اكتب لنا

اعداد سابقة

العدد42

الصفحة الرئيسية

شباط 2000م

مجلة النبأ ـ العـد د  42

ذو القعدة 1420

 

الكمال الإنساني

 

   
   
   

من المبدأ إلى المنتهى

محمد كاظم الخاقاني

شهود الأسماء والصفات

تعليم الملائكة

شهود الكمال

غاية المعرفة

تجليات الكمال والجلال

من معالم الحضارة الإسلامية لطيف نغم يهبّ من رواسي بحور الأزل على سواحل قلوب الوالهين ليقظة ضمير ترشد إلى سلامة فطرة تشاهد ربط الكائن الفقير بمبدأ الكمال اللامتناهي فتأخذ بأيدي السالكين طرق الرشاد إلى كون العوالم على اختلاف مراتبها قرباً وبعداً من عالم الشهود و الغيب تسير سيراً متواصلاً لا وقفة فيه نحو الحق تعالى في ظل أسمائه و صفاته لأنه تعالى مبدأ المبادئ وحقيقة الحقائق الجواد الفيّاض الذي لا يحدّ بحد في ذات أو صفة فهو الكبير المتعال الذي برحمته المطلقة دائم الفضل على البرية.

كما و أنه غاية الغايات المطلوب لكافة العوالم طوعاً أو كرهاً لأن كل غاية دون جلال قدسه متناهية بموازين الحق و هي ( إنّا لله وإنّا إليه راجعون) فلا مطلوب سواه، رشاد قول يهدي إلى سنن الخلد و الأبدية في مسالك الربوبية في قوسي النزول و الصعود ،فلا مبدأ سواه و لا عطاء إلاّ عطائه و لا مطلوب غيره ،تعالى ربنا عن ضيق مزالق الوهم و الخيال و محافل الجهل باسم العقل و الكمال.

أجل لو عاش العقل ضنك الاستدلال بلا مدّ يد السؤال إلى عظيم خلق الله تعالى ألا و هو الإنسان الكامل خليفة الرحمن المسجود للملائكة الجامع لشتات عالم الإمكان كمالاً و الكلمة التامة الإلهية التي أشير إلى ذلك إضافة إلى ما في الكتاب المجيد على لسان أولياء الله تعالى عليهم أفضل الصلاة و السلام نحن الكلمات التامّات و نحن الموازين و أنهم القرآن الناطق لراح العقل بحجب الأنانية و الكبر يحصد من جهله المركب أوهاماً رجيماً مطروداً عن ساحة رحمة الله تعالى يتردى رداء الشياطين في حين أنه أخذ الآخرون يسيرون الكمال و المعارف لأسماء الله في ميادين رحمة العزيز القدير كما هو شأن الملائكة كما يرشد إلى ذلك الكتاب المجيد بأن المعلّم لكنوز المعارف اللّدنّية هو آدم… الإنسان الكامل و على رأس الجميع سيد الكائنات محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) .

نعم منه و إليه تعالى حقائق الأمور ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدّون) و حيث يقول ( تعرج الملائكة و الروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) و حيث يقول ( و إن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدّون) فالكل منه نزولاً و إليه عروجاً يطلبون الكمال بخرق الحجب على اختلاف مراتبها حتى يبلغ خرق الحجب الربوبية بلا واسطة عالم الأسباب و المسببات أخذاً من الحق العزيز الحكيم حيث يقول تعالى ( دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى) ليكشف له سبعين ألف حجاب من حجب النور اللدنّي.

فكل الموازين و السبل مجار لفيض الله تعالى يشاهدها العبد المؤمن في ظل مدرسة معالم الربوبية و مسالك الشريعة الإسلامية حيث يعيش المسلم حياة الكائنات طراً يراها ناطقة شاعرة يسايرها في سوح روعة البقاء و الخلود و العروج و الأبدية ( و إن من شيء إلاّ يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم) و ( يسبح لله ما في السماوات و ما في الأرض) فالكل حي شاعر على اختلاف مراتب الحياة لأن الكل آيات الله تعالى و جميع العوالم علامة على أسمائه و صفاته فهي حية بحياته، عالمة بعلمه ،قادرة بقدرته،باقية ببقائه و سائرة الكمال بواسع جوده و رحمته.

شهود الكمال

فهكذا يكون المسلم في مدارس الربوبية و مناهج الرسالة الإسلامية بعيداً عن ظلمات وديان العدم في نفق الجاهلية و الشيوعية ،مترفعاً عن قيود محافل المجسّمة و المشبّهة حيث يرى نفسه مرتبطاً بمبدأ الجود اللامتناهي الدائم الفضل على البرية ينتقل في مسالك الربوبية من مرحلة إلى مرحلة حينما يصغي بمسامع القلوب إلى عظيم قوله تعالى (يسأله من في السماوات و الأرض كل يوم هو في شأن) فيلمس فقر عالم الإمكان و أنه لا خصوصية لهذا الفقر لعالم دون عالم، فالكل طالب للكمال حتى الملائكة الكرام و أن الله تعالى هو الغني المطلق المفيض على الكائنات على اختلاف مراتبها (فسالت أودية بقدرها) كل راح يأخذ على قدر قابليته و سعة وجوده .

فمن جانب الممكن فقر و سؤال دائم و من جانب الحق تعالى فضل و جود مستمر فإنه تعالى كل يوم بظهور و عطاء و فيض جديد على هياكل الممكنات على اختلاف الحكمة الربوبية و قابليات عالم الإمكان لأنه الكنز الخفي الظاهر بأسمائه و صفاته اللامتناهية بلا تناهي الذات الأزلية و العوالم و الآيات دلائل على ذاته و أسمائه لمن شاهد الحق من خلال أنفاس الخلائق و إلا فهو مشهود بذاته لأوليائه الكرام (يا من دل على ذاته بذاته) و قد شاهده الصديقون حيث يقول الإمام الحسين… إلهي متى غبت حتى يكون غيرك دليلاً عليك و حيث يقول إن التردد في الآثار يوجب بعد المزار و حيث يقول الإمام علي… ما رأيت شيئاً إلا و رأيت الله قبله و بعده و معه و حيث يقول تعالى ( أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) وشهد الله أنه لا إله إلا هو .

فمعرفة الله تعالى بقدمه و أزليته و لا تناهي وجوده و رحمته المطلقة و فيضه الدائم على البرية و معرفة الممكن بالفقر الذاتي يرشد المسلم إلى سير متواصل لمسيرة الكمال التي لا اختصاص لها بعالم الطبيعة بحركتها الجوهرية بل يشاهد المسلم عالم الإمكان سيراً وسلوكاً إلى الله تعالى لأن كل غاية و مطلوب دون جلاله متناهية و إن كانت الكلمات التامة من الأنبياء و الأوصياء الكرام سبل العروج إليه لمن أراد كمال المقربين و سير المتقين .

فالإنسان بما منحه الله تعالى من عظيم صنع كان في أحسن تقويم يحمل الأمانة العظمى قابلاً لكل كمال و رفعة و قرب يفوق الملائكة الكرام ،معلماً إياهم ،خليفة لله تعالى لا يبلغ مقام قربه أحد كما أشار إلى ذلك تعالى بالنسبة إلى مظهر الأسماء و الصفات و هو الرسول الأعظم محمد‡ قائلاً (دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى).

لكن الإنسان قد يصبح بسوء اختيار متأخراً عن كافة الخلائق حين تسافله تتبرأ منه العجماوات و تتعالى عليه الخلايا و الذرات فيتمنى يوماً أن يكون تراباً فلا يبلغ هذه المرتبة التي بدأ منها حياته و هذا ما جنته يداه فاستحقه بموازين العدل لخروجه عن استقامة العدل و الفطرة و سنن عالم الرشاد و لا ندري حينئذٍ أتطهره نار الله الموقدة بلطف من الله تعالى لأن رحمته وسعت كل شيء أو يبقى رهين حجب الظلمات يسير وراء كافة العوالم في مسيرة ( إنّا لله و إنّا إليه راجعون) .

فذلك أمر يعود عرفانه و تحقيق مقامه إلى تقدير العزيز الحكيم.

و أما نحن فمصداق قوله تعالى ( قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي لأمسكتم خشية الإنفاق و كان الإنسان قتورا) إلاّ الذين شرح الله تعالى صدورهم فوجدوه باعتدال أنفسهم في الأفق المبين برحمته التي وسعت كل شيء إنه الغفور الرحيم التواب و إنه شديد العقاب فشاهدوه بكل أسمائه و صفاته و لكن أولئك هم الأقلّون عددا.

تعليم الملائكة

فقد اتضح مما تقدم من مسايرة الشرع القويم أن آدم… هو المعلم للملائكة الأسماء كلها من الأسماء الذاتية الإلهية و الفعلية سواء كان الاسم هو العلامة و الآية أو هو الرفعة و العظمة و سواء كانت الأسماء من شأن الجمال أو الجلال أو من اللطف و القهر في مراتب الأحدية جمعاً لحقائق الأمور قرآناً بما لاسم الله تعالى من الجمع لأنه اسم الله الأعظم الظاهر لأوليائه أو بما لسائر الأسماء الذاتية أو الفعلية من دلالات في مراتب كثرة الأسماء و تعددها في ميادين الربوبية فرقاناً في مرتبة الواحدية شهوداً للحق تعالى على قدر أسمائه و شهوداً له على قدر أنفاس الخلائق.

و إنه لمن المعلوم لدى التأمل أن لا يراد من الأسماء ما كان من الأسماء الإعتبارية التي لها شأن التمييز بكل فرد عن الآخر كتمييز هذا عن ذاك باسم زيد و عمرو، إذ من الواضح أن جعل الاسم الإعتباري لا يحمل في طياته عظم أمر يستوجب الخلافة الربانية الداعية للسجود لهذا الكائن الذي من لم يأت من طريقه للوصول للحق تعالى للعروج إلى سوح الكمال كان رجيماً مطروداً عن رحمة الله تعالى كإبليس المتقيّد بقيود حجب ظلمات الأنانية و الكبر.

فالغاية من بعثة الأنبياء التخلق بأخلاق الله تعالى الداعية للعروج إلى سوح الكمال اللامتناهي للاتناهي الحق ذاتاً و صفة.

فالدعوة للتخلق بأخلاق الله تعالى التي جاء بها الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق و حيث مدحه تعالى: ( وإنك لعلى خلق عظيم) ترشد في ظل معالم المدرسة السامية الإسلامية إلى مسيرة كمال و عروج لا يحد بحد لطلاب الحقيقة الذين عشقوا الوجود الأزلي و سارو نحو غاية الغايات سعياً وراء التخلق بأخلاق الله تعالى فهي دعوة للكمال اللامتناهي.

فالشريعة الإسلامية بكل أبعادها العلمية و العملية دعوة نحو الكمال اللامتناهي بلا تناهي الحق تعالى لأنه هو المطلوب للعارفين و غيره مطلوب بالتبع.

فهذا يشاهد أبواب العروج نحو الحق تعالى مفتحة من طريق وجوب التخلق بأخلاق الله و هذا بشهود الصديقين للانهاية الحق تعالى لأنه شاهد الله تعالى قبل الكائنات و شاهد القدم قبل الحدوث و الغنى قبل الفقر و حقيقة الوجود قبل الممكن الموجود بالغير فقال أولياء الله تعالى: إلهي متى غبت حتى يكون غيرك دليلاً عليك، و أن التردد في الآثار يوجب بعد المزار و حيث يقول قائل العرفان الإمام علي… :ما رأيت شيئاً إلا و رأيت الله قبله و بعده و معه و حيث يقول أولياء الله تعالى :يا من دل على ذاته بذاته و حيث يقول تعالى: أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد .

شهود الأسماء والصفات

أجل عظماء الخلق ما شاهدوا إلاّ الله تعالى و به شاهدوا الأسماء و الصفات ثم شاهدوا الفيض و الخلق على اختلاف مراتب عالم الإمكان،فهم شاهدوا الحق بالحق .

و آخر شاهد الحق تعالى من خلال الدليل و البرهان فلمس بداهة حاجة الممكن إلى وجود لم يكتسب الوجود من غيره و إن كل ما بالغير لا بدّ و أن يرجع إلى ما بالذات فهو هالك الذات فقير لا قوام له إلاّ بمبدأ الجود الفياض الدائم الفضل على البرية .

فعالم الإمكان سير و سلوك في ميادين الربوبية لطفاً من الله تعالى بحال الكائنات و عليه فلا وقفة في العروج على اختلاف مراتب الكائنات لأنه تعالى غاية لامتناهية أخذ على نفسه لطفاً بحال العباد أن يمدهم بجوده و كرمه على اختلاف قابليات الممكنات في العوالم المختلفة.

و هناك من يشاهد العروج إلى الله تعالى من طريق نصوص الكتاب و السنة اللفظية و إن كان السابق من القول شهودا لمدارج الكمال من طريق الشريعة أيضا لكن من حيث معرفة الحق بعظم النفوس أو لأنّ الناظر البصير هو القرآن الناطق و هو ظهور الأسماء و الصفات و هو ظهور الاسم الأعظم الإلهي في مقام الفعل لأنه الكلمة التامة الإلهية ، فليس الكلام إلاّ في مراتب شهود الأولياء من الصديقين المقربين ثم مراتب الأولياء الشامخين السالكين إلى ربهم في ميادين الحكمة.

فراح المسلم ينظر من خلال معالم الرسالة الإسلامية إلى أهم حدث كوني و هو عروج الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) ليتأمل في معاني كشف الحجب النورية المشار إليها في الأحاديث الشريفة و إنه تعالى كشف لحبيبه محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) سبعين ألف حجاب من النور فهو تعالى كل يوم في شأن و تجلٍّ و ظهور جديد لأوليائه في ميادين الربوبية.

و قد تحدث القرآن المجيد عن الإسراء و المعراج و وردت بذلك الأحاديث الكثيرة لتدلل على أن مسألة المعراج من عظيم أمر له المساس التام بواقع العقيدة الإسلامية حتى أصبح لزوم الاعتقاد به من ضروريات المذهب بل الدين و إن اختلف المسلمون فيه إجمالاً و تفصيلاً من أنه كان مجرد رؤيا أو عروجاً روحانيا أو أنه كان بالجسم و الروح معاً كما هو الحق أخذاً من سفن النجاة و أبواب مدينة العلم النبوي و هم خلفاء الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) علي و أولاده المعصومون(عليهم السلام) .

و المستفاد من الكتاب و السنة أن الغاية من المعراج مشاهدة آيات الله الكبرى و أنه تعالى أوحى إلى عبده ما أوحى و قد دلت الأحاديث الشريفة أنه عرج برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى السماء و منها إلى سدرة المنتهى و منها إلى حجب النور ثم ناجاه الله تعالى و كشف له سبعين ألف حجاب من النور.

و إن من جملة ما له دخل في الغاية أن يشرف الله تعالى بنبيه سكان السماوات و هم الملائكة الكرام و أن يريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه و ليس ذلك على ما يقوله المشبهون،سبحانه و تعالى عما يصفون.

و قد ورد في العلل بإسناده عن ثابت بن دينار قال سألت الإمام زين العابدين… قلت: فَلِم أسري بنبيه محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى السماء قال:ليره ملكوت السماوات و ما فيها من عجائب صنعه و بدائع خلقه قلت فقول الله عز و جل ( دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ) قال ذلك رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) دنى من حجب النور فرأى ملكوت السماوات.

فكان المعراج كمالاً و شهوداً من ناحية و تكميلاً للملائكة و الجن والإنس من ناحية أخرى بواسطة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) .

تجليات الكمال والجلال

و في بعض الروايات أنّ من الآيات الكبرى التي شاهدها الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) هي تجلي أنوار الجمال و الجلال الإلهي على سدرة المنتهى.

و عن هشام بن الحكم عن موسى بن جعفر(عليهما السلام) أنه لما أسري بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) و كان من ربه كقاب قوسين أو أدنى رفع له حجاباً من حجبه و قد قال جبرائيل لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قد بلغت قرباً ليس لملك و لا رسول طريق له قال تعالى ( دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ) فرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كلمة الله التامة فيه تجلي الأسماء و الصفات الإلهية فهو الجامع لشتات الكلم و هو ظهور التخلق بأخلاق الله تعالى .و تشير الروايات إلى تعدد المعراج للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) حتى نقل أنه تجاوز عدد العروج المائة و العشرين مرة و هذا مما يشير و يدلل على أن العروج إلى الله تعالى لا يحدّ بحد للانهاية الحق تعالى فكان الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) يساير أيام الله تعالى في تجلية على الكائنات و يأخذ الأنوار من الكنز اللدنّي .

و تدلي الثمرة تعلقها بالشجرة و الآية ترشد أن تمام القرب يوجب تمام التعلق و التدلي بما في ذلك من تمامية الربط و لمس فقر عالم الإمكان باشعار لطيف و دقيق إلى أن محض التعلق و العبودية ثمرها عائد للسائرين كما هو شأن ثمار الأشجار لمن رفع رأسه فإنه يشاهد الثمر ليتناول منها فهكذا حياة الأنبياء.

غاية المعرفة

و إجمال القول في المقام أن المنهج الرسالي للشرع القويم يشير بكل وضوح إلى أن عرفان الحق تعالى بلا نهاية وجوده و فقر عالم الإمكان و سؤاله الدائم و فيض الحق اللامتناهي بلا تناهي الذات و أنه كل يوم هو في شأن هذا أولا.

كما و أن الدعوة للتخلق بأخلاق الله تعالي التي لا تحدّ بحد تبعاً للانهاية الحق التي هي الغاية من بعثة الأنبياء كما قال(صلى الله عليه وآله وسلم) إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ثانياً.

و أن معرفة المعراج و إنه بالجسم و الروح و إنه كان لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) حتى قيل أنه تجاوز المائة و العشرين مرة. كل هذه الأمور الثلاث تجعل المسلم يشعر بوضوح من المنهج الإسلامي أن مسيرة الكمال لا تحد بحد و أن العالم الإمكاني على اختلاف مراتبه بكلّه و تمامه سير و سلوك و جولان و تحرّك نحو الغاية اللامتناهية و هي الحق تعالى.

و قد أشار القرآن المجيد إلى التكامل لبلوغ مراتب العرفان في كافة أبعاد الوجود الإنساني في مسألة المعراج حيث جمع النبي شؤون عالم الإمكان ظاهراً و باطناً بقوله تعالى ( ما زاغ البصر و ما طغى ) إلى الشهود الحسّي لعالم الظاهر و قال تعالى مشيراً إلى الشهود المعنوي لعالم العلم و الباطن ( ما كذب الفؤاد ما رأى) لأنه(صلى الله عليه وآله وسلم) ميزان الحق و جمع شتات كمال عالم الإمكان و اعتدال البصر و البصيرة و إن الإنسانية حقيقة واحدة تسير الكمال و العروج إلى الله تعالى على اختلاف مراتب السالكين إلى الله تعالى بكل أبعاد الوجود الإنساني جسماً و روحاً و الإنسان يحشر كذلك بكل أبعاده يوم القيامة.

فإذن كل المعالم الإسلامية من التخلق بأخلاق الله تعالى و كون الحق تعالى هو الغاية و الوجود اللامتناهي و أنـه كل يوم هو في شأن جديد و الممكنات عين الفقر و السؤال و كذا التأمل في مسألة المعراج و إنها روحانية جسمانية و إن المعراج تعدد بالنسبة إلى الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كل ذلك يلفـت نظر السالك سبل الشريعة الإسلامية إلى تكامل و سير و سلوك إلى الله تعالى لا يحد بحد و الحمد لله على هدية سبل الرشاد إنه ولي التوفيق.

اكتب لنا

اعداد سابقة

العدد42

الصفحة الرئيسية