الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

معذرة يا رسول الله في ذكرى وفاتك

حيدر محمد الوائلي

في الثامن والعشرين من صفر (على رواية) توفي رسول الله خاتماً رسالات الله للأرض بخير الأنبياء والمرسلين وسيدهم محمد (ص)، من هو على خلق عظيم، فبعثه الله للناس كافة رحمة للعالمين.

نبي الرحمة، الرحمة المهداة، سيد ولد آدم، حبيب الرحمن، المختار، المصطفى، الصادق، الأمين، صاحب الشفاعة والمقام المحمود، صاحب الوسيلة، صاحب التاج والمعراج، إمام المتقين، سيد المرسلين، قائد الغر المحجلين، النبي الأمّي، الرسول الأعظم، السراج المنير، طه، المزمّل، المدثّر، يس، أحمد، أبو القاسم، محمد...

نبيُّ براهُ اللّه نورا بعرشِهِ... وما كان شيٌ في الخليقة يوجدُ

وأودعه من بعدُ في صُلب آدم... ليسترشد الضُّلالُ فيه ويهتدوا

ولو لم يكن في صُلب آدم مودَعٌ... لما قال قِدْما للملائكة: اسجدوا

لئن سبقوه بالمجي‌ء فإنَّما... أتوا ليبثُّوا أمره ويمهدوا

رسولٌ له قد سخَّر الكونَ ربّه... وأيَّدَهُ فهو الرسول المؤيّد

ومن كان بالتوحيد للّه شاهدا... فذاك لطه بالرسالة يشهدُ

ولولاه ما قلنا ولا قال قائل... لمالك يوم الدين: إيّاك نعبدُ

يروي صحابته عنه أنه كان أحلم الناس وأشجع الناس وأعدل الناس وأعف الناس وأسخى الناس، لا يبيت عنده دينار ولا درهم، إن فرشوا له اضطجع وإن لم يُفرَش له اضطجع على الأرض، يمزح ولا يقول إلا حقاً، يضحك من غير قهقهة.

كان لا يثبت بصره في وجه أحد، يجيب الوليمة، ويعود مرضى مساكين المسلمين وضعفائهم، ويجالسهم ويؤاكلهم، ويتبع جنائزهم، وكان يمشي وحده بين أعدائه بلا حارس، يقبل معذرة المعتذر إليه، وما شَتَم أحداً من المؤمنين، وكان لا يصارح أحداً بما يكرهه، وما ضرب شيءاً قط بيده، ولا امرأةً، ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما انتقم من شيء صُنع إليه قط إلا أن تُنتَهك حرمة الله.

كان أبعد الناس غضباً وأسرعهم رضاً، وكان يبدأ من لقيه بالسلام، وكان يمرّ على الصبيان فيسلم عليهم، وكان لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله، ولا يُسأل شيء إلا أعطاه، وكان يجلس بين أصحابه مختلطًا بهم كأنه أحدهم، وكان أكثر الناس تبسماً وضحكاً في وجوه أصحابه. ما عاب طعاماً قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه.

كان يتكلم بجوامع الكلم لا فضول ولا تقصير، وكان جهير الصوت، لا يتكلم في غير حاجة ولا يقول المنكر، ولا يقول في الرضا والغضب إلا الحق، ويكنّي عما اضطره الكلام إليه مما يكره.

كان ذلك بعض من وصف أصحابه فيه (ص)...

من غار حراء لمكة للمدينة للعالم أجمع انبثق نورٌ يأبى أن يخفت إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون وليتم نوره مضيئاً الظلام الحالك وكاسحاً الليل البهيم بنور رب العالمين ورسوله (ص) ليرتعد الظالمين وتزلزل عروشهم ويفرح المظلوم برسالة جاءت بشعارات العدالة والكرامة والحرية.

بتواضع الشامخ لا خضوع الذليل قاد أمة من الجاهلية الجهلاء وظلم العادات والتقاليد ودين الوراثة لدين التفكير والعقل والعدالة والكرامة مخلصاً إياهم من الظلم والجهل والفقر، وأساس بلاء المجتمع ثلاثة (ظلم وفقر وجهل)...

نبي حباه الله بخير الرسالات رسالة، وخير المنازل منزلة جعلته حبيب الله وهو حبيبه، من ذاب بالعشق الإلهي فما مال الفؤاد إلى سواه سبحانه...

قال فيه الكاتب اليهودي مايكل هارت (هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحاً مطلقا على المستوى الديني والدنيوي)، وقال فيه الأديب العالمي تولستوي: (يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة).

رغم صعوبة الظروف المحيطة به (ص) ولكنه قاد أمة وخلصها من براثن الجهل والظلم لنور العلم والعدالة، فمن النّاحية السياسية، كانت شبه الجزيرة العربية مفككة، لا توحّدها دولة ولا تديرها حكومة، وطغت البداوة على المدن، فكانت القبيلة هي الوحدة السياسية والاجتماعية. مع انتشار حالة النزاع والصراع القبلي، وعلى أتفه الأسباب.

ومن النّاحية الدينية كانت الوثنية تسود شبه جزيرة العرب بشكل غالب، حيث كانوا يعبدون آلهة يمثلونها في أصنام مصنوعة من الحجر والخشب بلغ عددها (360) صنمًا مثبتة حول الكعبة تعبدها القبائل التي تؤم البيت للحج وتقدم لها القرابين والنذر، ومع ذلك بقي لديهم شعائر من بقايا دين إبراهيم مثل تعظيم الكعبة، والطواف بها، والحج، والعمرة. وكان هناك أفراد من الموحدين على ملة إبراهيم وإسماعيل كانوا موجودين في مكة عرفوا بالأحناف من أشهرهم أبو طالب عم النبي (ص)، ولقد تواجدت أيضاً ديانات بشكل محدود مثل اليهودية والنصرانية والمجوسية.

في مثل هذا المجتمع جاءت رسالة ورسول لتغير واقع ديني واجتماعي متردي ومتخلف وظالم، ونظام سياسي واقتصادي قائم على الغبن والقوة والقسوة والاعتداء على الآخرين...

نبيٌ حارب عمه القريشي العربي الثري صاحب الحسب والنسب أبا لهب في مجتمع يقدس من هو ذو حسب ونسب، من أجل أن ينصر عبداً مملوكاً أسوداً حبشياً رث الحال يسمى بلال، متحدياً قريش وساداتها وقسوتها.

نبيٌ حارب أعمامه العرب ذوي الجاه والوجاهة والسطوة ويقاتلهم ويخاصمهم لأنهم ظلمة كفرة، ويقرب فارسي غريب ويجعله بمنزلة أهل بيته منه فـ(سلمان منا أهل البيت) قالها الرسول (ص).

نبيٌ لا وساطة ولا محسوبية عنده إلا الله ونهج الإسلام لتحقيق العدالة والمساواة، وعرف لماذا هلكت الأمم التي من قبل حيث يقول (إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأني والذي نفسي بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).

وكم في يومنا من سارق مكرّم ومحترم وممدوح، وكم من شريف ونزيه مذموم ومكروه...!!

نقرب ونكرّم الشريف (الغني، المسؤول، الحاكم، المدير، الموظف الكبير في الدولة) رغم فساده وظلمه وجهله، ونقصي ونطرد الضعيف (النزيه، صاحب الفكر، المؤدب، الناصح، الناطق بالحق، الفقير) رغم كرامته وعلمه وأدبه، فالتعامل بمحسوبية رسمية ونسمي أنفسنا مسلمين.

معذرة يا رسول الله فلا إسلام اليوم إسلامك، ولا نهج رجال دين اليوم نهجك، فالقوي يسرق ويباركون له سرقته المباركة، ويبررون له السرقة لتصبح منحة وهدية ومكرمة، والضعيف لا حول ولا قوة له إلا أن يستأنس بأحاديثك وسيرتك الشريفة، فهي خير أنيس لقلوب أثقلتها الآم الظلم والحرمان والذنوب...

المؤمن عند الله ورسوله من يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فهم إخوة.

(إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم تُرحمون * يا أيها الذين امنوا لا يسخر قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءٌ من نساءٍ عسى أن يكنّ خيراً منهنّ ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الأيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون * يا أيها الذين امنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم إثمٌ ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه وإتقوا الله إن الله توابٌ رحيم * يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليمٌ خبير)الحُجرات/10-13.

لو لم يقل الله في أدب الحديث والمعاملة سوى تلك الآيات الأربع من سورة الحجرات لكفتنا الخير كله، ولجعلتنا جميعاً أخوة في الله والإنسانية، ولصرنا بالفعل خير أمة أُخرِجت للناس ولكن (على قلوب أقفالها)...!!

يقول النبي (ص): (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) قالها (ص) بصريح عبارته (لا يؤمن أحدكم)، فهل تحبون يا مسلمي اليوم لإخوانكم في الدين والإنسانية كما تحبون لأنفسكم، أم تتكلمون بحقد وتتصرفون بكراهية وتؤمنون ببغض وعداء...!!

معذرة يا رسول الله فالكثير من مسلمي اليوم لا يكترثون ولا يحترق لهم قلب ولا تدمع لهم عين لأفعال مجرمين إرهابيين مسلمين يفجرون ويقتلون مسلمين أبرياء لمجرد خلاف في الطوائف الإسلامية، بل ومنهم من يتشفى بهم ويفرح بقتلهم فقد أضحى الدين دين طوائف لا أن تكون الطائفة منهج عبادي بل طائفة موروثة ينصرها لا لأنه مؤمن بها بل نكالاً وبغضاً بمن يخالفها...

أبصر بحالنا يا رسول الله لترانا قوماً يقتلون قوماً ويتشفون بقتلهم وأذاهم لأنهم أتباع (طائفة إسلامية) بعينها ويفجرونها تفجيراً...

يرضون عن التفجيرات ولا يستنكرونها ولا يستهجنوها لأنها طالت طائفة مغايرة لطائفة يؤمنون بها، رغم ما جاء في المأثور (من رضي شيئاً كان كمن أتاه، ولو أن رجلاً قُتِل في المشرق فرضي بقتله رجلٌ في المغرب لكان الراضي عند الله شريك القاتل)...

فمن أحب عمل قومٌ حشر معهم، ومن رضي عنهم كان منهم، ومن سكت عنهم فقد شاركهم...

يجب أن يكون الإيمان بأي دين وفكر وعقيدة على أساس أن هذا الدين والفكر والعقيدة الذي تم اختياره أو وراثته كما يحصل في الكثير من أتباع الديانات والأفكار والعقائد مع الأسف حيث يرثوا الدين والفكر والعقيدة وراثة كما يرثوا الدار والعقار، فيجب أن يتم إتباع وفهم ودراسة الدين والفكر والعقيدة كما هي تعليماته وشرائعه لا أن يتم إتباع ما يتماشى مع ما تحب وترغب وتترك ما تكره ولا تريد...

لا داعي من الدين أصلاً عندئذٍ وعش حياتك كما هي من دون دين أفضل من أن تكون منافقاً، متصنعاً، مزدوج الشخصية، مكّاراً، فسيكون مصير من يتبع ذلك الدين الشهواني المتصنع الحاقد كمصير الفاسدين والكافرين الذين هم بلا دين وهو قوله تعالى:

(أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون)البقرة/85.

بل وتقرأ ما يكتب المخالفون، فلعلهم أصابوا فيما أخطأت ولعلك آمنت أكثر بما أتضح لك من أخطائهم.

كان في المدينة المنورة في زمن النبي (ص) يهود ومسيحيين وقد احترمهم الرسول (ص) وجادلهم بالتي هي أحسن فمن أمن فلنفسه ومن أساء فعليها والله عليم بذات الصدور وهو الحكم يوم القيامة.

عامل الله سبحانه مخلوقات بالرحمة والشفقة وورد في المأثور: (أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، ففي أحد المرات أمر الله نبيه (ص) بتشييع رجل كان معروف بالفسق، فشيعه الرسول كما أمره الله، ولكن البعض ممن حول الرسول تساءل حول ذلك وهو انه رجل فاسق وما بالك وباله وأنت رسول الله لتشيعه.

لم يرد الرسول عليهم لأنه أمر الله، ليخبره فيما بعد رب العزة بحديث بأن هذا الرجل في أحد المرات كان يسير وصادف أن رأى كلباً يريد أن يشرب ماءاً قرب بئر ولم يستطع، فدلف هذا الرجل للبئر لإعطاء الكلب ماءاً، فوجد الدلو مقطوع الحبل، فخلع قميصه وربط بعضه بإزار بعض وأخذ ينقع قميصه بالماء ويعصر للكلب ليشرب.

رحم خلقي فرحمته بأن تشيعه بنفسك.

وكثيراً ما خاطب الله رسوله بأنه سبحانه أرسله (ص) (للناس كافة) وكثيراً ما خاطب الله الناس بقوله لهم (يا أيها الناس...) فيعاملهم كأناس أولاً وأخيراً.

والله يحكم بين الناس يوم القيامة بعد أن يكون قد فكر كل فرد بدينه وطريقة تفكيره تفكيراً جيداً كتفكيره على الأقل بطريقة اختيار طعامه وشرابه وملبسه.

وها هو الله يخاطب العلماء ورجال الدين والمتدينين والناس جميعاً، بأن الحكم هو الله وهو من يحاسب ويثيب ويعاقب.

فمن خوّل (البعض) من هؤلاء وهؤلاء بالكلام، فيدخلون فئة الجنة ويسكنون اخرى نار السعير، حسب ما يشتهون ويريدون، لا حسبما قال الله والرسول...!!

وإن وجد من الله والرسول حديثاً فمن خولك جعل يوم القيامة في الحياة الدنيا لتحاسبون فيها الناس وتحرقونهم بنار فتواكم وفكركم وتطردون الناس من جنة لم يسعها فكركم رغم أنها وسعت السماوات والأرض...!!

ها هو الله يكرر في قرانه الكريم مخاطباً من له فكر وعقل أن يفهم ويفكر:

(إن الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون)البقرة/62.

(إن الذين امنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد)الحج/17.

الدين دين طوائف اليوم لا دين الله، ويعبدون الطائفة لا يعبدون الله...

كل طائفة تحب وتكره الآخرين تبعاً للطائفة والدين، وما أنت يا رسول الله بطائفة بل أمة للنهوض...

وما أنت غطاء لمفاسد الدول الإسلامية الكبيرة من حاكمين وسياسيين ورجال دين التي ترفع كلمات الله زوراً وتنسى الله، وترفع الأذان بصوتٍ عالٍ (الله أكبر) ولكن الله ليس أكبر من شهواتهم وأحقادهم ومفاسدهم ونواياهم الخبيثة...!!

يرفعون (الأذان) صوتاً في المآذن ولكنهم يصمون (الأذنين) عن أصوات المظلومين وأصوات الحق وأصوات النصيحة، وتضج الجوامع بالصلوات في مجتمعات إسلامية كثيرة تغط بالوساخة والنتانة رغم أن (النظافة من الأيمان)، وأنتن منها وأوسخ الفساد الإداري والاجتماعي في مجتمعات أكثرها مسلمين يصلون ويصومون.

ولكنك يا رسول الله حرباً عليهم، وما فرقهم عن المشركين؟! فاليوم يشركون بالله باسم السياسة والشهوة والمال.

من جعل القومية العربية سيدة العالم، ومن جعل الفارسية أو التركية سيدة العالم؟!

لماذا يتفاخرون بلغاتهم وقومياتهم وينسون واقع الناس ودين الله الذي يحرم القومية والعنصرية، ويحب الإنسان بما هو إنسان، ويحب الناس بما هم ناس، ويكرم العقل والأخلاق بغض النظر عن الجنسية والقومية.

وما هذا التعارك على الحدود وعلى الأشكال الهندسية التي وزعتها بريطانيا وفرنسا في اتفاقية (سايكس-بيكو) فيما بينها إحتلالاً بينهم، ولمّا خرجوا منها تركوا فيها فتن طائفية وعرقية وجغرافية ليتعارك فيما بينهم عليها الأخوة وأولاد العم على بقايا الحدود...

ألم يخلقنا الله أمة واحدة...؟!

يا رسول الله إعذرني أني أكتب حرف (ص) خلف إسمك الشريف، فأني أَدعه رمزاً لكي يصلي عليك القارئ الكريم وفق ما يرى، فأخشى أن لو قلت (صلى الله عليه وسلم) لفرح بها السني وحصل في قلب الشيعي شيء منها...

وأخشى أن لو قلت (صلى الله عليه واله) لفرح بها الشيعي وحصل في قلب السني شيء منها، فأنا أضع رمزاً ليصلي القارئ وفق ما يحب...

رغم أنك وضحت للناس كيف يصلون عليك يومها في حديث مثبت وصحيح ولكن رجال دين الماضي واليوم يبترون جزء ويضيفون آخر ليتماشى مع هوى التوجه الطائفي والسياسي الذي يؤمن به، وليرضى عنه الحاكمين.

كان النبي (ص) يطوف ذات مرة في الكعبة، وفي الكعبة أربعة أركان، الركن اليماني والحجازي والشامي والعراقي، ولكل ركن كان هناك دعاء، فعندما مر النبي (ص) عندما بالركن الشامي قال: (اللهم آتنا في شامنا)...

وكان حينها رجل قصير خلف الرسول (ص) يتبعه فقال للرسول: (يا رسول الله وعراقنا)؟! فلم يرد عليه (ص)...

وأكمل الرسول: وفي حجازنا وفي يمننا وهذا الرجل خلف الرسول يقول له وعراقنا، لكن الرسول لم يرد عليه، وعندما انتهى الرسول (ص) من الطواف نادى على هذا الرجل وقال له: (أعراقي أنت)؟!

قال له: (نعم أنا عراقي).

فقال له (ص): (عندما أراد العراقيون أن يحرقوا إبراهيم أراد أن يدعو الله عليهم، ولو دعا الله عليهم لاستجاب، فبعث الله له جبريل وقال له، قل له: يا إبراهيم ربك يقول لا تدع على أهل العراق، وقد جعلت فيهم خزائن علمي وخزائن رحمتي)...!!

معذرة يا رسول الله فقد صار العراق فيما مضى تاريخياً وفيما مضى قريباً وفي اليوم مذبحة بأهله يسومه سياسييه سوء العذاب وأسوأ منهم سياسيي ومخابرات دول الجوار الإسلامية اليوم ومن خلفهم دول ومنظمات أجنبية من أجل تدمير العراق وحرقه بأهله وتسهيل دخول الإرهابيين عليه ودعمهم مادياً ومخابراتياً والسماح لرجال دين الفتنة والقتل بتغذية الأفكار الإرهابية والفتنة من على أراضيها الإسلامية لمحاربة العراق وتدميره.

جاء النبي محمد (ص) لأجل الإنسانية ولنشر الخير والفضيلة وطلب العلم والأخلاق الحسنة والأمانة والعدالة والحرية ولم يرسل الله محمداً (ص) ليجعل الناس تصلي وتصوم وإنما بعثه ليتمم مكارم الأخلاق، وبعثه للتعليم، وبعثه لتخليص الإنسان من ظلم الإنسان، وما الصلاة والصيام والزكاة والخمس والحج وغيرها من العبادات إلا منهج إختباري، تهذيبي، تقويمي، عبادي، ولن ينال الله منها شيئاً ولكن يناله التقوى منكم.

التقوى أي أن تكون تقياً في حدود الله التي أتى من أجلها النبي محمد (ص)، لا صلاة تبكي بها أو تتباكى وفي داخل نفس النفس التي تبكي تلقاها نفس سوداء قاسية قاتلة سارقة بغيضة محترقة بنار الكراهية والعدوان والسلطة والطائفية والقومية والعنصرية والمحسوبية ومصادرة حقوق الناس.

دخل النبي (ص) ذات يوم لمسجد المدينة، فشاهد جماعتين من الناس، كانت الجماعة الأولى منشغلة بالعبادة والذكر والأخرى بالتعليم والتعلّم، فألقى عليهما (ص) نظرة فرح واستبشار وقال للذين كانوا برفقته مشيراً للفئة الثانية –فئة التعلّم-: (ما أحسن ما يقوم به هؤلاء)...!!

ثم أضاف قائلاً: (إنما بعثت للتعليم) ثم ذهب (ص) وجلس مع الجماعة الثانية –جماعة التعليم.

أرسل الله النبي محمد (ص) للناس كافة كرسول خير ورحمة لا أن يقتل ويتحارب ويتعارك بسبب أسمه الناس اليوم مما جعل الإسلام ينظر إليه بأنه دين الكراهة والقسوة والعنف والقتل ممن قاسوا الإسلام بتصرف الناس ولم يدركوا معنى الإسلام الحقيقي.

الرسول اللين القلب والمتواضع والذي يدخل على مجلسه أحدهم فيستفسر من الحاضرين (أيكم محمد) لعدم وجود ما يميزه (ص) عن غيره، وقد نهى (ص) أصحابه من القيام له حين دخوله لكيلا تحسب سنة لمن يأتي بعده، وتواضعاً منه (ص).

حصل ذات يوم أن قام بعض الصحابة لدى دخوله (ص) جهلاً منهم، فأنزعج (ص) من ذلك، وكان بالمجلس حسان بن ثابت شاعر الإسلام فأراد تلطيف الأجواء فقال:

قيامي للحبيب عليّ فرضٌ... وترك الفرض ما هو مستقيمُ

عجبت لمن له عقلٌ وفهمٌ... يرى هذا الجمال ولا يقومُ

معذرة يا رسول الله، فمن يحكم باسمك اليوم مميز عن من حوله جداً جداً جداً جداً، بل يسرق قوت شعبه لأجل أن يتنعم هو وحاشيته بما لذ له وطاب من عوائد كرسي الحكم والفتوى وهو يذكرك أيضاً ويصلي عليك...

في الثامن والعشرين من صفر طارت حمامات الروح لجنة قد رآها الرسول بمعراجه لله قبل أن يتوفاه الله ليخلد فيها...

السلام عليك يا رسول الله يوم ولدت فكنت خير مولود...

والسلام عليك يوم بعثت بالحق نبياً فكنت خير مبعوث...

والسلام عليك يوم توفيت فكنت خير من مات متمماً رسالة ربه...

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 21/كانون الثاني/2012 - 27/صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م

[email protected]