مجلـــــة النبـــــأ      العــــدد  27       السنــــة الرابعــــة       شعبــــــان  1419 هـ

إدارة المــؤتمــرات

المــلامح و المقـــومــات

فاضل الصفار


لدى إنجاح أي عمل -والمؤتمرات منها- لا يكفي توفّر عناصر الوجود في الحاجات والأهداف والوسائل ثم الإرادة المصمّمة على الإنجاز بل حتى يصل العمل إلى مرحلة الإنجاز ويصل الإنجاز إلى مرحلة العطاء والإنتاج ويصل الإنتاج إلى المستوى المرسوم الذي يلبّي الطموح لابدّ أيضاً من دراسة المعوقات والحواجز التي تمنع من ذلك، فإن عناصر الوجود بمثابة المقضتي والداعي إلى العمل والمقتضي وحده لا يؤثر أثره ما لم يرتفع من أمامه المانع.

وقد ثبت في الحكمة أن النتائج تتبع المقدمات والمقدمات لا تنحصر في عناصر الوجود بل تشمل موانع الوجود أيضاً والمجموع المكوّن من عناصر الوجود مع ارتفاع موانع الوجود يشكّلان السبب التام للتأثير في صدور الفعل بالشكل المطلوب.

ومن هنا فإن نسبة الفشل في النتائج في اصلها أو في مستواها وكيفيتها يرجع إلى توفر الموانع إذا توفرت المقتضيات بالشكل التام والكامل... ولا تنسب إلى عدم توفر المقتضيات والدواعي إلا إذا كانت الموانع غير متوفرة لان الموانع أقوى في التأثير من توفر المقتضيات...

وقد لخص الحكماء هذه القاعدة الجارية في الأشياء سواء كانت مادية أو معنوية بقاعدة (المقتضي والمانع) ولعلّ مثالاً واحداً يوضّح هذه القاعدة ودورها الكبير في نجاح الأعمال وإنجازها بالشكل المطلوب.. النار... للنار قابلية كاملة للإحراق من حيث توفر دواعي الإحراق ومقتضياته إلا أننا إذا قربنا ورقة مرطوبة منها نجد أنها لا تحرقها.. لماذا؟ ليس لان النار فقدت قابليتها على الإحراق بل لتوفر المانع من الاحتراق وهي الرطوبة ولذا إذا أيبسنا الورقة أي رفعنا المانع ثم قربناها من النار نجد أنها تحترق بكل سهل ويسر.. والأمثلة على ذلك كثيرة ولعل مشاهداتنا اليومية لهذا القانون يعطينا الكثير من الإثبات والصحة ودقته أيضاً.

واللطيف في الأمر أي من هذا القانون لا يحكم النتائج التــــكوينية بل يجري حتى في الأمور الاجتماعية والاعتبارية والسياسية، بل وكل أمر محكوم بقانون السبب والمسبب. ومن هذه المقدمة ننتقل إلى الغاية التي نرمي التوصل إليها فيما يرتبط بأعمالنا ومؤسساتنا ومشاريعنا - الشخصية أو العامة-.

أسباب الفشل

ولعلنا نبتدأ الحديث بسؤال: هل تعرّضت يوماً إلى نتائج فاشلة في أعمالك؟

وهل سألت نفسك لماذا فشل العمل؟ أو لماذا لم يحقّق الغايات المرسومة بالشكل المطلوب؟

لاشكّ أن كل أحد يمر بتجارب فاشلة كما يحظى بتجارب ناجحة ولا يصح أن يدعي أحد منّا انه ناجح دائماً أو فاشل دائماً..

فلماذا ننجح مرّة أو مرات ونفشل مرة أو اكثر؟ لا شك أن ذلك يعود إلى هذه القاعدة المتقدمة (المقتضي والمانع).

فإننا أحياناً نرسم لنا خطة لإنجاز عمل ما وندرسها ونوفر عناصر وجودها ونتوقّع النجاح الباهر، إلا أننا عند التنفيذ نجد أنفسنا قد كسبنا ما لم نحسب له حسابه أحياناً في الربح وأحياناً في الخسارة والسبب في ذلك يعود إلى أنحن، لأننا أحياناً نعمل على توفير السببية التامة لإنجاح العمل من توفير المقتضيات وعناصر الوجود ونعمل على رفع موانعه فنحظى بالربح. وأحياناً نركّز على المقتضيات ونغفل عن الموانع أو نلتفت إلى بعض المقتضيات وبعض الموانع وننسى بعضها الآخر فتخرج النتائج غير مرضية.

وهذا أمر يتطلّب منا الكثير من الدقة والحذر والصبر لدى التخطيط لأي مشروع حتى نلم بكل جوانبه ونوفر كل أسبابه حتى نتحالف مع النجاح..

ومن اجل إنجاح المؤتمرات... وكسب نتائج إيجابية كبيرة منها ينبغي أن نرفع موانعها إذ تبتلى الأعمال الكبيرة في الغالب -والمؤتمرات منها- بما نعين:

1- الفشل 2- الإفشال.

وتعرّض المؤتمرات إلى الفشل قد يرجع إلى عدم توفر المقتضيات بالشكل الكافي وقد يعود إلى وجود الموانع أو بعض هذا وبعض ذاك.

إلا أن الإفشال يعود دائماً أو غالباً إلى الموانع وليس إلى المقتضيات، إذ قد تعمل الهيئة المعدة للمؤتمر على توفير كل عناصر الوجود، إلا أن عدم إشراك الآخرين مثلاً أو عدم استشارتهم أو التنسيق معهم قد يقود البعض إلى اتخاذ موقف مضاد منه لسوء الظن أو لعدم القصور الإيجابي وضع مبدأ العراقيل في طريقه من أجل إفشاله أو يقود البعض الآخر إلى عدم التفاعل أو الاهتمام به بالقدر الكافي الذي يوفر أسباب النجاح وهذه مسألة عويصة يتعرض لها العاملون في الغالب لذلك ينبغي أن ندرس بشكل جيد الموانع والمعوقات لكي نضمن لأعمالنا ومؤتمراتنا النجاح المرضي..

كيف نضمن النتائج المثمرة؟

الكل منا يوافق بان النتائج الإيجابية المثمرة هي الأهداف الأساسية لأي عمل ومشروع لكن لسوء الحظ فان العديد من الأشخاص وربما الأكثر منهم يقولون:

* إن الكثير من المؤتمرات أو الاجتماعات التي شاركوا أو يشاركون فيها غير مثمرة ثمارها المرجوة...

* كما نجد أن البعض يتخذ فكرة عنها ويقول: لقد كان الاجتماع ضياعاً للوقت ومضيعة للجهود.

* أو كان يمكن أن لا أساهم في المؤتمر لأن وجوده كان شكلياً.

* وآخرون يقولون لم يكن في الاجتماع شيء يخصني أو يرتبط بمشروعي وعملي.

* أو يقول بعضهم أن الآخرين لم يستمعوا لغيرهم جيداً لان كل النقاط التي أثرتها في بحثي أو مناقشاتي تعرّضت للانتقاد... ومعلوم أن هذه الامتعاضات ليست في حقيقتها عوامل ضعف ومواقع هزيمة إذا عرفنا كيف نستثمرها... بل هي عوامل قوة ومؤثر قوي على أن الشعور السائد هو ضرورة الاجتماع وضرورة أن يكون لكلّ واحد منهم دور وهذا الشعور عظيم ومنتج إذا عرفنا كيف نوجهه، وللحديث عن هذا مجال آخر إلا أن السؤال هو: من أين نشأ هذا الشعور ولماذا؟

وللإجابة عن هذا التساؤل نقول: إن ذلك قد يعود إلى أسباب كثيرة ولكن لعلّ من أهمها الإدارة أي إدارة الاجتماع أو المؤتمر .. بأقسامها الثلاثة إدارة التحضير والمتابعة والترشيد.

فحتى تكون إدارة الاجتماع فعّالة ومدبرة وبالتالي النتائج التي تترتب على الاجتماع الذي تديره مثمرة لا بد أن تخضع لشروط أساسية.. منها:

أولاً: يجب أن تخضع الإدارة للتوجيه المركّز ويكون عبر شخص واحد مركز ومقبول لدى جميع الأطراف لما يتحلّى به من حكمة ومنطقية واعتدال فضلاً عن الاحترام والمحبة أو يكون عبر لجنة وهو الأفضل والأكمل توجه الإدارة بشكل منسق ومتوازن.

ففي هذه الصورة يمكن أن نضمن حصول إدارة جيدة تسيّر الاجتماع بطريقة مقبولة ومنظّمة وعدم الالتفات إلى هذه النقطة فانه يمكن يقود إلى أن تسير الاجتماعات دون هدف أو تنعطف عـــن الهدف الذي رسم لها، هذا على احسن الفروض والفرض الأسوأ لها أن يتحول الاجتماع إلى ما أشبه الشجار والفوضى وميدان تتعارك فيه الآراء وتتضارب الرؤى والانعكاسات السلبية لهكذا اجتماع أوضح من أن تخفى.

وعليه فإننا إذا لم ندرك ضرورة السيطرة المنطقية على الاجتماع فانه يمكن لهذا الاجتماع أن يتدهور وينهار.

الإدارة القوية

وعلى الإدارة - سواء تجسدت في لجنة أو شخص مدير - أن توفّر في نفسها المؤهلات الكافية للسيطرة والتوجيه فإنها إذا لم تتفهّم ما يجب عليها فعله من فعل أو رد فعل، فإنها ستفقد القدرة على التأثير في الاجتماع بالشكل المطلوب..

وهناك بعض الاقتراحات نقدّمها في هذا المجال للوصول إلى إدارة موجهة وقوية:

1- الالتزام بجدول أعمال للاجتماع محدّد المراحل وموضوعات البحث مع تحديد الزمن الكافي لها بعد الاتفاق عليه من قبل الأطراف المشاركة ثم توجيه وقائع الاجتماع وفق هذا الجدول المرسوم وبهذا نكون قد أغلقنا باب الامتعاض من قبل المشاركين حتى لا يعتبروا الاجتماع مضيعة للوقت وللجهود.

2- تشجيع المشاركين في الاجتماع على الإدلاء بآرائهم وطرح أفكارهم ومناقشاتهم والتركيز على الاهتمام في كل حديث أو رأي يطرحه طرف مشترك من حيث الانتباه والزمان والتوضيح والشرح والتعليق، حتى يتاح للجميع الفرص المتوازنة والكافية للتعبير عن آرائهم حتى لا يخرجوا من الاجتماع وهم يشعرون بالانعزال أو الغربة عن الأجواء..

3- ضبط الوقت ومطابقته مع المناقشات والآراء المطروحة في الاجتماع حتى يتوفّر الوقت الكافي للاستماع إلى مختلف الآراء وحتى يتوازن أيـــضاً الوقت مع الأفكار المطروحة حتى لا يطول الحديث عن نقطة هي غير ذات أهمية ويقصر في النقاط المهمة.

وأيضاً حتى ينتهي الاجتماع وقد فرغ من مناقشة كل النقاط المرسومة على الجدول بلا تأجيل أو حذف أو تغيير.

4- تدوين وقائع الاجتماع وتثبيتها وخصوصاً تدوين ما تمّ الاتفاق عليه من قرارات والنقاط التي هي مثاراً للجدل والبحث بين الأطراف وتسجيل رأي كل طرف وتثبيت مناقشته، فان التسجيل يضمن لنا فوائد عديدة منها انه يلغي احتمالات سوء التفاهم أو الأعذار في الاجتماعات القادمة أو أثناء مواصلة لجنة المتابعة لأعمالها في متابعة الأطراف لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

وأيضاً أنه يجعل تغيير المواقف والآراء والالتزامات عملية واضحة ومعروفة هذا فضلاً عن تكريس الأفكار وحفظ التجارب بحيث ننتفع بها نحن والآخرون في الاجتماعات القادمة.

5- إنهاء الاجتماع بخلاصة ملائمة - أي جامعة لكل ما طرح في الاجتماع من رؤى ومناقشات- ومانعة من دخول الآراء والأفكار التي لا ترتبط بموضوعات الاجتماع وتسجيلها في بيان واضح ودقيق مع طرح المهمات والأشخاص الذين عينوا لإنجازها ويوزّع هذا البيان على الجميع كوسيلة إلزام ومذكرة عمل.. يتيح إلى لجنة المتابعة فيما بعد الاجتماع مواصلة مهمتها بالشكل الأفضل والأحسن.

ومن الحكمة أن نعرف أن نقص التوجيه والسيطرة في الاجتماع ونقص الفرص في التعبير عن الرأي من أهم الأسباب التي تنتهي بالبعض إلى أن يتصوّروا بأن الاجتماع كان ضياعاً للوقت وخسائره اكثر من نفعه..

التحضير المسبق

ثانياً: يجب بذل جهد حثيث من أجل التحضير للاجتماع وتنظيم جدول أعمال يرضي جميع الأطراف المساهمة في المؤتمر - وهذا أمر يرتبط بلجنة التحضير أكثر من غيرها - فإن الاجتماع الذي يحصل دون تحضير مسبق وتنظيم كاف يطّلع عليه المشاركون من قبل ليس من الصعب توقع فشله وذلك لأن:

1- المشاركين في الاجتماع ليسوا قادرين على تحضير أنفسهم في الاجتماع أو قبله بقليل في الغالب وعلى هذا سوف لا تكون المعلومات المطلوبة والأفكار المراد بحثها وتناولها في الاجتماع متوافرة لديهم بالقدرة والمستوى الكافيين وهذا من شأنه أن يخلّ بوقائع الاجتماع وموضوعيته وبالتالي نتائجه.

2- عدم وضع جدول زمني لوقائع الاجتماع متطابق مع جدول الأعمال يعني أن الاجتماع ينتهي لأسباب عديدة منها تعب المشاركين ومنها شعورهم بالملل، ومنها تركهم للاجتماع لانشغالات أخرى يجدونها أولى واهم من المشاركة في الاجتماع ومنها توقع الفشل وهذا كاف لدفعهم إلى ترك الاجتماع أو عدم التفاعل معه...

3- كما أن عدم التحضير المسبق قد ينتهي أيضاً إلى جرّ الاجتماعات إلى أمور لم يحسب لها حسابها وبالتالي ستؤول النتيجة إلى شعور البعض بالخسارة على حساب الآخرين الذين ربما يكونوا قد انتفعوا في هذا الوضع وفي الغالب لا يعدم الاجتماع غير المنظم فائدة لبعض الأطراف التي تعرف كيف تغتنم الفرص وتستثمر الأوقات..

وهذا أمر يشعر الآخرين بالندم على المساهمة ويدفعهم ثانية لعدم المشاركة في أي مشروع أو اجتماع يطرح عليها من قبل الجهة الداعية إلى الاجتماع ولعلّ الخسائر المترتبة على هكذا شعور واضحة وجلية بما يغنينا عن شرحها.

4- كما أنه قد ينتهي عند بعض الأطراف التي تتعامل مع بعض الأمور ببعض الحساسية والقلق سواء في اصل العمل أو الأفراد القائمين عليه أو المدعوّين إليه قد ينتهي إلى إثارة بعض الشكوك الجديدة في النوايا والأهداف أو تقوية بعض الشكوك القديمة، وهذا أمر من شأنه أن يكرس الانفصال ويلغي إمكانات التعاون والتنسيق.

وهذه عوامل تقود الاجتماع إلى الفشل الحتمي الآن والإفشال المستقبلي...

لماذا لا يتفاعل الأفراد مع المؤتمر؟

ثالثاً: لعلّ من المساهمات الفعالة في إنجاح الاجتماعات وكسب نتائج مثمرة منها هو العمل على أن يحضر الأشخاص الحقيقيون أو المعنيون في الاجتماع وبمستوى جيد من الفراغ الروحي والذهني والراحة الجسدية...

فان الحالة النفسية والجسدية تشكل ركيزة أساسية لإعطاء الاجتماع صبغة إيجابية تنعكس على الأجواء.

كما أن الموقف النفسي من الاجتماع يؤدّي دوراً كبيراً في تحديد مركزية الاجتماع وأهميته وبالتالي نتائجه لذلك ينبغي على اللجان المديرة للاجتماع أن تلحظ الحالات النفسية والفكرية للأطراف المدعوة ورعايتها رعاية جيدة مضافاً إلى العمل على توفير اكبر قدر ممكن من الراحة، فان مواقف الأطراف وحالاتهم تنعكس على نجاح الاجتماع أو فشله وتتجلى مواقفهم الإيجابية في عدة مظاهر منها:

1- إنهم يسعون للمشاركة في الاجتماع بأنفسهم ولا يرسلون بدلاء عنهم لحضور جلسات الاجتماع فإذا لاحظنا أن الطرف المدعو لم يشترك هو بل أرسل من ينوب عنه فان ذلك قد يكون مؤشراً إلى أنه لم يقتنع بعد بأهمية الاجتماع طبعاً هذا في صورة إرسال البديل وأما إذا لم يشترك هو ولم يرسل البديل فان المؤشر يكون أقوى واظهر.

2- عدم التحضير للاجتماع كما ينبغي أو يتوقع منه أو عدم إحضار المذكرات أو المهمات المطلوبة للاجتماع..

3- اشغال نفسه ببعض الأعمال التي من شأنها أن تعيق عمل الاجتماع مثل التحدث بواسطة الهاتف أو مطالعة صحيفة أو كتابة رسالة أو التحدث مع بعض الزملاء، وأحياناً يجد البعض من وقائع الاجتماع ومناقشاته مجالاً مناسباً للسخرية والضحك أو صرف الحديث الموضوعي المركز إلى أمور جانبية لا تمس صلب الموضوع أو ترتبط في أمور لا ربط لها في حديث الاجتماع...

4- الوصول متأخراً إلى الاجتماع أو البقاء لفترة فيه ثم الخروج منه قد يكشف أن الاجتماع لم يكن موضع اهتمام كامل والنتيجة أنه سيكون اقل نفعاً وفائدة..

5- المشاركة الجامدة أو السلبية في وقائع الاجتماع أيضاً تعكس صورة من عدم الفراغ الروحي والنفسي في الاجتماع...

فإن الفرد الذي يشارك في الاجتماع من دون أن يتفاعل مع وقائعه ويظلّ ساكتاً طوال الوقت أو يجرّ إلى التحدث حديث جرّاً يعطي أحياناً هذا الانطباع، كما أن الفرد الذي يساهم في المناقشات إلاّ أن مشاركاته تكون بصورة سلبية كأن يتخذ أسلوب التثبيط أو التخويف أو التشكيك في الموضوعات التي لا تستحق ذلك .. أو يساهم في التصويت مساهمة غير إيجابية فان هذه وغيرها ينبغي على إدارة المؤتمر أن تلتفت إليها وتعمل على رفعها أو تخفيفها في الأفراد لكي تحفظ للاجتماع النجاح وللنتائج الأرباح المقبولة.

وللمكان دوره أيضاً

وبعد هذا وذاك أيضاً ينبغي أن نعرف أيضاً أن بعض الأشخاص قد يشعر بصعوبة كبيرة في إدامة الاجتماع أو المساهمة الفاعلة فيه إذا لم يكن مكان الاجتماع مريحاً وجيداً..

فان المكان ينعكس كثيراً على نفوس المقيمين فيه إيجاباً وسلباً خصوصاً وأن بعض الأشخاص قد تكون لهم حساسية روحية أو عاطفية شديدة، كما أن البعض منهم قد أرهقته الأعمال والمسؤوليات بما لا يجد لنفسه فرصة للراحة فإذا شارك في اجتماعات مكثّفة ومركّزة فان ذلك سيرهقه شــديداً فكرياً وجـــسدياً الأمر الذي يعطّل مساهماته الفعالة وإن كان مقتنعاً بضرورة الاجتماع وأهميته...

ومن اجل أن نقطع الطريق على هذا الخلل أيضاً من الأفضل أن تعمل اللجان المعدة للمؤتمر أماكن صالحة ومريحة للاجتماعات الطويلة والمكثفة ... حتى تضمن اهتماماً اكبر في موضوعات الاجتماع وتمنع من أن يصبح مركز الاهتمام هو ظروف الاجتماع ومكانه أو إمكاناته. ومعلوم أننا لا نقصد بذلك أن يكون الحد الأعلى الأمثل لأنه في الغالب متعذر أو ليس بصحيح إلا أننا نقصد أن يتوفر مكان يتمتع بوسائل معقولة للراحة ترضي النفس وتنفس عنها الأتعاب والارهاقات بحيث يقدر معها الأفراد على تركيز انتباههم واهتمامهم بموضوع الاجتماع وشؤونه..

توصيات إدارية

رابعاً: ومن الحكمة أن تلتفت الإدارة إلى بعض النقاط الإيجابية للاجتماع والتركيز عليها أثناء المباحثات أو في أوقات الفراغ منها:

1- إن الاجتماع حاجة نفسية وفكرية للأفراد بل وللبعض أيضاً حاجة جسدية أحياناً لأنهم يجدون فيها راحتهم وابتعادهم عن حياتهم الرتيبة المرهقة.. وعليه فان العمل على دمج مصلحتين في عمل واحد أمر في غاية الأهمية.. وهذا الدمج ممكن إذا وجد الحاضرون في الاجتماع راحتهم النفسية والجسدية ومنافعهم وأهدافهم التي يطمحون إليها..

وهذا أمر يحتاج إلى المزيد من الفطنة والذكاء وهدوء البال..

2- الاجتماع في نظر العديد من المعنيين وسيلة لتحقيق الأهداف لذلك تختلف درجة تعاطيه وتفاعله مع الاجتماع حسب الدرجة التي يحقق فيها أهدافه إلا أن من المناسب أيضاً أن نوجه الأفراد إلى أن الاجتماع ليس وسيلة دائماً بل قد يكون الاجتماع غاية بحدّ ذاته أحياناً، وذلك لأن الاجتماع قد يكون منطلقاً لبداية مشاريع وأعمال أخرى كان يصعب علينا تحقيقها ما لم نجلس ونجتمع ونناقش ونبتكر ثم نتعاون وننسّق جهودنا.

3- كما أن الاجتماعات كما تكون وسيلة ممتازة للتعاون والتنسيق والالتزام بالمسؤوليات وصنع القرارات المشتركة يمكن أن تكون للبعض وسيلة ناجحة أيضاً لتأخير صنع القرارات أو إفشالها أو التملّص من المسؤوليات نتيجة الشعور بالإحباط أو عدم الرضى..

والذي يمكن أن يكفل لنا النتائج الإيجابية والشعور بالأمل هو تحويل الاجتماع إلى اجتماع إيجابي وناجح والاجتماع الناجح يتمتع بتنظيم مدروس وإدارة حكيمة متوازنة، وحتى تتجلى حكمة الإدارة اكثر فان المفيد لها التفكير مسبقاً قبل الاجتماع وأثنائه عن الهدف من الاجتماع ولماذا نجتمع؟. فان هذا سيضمن لها موضوعية اكثر وطريقة بنّاءة لتوجيه الجهود بصورة بنّاءة وهذا يعني المسير في الطريق الصحيح الذي دعي من اجله الاجتماع.