مجلة النبأ    العدد  36     السنة الخامسة    جمادى الاولى  1420 ه

التودد إلى الناس نصف العقل

الود يجلي صدأ القلوب، ويحرك النفوس في دائرة الخير، ويمنع السقوط في سيئات الظنون، وتسير الأمور بخط مستقيم، فلا حق مختبئ من ظلم السلطان، ولا باطل يتنقل بين الدروب بحرية وأمان، ولا ظالم يحرك سيفه كيفما يشاء يطيح بالرؤوس، ولا معارض يُلقى في حوش التيزاب، ولا عريف يقود انقلاب، ولا حرب تبدأ بقرار وتنتهي بآخر بالذل والحصار.

والتودد إلى الناس نصف العقل، حيث تُحمل النيات محمل الخير، ويوضع الحقد على الرفوف، فلا يذبح إنسان كذبح النعاج بتهمة سبّ الوالي، ولا يهتك عرض بتهمة الكراهية والتعالي لأنه لم يسمع خطاب القائد الأوحد..

ومن لا يعرف الود، خس الناس، وأعوذ برب الناس، من رجل عاشر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس، وخسر احترام الشعب، وسار في الدرب وحيداً بلا صديق يشاطره الرأي في مؤتمر، أو غبي يصفق له بحماسة في احتفال، الحقيقة في قاموسه الظنون متأرجح الرأي بين الرفض والقبول في أي مشروع، يساند هذا ليضرب ذاك، متبجح بكثرة الأنصار وقدرته لوحده على الانتصار، وإن دقت ساعة الصفر فهو كالجرذون، يدعي محاربة الديكتاتورية وهو بها صريع، يُباع ويُشترى في سوق المقايضة، ينادي بيد بفك الحصار، ويبصم بالأخرى على ضرورة الاستمرار، يقول للشعب نعم وفي قرارة نفسه يشعر بالحيرة والندم، بين رفاق الدرب عنيد، ومع الغرباء هين لين، وهو فوق كل هذا وذاك يدعي الإيمان بالديمقراطية والشعوب بالمسؤولية، والصابر المجاهد عند كل شدة وبلية.

والتودد يوصل صوت العاملين إلى قلوب الناس، يشد وفاقهم، فينسون خلافاتهم، وتتوحد الكلمة فلا فريق يستسلم، ولا آخر ينسى أو يتناسى الهدف، ولا فريق يعيش الهامشية فيشعر بالقهر.

إلا أن الود بيننا رأسه مطلوب، فنصف العقل مسلوب، والنصف الآخر يفطر بالمغلوب، ون يشعر بالاعتراض، فلا ينظر من ثقب الباب ويقول كل شيء فينا على صواب.

حسن الرماحي

اكتب لنا

اعداد سابقة

العدد 36

الصفحة الرئيسية