مجلـــة النبــــأ       العددين (23 ـ 24 )       السنــــة الرابعــــة       ربيع الثاني ـ جماد الأول  1419 هـ

العجـــــــــب

الإنسان مجبول على حبّ الخير والسعي على تحصيله أيما كان نوعه دنيوياً أو أخروياً فهو يسعى لتحصيل الشرف والمجد والعزّ والجاه كما يسعى لتحصيل الثواب والرضوان والفضيلة والملكات الحسنة، وهذه الفطرة هي التي تسوق الإنسان نحو الكمال وتسبّب رقي المجتمعات، وتباري الأمم في الفضيلة أو الجاه ولولاها لاندثر عقد الاجتماع وتلاشت المدنية وأخذت الإنسانية تتقهقر إلى حيث الفناء والانهيار.

والإسلام يحثُّ على تربية هذه الفطرة في النفس مع توجيهها نحو الخير، فهو يرغب في أن يرى الإنسان نفسه دون كماله المنشود، حتى يجاهد ويجتهد ويكد ويعمل مدى حياته. وقد أرصد الإسلام لهذه الغاية آيات وروايات وذمَّ ما يخالف هذه الفطرة التي تسمى بـ(العُجُب) ومعناه: أن يرى الإنسان لنفسه كمالاً من غير فرق بين أن يكون متخيله حاصلاً أم مجرَّد خيال!.

إنّ العجب يشلّ القوى الخيّرة ويوجب الكسل والبطالة ويوقف النشاط عن العمل وبذلك يتدهور الإنسان إلى حيث النقص!. إذاً فليس عجيباً من الإسلام أن يجعل العجب من المهلكات، إنه مهلكة للدين والدنيا قال رسول الله صلى الله عليه وآله:«ثلاثٌ مهلكات: شحٌّ مطاع، وهوىً متبع، وإعجاب المرء بنفسه».

والعجب في نظر الإسلام أعظم من الذنب، إن المذنب يذنب وهو يعلم أنه مذنب فلا يفتي حتى ينقلع ويتوب، أما المعجب بنفسه، فإنه لا يرى لنفسه ذنباً حتى يتوب فهو كالجاهل المركب الذي يرى نفسه عالماً فلا يتعلّم!.

وبالعكس من العجب انكسار النفس ورؤيتها دون مرتبة الكمال فإنه فطري البشر، وهو سبب رقيهم في ميادين العلم والعمل والعبادة والزهادة. 

من كتاب (الفضيلة الإسلامية)

لسماحة المرجع الديني الأعلى

آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله الوارف)