فلا أنساب بينهم

لقد كان في قصصهم عبرة

قال الأصمعي: بينما أنا أطوف بالبيت الحرام ذات ليلة، اذ رأيت شاباً متعلقا بأستار الكعبة و هو يقول:

يا من يجيب دعا المضطر في الظلم          يا كاشف الضرّ و البلوى مع السقم
قد نام وفدك حول البـيت و انتبـهوا          وأنت يا حي يا قيوم لـــــــم تـــــــنم
أدعوك ربّ حزيــنا هائـما قـــــــلقاً           فارحم بكائي بحق البيت و الحـــرم
إن كان جودك لا يرجوه ذو سعــــة          فمن يجود على العاصين بالنعـــــم؟

ثم سقط على الأرض مغشياً عليه، فدنوت منه فاذا هو زين العابدين علي بن الحسين بن علي(ع). فقال: من هذا الذي يهجم علينا؟ قلت: عبدك الأصمعي يا سيدي؛ ما هذا البكاء و الجزع و أنت من آل بيت النبوة و معدن الرسالة؟ أليس الله تعالى يقول (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا)؟ فقال: هيهات يا أصمعي، إن الله خلق الجنة لمن أطاعه و لو كان عبدا حبشيا، و خلق النار لمن عصاه و لو كان شريفاً قرشيا. أليس الله تعالى يقول: (فاذا نُفِخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ و لا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون و من خفّت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم، في جهنم خالدون)؟ «سورة المؤمنون 103 105».