الإقناع... في رؤية الشهيد السيد حسن الشيرازي

شبكة النبأ: في تصدينا الى مواضيع مختارة من افكار آية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي كمفكر إسلامي انما يقع اختيارنا على بعض المواضيع التي كتب هو عنها عبر مؤلفاته الكثيرة.

يقودنا ما تتمتع به كتاباته من اهمية في اوقاتنا الراهنة، وذلك لإختلاف الرؤى وتشابك المضامين التي اختلط فيها المضمون الإسلامي بغيره، كذلك المفهوم الذي يطلق باسم الاسلام بصور مشوهة وغائمة بالمصالح السياسية والفئوية والطائفية الضيقة.

وحقيقة هذه الصور المشوهة للاسلام انما هي بالاصل قناعات تفرضها كثير من الظروف والمؤثرات.

فهل تكون القناعة ضرورية وهل تفضي الى العمل الخيّر لصالح الحياة او لصالح الدين؟.

يتفق الكثير من العقلاء على ان هناك اختلاف كبير دائما بين رؤية الافراد لنموذج واحد من الامور، كأن يكون ذلك النموذج فكرة او صورة او كيفية ما او رأي محدد.

وهذا الاختلاف هو في الواقع الذي حرض على التصويت، أي نشوء فكرة التصويت والعمل بها تلافيا او اخفاتا لتاثير الاختلاف، وحسم الامر الضروري الذي تدور حوله الاراء المتنوعة.

كذلك انهاء الاخذ والرد دون الوصول الى نتيجة لصالح القرار المؤجل، وهي فكرة عملية حاسمة تنهي الوضع عند حد معين، وتحول دون تفاقم الاختلاف الى مرحلة الخلاف حيث التحزب للرأي والاصرار عليه، ثم نشوب الصراع.

وهذا هو ايضا من ضمن المفهوم الديمقراطي الذي تعتمده الاحزاب في اقرار القرارات والتصويت عليها بموجب الاكثرية من الاصوات، ويكون الاقلية ملزمين بها وان اختلفوا في الرأي المناقض، كذلك يعد ناتج التصويت حكما باتا استنادا للنظام الداخلي المقرر في الاصل،

ولذا فانه ساريا على الجميع وملزمين بتنفيذه بالصورة التي طرح فيها. لكنه ايضا متولد من اقتناع اغلبية المصوتين بالفكرة المطروحة. فهل تكون ضرورية هذه القناعة من وجهة نظر إسلامية؟.

يقول الشهيد الشيرازي (رحمه الله):

ـ لا نكون واقعيين اذا اتخذنا الإقناع ضمان الحق والصدق في تقرير المصير، والاسلام لا يعتبر الإقناع ضمانا، لأن الإقناع لا يكون له معنى ما لم يكن بين مجتهدين اجتهادا شرعيا،او ما يسمى بالاجتهاد المطلق، اما في غير الفقه المسمى بالخبرة.

اما الإقناع الذي يكون احد طرفيه او كلاهما غير مجتهد فلا يصح اطلاق الإقناع عليه بمحتواه الاطلاحي، بل يكون من نوع إقناع الاطفال والمجانين.

ثم ان الإقناع يكون بالحق والباطل، وما اكثر الناس إلا مقنعين ومقتنعين بالباطل، ولا يعترف الاسلام بضمان الاقناع مادام دينا فكريا واقعيا، بـ ضمان الإقناع، الذي يزج باكثر الناس بالباطل، ولو اعترف الاسلام بضمان الاقناع لإعترف ايضا بجميع آراء الفلاسفة ولصدق الحاد الملحدين.

وحقيقة الامر ان كل فرد مقتنع بما يراه في سلوكه العام واختيارته، ويعد قناعته تلك نموذجا يتمنى ان يتخذه كل الناس، لولا انه يتفرد فيه وكونه ميزته التي يتميّز فيها وعلى هذا فان مسالة إقناعه بفكرة ما انما هو تطويع لذلك الفرد تطويع غير مضمون وان كان منطقيا وبحدود العقل، إلا ان الفرد لايمكن في اغلب الحالات ان يعطي ضمان الاستمرار على المنهج الذي كلف به، فسرعان ما تطفو مصالحه وحاجاته على سطح العمل، كذلك قناعاته المترسبة

وميوله النفسية والعبئ المثيولوجي المتمثل في الارث الثقافي وغير من العوامل.

واذا نصل الى ان قانون ما  له القوة هو الوحيد الذي يجبر الافراد للانصياع والتنفيذ. فمن هو المخول إسلاميا لكتابة هذا القانون؟. يقول الشهيد السيد حسن الشيرازي:

ان من يتخذ القرار انما هي القيادة الاسلامية المستندة للفقهاء أي المراجع الذين بلغوا الاجتهاد المطلق والمستندون ايضا الى خطوات الرسول الاعظم والائمة عليهم السلام.

وهذ امر صائب في عدة نقاط منها:

1ـ  ان السيرة المستند اليها إنما هي نموذج عملي جاهز.

2ـ توفر المصداقية بين المصدر والتنفيذ أي بمعنى ان جميع الحيثيات تناقلت من الرسول الى الائمة الى العلماء المجتهدون.

3ـ ان لم تكن البيئة في إجمالها العملي إسلامية فان العام منها إسلامي شكلا وذلك يضمن الانصياع باي حال، وهذا يعني ان ثمة تخويل ضمني للعام باتجاه الفقهاء المجتهدين.

واخيرا نسأل القارئ الكريم ونحن نستذكر المفكر الاسلامي الكبير الشهيد الشيرازي:

هل بامكانك تاجيل فكرة خيّرة الى ان يقتنع بها الآخرون؟.

هل انك سعيد وأوراق معاملتك تدخل في دهاليز الروتين الذي يعدّه الموظفون ضروريا لإستكمال الاصوليات الادارية، هل تنتظر بارتياح ام انك غاضب نوع ما على هذا الروتين؟.

هل تدفع الضريبة وانت تشعر بالسعادة من كون هذه الضريبة تستعمل لأجل الصالح العام؟.

اذا كنت ايجابيا على هذه الاسئلة هل بامكانك ان تقنع الآخرين بذلك؟.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 1 تموز/2007 -14/جماد الاخرى/1428