الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الباحثة البريطانية الليدي درور ووصفها لمدينة كربلاء عام 1923م

حسين هاشم آل طعمة

 

شبكة النبأ: من المهم جدا ان ندرس عن كثب الرحالة الاجانب عما كتبوه في مذكراتهم عن ارض الوطن وذلك لان نظرتهم الى مدننا وقرانا تختلف عن نظرة ابناء البلد، وذلك لان الرحالة الاجانب يكونون اصحاب نظرة فاحصة للأمور واوصافهم للأشياء تكون مصحوبة بالدقة والتركيز على كل مفصل من مفاصل اليومية العامة منها والخاصة لأهالي البلد الذي يمرون فيه.

وما كتبوه في مذكراتهم وبحوثهم القيمة تكون فيما بعد مرجعا نافعا للقراء والمثقفين والمتتبعين لأحوال وتاريخ البلد الذي يراد منه مراجعة تاريخه وتراثه القديم. والمدن المقدسة - كما يعلم الجميع – حظيت باهتمام كبير من هؤلاء الرحالة الاجانب كما هو واضح في مذكراتهم.

ومن هذه الزيارات التي نحن بصدد البحث عنها هي زيارة الباحثة الاثارية البريطانية السيدة (الليدي درور) حيث كانت زيارتها للعراق عام 1923م وكان ذلك في مطلع تشكيل الحكومة العراقية في العهد الملكي.

وكانت الاجواء العامة في البلد – آنذاك – مستقرة نوعاً ما وهذا ما جاء في كتابهم الموسوم (على ضفاف دجلة والفرات)... وفيما يخص زيارتها لمدينة كربلاء فقد كانت انطباعاتها عن هذا البلد المقدس جميلة ورائعة جداً. حيث اخترنا اهم ما جاء في ما كتبته من نصوص واوصاف وعبارات عن مدينة كربلاء المقدسة... وذلك بعد انتهاء رحلتها من النجف الاشرف

وصفها لمدخل مدينة كربلاء

(... ومن بعيد تتراءى قباب كربلاء ومنائرها بين النخيل، ان شذى زهور الباقلاء هو اول ما تستهويه في مسرى نسماتها الحلوة العليلة... وانت مقبل على المدينة، ويتكاثف الشجر، ويطالعك بعده منظر ساحر فتان. هذا نور كثير وتتدلى اغصان الشجر القائم على حفافي (الحسينية) في صفحة مائها الصافي الرقراق. وهذا طريق آخر بين الجنائن ويفضي الى المدينة نفسها.

(وصف عام للمدينة)

(... وبعد (النجف) – وخططها جامدة (على ما رأيت) تطالعك (كربلاء) فتنة للناظرين... فشوارع الجزء الحديث من المدينة مفتوحة مستقيمة، وكأنما هندمت بالقدة والفادن والبركار... وانك لترى الحمير تمر فيها وهي محملة خضراً، لقد خلفنا الصحراء المقفرة المالحة طهرياً، فنحن الان في ارض رسوبية خصبة. وبيوت القسم من المدينة تحيط بمساجدها، ان شوارع هذا القسم ملتوية، ولاحظ لها من انتظام... ولكربلاء مقبرة في (وادي الامان) واليها تنتقل اجداث الموتى من كل بلد ناء سحيق...)

الشرح والتعليق

معنى قولها (فشوارع الجزء الحديث من المدينة...)هنا تعني منطقة الجُديدةَ (بضم الجيم وسكون الياء) والتي تسمى حالياً بمحلة العباسية وانشائها كان على يد الوالي المصلح مدحت باشا سنة 1890م. واما قولها (وادي الامان) فإنها تعني (وادي ايمن) وهي مقبرة لدفن الموتى تقع الى الشرق من جهة المدينة جهة باب طويريج خارج اسوارها عند منطقة ما يعرف اليوم بمرقد ابن حمزة (رض) وسوق هرج الحالي.

وصفها المعنوي لمدينة كربلاء

(... ان كانت النجف هي الراس المفكر عند الشيعة فالقلب كربلاء. انها اشد قدسية من النجف، فمجرد ذكر اسم (الحسين) الذي تضم تربتها رفاته يثير في نفوس الشيعة اقوى الاحاسيس والولاء له. وتبكي نسوة العراق اليوم كما بكت بابل (تموز) في الماضي القديم. وسرد قصة ما عاناه (الشهيد) يثير فيهن الاسى فتقطع منهن نياط القلوب...)

الشرح والتعليق

الجدير بالذكر انه ليس فقط (نسوة العراق) يبكين الحسين (ع) يبكيه رجال ونساء المسلمين الشيعة في مشارق الارض ومغاربها... وهناك بعد شاسع بين ان ترتبط السيدة (درور) بين اسطورة الاله (تموز) وبكاء اهل بابل عليه في العهد القديم فهذا الوصف وهذه المقارنة بعيدة كل البعد عن مجريات واقعة الطف الاليمة واستشهاد الامام الحسين (ع) ولهذا العذر في ذلك كونها تنطلق من حيث وصفها للاحداث من منطلق الاثاريين الباحثين على الطريقة الغربية.

وصفها لواقعة الطف بشكل عام وجانب من اعمال التشابيه

(...وسرد قصة ما عاناه (الشهيد) يثير فيهن الاسى فتقطع منهن نياط القلوب. وعلى مقربة من موقع كربلاء اليوم حاصر هراطقة الخليفة وجنده (الحسين بن علي) ومنعوه عن الماء، ثم اجهزوا عليه. انها افجع ماسي تاريخ السلام طراً...)

الشرح والتعليق

ومعنى قوها (وعلى مقربة من موقع كربلاء اليوم) تعني موقع مزار المخيم الحسيني اليوم ومعنى (هراطقة الخليفة) تعني جند يزيد بن معاوية الاموي.

وصفها للمرقدين الشريفين (...ان جثمان (الشهيد) مقبو فيها تحت قبة (الحضرة الكبير) وهي اشد العتبات المقدسة حرمة واكثرها ثروة (... ان جثمان (الشهيد) مقبور فيها تحت قبة (الحضرة الكبيرة) وهي اشد العتبات المقدسة حرمة واكثرها ثروة وان شهر محرم هو الشهر المفضل في اداء الزيارات اليها وفي كربلاء مسجد اخر تعلوه قبة مغشاة بالقاشاني ومنائر ذهبية ويضم رفاة العباس، وهو أخ للحسين من ابيه.

وصفها للقسم بالعباس (ع)

(... ولو اقسم الشيعي حانثاً بالحسين لما ناله عقاب، فالامام وديع ويصفح، ولكن العباس عصبي المزاج وعسكري صارم، ويؤمن بالضبط والربط، لذلك لن يجسر احد على ان يقسم به حانثاً. الم تر في سقف مسجد الامام العباس راس رجل معلق به؟! قيل انه اقسم باسم الامام زوراً – فما كان من الراس الا ان يطير عن الجسد ويلتصق بالسقف...).

الشرح والتعليق

وعن رواية السيدة (درور) في شان الراس المعلق في سقف القبة العباسية. وهي عقوبة له كونه اقسم بالعباس كذباً. ونفس هذه الرواية ذكرها الرحالة البريطاني (دوايت رونلدسن) وذلك عند زيارته لكربلاء سنة 1928 وكما جاء في كتابه (عقيدة الشيعة) ما نصه: (ولعل اغرب ما يراه الانسان هو بقعة سوداء مدورة في سقف القبة وتروى قصة ان رجلاً حلف يمينا كاذباً عند هذا الضريح فطار راسه عن يديه واصطدم بالسقف. وتؤكد القصة على الاقل ان القسم الاعظم من الشيعة يترددون في القسم براس ابي الفضل العباس كاذباً...).

وصفها العام لجمال المدينة

(... وكربلاء غنية بالاركان الملونة الجميلة، وجمالها ليس كجمال النجف، لكن الشارع العظيم المستقيم المؤدي الى المسجد الكبير لاحظ له الخلابة او الجدة. وتنتهي اسواقها المتعرجة دوماً بأبواب تعلوها طوق مغشاة بالقاشاني. ومن هذه الابواب يصار الى مرقد (الحسين) البهيج.

وصفها لأسواق كربلاء

(... والدكاكين في اسواق كربلاء مغرية، وفيها الكثير من العطارين. ولو سألتهم ان يسمحوا لك بشم احدى القناني الروائح العطرية الصفراء، او اختبار ما تريد شراؤه منها لما وقفوا دون ذلك. ومنها الاحجار الكريمة والمجوهرات، يعرضون عليك الحلي الذهبية والصناديق التي تحفظ فيها التعاويذ او جزء من القران الكريم، كذلك الاقراط الفارسية وهي جميلة الصنع من خشب الزيتون او من الكهرمان او غيره... ومنها ما هو مصنوع من الزجاج الرخيص...)

وصفها للصناعة المحلية في كربلاء

(...وتختص كربلاء بنوعين من الحرف. اعداد الاكفان للموتى، وصنع (الترب) من طين المدينة وتزيينها بالزخرف. وفي مقدور الزائر، لذلك، ان يرجع الى بلده، ومعه الكفن الذي يدخر الى يوم موته، وتربة يسجد عليها كل يوم عند صلاته...)

وصفها لمحاصيل كربلاء الزراعية وازدهار تجارتها

(... هذا والفواكه والخضر في كربلاء موفورة، ومنها التمور، على انواعها، والبرتقال والليمون والباذنجان والخس والباقلاء وما الى ذلك... وشاهدت فيها السلاسل المليئة باللوز والجوز. وفطائر وولائق ذوات الوان فاتحة وفيها (اللقم) التركي...).

وصفها لخدمة المرقدين الشريفين

(... وتعني بزوار كربلاء، شان باقي زوار العتبات المقدسة. طائفة محترمة خاصة من الناس. ولدى كل فرد منها منهج مرسوم لزيارة المساجد، واقامة الصلاة وارسال الدعاء، وهم يحصلون لقاء ذلك على شيئا من الاجور والعطايا. وفي داخل المسجد لوحات دونت عليها من الناس تعيش على نفحاته).

الشرح والتعليق

وتعني هنا بالطائفة المحترمة هم خدمة المرقدين الشريفين ممن ورثوا هذه الخدمة الشريفة من الاباء والاجداد منذ قرون طويلة وما زالوا والى يومنا الحاضر وهم مستمرين في هذه الخدمة الشريفة. (تقصد بالمسجد هنا هو حرم مرقدي اوهي مرقدي الامام الحسين واخيه العباس عليهما السلام).

مسك الختام

وهذه الرحلة وغيرها تعبر عن شهادات وانعكاسات من قبل ما شاهده الرحالة عن البلد الذي مروا فيه حيث تصبح هذه الزيارة وهذه الانطباعات التي دونها الرحالة هي جزء من تاريخ البلد. وكلما تقادمه الزمن تزداد اهمية هذه الزيارة وهذه الرحلة للبد المعني بما يخدم الباحثين والمتشبعين والمثقفين.

وتزداد اهمية هذا البلد في حالة قداسته كمدينة كربلاء المقدسة مثوى سبط الرسول الاعظم وثالث الائمة الطاهرين الامام الحسين بن علي بن ابي طالب عليه وعلى اله افضل الصلاة واتم التسليم.

...........................................................

المصدر: كتاب (على ضفاف دجلة والفرات)

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/تشرين الثاني/2012 - 5/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1434هـ  /  1999- 2012م

[email protected]