المسافة بيننا وبين علي

عبد الامير علي الهماشي

عندما نتطلع إلى المثل الاعلى نبحث عن النقاط القريبة التي قد نستطيع أن نصل إليها، ونفتش عن الخصال التي نعتقد أننا نمتلك مثلها ونحاول تنميتها ليكون المسير باتجاه واحد على غرار ((شبيه الشيء منجذب إليه..)).

وبالرغم من كثرة الحديث عن علي -عليه السلام-إلا أن أبعاد هذه الشخصية مازالت مبهمة ومحيرة للعقول ((لم يعرفك إلا الله وأنا...)).

وكلما سلطت الضوء على أحد الصفات حتى تجد اُخرى توازيها بنفس المستوى وهو أمر لم يجد المؤرخون والمحدثون له نظيرا في جميع الشخصيات التاريخية !!.

وهن هنا يلتبس على الكثير منا عظمة الرسول محمد (ص واله)عندما نُسلط الضوء ونتحدث عن الامام علي (ع) فنتساءل وماذا عن رسول الله !!؟أو أين الرسول من هذه الصفات؟

ونتناسى قول الامام ((علي)) :---علمني رسول الله--- و---كنت أتبعه إتباع الفصيل أثر اُمه--- وغيرها من الاحاديث التي أكد فيها على أنه الربيب والتلميذ الوفي للمربي والمعلم

ولعل مقولة :((علي معجزة الرسول)) تُعبر بشكل أو بآخر عن عظمة الرسول وعظمة علي وموقعهما معا.

وإنني كلما أروم الحديث عن هذه الشخصية أشعر بالزهو لانني أرتفع بها والفخر لانني أتحدث عن أعظم شخصية عرفها التاريخ بعد رسول الله وهو يجسد أبعاد الانسانية وأبعاد الخلافة الحقيقة للانسان في الارض.

وينتابني الخوف لانني لاأستطيع أن اُعطي حق هذه الشخصية ولو سطرت المقالات تلو المقالات ولو ألفت كتبا وإن اجتمع معي جيش من المتحدثين والكتاب، فأنت تكتب عن كلمة الله العليا التي لاتنفد.

والحديث عن ((علي)) فيه لذة ما بعدها لذة وما إن تُسرع لإكمال حديثك عنه حتى تشعر أنك بحاجة إلى العودةقليلا لكي تُشبع شوقك ولهفك وأنت تنهل من بحر عذب سائغ للشاربين يزداد طعمه طيبا كلما تقدم الزمن.

وأشعر بالتصاغر واللوم حينما أجد المسافات الشاسعة بين ما أراده علي منا وبين مانسير عليه اليوم.

ولنتأمل بعنوان المقال:(( المسافة بيننا وبين علي)) ونضع بعدها مقولة الامام علي -ع- حينما قال لأصحابه أو بعض منهم :((اُريدكم لله وتريدوني لأنفسكم...)) قالها لمن معه يعاصرونه وتُقال لنا اليوم وكل يوم.

ولنتذكر معا بعضا من مواقفه ونرى المسافة فيما أراد وفيما نريد، فقد كان الناصح للخلفاء ولم تهمه أو تمنعه المواقع من أن يؤدي الخدمات للاسلام، ولم يمنعه ما جرى له لكي يتربص بهم بل كان الحريص عليهم فهل نكون القريبين من علي ونقدم النصائح لمن في مواقع المسؤولية للخروج من المحنة !!؟

وهل نتجاوز عن البحث عن المواقع في سبيل الهدف الاسمى أم تكون حاجزا وبذلك تكبر المسافة بيننا وبين علي!!.

ولنقرأ موقفه وهو ((المتصرف )) في بيت المال وقلل من عطاء أخيه((عقيل )) لانه استطاع أن يحتفظ بالقليل منه وأخبره بذلك ولنرى ما نفعله اليوم مع أقرباءنا وليس أخوتنا ومانمنحه لهم من العطايا والهبات ولنرى المسافة بينا وبين علي.

وعندما وقف بعد معركة الجمل أمام مصرع (الزبير )) وهو المنتصر ولكن هذا الامر لم يأخذ من علي شيئا في أن يكون الموضوعي في تقييم خصمه وعدوه وقد قال الزبير ماقال ولكن ((عليا )) قال كلمته الخالدة بحقه وهو يرى سيفه :((لطالما ذاد هذا السيف عن رسول الله)) فهل نقيم خصومنا وأعداءنا تقيما موضوعيا لنقرب المسافة بيننا وبين علي، وكيف إذا انتصرنا عليهم فكيف سيكون موقفنا معهم.

والمشكلة الحقيقية أننا نتذكر عليا فقط في ((الشدائد )) والحاجات مرددين ((نادي عليا مظهر العجائب تجده عونا لك في النوائب )).

ونفعل ما نفعل حاملين شعار ((سودت صحيفة أعمالي ووكلت الأمر الى حيدر...)).

ولعمري أنه الفراق بيننا وبين علي وانها القطيعة العظمى شعرنا بهذا الأمر أم لم نشعر لاننا بذلك لم نطع عليا والمحب لمن يحب مطيع)) وإنما نخالف ما أراده لنا وحثنا على العمل به. ولابد لنا ونحن نستذكر ذكرى شهادته حيث دوت ((فُزت ورب الكعبة)) سماء الكوفة ومازلت تدوي سماء المبادئ والحرية كلما عادت هذه الذكرى الفاجعة التي تُردد فيها هذه الجملة وهل سنستطيع ترديدها أم لا!!!؟

ولكي نكون من الطبقة القريبة والمهمة التي وصف أبو جعفر الصادق -ع- حينما صنفنا الى ثلاث طبقات فقال طبقة يعتاشون بنا  ((وهم البعيدون البعيدون ))، و((طبقة يتزينون بنا)) وهم أقل بعدا ربما، والطبقة الاخيرة (( وطبقة منا ونحن منهم)) وهم القريبون القريبون فهم العاملون في خط الله الذين يشعرون أن الانتماء لعلي تعني المسؤولية وتعني الالتزام بتعاليم رسول الله -ص واله- تعني الدعاة الى الله بأعمالهم قبل ألسنتهم واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

© جميع الحقوق محفوظة 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 3 تشرين الاول/2007 -20/رمضان/1428

[email protected]