الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1435 هـ
عاشورء الحسين 1434 هـ
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

عاشوراء... معيار الإصلاح الانساني

باسم حسين الزيدي

 

تذكر الموسوعة الحرة بان الإصلاح هو تحسين وضع أو تعديل ما هو خطأ، أو الفاسد، أو غير المرضي، وما إلى ذلك، وتذكر أيضا، بان هذه الكلمة تم استخدامها كمصطلح سياسي في أواخر عام 1700 من قبل حركة (كريستوفر ويفل)، التي سعت للإصلاح البرلماني، حيث يتميز الإصلاح عن الثورة كون الأخيرة تسعى للتغيير الشامل والجذري، في حين أن الإصلاح يهدف لمعالجة بعض المشاكل والأخطاء الجادة دون المساس بأساسيات النظام، وبهذا فإن الإصلاح يسعى لتحسين النظام القائم دون الإطاحة به بالمجمل، وهذا التعريف قريب من تعريف (الموسوعة السياسية) التي اشارت  بأنه "تعديل أو تطوير غير جذري في شكل الحكم أو العلاقات الاجتماعية دون المساس بأسسها ، وهو بخلاف الثورة ليس إلا تحسين في النظام السياسي والاجتماعي القائم دون المساس بأسس هذا النظام، أنه أشبه ما يكون بإقامة الدعائم التي تساند المبنى لكي لا ينهار وعادة ما يستعمل الإصلاح لمنع الثورة من القيام أو من أجل تأخيرها".

ذكر الامام الحسين بن علي (ع)، في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية كلمة الاصلاح، قائلا، "إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين"، والإصلاح بمعناه العام (تقويم وتغيير وتحسين) لا يقتصر، بالتأكيد، على جانب دون اخر، بل ان الإصلاح الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وحتى الزراعي والصناعي...الخ، اصبحت جزء من مفاهيم عصرية نادت بها الأمم المتقدمة ونجحت في كثير منها، بخلاف دول العالم الثالث (النامية)، والتي لم تعدو كونها مجرد شعارات او حبر على ورق.

فخروج الامام الحسين (ع)، نحو كربلاء مع من اختارهم من أصحابه واهل بيته ليمثلوا رحلة الإصلاح العالمية، لم يخرج كما عبر عن ذلك " أشراً، ولا بطراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً"، لان من اهم دوافع القيام بالإصلاح هو وجود الانحراف والفساد في السلطة او النظام القائم او المجتمع، او العقيدة، وان القيام بالإصلاح اشبه، في هذه الحالة، ما يكون بحركة تصحيحيه لإرجاع الأمور الى نصابها الصحيح، وهي حركة واقعية وليست ضربا من الترف الفكري او الرفاهية او البروز الاجتماعي، وانما تحتاج الانسانية في مرحلة من الزمن الى مصلح يقود عملية التغيير ويصحح الأوضاع الفاسدة، وقد مرت الإنسانية والأمم، بمراحل تاريخها الطويل، بالكثير من رجالات الإصلاح، من الذين تمكنوا بأفعالهم واقوالهم، التأثير بالواقع المنحدر والرقي به الى افاق اكثر رحابه وسعة، وهكذا كانت حركة الإصلاح الحسيني، بكل تفاصيلها الدقيقة، حركة لخصت رغبة الإنسانية في رفض الواقع الفاسد والأنظمة المستبدة والقيود المفروضة لاستعباد البشر.

الإصلاح في العالم العربي

عندما جاءت ثورات الربيع العربي، انطلاقا من تونس، عام 2011 كان الهدف منها، بالنسبة للمواطنين الغاضبين من النظام الحاكم، هو تحقيق الإصلاح، فـ(محمد البوعزيزي)، ملهم ثورات الربيع العربي، الذي اضرم النار في نفسه لم يكن يطمح سوى في كف الشرطة عن مضايقته ومنعة وهو يبيع الفاكهة في سوق (سيدي بو زيد) في عربته القديمة، الا ان خوف الأنظمة العربية المستبدة من هذه الكلمة (الإصلاح) دفعها لوضع ضوابط صارمة على الحريات المقيدة اصلا، مما دفع المتظاهرين لرفع سقف الإصلاحات من الاحتجاج على ارتفاع نسبة البطالة، والتهميش والإقصاء وحقوق المواطنة والمساواة في الفرص والتنمية والعدالة الاجتماعية الى اسقاط النظم الفاسدة والتغيير الجذري، بمعنى ان مواجهة الإصلاح بالتصعيد السلبي من قبل النظام الحاكم، كان السبب في اشتعال جذوة الثورة أولا، والتسريع من انهيار النظام وسقوطه ثانيا، ويبدو ان تعاطي الأنظمة العربية مع مفهوم الإصلاح وتطبيقه، يهدف فقط للحفاظ على ديمومة واستمرار السلطة دون الاهتمام بحقيقة هذه الإصلاحات، وهو ما برز لدى بعض الدول التي مارست عمليات الإصلاح الظاهرية وضخت الأموال الطائلة في الداخل والخارج، مع امتداد الربيع العربي الى مواطنيها، من اجل تهدئة الخواطر ومنع استمرار الاحتجاجات والمظاهرات ضد فساد أنظمتها، ثم تحول الامر الى عمليات العقاب الجماعي التي طالت الالاف بالسجن واحكام الإعدام والمؤبد، إضافة الى التعذيب والاعتقالات العشوائية وتقييد الحريات وحتى الحرمان من المواطنة بسحب الجنسية.

الا ان هذه الحكومات، والتي لا يبدو انها تدرك جيدا حقيقية ان هذه الممارسات قد تأتي بنتائجها العكسية تماما، والتاريخ أفضل شاهد على ذلك، فبعد ان قتل الامام الحسين (ع)، وجميع أصحابه واهل بيته، وروع الأطفال وسبيت النساء من مصر الى اخر، وبعد ان ترك بالعراء لثلاث أيام، قبل ان يدفن مع أصحابه، من دون ان يكون لقبره حرمة (سوي بالأرض أكثر من مره من قبل الأنظمة الاموية والعباسية المتعاقبة)، وبعد ان تابعت السلطات اللاحقة جميع أنصاره ومحبيه، ومثلت بهم كل ما لا يمكن ان يتصوره الانسان، لم يمنع كل هذه الأفعال من ان يتحول يوم عاشوراء الى عنوان الإصلاح العالمي، بعد ان استطاع الامام الحسين تجسيد هذا الإصلاح بعيدا عن الشعارات او المصالح الآنية، فيما تحولت معاناته من الظالمين، وكل الأدوار التي مر بها، الى دافع كبير لتسابق الاحرار في طلب الإصلاح وهم يدركون تمام ما مر به المصلح الأكبر، الامام الحسين بن علي (ع).

* مركز المستقبل للدراسات والبحوث

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 1/كانون الأول/2014 - 8/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م

[email protected]