الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1434 هـ
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

المنهج الحسيني وحماية الحريات

رؤى من افكار الامام الشيرازي

 

شبكة النبأ: حماية الحريات السياسية والمدنية من أولويات الدول القوية المستقرة والمتطورة، أي أن المعيار الذي يمكن أن نقيس في ضوئه مدى قوة واستقرار الدولة، هو طبيعة تعامل نظامها السياسي مع الحريات، فإذا تمت كفالة هذه الحريات، وتم الحفاظ عليها من التجاوز والقمع الحكومي، فإن ذلك يمثل مؤشرا كافيا على استقرار الدولة سياسيا، وهذا الاستقرار سوف يقودها بطبيعة الحال الى التطور في الميادين الحياتية الاخرى كالاقتصاد والصحة والتعليم وما شابه.

من هنا يركز الامام الراحل، آية الله العظمى، السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) في جميع كتاباته ومؤلفاته ومحاضراته، على أهمية الحرية في المنهج الحسيني، فالحسين عليه السلام لم يخرج لكسب السلطة ولم يعلن موقفه العظيم من اجل الوصول الى الكرسي، فقد تربّى في ظل أبيه الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، الذي قال للسلطة بل للدنيا بما فيها، (غرّي غيري)، أي أن السلطة لا يمكنها أن تغري الامام الحسين عليه السلام، الذي نشأ وترعرع وتربّى في حياض الدوحة المحمدية العظيمة، و بين يدي قائد الدولة الاسلامية الذي صان الحريات واحترم الرأي الآخر، وقضى على الفوارق الطبقية، وانتهى الفقر ابان عهده في عموم الدولة الاسلامية المترامية، ألا وهو الامام علي عليه السلام.

وقد جاء في كتاب الامام الشيرازي، أن الإمام الحسين عليه السلام علّل ثورته الخالدة بقوله: (اللّهمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ انّهُ لَمْ يَكُنْ ما كانَ مِنّا تَنافُساً في سُلْطان وَلا التماساً مِنْ فُضول الحُطام ولكنْ لِنُرِيَ المَعالِم مِنْ دينِكَ ونُظْهِرَ الإصلاحَ في بِلادِكَ ويَأمَنَ المَظْلومونَ مِنْ عِبادِكَ وَيُعْمَلُ بِفَرائِضِكَ وَأحْكامِكَ...).

الحرية الشاملة

لا تقتصر حرية المنهج الحسيني على مجال واحد من مجالات الحياة، ولا تنحصر في أفق واحد من آفاقها، إنما هي الحرية التي تشمل جميع المجالات، بحيث يغدو الانسان حرا كما ولدته امه، في خياراته، وافكاره، شريطة أن يحفظ حقوق الاخرين ولا يتجاوز عليهم، وهذا الامر معمول به في ارقى البلدان المتقدمة، بمعنى الحرية لها الآفاق والمديات كلها، باستثناء ما يشكل خرقا وتجاوزا على حريات الاخرين، هنا تصبح الحرية تعديا على حقوق الغير، كذلك لا يصح أن تتعلق الحرية وتطلق في مجال معين، ويتم كبحها او حجبها عن مجالات اخرى، فالحرية التي يدعو لها المنهج الحسيني، هي حرية الذات والجوهر والاعماق والشكل ايضا، كذلك هي حرية السياسة والتجارة والصناعة والزراعة وكل مجالات الحياة التي يمكن أن يبدع فيها الانسان لتطوير حياته.

لذلك لا يمكن ان تكون السلطة هدفا للحسين عليه السلام، إنما ترسيخ الحرية ودحر الظلم، هو الهدف الاعظم للفكر الحسيني، لذا يقول الامام الشيرازي في كتابه القيم الموسوم بـ (الحسين مصباح الهدى) إن المنهج الحسيني يدعو ويتضمن: (حرّية السياسة، وحريّة التجارة، وحريّة الصناعة، وحريّة الزراعة، وحريّة العمران، وحريّة السفر والإقامة، وحريّة الطبع والنشر، وحريّة التجمّع، وحريّة إبداء الرأي).

وبهذا يتضح للجميع أن المنهج الحسيني معنيّ بالدرجة الاولى بحرية الانسان، وبأهمية حماية حقوقه، وقدرته على الاستفادة من هذه الحقوق وتطويرها وحمايتها، لذلك غالبا ما يركز الامام الشيرازي على وجوب الحفاظ على الحقوق، وفي المقابل لا مفر من التزامنا باداء الواجبات الملقاة على عاتقنا، فليس هناك حقوق محمية ومصانة، مع رفضنا لاداء الواجبات المطلوبة منا، وهذا امر يتفق عليه الجميع من دون اختلاف، لان التنصل عن القيام بالواجبات، يفتح بابا لتجاوز الحاكم على الحريات، ويمنحه مبررا للتضييق على الحريات، واعلان الطوارئ والملاحقة وما شابه، لذا مطلوب ممن يطالب بحماية الحريات المدنية والشخصية، أن يعي ويطبق الجانب المقابل للحرية وهو اداء الواجب المطلوب من كل فرد استنادا الى الضوابط والمساواة.

مكامن القوة والضعف  

الحرية مصدر قوة للفرد اولا ثم للمجتمع، اذا تم التعامل معها بدراية، ولابد من معرفة نقاط القوة والضعف، من اجل التعامل معها بما يناسبها من خطوات، لذلك يطالبنا الامام الشيرازي دائما بأهمية التوعية لعموم افراد الشعب، عندما يقول سماحته في كتابه نفسه: مطلوب منا (التوعية الكاملة بإرشاد الاُمّة إلى مكامن الضعف والقوّة).

وبعد هذه الخطوة في معرفة قدرات الامة ومكامن الضعف ايضا، لابد من التفريق بين العدل والطغيان، فالحرية في المنهج الحسيني هي الاساس دائما، لذلك عندما يكون هناك نظام سياسي اسلامي يدير شؤون الناس، لابد أن تكون الحرية هي المعيار الاول لصلاحية هذا النظام، فلا يصح الانتساب للمنهج الحسيني والاسلامي، ثم يتم تكميم الناس وتتم محاربة الحريات، وملاحقة الرأي المعارض، بل لابد من صيانة الحرية والتعامل مع المعارضة الرسمية الحريصة على استقرار الدولة وتطورها، بالطرق الدستورية التي تحمي حرياتها.

يقول الامام الشيرازي في هذا المجال بكتاب (الحسين مصباح الهدى): (لا يتوهّم أحد ان الإسلام إذا أخذ بالزمام يعمل استبداداً، أو ينتقم، أو يعمل عملاً ممّا تعمله حكومات الشرق والغرب). هكذا ينبغي أن تحفظ الحريات وتصان في ظل الحكم الاسلامي والمنهج الحسيني، ولا يمكن أن يتحقق ذلك من دون التوزيع الصحيح للقدرات، على أن تكون المساواة والعدل ركيزتان اساسيتان لتحقيق هذا الهدف، من اجل تحقيق الهدف الأسمى، وهو حماية الحريات، بمعنى لا يجوز تركيز القدرات بل توزيعها بما يضمن كبح الاستبداد ونشر الحرية وحمايتها في الوقت نفسه.

لذا يؤكد الامام الشيرازي قائلا في هذا المجال: يجب أن (توزّع القدرة بين كافّة الطبقات والفئات، سواء قدرة الحكم أو السلاح أو العلم أو المال أو غيرها، فلا تكون القدرة بيد جماعة خاصّة تستبدّ بها، أمّا سائر الناس فلا شأن لهم، ومن لم يصفّق منهم للسلطة يكون مصيره السجن والتعذيب والقبر ومصادرة الأموال).

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 11/تشرين الثاني/2013 - 7/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2013م

[email protected]