مجلــة النبــأ       العــددان (21 ـ 22 )      السنــة الرابعــة1419 هـ

دعوة إلى الإنصاف

فاضل الصفار      [email protected]

كلّنا يحبّ عمله ومشروعه ونـــهجه وكلنا يطمح إلى مستقبل مشرق يضمن فيه سعادة الدنيا والآخرة، وعندما تجالس أقرانك وزملاءك في أي موقع كانوا ومن أي موقع كنت تجد الجميع يتحدث عن الإصلاح وضرورة البناء والتقدم.. كما يتحدث عن الأزمات والمشاكل متسائلاً:

لماذا حدث هذا؟ ولمَ لم يحدث ذاك؟ لماذا فعلوا كذا ولماذا لم يفعلوا كذا؟، لماذا لا نتقدم ولماذا لم تتحقق أهدافنا أوَلسنا بمستوى الطموح؟

وأنت من أغلب ما تسمع وتفكّر وتحاور تخرج بحصيلة كلية للأمر خلاصتها: إن الجميع يؤمن بضرورة العمل.. ضرورة التقدم والتغيير.. وضرورة نيل المكاسب وتحقيق الأهداف ولكن في نفس الوقت تحسّ بأن الكثير من المتحدثين والمحاورين.. وكأنه ينتظر أن يأتي الإصلاح من الآخرين وأن هناك مصلح لأوضاعنا سيأتي من ضمير الغيب لكي يقود المسيرة إلى الأفضل ويلبي دعوة الطموح ويستجيب لإرادة التغيير وبالتالي القطار على السكّة كأنه متغافل عن الحقيقة القائلة: إن التاريخ لا تسيّره الصدف، والحضارات يصنعها الناس بالإرادة الواعية والتصميم والعزم على التحضّر.. وليس بالصدفة أو التواكل أو الانتظار تجري الأمور وتتحقق الانتصارات؛ فقد جعل الله سبحانه لكل شيء سبباً.. ولكلّ تقدم هناك أسباب ومسبّبات لا بدّ من إتباعها فإذا لم نسلكها في الحياة فإننا سنظلّ نراوح في مكاننا إن لم نتراجع إلى الوراء.

وليس من الحكمة بمكان أن نتوقع تعديل الأمور وبناء الأوضاع عبر التواكل أو عبر الطفرة فكلاهما خرق للقانون ودخول للبيوت من غير أبوابها..

البعض منّا يريد الإصلاح ويحبّ البناء ولكن لا يريد أن ينضح عرقاً في سبيله.. وآخر يريد البناء كاملاً متكاملاً بلا أي خلل من دون أن يضع لبنة على لبنة أو يساهم في تسديد العمل بحرّ أو ببرد..

والبعض الآخر يحب أن يبني بطريقته الخاصة وبفهمه الخاص وعلى الجميع أن يتبعوه بلا نقد أو رؤية أو تقويم.. وهكذا تكون النتيجة معاناة من التصدعات وآلام في العمل يئن منها الجميع ويصبح يومهم أفضل من غدهم.. وكل منهم يلقي باللائمة على غيره أو ينتظر معجزة ترفع البلوى وتبدّل الأوضاع إلى الأفضل.. ولكن لا يدري هو ولا أحد غيره متى وكيف ستحدث؟!

ورطتنا في هذه الأيام.. وبعد ضغوط المشاكل والأزمات.. والفترات العصيبة التي مرّت بنا وبعد سنوات الجهود والجهاد التي بذلناها في سبيل العمل والخدمة والتقدّم لنا ولأمتنا ولفكرنا وعقيدتنا.. تجد الكثير منّا يئن ويعاني ويستغيث.. والكل يريد الإصلاح والتنمية والتفوّق والازدهار ولكن قد لا نبالغ إذا قلنا إن الكثير منّا أيضاً يتوقع اللامقدور وربما اللاممكن.. وينادي بأصحابه.. اذهبوا أنتم وعملكم فقاتلوا.. اننا ههنا..

فالمسألة تستحق شيئاً من الإنصاف والتأمل والتفكير.. كما تحتاج إلى الحوار والتفاهم وبعض التقييم والموازنة، فمن منا لا يخطئ؟ وسبحان الذي لا يناله نقص أو عجز أو قصور..

ما أجمل بالذين يعملون وينتقدون.. ويجاهدون ويدعون ويبتهلون إلى الله سبحانه بالتأييد والتسديد وما أحرى بنا أن نسلك الأسباب ونأخذ بالأمور من أزمتها ثم نتواصى ونتعاتب ونكمل بعضنا بعضاً..

ما أجمل الجماعة الناهضة على الحوار والتفاهم والتنسيق المشترك..

وما أجمل العمل الذي يقوم على أكتاف أهله وأنصاره.. وبارك الله في الأيدي والسواعد التي تتعاضد لتبني وتتلاحم لتضحي وتحرث لتحصد في جمعها وجماعتها.. في آلامها وآمالها.. وفي حربها وسلمها.. وفي سرّائها وضرائها.. أليست يد الله مع الجماعة؟!

وأليس الحمل الثقيل لا يقوم به إلا أهله؟!

وأليست اليد الواحدة لا تصفق؟!

وأليس الله سبحانه أبى أن يجري الأمور إلا بأسبابها؟!

فإلى المزيد من التعاون والتفاهم والأخذ بقانون التقدم وإلى المزيد من التنسيق والعمل يا أخوة العمل.. فمن تساوى يوماه فهو مغبون، فكيف بمن كان أمسه أفضل من يومه وغده!!

إتصلوا بنا

أعداد سابقة

العددين 21-22

الصفحة الرئيسية