخدمه الكتاب الغربيون بشكل واسع، هو مستوى تراكم رأس المال (فوير. ب ـ فلر (أستاذ في جامعة اكسفورد)) والأهمية العلمية لهذه المسألة شيء لا يمكن إنكاره. لكن القضية تطرح نفسها بشكل مغاير.

فمن الناحية الأولى،لا يمكن أن يعتبر هذا المعيار مطلقاً. ففي البلدان المنتجة للنفط نلاحظ لدى البعض منها وخاصة في البلدان الأقل تطوراً والتي تعاني من حاجة إلى تحديث اقتصادها ظاهرة معاكسة بالضبط. فلديها فائض من الرساميل تصدّره حتى إلى البلدان الغربية المتطورة.

ومن الناحية الثانية، فانه لا يمكن اعتبار عدم كفاية الرساميل بمثابة مؤشر كاف لتفسير أسباب التخلف ونقص النمو في البلد.

ومن الناحية الثالثة، والأخيرة، فان الانحسار في هذا المؤشر يغدو جلياً اكثر فاكثر بمقدار ما تتنامى الثورة العلمية والتقنية يشهد بهذا، ما يوجه إلى أنصار هذه النظريات من التخلف القائم على هذا المعيار، من نقد من قبل زملائهم الذين يبرزون كل ما في الرأسمال البشري من أهمية.

(ف ـ هاريشون ـ أستاذ اقتصاد في جامعة نيويورك).

معايير من خارج الاقتصاد

وما نزال نجد في الاقتصاد السياسي الغربي محاولات من أجل إنعاش نظريات رجعية عن التخلف مرتكزة على معايير ذات طابع عنصري، وكذلك إعادة تكوين أفكار مهترئة تقول بالحتمية الجغرافية التي بشر بها تلاسيكيو أستاذ الاقتصاد السياسي البورجوازي في عصره أو الآراء الماركسية التي تبشر بالأممية وهذه النظريات والأفكار لا تقدم أية فائدة علمية ولا تستحق أن نوليها كبير اهتمام. وعلينا أن نتوقف عند العامل السكاني الذي يمثل المعيار الأكثر انتشاراً في النظريات المذكورة سابقاً عن التخلف.

وهذه الفكرة كما هو معلوم ليست جديدة، فقد كانت إحدى مسلمات النظرية السكانية المالثوسية، أما الشيء المستحدث فهو تلك المحاولات الجارية من اجل إعادة إحياء هذه النظرية على أرض البلدان النامية ذات الانفجار السكاني الذي لم يسبق له مثيل والتي يبدو أنها تبعث في أنصار تلك النظرية قوة جديدة (أ ـ سيفي ـ أستاذ اقتصاد فرنسي) إن دراسة المسألة السكانية في البلدان النامية والتي نتبينها في المؤلفات الاجتماعية ـ الاقتصادية للغرب، تقدم عدداً كبيراً من النتائج المهمة من حيث التفسير العواملي لمجرى واتجاهات تطور هذه الظاهرة، فقد درست فيها تفصيلياً قضايا مثل قضية النمو السريع في عدد سكان تلك البلدان (ما يدعى بالانفجار السكاني) ونسبة الوفيات والولادات وقصر أمد الحياة، وتركيب السكان تبعاً للسن، وتوزيع السكان على القطاعات الاقتصادية، وخصائص كل من المجتمع المدني والقروي 00الخ. وترتبط هذه القضايا ارتباطاً وثيقاً بمسائل الاستخدام، والأمية، وعدم كفاية رؤوس الأموال وضعف إنتاجية العمل. ولكن إن كان تحليل الاتجاهات الكمية، المدعوم بمعطيات إحصائية منتخبة بدقة يبدو جدياً بما فيه الكفاية، فإنه ليس ممكنا أن يقال الشيء نفسه عن التقديرات النظرية، وخاصة عن المحاولات التي تجري لإعطاء تعريف مباشر للعلاقات القائمة بين عملية النمو الاقتصادي وعملية النمو السكاني. هذا بغض النظر عن النزوع إلى إضفاء أهمية حاسمة على العامل السكاني في التطور الاجتماعي ـ الاقتصادي لبلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. ومن هذا الجانب، فإن النظريات التي نحن بصددها، بما فيها من طابع تحديد صارم، تبدو تافهة ولا تتمكن من إعطاء تفسير كامل لظاهرة التخلف، ومن باب أولى فهي أعجز من أن تعين الطريق المطلوب اتباعها لحل المسألة التي تقتضيها تطور البلدان النامية...

فلنظريات الحتمية السكانية هذا العيب الجوهري وعلى الأقل، وهو عجزها عن تفسير السبب الذي جعل بعض البلدان النامية بلداناً متخلفة، في حين أنها بعيدة من أن تكون مكتظة سكانياً بل ينقصها السكان. وإذا كان ما يزال بإمكان عامل الاكتظاظ السكاني أن يفسر بعض المشكلات العويصة في بلدان مثل مصر.. والهند الخ..، فإنه غير موجود إطلاقا في كثير من بلدان القارة الأفريقية مثلاً. وهذا هو أحد الأسباب التي لا يمكن لأجلها اعتباره (أي عامل الاكتظاظ السكاني) معياراً شاملاً لتخلف البلدان النامية.

ولم تكن صدفة مطلقاً أن نرى بعض الباحثين (غ. ماير، هـ.مينت وآخرين) بعد أن حصروا الأخطاء الجوهرية في النظريات القائلة بالحتمية السكانية يعكفون بجد على انتقادها أما المفهوم الأكثر تكاملاً من كل ما عداه، مفهوم ج شومينز، فهو تعليل تخلف البلدان النامية بفقدان طبقة أصحاب المشاريع، الطبقة التي يعتبرها بمثابة العامل الأساسي في التطور الاقتصادي، وهذه النظرية تعزو المسألة إلى إيجاد طبقة كهذه فتخطئ بسبب ضيق أفقها الاجتماعي. أما ب. يايروك فهو يشدد بعد أن يتخذ رأيا مخالفاً لهذه النظرية على أن (من الوهم... توقع أن تبنى في البلدان السائرة في طريق التطور طبقة من أصحاب المشاريع الرأسماليين كما كانت الحال في الغرب خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. فإن هذه الطبقة استطاعت أن تنشأ وأن تلعب دورها خصوصاً، لأن مجموعة من الشروط كانت متوفرة في ذلك الحين، وهي شروط اختفت حالياً تقريباً).

وهناك اقتصاديون غربيون يبدو أنهم يشكون أيضاً فيما يخص إمكانية تجمع شروط مماثلة ويشهد الوضع الذي عليه بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية واقعاً بأن للتطور الرأسمالي فيها حدود ضيقة جداً، فضلاً عن ذلك فإن تجربة البلدان الاشتراكية ـ والتجربة الحالية لبعض البلدان النامية ذات التوجه الاشتراكي قد أظهرت بجلاء بأنه لا يوجد أي سبب يجعل عملية التطور الاقتصادي رهناً بوجود طبقة من أصحاب المشاريع الرأسماليين، وغالباً ما تجري هذه العملية فيها، ليس في غياب هذه الطبقة فحسب وإنما رغما عنها أيضاً:

فإن دور أصحاب المشاريع البورجوازيين يتضائل اكثر فأكثر في التطور الاقتصادي.

واخيراً علينا أن نتوقف قليلاً عند معيار آخر من خارج الاقتصاد، هو (العامل الإنساني) النظرات المرتبطة بهذا المعيار ظهرت تحت تأثير الثورة العلمية والتقنية التي أخذت تبرز التعليم على أنه من عوامل التطور في الحقبة المعاصرة. صحيح أن البلدان النامية تتصف بضعف مستوى التعلم فيها، وبانتشار الأمية، والافتقار إلى الأيدي العاملة الماهرة وخاصة إلى الأخصائيين الحاصلين على تعلم ثانوي وعال.

وان في هذا الأمر عائقاً من عوائق تقدمها الاقتصادي. لكن هذا العامل ـ الأيدي العاملة الماهرة الفنية ـ لا يمكن اعتباره هو أيضا، معياراِ شاملاً لدى تفسير التخلف وتحديد أسبابه وآفاقه.

معايير ذات طابع بنيوي

يتعلق الأمر هنا وبالدرجة الأولى بالنظريات التي تفسر التخلف بوجود قطاعين مختلفين في اقتصاد البلدان النامية ويجري التشديد في هذه النظريات على أن الطريق المؤدية إلى القضاء على التخلف تمر عبر احتواء أحد القطاعين (التقليدي) من قبل القطاع الآخر (الحديث). وبما أن العلاقات (الرأسمالية) أو (رأسمالية الدولة) تسيطر على الأغلبية الساحقة من البلدان النامية على القطاع الحديث من الاقتصاد، فأننا ندرك بوضوح تام المحتوي الطبقي والأيديولوجي للنظريات الثنائية التي تناضل في سبيل تصنيع على أساس رأسمالي. أما العالم الجزائري أ.كورنا نل فهو بانتقاده لهذه النظرات يلاحظ بحصافة، أن تصفية التخلف لا تتطلب تعديل البنية الاقتصادية عن طريق امتصاص القطاع التقليدي من قبل القطاع الرأسمالي، وإنما تتطلب تفكيك البنى) واقامة نظام جديد يسيطر فيه القطاع الاشتراكي.

أما الباحثون الماركسيون فإن نظرتهم تصدر عن الفكرة القائلة بأن دراسة المسألة المتعلقة بالثنائية، هي دراسة في غاية الأهمية من اجل فهم التخلف، لكنهم لا يطابقون مع ذلك في دراستهم بين هذا الفهم والثنائية.

ولقد شارك عدد كبير من العلماء الغربيين (أ.غنّاجي، وأ. لويس، ور.نوركس، وب. زوزنشتاين ـ رودان، وس. شاتز وآخرين) في إعداد مفاهيم التفتت القطاعي في اقتصاد البلدان النامية.

فنحن نجد في مؤلفاتهم مواصفات لكل قطاع من الاقتصاد الثنائي، وهم يتحدثون فيها عن خصوصية الروابط المتبادلة بين القطاعات وعن خصوصية الروابط المتبادلة بين القطاعات ومسألة الاستخدام في كل قطاع، الخ.

وعند البعض منهم (غنّجي على سبيل المثال) يتخذ التطور الاقتصادي في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية طابعاً اكثر من ثنائي، بل طابعاً تعددياً.

ورغم أن الباحثين الغربيين المذكورين وآخرين غيرهم كثير، يولون الثنائية أهمية هائلة لدى بحثهم في مسألة التخلف، فانه توجد بينهم فروقات جدية وعلى الأخص فيما يتعلق بقضية آفاق هذه الثنائية. ويعتبر بعضهم أن إلغاء هذه الثنائية ـ وهو الشرط اللازم لحل مسألة التخلف ـ أمر غير ممكن عن طريق احتواء القطاع التقليدي بواسطة القطاع الحديث، ولا يعتبره آخرون (جي.فريسننة على سبيل المثال) أمراً لازما. وهناك علماء يطابقون بين القطاع الحديث والاقتصاد الرأسمالي.

ووجهة النظر المحدودة هذه توجه إليها الانتقادات من قبل أنصار آخرين للنظرة القائلة بالاقتصاد الثنائي.

معايير دولية

النظريات التي تقوم على هذا النوع من المعايير، والنظرية الكلاسيكية المتعلقة بالتبادل الدولي. ترتكز بصورة أساسية على الفكرة القائلة بأن التخلف نتيجة لازمة للظواهر السلبية التي تترتب على التقسيم العالمي للعمل. ويجدر بنا أن نوضح هنا بأن القضية ليست والحالة هذه إلاّ قضية نظام التقسيم العالمي الرأسمالي للعمل، وليست قضية ظواهر سلبية معزولة فحسب، وإنما هي قضية سمة ملازمة لهذا النظام، ألا وهي طابعه المستغل وغير المنصف. لكن النواة المنطقية المعقولة لهذه النظريات القول بوجود صلة بين التخلف وبين عمليات تطور الاقتصاد الرأسمالي ـ تضيع في الواقع، في تحليل معطيات تقنية، اقتصادية، اتجاهات التجارة العالمية، العلاقة بين أسعار المواد الأولية واسعار السلع الصناعية، وحركة الرساميل بين البلدان المتطورة والبلدان النامية الخ. ويسمح هذا النوع من الدراسات الملموسة بتفسير عدد كبير من القضايا، وخاصة القضايا ذات القيمة المبدئية، لكنه لا يقدم تحليلا لظاهرة التخلف بحد ذاتها، ولا يعري جذورها ويفكك آليتها التي تبقي عليها فحسب وإنما تزيد حالة التخلف تفاقما في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

بعد هذا التعداد الموجز للأنواع الرئيسية من المعايير الواسعة الاستعمال في نظرات الكتاب الغربيين التي تبتغي تفسير مظاهر التخلف، يجدر بنا أن نضيف أنه تعد على أساسها، ومع نفس العيوب المنهجية بالطبع نماذج متعددة لتنمية اقتصاد بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

ورغم تطبيق تقنية اكثر كمالاً في التحليل الاقتصادي ورغم استخدام جهاز رياضي ضخم، فإن هذه النماذج الصحيحة تماما، من حيث منطقها التقني ـ الاقتصاد الداخلي ، تكشف عن كونها غير قابلة للاستعمال في الميدان العملي. ذلك أنها تعكس في الأساس الاقتصاد السوقي للبلدان الرأسمالية العالية التطور.

وتدخل مقاربة كهذه في تناقض مع العمليات الجارية في البلدان النامية، وهي عمليات تتصف بتداخل غريب في البنى الاقتصادية والاجتماعية، وبمظاهر وأشكال جديدة غالباً لم يسبق لها مثيل في البلدان المتطورة. وتضفي الثورة العلمية والتقنية المعاصرة على هذه العمليات طابعاً اكثر تعقيداً وتناقضاً. والحال فإن النماذج المقترحة من قبل الكتاب الغربيين والماركسيين، لم تُدخل في اعتبارها بشكل كاف أو لم تُدخل في اعتبارها مطلقاً العامل العلمي والتقني وتأثيره على خصوصيات التطور في البلدان النامية، واخير ـ وهذا الأمر الجوهري ـ فإن تعارض هذه النماذج يقوم على المقارنة والمطابقة بين فترات من التطور التاريخي مختلفة الطابع، وهي عصر ما قبل الصناعة في أوربا والولايات المتحدة، والمرحلة المعاصرة التي تعيشها البلدان النامية. ويمكن أن يكون لهذه المقارنات ما يبررها ولكن يشترط فيها أن تسلط الضوء على الفروقات الكيفية العميقة القائمة بين هاتين المرحلتين اللتين تبدوان متشابهتين للوهلة الأولى، واللتان تقود عملية المطابقة، بينهما، من حيث محتواها الاجتماعي ـ الاقتصادي، إلى تشويه طبيعة العمليات الموضوعية الجارية في البلدان النامية يسمح كل ما قلناه حتى الآن، بالانتقال إلى طابع ظاهرة التخلف في الظروف المعاصرة.

ـ فمن الناحية الأولى، ليس التخلف سمة مميزة لكل البلدان النامية وإنما هو من خصائص فئة محددة منها، وقد ظهر في فترة محددة من التطور التاريخي للبشرية، وهو المحصلة المنطقية والمباشرة لتكون الرأسمالية العالمية التي لا يمكنها أن تتطور إلا بأن تقسم العالم إلى فئتين من البلدان، المتطورة والمتخلفة، البلدان المسيطرة والبلدان الواقعة تحت السيطرة. وأن النموذج الرأسمالي والماركسي لتجاوز مستوى التخلف ما زال بامكانهما، بمقتضى تأثير قانون عدم الانتظام في تطور الرأسمالية والماركسية أن يلعبا دورهما في بعض البلدان النامية، لكن تخطي ظاهرة التخلف، والقضاء عليها بحد ذاتها، يستوجب الخروج من نطاق تحكم القوانين الموضوعية الرأسمالية والماركسية.

ـ ومن الناحية الثانية، فإن التخلف، وإن اصبح طابعاً مميزاً لمجموعة من دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ليس سببه مطلقاً ان تلك البلدان لم تستطع أن تحرك الدوافع الداخلية للتطور، وفقدت الشروط والمقدمات الضرورية لحركة تاريخية (سوية) وطبيعية، وهي الحركة التي عرفتها الدول الرأسمالية المتطورة. ولم يكن سببه أن تلك البلدان ألفت نفسها بمنأى عن الطريق الكبرى التي سلكها التطور العالمي.

وفوق هذا فإن هذه البلدان لم تكن (معدة سلفا) للتخلف إن التخلف في البلدان النامية بوصفه النتيجة والمظهر المنطقيين لتطور الرأسمالية العالمية، لا يمكن اعتباره ظاهرة نجمت عن قوانين التطور الداخلي لتلك البلدان. كلا، فإن هذه الظاهرة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعمليات التي فرضت على تلك البلدان من الخارج ـ بالاستغلال والاستعباد الاستعماري وبالطبع، فإن تخلف تلك البلدان قد سهل الغزو الاستعماري في حينه، لكن التخلف يمثل على الصعيد التاريخي العام، سمة من سمات التطور التابع قد برز وتشكل اجمالاً، كظاهرة دولية، خلال عملية إنشاء الإمبراطوريات الاستعمارية للقوى الرأسمالية، وإكراه الناس على العمل ومصادرة آرائهم وحرياتهم ووجودهم، وبالتالي ليس التخلف هو الذي قاد إلى التبعية، بل على العكس أن التطور التابع هو الذي حدد هذا التخلف. إن هذه الظاهرة التي انبثقت بوصفها نتيجة للتبعية أصبحت وعائقاً يمنع البلدان النامية من تخطي نموذج التطور الذي فرض عليها.

ـ ومن الناحية الثالثة، فإن التخلف قد غدا مفهوماً كيفياً وليس كمياً بصورة أساسية. وهكذا فإن البون بين مستوى التطور في المكسيك ومستوى التطور في موريتانيا هو اكبر، من الناحية الكمية، من البون الفاصل بين الولايات المتحدّة والمكسيك، والأمر نفسه، إن قارنا على سبيل المثال، بين فرنسا واليونان وبين اليونان والأرجنتين، لكننا إن صنفنا هذه البلدان فئويا، فسيكون لدينا الولايات المتحدة وفرنسا واليونان من جهة والأرجنتين والمكسيك وموريتانيا من جهة أخرى، ونحن إن شئنا توسيع هذه الفكرة فإنه يتوجب علينا كما هو ظاهر، أن نميز بين (التأخر) و(التخلف) و(النمو المتدني) فاليونان متأخرة عن الولايات المتحدة من حيث مستوى تطورها الاقتصادي، لكنه ليس لدينا على ما يبدو، أي سبب لتصنيفها بين البلدان المتخلفة، واليونان ليست متقدمة كثيراً على الأرجنتين بناء على المعيار الكمي نفسه. لكننا عندما نأخذ في اعتبارنا مفهومي التخلف والتطور على أنمها مقولتان كيفيتان، فإننا نميل لتصنيف الأرجنتين بين فئة البلدان المتخلفة.

ـ ومن الناحية الرابعة، فان تجاوز مستوى التخلف له معنى مختلف كيفيا عن مجرد الانتقال من اقتصاد تقليدي إلى اقتصاد صناعي عن طريق ثورة صناعية، كما كانت عليه الحال في القرن الماضي في بلدان أوربا والولايات المتحدة.

ففي العهد الذي سبق الثورة الصناعية لم يكن الاقتصاد التقليدي يعتبر تأخراً، ولم يكن يدخل في التقدير أنه يكفي الخروج من إطاره لتخطي التخلف. فالأمر كان يتعلق في ذلك الحين بعملية انتقال من درجة من التطور الاقتصادي إلى درجة أخرى تتبعها مباشرة، من الطرق التقليدية في الإدارة إلى الطرق الصناعية، وما نلاحظه اليوم في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ليس تأخراً (كميا) وأنما هو تخلف ـ نمو متدني. وبوجود هذا فإن هذه البلدان تلقى نفسها في مرحلة من التطور الاجتماعي مختلفة كيفيا عن تلك التي وصلت إليها البلدان المتطورة اقتصادياً، والأمر الجوهري هو أن التخلف ـ النمو المتدني ـ يتكرر باستمرار بواسطة عملية التطور الرأسمالي الشامل ذاتها. وفي هذه الظروف لا يعود الاقتصاد التقليدي متخلفاً فحسب، وإنما هو راكد إلى حد بعيد، ولا يعطي النمو الكمي لمؤشرات الإنتاج، لوحده ـ مع مالهُ من أهمية كبرى ـ حلا لمسألة التخلف.

ـ ومن الناحية الخامسة فإنه وفي ظروف الثورة العلمية والتقنية، فإن التخلف لا ينطبق فقط على نموذج الاقتصاد التقليدي بل ينطبق أيضاً على النمط الزراعي الصناعي، وضمن هذا الحد أو ذاك فإن النمط الصناعي ـ الزراعي ليس اقل تخلفاً بالنسبة للنماذج الأكثر تطوراً في الاقتصاد التي تتشكل في الدول الصناعية والمعتمدة على فروع طليعية تتطلب احدث منجزات العلم. ذلك أن أنماطا كهذه التي كانت تدل في فترة الثورة الصناعية على مستوى عال من التطور الصناعي، لكن تكوينها لم يتطلب إقامة قطاع، للأبحاث العلمية والتقنية، لا يمكن أن تظل تعتبر بمثابة أنماط متطورة بشكل عال، حتى ولو امتلكت قطاعاً كهذا أو كان عندها اتجاه لإنشائه.

كل ذلك يشهد بأن ظاهرة التخلف تتعقد وتزداد مع الوقت تناقضاً، وذلك تحت تأثير الثورة العلمية والتقنية، وعملية التطور في البلدان النامية تتغير أيضاً وفي نفس الوقت، على الصعيد الاقتصادي وعلى الصعيد الاجتماعي ـ السياسي...

وإذا نحن نظرنا، بادئ ذي بدء، إلى التغيرات البنيوية التي حصلت في اقتصاد البلدان النامية، فانه يكفي القول بأن بنية تلك البلدان النامية، تتأخر على الصعيد الاقتصادي بدرجات تاريخية كبيرة عن الدول المتطورة من الناحية الصناعية، والعملية التقنية، والذي يساوي هذا في الأهمية، هو أن اقتصاد البلدان النامية، يتصف أيضاً بوجود عناصر علمية ـ تقنية ـ أي بوجود سمات ملازمة لكل اقتصاد عالي التطور. وأن بنية توظيف هذه السمات في الاقتصاد الوطني، وكذلك واقع كون هذه البنية محددة في قسم واسع منها بفوائد التقدم العلمي والتقني وبتطور الثقافة بنطاقها الخاص بها في البحث العلمي، يشهدان إضافة إلى ما تقدم، بهذا التناقض.

وهكذا فان الثورة العلمية والتقنية، التي هي ثمرة للبنى المتطورة والتي تعبر عن حاجات الاقتصاد (المرتكز على العلم) تسهم في إبراز وفي نشر عناصر من هذه البنى ومن حاجتها في البلدان المتخلفة اقتصادياً في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهي بلدان ليست مهيأة لذلك من الناحية المادية والاجتماعية، ولم تتوصل عملية التصنيع فيها إلى الوفاء بمهمتها الطبيعية المتمثلة في تعجيل عملية تطور القوة المنتجة المادية، أما عامل الزمن أو بتعبير أدق، واقع كون عملية التصنيع تبدو كعملية مكتملة تاريخياً، أو أنها اكتملت على قدر الحاجة، هذا على الأقل في البلدان المتطورة، بصورة عالمية، فهو عامل يعلن عن نفسه بوضوح.

فالتاريخ لم يمنح البلدان النامية ما يلزم لها من الوقت، لتسير فيها تلك العمليات من التطور على المراحل، فقد أدى إلى ضرب استمراريتها. وإلى تعقيد في مسألة التطور لم يسبق له مثيل.

وإن تغيرات مماثلة تحصل أيضاً على الصعيد الاجتماعي في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ومن هذه الناحية، فإن تغيير مسالة التطور يتعلق قبل كل شيء، بعملية إعداد بنية اجتماعية جديدة، وبدور المثقفين، وعلى الأخص الكوادر العلمية والتقنية. بخلاف ما حدث في الدول الرأسمالية المتطورة والماركسية حيث تكونت فئة المثقفين في ظروف تمايز طبقي حاد في المجتمع، فإن هذه الفئة قد نمت في البلدان النامية بوصفها قوة اكثر انعزالاً تقوم بدور مستقل نسبياً. ورغم أن تلك البلدان تجتاز مرحلة أولية من التطور الصناعي، أو أنها ما زالت في مرحلة انتقال إلى التصنيع، فإن حاجتها إلى الكوادر العلمية والتقنية اكبر بما لا يقاس من حاجة بلدان أوربا والولايات المتحدة إلى تلك الكوادر في مرحلة الثورة الصناعية، وهذا الأمر ناتج أيضاً عن الأشكال النوعية التي تتجلى بها الثورة العلمية والتقنية على أرضية اقتصاد مختلف.

الخاتمة

عند الكتاب الغربيين الرأسماليين وكذلك الكتاب الماركسيين، نظرات وحيدة الجانب في تفسيرهم للتخلف الذي تعاني منه الدول النامية.

فانهم يأخذون لذلك معايير، مهما اختلفت فهي تظل ذات طابع كمي في معظم الأحيان وينطلقون من مقدمة تكاد تكون هي نفسها، أن البلدان السائرة في طريق النمو تتبع نفس الخط الذي سارت عليه البلدان الرأسمالية والماركسية، وهي لا تفترق عنها إلا بهذه المسافة أو تلك.

ومن الأمثلة على قصور معاييرهم عن ظاهرة التخلف، تغليبهم لمعيار الدخل القومي ومستوى دخل الفرد من السكان، والصراع الطبقي، وفائض القيمة، فان ارتفاع الرقم لا يميز التمييز الكافي بلدا متطوراً عن بلد نام، إذن ما عسانا أن نقول عن الأرقام التي تعطى في هذا المجال عن بعض دول النفط، وإذا كان الاكتظاظ السكاني واحداً من العوامل المعرقلة للتطور، فإن الكثير من الدول النامية لم تصل إلى حد الانفجار السكاني وليس لديها الصراع الطبقي وتلك هي بعض الأمثلة عن النظريات التي تبين هذه الدراسة قصورها، لذلك هي تخلص إلى أن ظاهرة التخلف مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالصيرورة التي فرضت على تلك البلدان من الخارج ـ بالاستغلال والاستعباد الاستعماري أو التبعية، لتخطى هذه الظاهرة والقضاء عليها بحد ذاتها، يجب الخروج من نطاق تحكم القوانين الموضوعية للرأسمالية والماركسية.

وعلى الدول النامية وخصوصاً الإسلامية تطبيق نهج الاقتصاد الإسلامي وهو الكفيل بالقضاء على التخلف والفقر وتحقيق مجتمع يرفل بالاستقرار ويكون فيه الإنسان معززاً كما كرمه الله سبحانه وتعالى كأثمن شيء في الوجود بما يرضيه عز وجل.


 

اكتب لنا

اعداد سابقة

العدد 45

الصفحة الرئيسية