اكتب لنا

اعداد سابقة

العدد 43

الصفحة الرئيسية


من هدي المرجعية


ليحج خمسون مليوناً كل عام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

ورد في الأدعية: (اللهم ارزقني حج بيتك الحرام في عامي هذا وفي كل عام).

وجاء في بعض الإحصاءات الأخيرة: أن عدد المسلمين ناهز 2.000.000.000 نفر.

إضافة إلى أن التطور الصناعي وما أشبه سهل الكثير من الأمور، في سرعة نقل الحجاج وإعادتهم وترتيب شؤونهم وتلبية متطلباتهم.

خاصة وأن بعض الدول الإسلامية تعيش حالياً فترة من الوفرة في الميزانية، بحيث يمكنها إجراء العديد من المشاريع الإنمائية والتطويرية.

هذا بالإضافة إلى أن تبرعات المحسنين لتوسعة وعمارة الأماكن المقدسة لا زالت تغطي العديد من المشاريع.

فلكل ذلك.. دعونا إلى إمكانية حج عشرة ملايين سابقاً عندما كانت الظروف غير اليوم في كتابنا (لكي يستوعب الحج عشرة ملايين).

واليوم ندعو (ليحج خمسون مليوناً كل عالم) نظراً للتطورات العظيمة التي حصلت في مختلف الوسائل، والتزايد المطرد في نفوس العالم الإسلامي، والطلبات الملحة من جموع الأمة الإسلامية لأداء مناسك الحج.

ويمكن تحقق ذلك إذا اخذ العالم الإسلامي بالسير نحو مبادئ الإسلام، وتجاوز الفواصل المادية والمعنوية التي تحول دون ذلك، حيث يحثنا القرآن الحكيم إلى:

(وحدة الأمة) والتلاحم بين المسلمين، قال تعالى: ( أن هذه أمتكم أمة واحدة) (1) فلا حدود جغرافية تفصل بين المسلمين.

والى (الحرية)، قال سبحانه: ( ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم)(2) فلا ضغط ولا قيود تمنع من عمل المسلمين وتقدمهم، ولا كبت في شيء من المباحات.

والى (الاخوة)، قال تعالى: ( إنما المؤمنون اخوة) (3) فلا فرق بين مسلم ومسلم الا بالتقوى، قال سبحانه: ( إن أكرمكم عند الله اتقاكم) (4) ولا تمايز بين العربي والعجمي والهندي والتركي و... في أي بلد من بلاد الإسلام، وفي جميع المجالات: من البيع والشراء والتزويج والتزوج والإقامة والسفر وكل شيء. كما قال(ص) : (أيها الناس أن ربكم واحد وأن أباكم واحد، لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على احمر إلا بالتقوى).

ومن الواضح إننا إن تمسكنا بقوانين الإسلام وأخذنا بأساليبه، وألغينا القوانين والأساليب الأخرى.. يهدنا الأسباب لكي ينهمر الناس إلى الحج فيما لا يقل من خمسين مليوناً كل عام.

ولعل سؤالاً يطرح هنا ليقول: كيف تستوعب تلك المشاهد المشرفة المحدودة هذا السيل من البشر؟

والجواب: إن الأمر غير محال بل ممكن بعد الالتفات إلى النقاط التالية:

1: فالمواقيت يمكن المرور منها فقط.

2: وإذا وسعنا المطارات ونقاط الدخول البرية والبحرية ويسرنا من الإجراءات...

3: وإذا جعلنا المطاف طوابق متعددة، بحيث تستوعب العدد المذكور، وكذلك مقام إبراهيم … ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) (5) حيث تجوز الصلاة خلف الكعبة عند المقام أو خلفه في مختلف الطوابق.

4: وأيضا إذا جعلنا كلا من المسعى وعرفات والمشعر ومنى طبقات، ولعل مما يسهل الأمر جواز الوقوف خارجها عند الإضرار كما في النص.

5: وكذلك إذا جعلنا الجمرات طبقات، وتوفر الجمار في جميعها.

6: وإذا أوفرنا الشياه من مختلف البلاد، إضافة إلى إمكان توسعة تربية المواشي في البلد، ولو فرض عدم هذه الكثرة من الشياه ( فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم) (6).

7: وخاصة مع الروح الإسلامية التي يتمتع بها الحجاج حيث يختلط بعضهم ببعض كما شاهدته قبل نيف وأربعين سنة، ويكون هناك وحدة عالمية، قال تعالى: ( سواء العاكف فيه والباد) (7).

8: والخيام ـ أن لم تبن مدن الحجاج ـ تضرب في أطراف البلدين المقدسين بقدر يستوعب الحجيج.

9: وتوفر وسائل النقل الكافية لنقل الجميع، وهذا أمر ميسور في تقدم الصناعة والتجارة الحاصلة في العالم اليوم.

إضافة إلى لزوم التسهيل في أمور الحجاج ورفع القيود المصطنعة كالتأشيرة والجواز وما أشبه، كما كان أمر الحج قبل عهد الاستعمار.

ولا يستغرب من ذلك ففي زمان الإمام السجاد … حج ما يزيد على 4.5 مليون، فكيف بهذا اليوم الذي تتمتع فيه الدولة بالإمكانات النفطية الكبيرة، وخاصة إذا اهتمت البلاد الإسلامية ـ خليجية وغيرها ـ في ذلك وساهمت في هذه المهمة التي قد لا يستوعب إيجادها اكثر من سنوات معدودات بسبب التقنية الحديثة، مضافاً إلى المحسنين من تجار المسلمين وكفاءاتهم.

فأجراء هذا المشروع الحيوي ضروري، قال سبحانه: ( ليشهدوا منافع لهم) (8) بما ينفع كل البشرية، والذي يحمل الهمة العالية لا تقف أمامه الحواجز والموانع (فان المرء يطير بهمته كما يطير الطائر بجناحيه).. والله الموفق والمستعان.

من كتاب:

(ليحج خمسون مليون كل عام)

لسماحة المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي دام ظله الوارف

(1) سورة الأنبياء: الآية 92.

(2) سورة الأعراف: الآية 157.

(3) سورة الحجرات: الآية 10.

(4) سورة الحجرات: الآية 13.

(5) سورة البقرة: الآية 125.

(6) سورة البقرة: الآية 196.

(7) سورة الحج: الآية 25.

(8) سورة الحج: الآية 28.

 

اكتب لنا

اعداد سابقة

العدد 43

الصفحة الرئيسية